توقيت القاهرة المحلي 05:10:35 آخر تحديث
  مصر اليوم -
أخبار عاجلة

هل نستحقُّ كورونا وما يليها؟

  مصر اليوم -

هل نستحقُّ كورونا وما يليها

بقلم : فاطمة ناعوت

لم أعبأ يومًا بمعرفة ما إذا كان فيروس كوڤيد- ١٩، وما تبعه من فيروسات شرسة، «طبيعيًّا أم مصنّعًا». فتلك مَهمّة علماء دراسة الفيروسات Virologists. لكن ما يعنينى حقًّا أمورٌ ثلاثة. أولا: إدراك أن العالمَ فى كارثة حقيقية غيّرت وجه الحياة عن الصورة الطبيعية التى عرفناها قبل عام ٢٠١٩. وثانيًا: الأمل فى الخروج من الكارثة ليعودَ للعالم سلامُه المفقود. وثالثًا: أن «ننظر فى أنفسنا»، ونحاول أن «نتحوّرَ ثقافيًّا وفكريًّا» لنغدو بشرًا أكثر تحضّرًا ورُقيًّا، مثلما يُحوّرُ الفيروسُ نفسَه «چينيًّا» ليخلق سلالاتٍ جديدةً أكثرَ قدرة على المقاومة الحياة، وهو ما يعرف بالـ Metamorphosis.

علينا أولا أن نعترفَ أن وجود البُغض والتناحر فى هذا العالم يشير بإصبع حزين إلى إخفاقنا فى التعلّم من التاريخ. وأن نسعى إلى تقديم أوراق اعتماد حضارية جديدة تُنقذ الإنسانيةَ من الهلاك. فلو أحببنا اللهَ بحق، ما بغضَ المرءُ أخاه، وما لاعنه، وظلمه، وقتله. علينا إدراك أن «طيبة القلب» و«ذكاء الذهن» صِنوان قرينان. فدائمًا ما نلاحظ أن الحنوَّ والرحمة، مقرونة بالارتقاء البيولوجى والمستوى العقلى الرفيع. الشرُّ لونٌ من الانحدار لا يليق بمرتبة الإنسان العليا على السلم البيولوجى. وضعُ شروط «عنصرية» لمنح الحب، يضعُ الشخص فى مرتبة «دنيا» من مراتب الكائن الحى. وكثيرًا ما شاهدنا فيديوهات وصوراً لقطّة تحتضن عصفوراً جريحاً وتلعق جرحه. أو حمامةً تحتضن هرةً وليدة ماتت أمُّها وتهاجم مَن يحاول انتزاعها من حضنها. أو عنزةً تُرضعُ أرنباً مع صغارها. أو لبؤة تحمى غزالاً يطارده قناص. الفكرةُ هنا أن ذلك الحيوان أو الطائر قد تجاوز «فصيلَه» الخاص ومنحَ الحب إلى «فصيل» آخر. وكما تشيرُ العنصرية والطائفية والقسوة إلى تدنى المرتبة البيولوجية، تشير كذلك إلى انخفاض المستوى الفكرى لذلك الشخص.

«لم أتسبب فى دموع إنسان!» عبارةٌ هائلة ومخيفة قالها الجدُّ المصرى القديم، تُلخِّصُ فلسفةَ الكون بكامله فى خمس كلمات. لو غرسنا تلك الكلمات فى قلوبنا لانتهت محنةُ الإنسان فوق الأرض. العدلُ يبدأ من حيث تلك الكلمات. والرحمة والتحضر والصدق والغفران والحب والسلام والمعرفة والزراعة والفنون والصناعة والاقتصاد والتعليم والسياسة، جميعُها نقاطٌ على حبل تلك الكلمات القليلة فى الجملة الهائلة السابقة. علينا أن ندرك أنك حين تحبُّ الناسَ فإن المستفيدَ الأوحدَ هو (أنتَ)، وليس أحدٌ سواك. فالمُحسِنُ إلى الناس يشعرُ بسعادة عضوية أكثر مما يشعر المُحسَن إليه. إذْ أثبت العلمُ أن «السعادة» تتحقق حين يفرز الجسمُ أربعة هرمونات هى: إندورفين- دوبامين- سيروتونين- أوكسيتوسين. الهرمون الأخير (أكسير الحبّ)، لا يُفرز إلا فى لحظات الحُنو والاحتضان ومنح الحبّ للآخرين. وإذن محبةُ الناس «دون غايةٍ»، هى «الغاية» فى ذاتها. دعونا نتخفّف من أثقال الكراهية والعنصرية والطائفية، ونملأ رئتينا بأكسجين الحب حتى تحملنا البالونات، ونطير.

الشخصُ الذى اخترع «الشمعةَ» فى القرون السحيقة، مسحَ دمعةً من عين طفلة تبكى فى الظلام. والذى اخترع الطائرة طيّبَ قلبَ أمٍّ برؤية ابنها المسافر. والذى ابتكر الورقة والمطبعة هدهد طفلاً يحكى له أبوه حكاية قبل النوم. والذى ابتكر البيانو مسح دموعَ المحزونين فى هذا العالم. والذى اكتشف «البنج» تدينُ له البشريةُ بتخفيف الألم. أولئك بشرٌ يستحقون الحياة. دعونا نتذكّر أن الكِبر والغرور من سمات التصدّع الروحى وفقر الإيمان. فالمؤمن الحق لا يكون إلا متواضعًا وهو عزيزٌ. فالإيمانُ الحقّ بالله، يحملُ فى طياته احترامَ عقائد الآخرين، مهما تباينت. لأن فى تباينها ثراءً، واتفاقاً على مبدأ أساسى: البحث عن الله، عبر مساربَ ودروبٍ شتى. الإيمانُ أرقى من التدين. فالإيمان هدفٌ، والتدينُ وسيلة. والإيمانُ يسبق الديانات والعقائد. الإيمانُ على الأرض منذ ملايين السنين، منذ نظر أولُ إنسان إلى السماء وقال: «يا رب»، فيما العقائدُ لم تولد إلا منذ بضعة آلاف سنة.

ولو شاء اللهُ لوحّد الأديان، لكنه اختار أن يكون النورَ الذى يَغمر العيونَ ويعمِّرُ الأفئدةَ، فتلمحُه العيونُ من زوايا عدة، وتلمسه القلوب عبر تجارب متنوعة. «الإنسانُ» صنعُ الله وثمرةُ يديه الربوبيتين. فحين تتأملُ زهرةً مشرقةً، وحين تستنشقُ شذاها، وحين تراقب فراشةً ملونة تخفقُ بجناحيها فوق الزهر، وحين تشخصُ فى وهج الشمس البرتقالى أو ضوء القمر الفضىّ أو تلألؤ النجوم الألماسى أو سريان الغيم فى السماء، فأنت تُمجد صنعَ الله الإعجازى وتقول: «سبحان ربى ما أبدعَ صنعك!» وحين تُقبل رأسَ طفل فكأنما تقول: «سبحان الله العظيم ما أجملَ ما قدمت للأرض خليفةً لك، ليُعمر الكونَ ويُحسنَ إلى غيره من الناس!». «الدينُ لله والوطن لمن تعلّم أن يكون إنسانًا».

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

هل نستحقُّ كورونا وما يليها هل نستحقُّ كورونا وما يليها



GMT 09:28 2021 الجمعة ,09 إبريل / نيسان

عربيًا.. لا يمر!

GMT 09:28 2021 الخميس ,08 إبريل / نيسان

ابنة الزمّار وحسناء الزمان

GMT 09:18 2021 الخميس ,08 إبريل / نيسان

«اللي عمله ربنا مش هيغيره بشر»

GMT 10:18 2021 الإثنين ,05 إبريل / نيسان

ملكاتُ وملوكُ السَّلف الجميل.. يجوبون العالم!

أجمل فساتين السهرة التي تألقت بها سيرين عبد النور في 2025

بيروت ـ مصر اليوم

GMT 03:51 2025 الجمعة ,12 كانون الأول / ديسمبر

السيسي يؤكد رفض أي مساعٍ لتهجير الشعب الفلسطيني من أرضه
  مصر اليوم - السيسي يؤكد رفض أي مساعٍ لتهجير الشعب الفلسطيني من أرضه

GMT 05:10 2025 الجمعة ,12 كانون الأول / ديسمبر

ترامب يدرس تعيين جنرال أميركي لقيادة القوة الدولية في غزة
  مصر اليوم - ترامب يدرس تعيين جنرال أميركي لقيادة القوة الدولية في غزة

GMT 11:22 2020 الأربعاء ,08 تموز / يوليو

يحذرك هذا اليوم من المخاطرة والمجازفة

GMT 09:25 2021 الإثنين ,20 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم الإثنين 20/9/2021 برج الأسد

GMT 04:19 2018 الجمعة ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

الفنانة منى زكي تكشف عن حقيقة خلافها مع مصطفى شعبان

GMT 03:14 2017 الجمعة ,19 أيار / مايو

سعد لمجرد ينفي معرفته ما حصل مع لورا بريول

GMT 15:53 2021 الثلاثاء ,01 حزيران / يونيو

الرئيس السيسي يهنئ إيطاليا بذكرى "يوم الجمهورية "

GMT 15:04 2019 الإثنين ,07 تشرين الأول / أكتوبر

تعليق نارى من أحمد سعد على خبر تصالحه على سمية الخشاب

GMT 20:08 2019 الإثنين ,02 أيلول / سبتمبر

تعرف على أهم أعمال الفنانة بلقيس فتحي
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche,Achrafieh Beirut- Lebanon
egypt, egypt, egypt