توقيت القاهرة المحلي 11:47:46 آخر تحديث
  مصر اليوم -

مخاطر الحرب على الخليج!

  مصر اليوم -

مخاطر الحرب على الخليج

بقلم : د.محمد الرميحي

هذا التحليل قائم على افتراضين، لهما من الصحة نسبة كبيرة، الافتراض الأول أن الحرب في غزة وحولها سوف تطول، ليس لأسابيع، بل ربما لأشهر، وتترك دماراً هائلاً في الأطراف المشاركة فيها، وخاصة الطرف الفلسطيني، وربما تصل إلى مناطق مجاورة بالصدفة، «كما حصل مع مصر» مؤخراً، أو باعتماد ردات الفعل العاطفية، كما يحصل مع لبنان، وربما مع سوريا والأردن في المستقبل، فالحروب دائماً، يعرف متى تبدأ على وجه التقريب، ومن هم الفاعلون فيها، ولكن من الصعب التنبؤ متى وعلى أي شاكلة تنتهي، ومن هم المشاركون النهائيون فيها، وأي مصالح تتحقق منها؟ ولحساسية هذه الحرب وحجم الدمار فيها، إنسانياً، فإن الشعوب العربية سوف تزداد غضباً، «وربما غيرها بنسبة أقل»، وتبحث القوى المختلفة في الإقليم الاستفادة القصوى من هذا الغضب والعمل على تنفيسه، كل بأجندته الخاصة، وقد تكون هذه الأجندة محلية تنتهز الفرصة للظهور أو إقليمية.

أما الافتراض الثاني فهو «الجهد النشط»، وربما ذاك تعبير مخفف لموقف الدولة الإيرانية من هذه الحرب، وعلاقتها بكل من «حماس» و«حزب الله»، تسليحاً و تمويلاً وتدريباً، وأيضاً علاقتها الوثيقة مع مجموعات مسلحة في العراق، وأيضاً مع ما يعرف بـ«الخلايا النائمة» المتعاطفة مع آيديولوجيتها الانقلابية في بعض البلاد العربية، وقد ظهر في الأيام الماضية مثل ذلك النشاط في قصف من جانب تلك الميليشيات للقوات الدولية، سواء في العراق أو في سوريا، أو النشاط الحربي المحدود في جنوب لبنان، فإيران هي «الفيل الأبيض» في الغرفة الحربية، التي تسعى جاهدة لاحتلال المكان المُعلى في شؤون الشرق الأوسط، على أنها فاعل أساسي، وعلى المتضرر أن يتصل بها ويستجيب «لمصالحها»! خاصة أن شيطنة الولايات المتحدة بسبب مساندة إسرائيل أصبح أكثر يسراً.

إذا أضفنا كل تلك العوامل مجتمعة، فإن المسرح مهيأ تماماً لإحداث اضطراب في دول الخليج، ربما ليس بسبب «موقف من الخليج»، وهو ليس مستبعداً، لكن بسبب جرّ القوى الأخرى إلى معركة أو معارك مختلفة في مسرح الشرق الأوسط، أو حسب تعبير وزير الخارجية الإيراني «الشرق الأوسط برميل بارود»!

المسرح مهيأ، وفتيل الاشتعال الممكن جاهز، وهو شحنة من «الغضب الشعبي»، الذي تعرض أمامه كل يوم جثث الأطفال أو الموت البطيء في المستشفيات، الذي تحاول دول الخليج أن تتساير معه بالسماح بالتعبير، حتى إن كان غير منضبط، وإن وصل إلى تعبير «محرج» كمثل ما حدث في الكويت، حيث ارتفعت أصوات بمنع السفيرة الأميركية الجديدة من تسلم منصبها في الدولة، «وهو أمر سيادي» يتعارض مع العلاقات الدولية المرعية، أو في مناطق أخرى بالحض على استخدام تعبير «سلاح الطاقة»، أو سحب السفراء «كما طالبت المظاهرات في الأردن»، والخليج في نفس الوقت يستضيف عدداً كبيراً من القوات الأميركية، سواء في البر أو البحر باتفاقات دولية.

مع كل ذلك، فمن الفطنة أن يجري التحسب لكل تلك الاحتمالات التي تستفيد من تأجج مشاعر الجماهير العربية، ويقوم بها صناع محتوى محترفون في تزييف الحقائق، خاصة إن تذكرنا أن هناك قوى في اليمن «كالحوثيين» وأخرى في العراق «كالمجموعات المسلحة الميليشيوية»، وجميعها تابع بشكل أو آخر لإيران، قد تجد من المناسب توقيتاً أن تحرك تلك الجماعات لتحقيق أهداف لها، خاصة إن تصاعد الصراع وتفاقم.

أمام هذا الصورة التي قد تكون متشائمة، لكنها محتملة، لا نجد كثيراً من الجهد «على الأقل العلني» من دول الخليج للاستعداد لمثل تلك التطورات السلبية، خاصة أن بعض الملفات لم تغلق بعد في الجوار الخليجي، مثل الجزر الإماراتية المحتلة من إيران، وقضية خور عبد الله بين الكويت والعراق، التي ظهرت على السطح مؤخراً بعد اتفاق دولي، وقضية حقل الدرة المشترك بين المملكة العربية السعودية والكويت، التي تطالب إيران بحصة وازنه فيه.

مثل هذه الملفات هي مجرد نار تحت رماد، تحتاج إلى من ينفخ فيها، وليس أفضل من «القضية» التي غيرت معالم الشرق الأوسط، وما زالت تفعل، من قفز العسكر إلى السلطة في أكثر من عاصمة عربية في السابق، إلى حروب ممتدة قضت على الأخضر واليابس، إلى تجذير «الأصولية الدينية» التي انتشرت باشتراك نشط من «الدياسبورا» الفلسطينية بعد هزيمة عام 1967، تعبيراً عن العجز الدنيوي الذي لحق بأهل القضية.

لعل من يريد أن يعرف بعض الأسماء التي ساعدت في تجذير «الأصولية الدينية» عليه أن يتذكر أسماء كثيرة، منهم عبد الله عزام و«الزرقاوي»، كما في بداية نشأة «حماس»، قررت أن تحرير فلسطين يتوجب قبله «قيام الدولة الإسلامية الموحدة»! وكثير من الدراسات تفسر قيام «الأصولية الفلسطينية» بأنه نتيجة طبيعية للأصولية اليهودية، التي تطالب علناً بتهجير كل الفلسطينيين من أرضهم.

إذن نحن أمام منعطف قد يشهد تداعيات على المستوى المحلي والإقليمي، وتسعى بعض القوى إلى تحقيق أجندتها التوسعية من خلال «الاضطراب الكبير»، وربما تصبح لها فرصة «للقفز إلى النووي»! الذي سوف يقابل بالقبول من الجمهور العربي الساخط، من دون وعي بمخاطره، ما يتزامن مع محتوى إعلامي يغيب المواطن عن وطنه باسم القضية، وعلى المستوى الدولي ليس أسوأ من هذا التوقيت لانفجار الصراع، حيث هناك حرب أوكرانية - روسية تصفى فيها الخلافات الكبرى بين الشرق والغرب، وحرب محلية سودانية، وتضييق على المصالح العربية من المياه إلى السلاح، حتى الساعة لم نجد جهداً منظماً أو وعياً كاملاً لمواجهة هذه الموجة من الاضطرابات، آملاً من البعض أن «يقوم الوقت بحل المشكلات»، وهو أمل ليست له علاقة بالتفكير العقلاني.

آخر الكلام... من مظاهر التدويل تقاطر كل أولئك المسؤولين الغربيين على العاصمة الإسرائيلية واعدين بالدعم، في ظل غياب أي قرار أممي معقول في مجلس الأمن.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مخاطر الحرب على الخليج مخاطر الحرب على الخليج



GMT 02:33 2024 الجمعة ,31 أيار / مايو

أصايل ومستقبليّون

GMT 02:30 2024 الجمعة ,31 أيار / مايو

صحوة الحجّاج

GMT 02:26 2024 الجمعة ,31 أيار / مايو

العالم بعيون إسرائيلية

GMT 02:22 2024 الجمعة ,31 أيار / مايو

لماذا تستعين القومية بالدين؟

GMT 02:20 2024 الجمعة ,31 أيار / مايو

إيران: العمامة والقبعة العسكرية

الإطلالات البراقة اختيارات نانسي عجرم في المناسبات

بيروت ـ مصر اليوم

GMT 05:36 2024 السبت ,01 حزيران / يونيو

إنكلترا تطلق تجربة أول لقاح للسرطان في العالم
  مصر اليوم - إنكلترا تطلق تجربة أول لقاح للسرطان في العالم

GMT 16:25 2024 الجمعة ,31 أيار / مايو

عُطل في خدمات "أخبار غوغل" في أنحاء العالم
  مصر اليوم - عُطل في خدمات أخبار غوغل في أنحاء العالم

GMT 23:49 2019 الخميس ,21 شباط / فبراير

مي عمر تؤكد استمتاعها بالعمل مع أحمد السقا

GMT 08:52 2019 السبت ,15 حزيران / يونيو

الفنان رامي عياش يتعرض لـ"خيانة" ويرد بـ"حِكمة"

GMT 07:46 2019 الجمعة ,26 إبريل / نيسان

حدائق منزلية صغيرة خارجية في ملكيات المشاهير

GMT 15:00 2019 الإثنين ,11 شباط / فبراير

"مان سيتي" يعود لصدارة الدوري بعد "سداسية" تشيلسي

GMT 12:37 2019 الأربعاء ,16 كانون الثاني / يناير

طريقة تحضير فطيرة بالليمون الحامض والشوكولاتة

GMT 22:38 2018 الخميس ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

بايرن ميونخ يخطط لخطف نجم دورتموند

GMT 16:46 2018 الخميس ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

مقتل شخص خلال تبادل لإطلاق النار مع الشرطة في الجيزة

GMT 02:43 2018 الأحد ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

فساتين زفاف تُناسب شكل جسم العروس وتُظهر جمالها

GMT 00:45 2018 الأربعاء ,03 تشرين الأول / أكتوبر

عمرو دياب يصرح بأن تركي آل الشيخ "رمز" من رموز الثقافة

GMT 14:28 2018 الإثنين ,27 آب / أغسطس

تعرف على مواصفات أيباد برو المنتظر
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon