توقيت القاهرة المحلي 13:52:52 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الفلسطينيون والجبهة الثالثة

  مصر اليوم -

الفلسطينيون والجبهة الثالثة

بقلم: نبيل عمرو

فُتحت في فلسطين عدة جبهات أرهقت شعبها: الجبهة الرئيسية بالطبع هي جبهة الاحتلال الإسرائيلي التي اتسعت لتشمل فلسطين كلها، بحيث أزالت الحدود والقيود التي فُرضت على الإسرائيليين زمن شهر عسل أوسلو، فلم يعد من وجود لذلك التصنيف الذي اعتمد واستقر A B C، والذي كانت فيه A منطقة خالصة للسلطة، وB مزدوجة، وC خالصة للإسرائيليين.
ورغم بؤس ومثالب هذا التصنيف فإن بديله الراهن هو احتلال كامل واستباحة بلا حدود، وخصوصاً للمنطقة A؛ حيث تتركز قيادة السلطة والمؤسسات التابعة لها. ولا يحلو للإسرائيليين هذه الأيام إلا اقتحام هذه المنطقة، كي تبدو السلطة أمام جمهورها عاجزة عديمة الحيلة، وهذا ما يفقدها أهم أسباب احترام الناس لها، وهو الهيبة.
والى جانب الاحتلال الإسرائيلي المركب؛ عسكرياً وأمنياً واقتصادياً واستيطانياً، جاء احتلال «كورونا» ليهبط بالإمكانيات الفلسطينية المحدودة أصلاً، إلى حدود أدنى، فلا مداخيل منتظمة، ولا قدرة للبنوك على مواصلة الإقراض إلى أمد بعيد، ولا وجود لذلك السخاء القديم الذي كان يتدفق من الدول المانحة كلما تعرض الفلسطينيون إلى ضائقة مالية تعيق تقدم المشروع السياسي.
ومنذ الإعلان عن قطع العلاقات مع إسرائيل بفعل «صفقة القرن» وموضوع الضم، انشغل العالم عنهم، وصارت غزة مثلاً في حالة انتظار للتنقيط القطري في حلقها، وصارت السلطة في الضفة تستقبل بصورة متقطعة ومتباعدة تنقيطاً خيرياً لا يكفي لتغطية مصاريف أسبوع واحد من أسابيع «كورونا» المستجدة؛ حيث موجتها الثانية تتواصل، والقدرات الفعالة على احتوائها تتناقص.
جبهة الاحتلال وجبهة «كورونا» وما تحدثانه من أزمات اقتصادية ومالية - ودعونا الآن من السياسية - خلقتا جبهة ثالثة هي الأكثر مدعاة للخوف والقلق، هي جبهة الانفلات الأمني المرتبطة جدلياً بواقع تراجع مكانة ونفوذ وهيبة السلطة بين الناس. نشوء هذه الجبهة هو وقوع الملايين الفلسطينية بين شقي رحى، شق يجسده الاحتلال الذي ازدادت شهيته لفرض نفوذه عبر الضم الذي إن تأجل بفعل عوامل نعرفها فإنه لا يزال على رأس الأجندة في إسرائيل، ولا ضمانات على الدولة العبرية من ألا تتمادى نحو ما هو أكثر من الثلاثين في المائة التي حددتها خريطة «صفقة القرن»، ذلك أن النهج الإسرائيلي الزاحف على الأرض وعلى الناس يعلن صراحة أن السبعين في المائة المفترض أنها حصة الفلسطينيين ستبقى، وإلى ما لا نهاية، تحت النفوذ المباشر والموضوعي للدولة العبرية.
أما شق الرحى الآخر فهو انسداد كل الآفاق التي كانت تمني الفلسطينيين بحل، إن لم يكن عادلاً فهو معقول. هذه الآفاق التي كانت في زمن شهر عسل أوسلو مفتوحة، ولو بالتمني والتوقع، صارت مغلقة بإحكام، وعلى نحو لا يسمح لأكثر المتفائلين تفاؤلاً بمجرد توقع أي قدر من انفتاح سياسي.
من قبيل قصر النظر والسذاجة المفرطة، ألا يتوقع المتابعون من داخل الحالة الفلسطينية ومن خارجها تأثيراً سلبياً مباشراً على حياة الفرد والعائلة والمجتمع جراء هذه الانسدادات الشاملة. وفي حالة كهذه تبدأ الظواهر السلبية في التفشي، وأولها وربما أخطرها التحلل والانفلات الأمني، واللجوء إلى البحث عن حمايات أو حلول بعيداً عن القانون والسلطة.
إنها بالفعل جبهة ثالثة انفتحت، أو أنها في سبيلها إلى انفتاح أوسع، ولا يعالجها القول إنها من صنع الاحتلال، وحتى لو كانت كذلك - مع أن الاحتلال أشد أذى وأعمق بلاء - فإن مسؤولية مواجهة هذه الجبهة تقع أولاً وأخيراً على عاتق السلطة، ولا تكون من خلال إنكارها أو تزوير دوافعها وإخفاء آثارها؛ بل تكون بجهد جماعي فلسطيني، تنظمه وتقوده مؤسسات حقيقية يحترمها الشعب والعالم، وتكون قادرة على إخضاع الأزمات، وإنتاج السياسات الكفيلة بالتغلب عليها. هذا أمر غير موجود الآن، وإن لم يوجد وعلى جناح السرعة ولم يحظَ بمكانة الأولوية، فلا أمل في مواجهة ناجحة للأزمات، صغيرها مثل كبيرها.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الفلسطينيون والجبهة الثالثة الفلسطينيون والجبهة الثالثة



GMT 23:29 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحو قانون متوازن للأسرة.. بيت الطاعة

GMT 23:27 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحن عشاق «الكراكيب»

GMT 23:25 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

التوت و«البنكنوت»

GMT 20:38 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

الصفقة مع ايران تأجلت... أو صارت مستحيلة

GMT 07:51 2021 السبت ,11 أيلول / سبتمبر

الملالي في أفغانستان: المخاطر والتحديات

الملكة رانيا بإطلالات شرقية ساحرة تناسب شهر رمضان

عمان ـ مصر اليوم

GMT 00:36 2024 الخميس ,28 آذار/ مارس

ميسي يتحدث عن "العامل الحاسم" في اعتزاله
  مصر اليوم - ميسي يتحدث عن العامل الحاسم في اعتزاله

GMT 02:02 2021 الخميس ,21 كانون الثاني / يناير

الملكي يتقدم 1-0 قبل نهاية الشوط الأول ضد ألكويانو

GMT 10:15 2021 الإثنين ,18 كانون الثاني / يناير

للمرة الثانية أسبوع الموضة في لندن على الإنترنت كلياً

GMT 14:16 2021 الأحد ,03 كانون الثاني / يناير

الحكم في طعن مرتضى منصور على حل مجلس الزمالك

GMT 09:20 2020 الأحد ,13 كانون الأول / ديسمبر

طريقة لتبييض الأسنان ولإزالة الجير دون الذهاب للطبيب

GMT 08:52 2020 السبت ,24 تشرين الأول / أكتوبر

أسعار العملات الأجنبية مقابل الجنيه المصري اليوم السبت

GMT 02:02 2020 الأربعاء ,14 تشرين الأول / أكتوبر

مصر على أتم الاستعداد لمواجهة أى موجة ثانية لفيروس كورونا

GMT 09:09 2020 الأحد ,11 تشرين الأول / أكتوبر

حسام حسني يؤكد لو تم علاج ترامب في مصر لكان شفائه أسرع

GMT 14:47 2020 الأربعاء ,09 أيلول / سبتمبر

أستون فيلا يعلن عن تعاقده مع أغلى صفقة في تاريخه

GMT 04:36 2020 الخميس ,20 شباط / فبراير

ابن الفنان عمرو سعد يكشف حقيقة انفصال والديه
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon