توقيت القاهرة المحلي 03:39:18 آخر تحديث
  مصر اليوم -

عام فلسطين

  مصر اليوم -

عام فلسطين

بقلم:حنا صالح

غداة «طوفان الأقصى» أطل وزير خارجية إيران آنذاك حسين أمير عبداللهيان ليكشف عن قاسم مشترك إيراني - إسرائيلي، وهو رفض البلدين مشروع «حل الدولتين». وكان موقف «حماس» واضحاً عندما أدرجت هجوم 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023 في سياق ما ادّعته من نهج «مقاوم» للتطبيع، مستهدفة إجهاض «حل الدولتين».

لقد تركز الاستهداف على إسقاط المفاوضات المتقدمة بين الرياض وواشنطن، بعدما اشترطت السعودية دولة فلسطينية على حدود الرابع من حزيران (يونيو) تنسجم ومبادرة قمة بيروت «الأرض مقابل السلام»، كثمن للاعتراف بدولة إسرائيل. ما فات القيادة الحمساوية، ومن هم خلفها، أن تل أبيب التي «تفاجأت» لا تعمل وفق تطلعات المخططين وما يرومونه؛ فعمدت منذ اليوم التالي على 7 أكتوبر إلى تغيير كامل استراتيجيتها العسكرية؛ أي الانتقال من وضع الدفاع عن حدودها إلى الردع الشامل: احتلال غزة وقضم الضفة وفرض مناطق عازلة تبدأ من رأس الناقورة في جنوب لبنان وتمتد في الجنوب السوري حتى التنف.

لقد استفاد نتنياهو وقوى التطرف الإسرائيلي من رعونة «حماس»، وحرب الإسناد التي نفذها «حزب الله»، لبدء حرب دفن القضية الفلسطينية وتفتيت المنطقة. ومن البداية، روَّجت تل أبيب لسردية الضحية: ضخّمت التجاوزات خلال الهجوم، لتطلق مشروعها الأخطر مستفيدة من شراكة أميركية معينة، ومن طروحات بن غوريون إلى ما أطلق عليه الكاتب والباحث الإسرائيلي أوديد ينون، الرؤية الاستراتيجية المستقبلية لإسرائيل التي طرحها عام 1982، والتي تدعو إلى تجاوز حدود «سايكس - بيكو»، لتفكيك دول المنطقة، وتفتيتها إلى كيانات طائفية تحيط بالكيان الصهيوني، وراح الصهاينة ينشرون خرائط «إسرائيل الكبرى».

أمام الجنون الإسرائيلي: حرب إبادة في غزة، وفظائع في الضفة، ونهج عقاب جماعي للبنانيين بعد تدمير الجنوب وامتداد الدمار إلى الضاحية والبقاع، وحرب تدمير ممنهجة للقدرات السورية إثر سقوط بشار الأسد وفراره... أعادت الرياض تحريك مشروع «حل الدولتين» بعدما طفح الكيل عالمياً من الإرهاب المنفلت لدولة إسرائيل، التي وصمتها المجتمعات الغربية بأنها دولة فصل عنصري وإبادة. وكان العنصر اللافت انضمام فرنسا إلى الجهد السعودي، الذي أثمر خلال أشهر قليلة تأييداً كاسحاً في الجمعية العامة للأمم المتحدة لحق الشعب الفلسطيني في دولته؛ لأنَّ ذلك هو الممر الإجباري لسلام الشرق الأوسط والسلام العالمي بطي صفحة أطول الحروب.

وهكذا تحولت الدورة الحالية للجمعية العامة إلى دورة فلسطين، مع توالي الاعترافات الدولية الواسعة، والأوروبية خصوصاً، بالدولة الفلسطينية التي ارتدت أهمية مركزية؛ إذ من المعروف أن الشعوب أو الكتل السكانية ليس لها أي حقوق في القانون الدولي، لكن مع شبه الإجماع العالمي على الاعتراف بالدولة الفلسطينية يصبح عالمياً ما يرتكبه الكيان الصهيوني ضد الفلسطينيين عدواناً على دولة ذات سيادة. فالاعتراف بالدولة الفلسطينية وبدء فتح سفارات ورفع أعلام فلسطين في أكثر من مدينة أوروبية، أحدث نقلة دولية لدعم «حل الدولتين»، وفي الوقت عينه وجهت المجموعة الدولية من خلال الاعتراف بالدولة الفلسطينية إدانة مزدوجة للتطرف الصهيوني والتطرف الممانع الذي تصدرته «حماس»... والأهم في هذا المسار المتسارع أنَّه من وجهة نظر العلاقات الدولية صار للشعب الفلسطيني دولة.

في هذا التوقيت يدرك نتنياهو أنَّ من يربح في السياسة يفوز في نهاية المطاف، وإسرائيل هي اليوم في موقع الخاسر في السياسة، وفي موقع العزلة التي ستفرض عليها التراجع عن هذا التجبر وإرهاب الدولة. وعلى الأرجح تعرف إدارة الرئيس ترمب أنَّ أبرز دافع لهذه الانعطافة الدولية، لا سيما من بلدان قريبة جداً من واشنطن مثل المملكة المتحدة والعديد من دول الأطلسي، أنَّ هذه الدول تقدم مصالحها، ولا تريد أن تكون شريكة بدفع ثمن العزلة الأميركية المسؤول عنها الرئيسان بايدن وترمب. ولعل الاجتماع الذي جمع الرئيس ترمب، بدعوة منه، مع عدد من قادة الدول العربية والإسلامية، باكورة شيءٍ ما، بينها ما تم الكشف عنه من رفض واشنطن ضم أي جزءٍ من الضفة، وانسحاب إسرائيلي من غزة، فأميركا هي الدولة التي تعرف في نهاية المطاف كيف تصون مصالحها، وتعرف كيف يمكن لها أن تستعيد الدفء في علاقاتها مع دول الإقليم.

يسجل للسعودية أولاً ثم فرنسا، أنهما ثابرتا على مواجهة تحدٍّ كبير، ونجحت الدبلوماسية في التأكيد على أن حقوق الفلسطينيين بدولتهم ليست أبداً مكافأة لـ«حماس»، بل اعتراف متأخر بأحقية الفلسطينيين في قيام دولتهم المستقلة، والتي باتت عنواناً مرادفاً للأمن والاستقرار والسلام المستدام. و«حل الدولتين» الذي يضمن الحقوق التاريخية للفلسطينيين في أرضهم، يضمن كذلك الاعتراف بدولة إسرائيل، لكنه في الوقت عينه يسقط أخطار المخطط الصهيوني لتفتيت وتفكيك دول المنطقة، ويلجم تشجيع الفتن لبلورة كيانات طائفية.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عام فلسطين عام فلسطين



GMT 20:59 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

فعلًا “مين الحمار..”؟!

GMT 11:07 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

الشيخان

GMT 11:05 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

مستقبل الردع الأميركي تقرره روسيا في أوكرانيا

GMT 11:03 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

لماذا الهُويّة الخليجية؟

GMT 10:58 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

هل تعود مجوهرات اللوفر المسروقة؟

GMT 10:51 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

البابا ليو: تعلموا من لبنان!

GMT 10:48 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

الطبع الأميركي يغلب التطبع!

GMT 10:27 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

من «ضد السينما» إلى «البحر الأحمر»!!

أجمل إطلالات نانسي عجرم المعدنية اللامعة في 2025

بيروت ـ مصر اليوم
  مصر اليوم - مكالمة سرية تكشف تحذيرات ماكرون من خيانة أمريكا لأوكرانيا

GMT 20:14 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر
  مصر اليوم - ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر

GMT 05:43 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الإثنين 01 ديسمبر/ كانون الأول 2025

GMT 01:38 2025 السبت ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

رونالدو يتسلم المفتاح الذهبي للبيت الأبيض من ترامب

GMT 15:45 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 07:30 2025 الخميس ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية مدهشة لعام 2026 ستعيد تعريف متعتك بالسفر

GMT 10:52 2020 الإثنين ,14 كانون الأول / ديسمبر

كل ما تريد معرفته عن قرعة دور الـ 16 من دوري أبطال أوروبا

GMT 11:36 2018 الأربعاء ,03 كانون الثاني / يناير

عبد الحفيظ يكشف انتهاء العلاقة بين متعب والأهلي

GMT 22:15 2017 الأحد ,15 تشرين الأول / أكتوبر

وزير الرياضة يكرم بطل كمال الأجسام بيج رامي الإثنين

GMT 18:12 2020 الخميس ,15 تشرين الأول / أكتوبر

الشرطة المصرية تستعرض قوتها أمام الرئيس السيسي

GMT 22:53 2020 السبت ,25 إبريل / نيسان

إطلالات جيجي حديد في التنورة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche,Achrafieh Beirut- Lebanon
egypt, egypt, egypt