توقيت القاهرة المحلي 11:50:31 آخر تحديث
  مصر اليوم -

متى يصبح الفلسطيني في صميم السياسات الدولية؟

  مصر اليوم -

متى يصبح الفلسطيني في صميم السياسات الدولية

بقلم - آمال موسى

إنّ قرار مجلس الأمن الأول من نوعه والقاضي بالوقف الفوري لإطلاق النار في قطاع غزة، والذي أسال الكثير من الحبر بوصفه مثّل حدثاً في تاريخ مجلس الأمن، وخصوصاً عدم استعمال الولايات المتحدة الأميركية حق الفيتو ضده، قد فرض على النخب المدافعة عن القانون الدولي الإنساني والرافضة للجريمة الشنيعة المستمرة منذ أكثر من ستة أشهر في حق الفلسطينيين في قطاع غزة، نظرة مختلفة ومقاربة أكثر اتساعاً في قراءة هذه الجريمة المستمرة.

لم يعد ممكناً الاقتصار على إدانة إسرائيل على جرائمها بوصفها هي التي بالصورة أمام العالم، وغض الطرف أو التقليل من دور ومسؤولية الأطراف التي تمكّن إسرائيل من ارتكاب هذه الجرائم، بطريقة غير مباشرة أو غير مقصودة.

اتجاه النخب الرافضة لهذه الجرائم حالياً طرح أسئلة بشكل واضح وصريح وهو ما مثل موضوعاً رئيساً لمقالات وبرامج عدّة: من أين تأتي إسرائيل بالأسلحة التي بها استطاعت قتل أكثر من 30 ألف فلسطيني وإصابة 76 ألفاً؟

لم يكن هذا الموضوع يطرح سابقاً بنفس الوضوح الذي يطرح به الآن، حيث صدور قرار مجلس الأمن الذي طالب إسرائيل بالوقف الفوري لإطلاق النار، ما فرض علينا اليوم طرح هذا السؤال بصوت عالٍ ومن زاوية أخرى. فاحترام قرار مجلس الأمن والقانون الدولي الإنساني لا يخص إسرائيل فقط، بل إن الذين يدعمون إسرائيل بالسلاح هم أيضاً يمثلون خرقاً قانونياً للقرار شئنا ذلك أم أبينا. وهنا يطرح سؤال عن المسؤولية التاريخية للدول التي تصدّر السلاح لإسرائيل التي تعتدي على القانون الدولي الإنساني وتخرقه، محاولةً توريط الدول الداعمة لها معها ليكون الخرق معقداً ومركباً. وفي هذا السياق نشير إلى رسالة الـ600 محامٍ بريطاني، التي تناولوا فيها مخاطرة بلادهم بانتهاك القانون الدولي الإنساني بتصديرها السلاح لإسرائيل.

ومن هنا نفهم أن إسرائيل غير مكترثة بالقرار، وتستمر في المضي قدماً في تقتيلها اليومي للفلسطينيين، وعدم شعورها بالذنب لموت الأطفال والنساء، وعدم شعورها بأي حرج لأنها تستورد السلاح من دول مؤثرة في مجلس الأمن وفي العالم، جاعلةً هذا دعماً لها. كما إن إسرائيل لم تتوانَ، وهي التي تستشعر دعم هذه الدول الكبرى، عن الهجوم على قافلة المطبخ المركزي العالمي وموت عمال الإغاثة في هذا الهجوم، مما يكشف عن عدم مبالاة إسرائيل بأي جرائم ترتكبها.

إن ما يحصل بصدد إضعاف الدول القوية المفترض أنها حارسة للقانون الدولي الإنساني ومانعة من الاعتداء عليه، سوف يعدّ وقوداً وحججاً للمقهورين اليوم والمارقين غداً الذين سيفرزهم ما يحدث حالياً من خروق للقوانين الدولية.

من السرديات التي تتداولها بعض الدول التي تبيع السلاح لإسرائيل، والذي بواسطته تقوم بالتقتيل، أنها تضرب بالقانون الدولي الإنساني وقرارات مجلس الأمن واحتجاجات حقوقيي العالم عرض الحائط، ومن هذه السرديات أن أمن إسرائيل موجود في صميم السياسة الخارجية لهذه الدول.

فهل هذا صحيح؟

أليس أمن الفلسطينيين هو أيضاً في أحد أبعاده أمن الإسرائيليين؟

ما يحصل حالياً هو عبارة عن التأسيس لخطة الدوران في الحلقة المفرغة التي سيخسر فيها الجميع، وأوّلهم إسرائيل لأن ما تقوم به يجعل من أمنها مستحيلاً، وأيضاً الدول التي تبيع السلاح فتكسب المال حالياً ورضا إسرائيل، لكن التاريخ سيحمّل أجيالها المسؤولية وستجد ميراثها مسكوناً بالاختراقات والانحرافات، الأمر الذي يمس بحداثتها وقدسية القوانين الدولية وخطابها حول الإنسان وحقوقه.

إن ازدواجية المعايير تنتج الاحتقان والقهر، والعالم اكتوى بتداعيات هذه الازدواجية ولا ندري كم يتسع صدر العالم اليوم لتكرار تجارب عرفنا نهاياتها ودفع الجميع فواتيرها. لا يمكن أن يواصل العالم الهدم والبناء ثم الهدم بهذه الطريقة التي تظهر عدم عقلانية العالم، وعدم استيعاب دروس ذهب ضحيتها الآلاف من البشر.

أغلب الأحداث المأساوية كانت بفعل الذين لا شيء لديهم ليخسروه وهم غير المعترف بهم. ولكن الذي لا نعترف به ولا نعترف بحقه في الأمن والحياة إنما ندفعه كي يبحث عن طريقة يرغمنا فيها على الاعتراف به وعادة ما تكون: تهديد أمن العالم مع الأسف الشديد. لذلك فإن أمن الجميع يجب أن يكون في صميم السياسات الخارجية.

فمتى يصبح الفلسطينيون في صميم السياسة الخارجية للدول التي تمكّن إسرائيل من أدوات القوة والتقتيل؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

متى يصبح الفلسطيني في صميم السياسات الدولية متى يصبح الفلسطيني في صميم السياسات الدولية



GMT 02:01 2024 الثلاثاء ,30 إبريل / نيسان

سنة ثالثة شعر

GMT 01:57 2024 الثلاثاء ,30 إبريل / نيسان

اللاجئون في مصر... تراث تاريخي وتذمر شعبي

GMT 01:54 2024 الثلاثاء ,30 إبريل / نيسان

أزرار التحكم... والسيطرة!

GMT 01:52 2024 الثلاثاء ,30 إبريل / نيسان

أميركا النازعين وأميركا النازحين

GMT 01:48 2024 الثلاثاء ,30 إبريل / نيسان

عن سجننا بين إدوارد سعيد ونتنياهو

GMT 00:49 2024 الثلاثاء ,30 إبريل / نيسان

محمد ثروت ينضم لـ«عصابة المكس» بطولة أحمد فهمي
  مصر اليوم - محمد ثروت ينضم لـ«عصابة المكس» بطولة أحمد فهمي

GMT 09:48 2020 الإثنين ,28 أيلول / سبتمبر

أستون فيلا ضيفًا على فولهام في الدوري الإنجليزي

GMT 23:11 2020 الثلاثاء ,08 أيلول / سبتمبر

البورصة العراقية تغلق التعاملات على تراجع

GMT 10:11 2020 الإثنين ,24 آب / أغسطس

عبد السلام بنجلون يتعافى من كورونا

GMT 20:36 2020 الأربعاء ,22 تموز / يوليو

حصيلة وفيات كورونا في المكسيك تتخطّى 40 ألفاً

GMT 21:47 2019 الخميس ,26 كانون الأول / ديسمبر

باسم مرسى يشعل السوشيال ميديا بصورة مع زوجته وابنته

GMT 20:14 2019 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

وفاة 4 وإصابة 6 في انقلاب سيارة واشتعالها على طريق السويس

GMT 01:10 2019 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

بلجيكا أول المتأهلين إلى نهائيات كأس أمم أوروبا

GMT 20:17 2019 الأربعاء ,12 حزيران / يونيو

8 لاعبين في "أشرس صراع" على الكرة الذهبية
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon