توقيت القاهرة المحلي 05:03:30 آخر تحديث
  مصر اليوم -

هل تنسحب تركيا من حلف الناتو؟

  مصر اليوم -

هل تنسحب تركيا من حلف الناتو

بقلم :محمد المنشاوي

تتزايد التكهنات داخل العاصمة الأمريكية على تزايد رغبة الحكومة التركية على الانسحاب من حلف شمال الأطلنطى، وزادت تلك التكهنات فى ضوء ما شهدته علاقات أنقرة سواء مع واشنطن أو مع بروكسل أخيرا وترجمه البعض إلى وصول الخلافات بينهم إلى مرحلة لا يمكن معها بقاء الأوضاع كما هى عليها.

من جانبه يشهد الحلف، ومنذ قدوم الرئيس دونالد ترامب لسدة الحكم فى البيت الأبيض، لحظة فارقة حيال مستقبل الحلف، وفى الوقت ذاته تطرح أسئلة شديدة الأهمية حول جدوى وأهداف بقاء الحلف العسكرى الأقدم والأقوى فى التاريخ المعاصر.

***

«لم تلعب أى دولة أخرى الدور المحورى الذى لعبته تركيا خلال الحرب الباردة، وأدى فى النهاية لانتصار الولايات المتحدة والغرب على الاتحاد السوفيتى» بهذه الكلمات تحدث إلى دبلوماسى أمريكى سابق مركزا على أهمية تركيا للاستراتيجية الأمريكية سواء داخل حلف الناتو، أو لتأمين المصالح الأمريكية والغربية فى أوروبا والشرق الأوسط.

كما أشارت دراسة حديثة لخدمة أبحاث الكونجرس إلى أهمية الوجود الأمريكى العسكرى داخل تركيا بوصفها عضوا رئيسيا فى حلف الناتو، وركزت الدراسة على قاعدة إنجرليك فى الجنوب التركى والتى يوجد فيها تقليديا 2500 عسكرى أمريكى للقيام بمهام عسكرية فى أفغانستان أو العراق أو سوريا، وطرحت دراسة الكونجرس تساؤلا صعبا عن البدائل العملية لهذه القاعدة والتى لا تؤثر على المجهود العسكرى الأمريكى فى هذه المنطقة المضطربة من العالم.

من ناحية أخرى، كتب خبير فى الشأن التركى بمعهد واشنطن أن «الانفصال عن تركيا سيكون بمثابة إيذاء ذاتى متعمد لمصالح واشنطن، فتركيا لا تقتصر على الرئيس أردوغان فحسب، بل هى عملاق جغرافى واقتصادى فى المنطقة يؤدى دور الفاصل بين أوروبا والشرق الأوسط، وبين الشرق الأوسط وروسيا، لذلك فإن خسارة تركيا كحليف للغرب تعنى وضع الشرق الأوسط على عتبة باب أوروبا، وإلغاء الحاجز المحتمل أمام النفوذ الروسى بما يسمح لهذا الأخير بالتوغل فى قلب الشرق الأوسط، بالإضافة إلى ذلك، تعد تركيا دولة فى أفضل وضع يؤهلها لتحقيق التوازن مع إيران التى تتعاظم طموحاتها ونفوذها بالتزامن مع شراكتها مع روسيا، من هنا فإن المصلحة متبادلة بين البلدين، فمن دون الولايات المتحدة، ستصبح تركيا تحت رحمة طهران وموسكو».

***

قبل أسبوع وفى مقابلة طويلة له مع مجلة الإيكونوميست الشهيرة، عبر الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون عن شكوكه حيال الحلف واستشهد بما اتخذته تركيا والولايات المتحدة منفصلين من قرارات عسكرية مهمة دون التشاور مع شركاء حلف شمال الأطلسى، واشنطن أعلنت انسحاب قواتها من شمال شرق سوريا، وهو ما سمح ومهد للتدخل التركى العسكرى فى الشمال السورى لإقامة منطقة آمنة داخل الأراضى السورية، وتحدث ماكرون بصراحة عن المادة 5 والتى تلزم الدول الأعضاء بالتدخل العسكرى للدفاع عن أى دولة عضو تتعرض لاعتداء، وقال ماكرون مستغربا ومستنكرا: «إذا ما رد الجيش السورى أو الجهات المتحالفة معه عسكريا على الهجوم التركى، هل سنتدخل للدفاع عن تركيا»، وقبل ذلك اتسعت الفجوة بين أعضاء الناتو وتركيا، إذ طالب وزراء خارجية دول الاتحاد الأوروبى فى موقف مشترك أعضاءه بوقف تصدير الأسلحة إلى تركيا على خلفية تدخلها فى الشمال السورى، فى الوقت الذى أشارت استطلاعات رأى داخل عدد من دول الحلف عن وجود رغبة شعبية فى طرد تركيا من الحلف.
***

تشير تقارير أمريكية متزايدة إلى أن الرئيس التركى رجب أردوغان يخطط للخروج من حلف الناتو منذ صيف عام 2016 وذلك عقب فشل محاولة الانقلاب العسكرى ضده والتى اعتبر أن واشنطن لم تمانع فى وقوعها، بل رحبت بها، ثم جاء تطور العلاقات التركية الروسية عسكريا، وهو ما ظهر فى اقتناء تركيا نظام الصواريخ المتقدم للدفاع الجوى S400، وعلى الرغم من عقوبات الكونجرس وتهديدات البيت الأبيض، لم تنجح واشنطن، ولا عضوية الناتو فى إثناء تركيا عن قرارها، ورد البنتاجون بخطوات حادة طرد على إثرها تركيا من برنامج مقاتلات إف 35، وأعاد متدربين عسكريين أتراك لبلدهم.

من ناحية أخرى جاء رد الفعل الأمريكى ورد فعل حلف الناتو ليظهر حجم الفجوة الكبيرة فى المواقف من أكراد سوريا، إذ ترى أنقرة أن واشنطن وبروكسل تدعمان إحدى أذرع حزب العمال الكردى الذى تصنفه تركيا والولايات المتحدة بالإرهاب، وتسلح واشنطن وتدرب ميليشيات كردية فى شمال سوريا، وهو ما أدى لخلافات كبيرة بين الدولتين وكاد يؤدى لمواجهات عسكرية بعدما هدد أردوغان شخصيا الوجود الأمريكى العسكرى المؤيد للأكراد فى شمال سوريا، وبعد قرار ترامب بسحب بعض القوات من شمال سوريا وتدخل أنقرة فى الشمال السورى، اتخذ الكونجرس قرارات متشددة يفرض بها الكثير من العقوبات المالية والاقتصادية على تركيا.

***
قبل سبعين عاما، قال اللورد هاستينج إسماى الأمين العام الأول لحلف الناتو إن الحلف يهدف إلى «بقاء روسيا خارج أوروبا وأمريكا داخل أوروبا وألمانيا داخل حدودها»، ومع مرور سبعين عاما على تأسيس حلف الناتو ومرور ثلاثين عاما على انتهاء الحرب الباردة، يبدو أن تركيا ثانى أكبر جيوش الناتو بعد الجيش الأمريكى تفكر جديا فى ترك الحلف، وهو ما سيكون بداية نهاية لتحالف عسكرى هو الأهم فى التاريخ المعاصر.

وقد يهمك أيضًا:

انتبهوا لقانون مواجهة أعداء أمريكا من خلال العقوبات

العرب وأزمة مسلمي الصين

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

هل تنسحب تركيا من حلف الناتو هل تنسحب تركيا من حلف الناتو



GMT 23:29 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحو قانون متوازن للأسرة.. بيت الطاعة

GMT 23:27 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحن عشاق «الكراكيب»

GMT 23:25 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

التوت و«البنكنوت»

GMT 20:38 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

الصفقة مع ايران تأجلت... أو صارت مستحيلة

GMT 07:51 2021 السبت ,11 أيلول / سبتمبر

الملالي في أفغانستان: المخاطر والتحديات

بلقيس بإطلالة جديدة جذّابة تجمع بين البساطة والفخامة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 18:31 2020 الأربعاء ,30 كانون الأول / ديسمبر

آندي روبرتسون يخوض لقائه الـ150 مع ليفربول أمام نيوكاسل

GMT 06:47 2020 السبت ,19 كانون الأول / ديسمبر

ترتيب الدوري الإنجليزي الممتاز بعد نهاية الجولة الـ 13

GMT 02:10 2020 الخميس ,10 كانون الأول / ديسمبر

7 أسباب تؤدي لجفاف البشرة أبرزهم الطقس والتقدم في العمر

GMT 22:29 2020 الثلاثاء ,01 كانون الأول / ديسمبر

أحمد موسى يعلق على خروج الزمالك من كأس مصر

GMT 11:02 2020 الجمعة ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

تعرّف على أعراض التهاب الحلق وأسباب الخلط بينه وبين كورونا

GMT 03:10 2020 الأربعاء ,21 تشرين الأول / أكتوبر

زيادة في الطلب على العقارات بالمناطق الساحلية المصرية

GMT 22:14 2020 الجمعة ,18 أيلول / سبتمبر

بورصة بيروت تغلق التعاملات على انخفاض

GMT 12:08 2020 الثلاثاء ,21 إبريل / نيسان

خسائر خام برنت تتفاقم إلى 24% في هذه اللحظات
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon