توقيت القاهرة المحلي 22:33:57 آخر تحديث
  مصر اليوم -

متى تصبح الكرامة والحرية والعدالة للجميع؟

  مصر اليوم -

متى تصبح الكرامة والحرية والعدالة للجميع

بقلم - آمال موسى

بعد غدٍ نحتفل باليوم العالمي لحقوق الإنسان تحت شعار: الكرامة والحرية والعدالة للجميع. طبعاً للسياق تأثيره القوي في التعامل مع مثل هذا التاريخ وهذا الشعار، حيث إنه في أقل الحالات نجد أنفسنا أمام باقة من التساؤلات المحرجة.

بل إنه إلى أي حد نستطيع أن نحتفل بمثل هذا اليوم وآلاف من النساء والأطفال من الفلسطينيين يُقتلون على أيدي الجانب الإسرائيلي؟

لا نستطيع ألا نطرح هذا السؤال بالتحديد.

لذلك فإنَّ يوم الأحد القادم هو مناسبة لتحديد صريح حول: لماذا فشلت النخب الحقوقية وفكر الحداثة في إرساء حقوق الإنسان للجميع؟

والأدهى والأكثر مرارة هو أن يُدفَن خطاب الحقوق الأساسية واستبداله جملة وتفصيلاً، رغم أهميتها النسبية بالدعوة إلى الحقوق الفردية، بل الضغط لتكون من شروط الدعم الدولي، والحال أن الحقوق الأساسية ما زالت تمارَس بشكل تفاضلي.

إنَّ الإنسانية ما زالت في طور تأمين الحق في الحياة للجميع. هذا الحق الأساسي البدهيّ لم يتسنَ له أن يتحول إلى مكسب مضمون للإنسانية. ولعلَّ ما يحصل لأطفال فلسطين خير دليل على أنَّ الحق الأول لم ننجح في جعله حقاً مضموناً ومقدساً.

صحيح هناك خطاب عالمي حول حقوق الإنسان وهناك مؤسسات تحاول تجسيده، ولكن على مستوى الممارسات الدولية هناك فجوة حقيقية بين الخطاب وواقع حقوق الإنسان.

طبعاً لا شك في أن ثقافة حقوق الإنسان بدأت تتغلغل، وهناك شعوب تتمتع بحقوقها الإنسانية لأنها تنتمي إلى دول غنية قوية عريقة في التحديث دون أن ننسى أن تدريس حقوق الإنسان أصبح من شروط التدريس المتناغم مع التوجهات الدولية، ودليل ما تمنحه الدول من أهمية لمسألة حقوق الإنسان. ولا شك أيضاً في أنه لم يعرف التاريخ توتراً وتناولاً لخطاب حقوق المرأة وحقوق الطفل كما هو حاصل منذ سنوات.

كل المجهودات المذكورة لا يمكن إنكارها، ولكن يكفي موقف دولي حتى نكتشف أن خطاب حقوق الإنسان يتميز بهشاشة، وأنه خطاب غير مسنود بقوة الواقع.

من هذا المنطلق نعتقد أن الطريق لا تزال طويلة جداً حتى تكون الكرامة والحرية والعدالة للجميع. ومن المهم ونحن نتناول صعوبات تجذير ثقافة حقوق الإنسان إيلاء العلاقات الدولية الأهمية اللازمة، إضافةً إلى فلسفة حقوق الإنسان نفسها التي هي على مستوى التنظير غير مشروطة، في حين أنه في مستوى الواقع يختلف الأمر ونعاين حجم الارتباط بين حقوق الإنسان ومفهوم القوة والتمكن الاقتصادي. ويكفي أن تكون هناك تفاضلية بين الشعوب حتى تسقط أسطورة حقوق الإنسان، لأن المفروض أن فكر حقوق الإنسان قائم على مقاربة مبدئية غير مشروطة، فلكل إنسان حقوقه دون تمييز ومهما كان نوعه.

وباعتبار ما تكشف عنه الأحداث والتوترات والمواقف الدولية، فإنَّ العالم مطلوب منه في خطابه وفي منهجية نضاله القيام بمراجعة عميقة من أجل فرض ثقافة حقوق الإنسان واقتصاد حقوق الإنسان وسياسات حقوق الإنسان. فالعلاقات الدولية ما زالت تربط بين الحق وقوة صاحب الحق ولم تتحقق فلسفة حقوق الإنسان التي قامت من أجل كسر هذه الترابطية المشروطة.

من ناحية ثانية من المهم مواجهة الواقع وتجاوز الاعتقاد الخاطئ بأنَّ الحقوق الأساسية لا تحتاج إلى نضالية اليوم واستبدال الحقوق الفردية بها.

ما نلاحظه هو أنَّ اتجاهات النخب الحقوقية باتت تركز على الأقليات والحقوق الفردية، وليس من منطلق المقاربة الشمولية لحقوق الإنسان، بل بخلفية مَن يستشعر أن المهمة تحققت.

لذلك فإنَّ الاحتفال باليوم العالمي لحقوق الإنسان في الذكرى الجديدة لا بد من أن يركز على الحق في الحياة كأول الحقوق وأبسطها. إضافةً إلى ما تعرفه الحقوق الأساسية من تعثرات في ظل الأزمات، وكيف أن حقوق الإنسان ليست محسومة وأنَّها مهدَّدة بفعل الأزمات والحروب.

وتمكن ملاحظة أنَّ الواقع المادي للإنسان وللشعوب محدِّد أساسي في بلورة النصيب من حقوق الإنسان.

كما أن النضال من أجل أن تكون الكرامة والحرية والعدالة للجميع ليس بالنضال المعزول عن مجهودات الشعوب، في مجالات تجاوز الفقر والجوع والأمية وعدم الاستقرار. ذلك أن وجود 670 مليون شخص يعيش في فقر مدقع، ومواجهة قرابة 783 مليون شخص الجوع، ومعاناة 773 مليون شخص من الأمية حول العالم، إنما يُضعف نضالية تعميم حقوق الإنسان على الجميع ودون تمييز.

لذا فإنَّ حقوق الإنسان تمر من بوابات القوة ومؤشرات النمو المعتبرة... وهذا فهم جديد أيضاً لأهداف التنمية المستدامة: فدون بلوغ هذه الأهداف لا حقَّ في حقوق الإنسان بشكل كامل.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

متى تصبح الكرامة والحرية والعدالة للجميع متى تصبح الكرامة والحرية والعدالة للجميع



GMT 09:53 2024 الثلاثاء ,07 أيار / مايو

«فيتش» في وجهها «نظر»!!

GMT 09:51 2024 الثلاثاء ,07 أيار / مايو

هل تمانع أميركا عملية في رفح؟

GMT 02:23 2024 الثلاثاء ,07 أيار / مايو

خبز وكعك وإشاعة

GMT 02:18 2024 الثلاثاء ,07 أيار / مايو

ابحث عن العقيدة في موسكو

GMT 02:15 2024 الثلاثاء ,07 أيار / مايو

اليوم التالي... منظمة التحرير

الملكة رانيا تتألق بإطلالة جذّابة تجمع بين الكلاسيكية والعصرية

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 16:37 2024 الثلاثاء ,07 أيار / مايو

زينة تضع شروطاً للبطولة الجماعية
  مصر اليوم - زينة تضع شروطاً للبطولة الجماعية

GMT 02:00 2018 الأحد ,07 تشرين الأول / أكتوبر

حكايات السبت

GMT 01:37 2017 الأربعاء ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

مقتل 400 شخص إثر زلزال ضرب المناطق الحدودية بين إيران والعراق

GMT 07:47 2018 الأحد ,21 كانون الثاني / يناير

سهر الصايغ سعيدة بنجاح مسلسل "ولاد تسعة"

GMT 22:15 2019 الثلاثاء ,25 حزيران / يونيو

مؤشر بورصة لندن يغلق على ارتفاع طفيف الثلاثاء

GMT 07:43 2016 الأحد ,21 شباط / فبراير

فوائد الشليم

GMT 14:22 2017 الأحد ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

المنتخب المصري يعتذر لسفير مصر في غانا محمد حيدر

GMT 11:43 2021 الإثنين ,13 أيلول / سبتمبر

كارمن سليمان تنشر فيديو عفوي تضع فيه المكياج

GMT 06:58 2021 السبت ,16 كانون الثاني / يناير

"كورونا" يراوغ في مصر وأرقام الإصابات خير دليل

GMT 09:16 2020 الإثنين ,20 كانون الثاني / يناير

رانيا يوسف تكشف مواصفات الزوج بالنسبة لها

GMT 20:47 2019 الخميس ,19 كانون الأول / ديسمبر

5 سيارات إطفاء تكافح حريق محل في وسط القاهرة

GMT 06:36 2019 الثلاثاء ,29 تشرين الأول / أكتوبر

مواصفات أول سيارة كهربائية في فعاليات معرض طوكيو

GMT 18:01 2019 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

الموت يفجع الفنان المصري رامي جمال

GMT 12:56 2019 الأربعاء ,16 كانون الثاني / يناير

طريقة تحضير تورتة باللّيمون الحامض
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon