توقيت القاهرة المحلي 21:24:30 آخر تحديث
  مصر اليوم -
الكرملين يرحب بتحديث استراتيجية الأمن القومي الأميركي وحذف وصف روسيا بالتهديد المباشر عطل تقني يشل عمليات السفر في مطار بريطاني رئيسي والجهات المسؤولة توضح أن الخلل محلي إيرباص توضح أن تسليمات نوفمبر سجلت تراجعا بسبب خلل صناعي وأزمة جودة في خطوط الإنتاج المحكمة الجنائية الدولية تعتبر عقد جلسات الاستماع لنتنياهو أو بوتين في غيابهم ممكناً الرئاسة الفلسطينية تحذر من خطورة أوضاع الأسرى في سجون الاحتلال الإسرائيلي إصابة عدد من الفلسطينيين جراء قصف مدفعية الاحتلال الإسرائيلي على منطقة بيت لاهيا مقتل 79 مدنيا من بينهم 43 طفلا في هجوم بطائرة مسيرة استهدف كالوقي في جنوب كردفان قوات الدعم السريع تقول إن الجيش السوداني استهدف معبر أدري الحدودي مع تشاد بطائرات مسيرة تركية البنتاغون يعلن موافقة الخارجية الأمريكية على صفقة بيع مركبات تكتيكية متوسطة ومعدات إلى لبنان بتكلفة تتجاوز تسعين مليون دولار إنفانتينو يسلم ترمب جائزة فيفا للسلام قبل قرعة المونديال
أخبار عاجلة

الأميرُ النائم.. والساهرون على حُلمه

  مصر اليوم -

الأميرُ النائم والساهرون على حُلمه

بقلم: فاطمة ناعوت

بالأمس انكسرَ أملُ «أُمٍّ» ظلّت تهدهده عشرين عامًا، وانطفأت شمعةُ رجاء جاهدَ «أبٌ» ألا يخبو وهجُها. هذا المقالُ ليس رثاءً لشاب غادر إلى حيث يمضى الأبناءُ إلى رحاب الله، تاركين فى قلوب ذويهم صدوعًا لا تُرأبُ، بل هو تحية إجلال لأمٍّ وأبٍ حصدا من النُبل والإيمان بالله ما جعلهما أيقونةً تُضىء فى كتاب التاريخ، ودرسًا نتأملُه ونتعلَّم منه معنى الأمومة والأبوّة.

لم يكن الأميرُ «الوليد بن خالد بن طلال» رقمًا فى سجلّات غيبوبة استطالت سنواتٍ وعقودًا حتى ارتقى إلى فردوس الرحمن الرحيم حيثُ لا ألم ولا غياب، بل كان حكايةً تُروى من حكايا الرجاء والنبل والعطاء الفريد، تَجسّد فى أمٍّ وأبٍ لم يسلّما ولدهما للموت السهل، رغم وصايا الأطباء، بل حملاه معًا على أجنحة الدعاء، ووشّياه بأغطية الحنوّ، لا عامًا ولا عشرةً، بل عشرين عامًا عددًا محطمين كل توقعات الطبّ وسجلات السكتات الدماغية التى لا تتجاوز أعمارُها العامين مع العناية الفائقة، ليثبتا للعلمِ وللعالمِ أن «الحُبَّ» ينجحُ فيما يخفقُ فيه العلمُ والعلماءُ.

عام ٢٠٠٥، كان الأميرُ صبيًّا جميلا فى الخامسة عشرة من عمره يدرسُ العلومَ العسكرية فى لندن، ينتظرُه مستقبلٌ مشرقٌ فى وطنه مثلما ينتظرُه والداه بشغفٍ أن يعودَ إليهما مصقولا بالعلم ليخدم وطنه. لكن الآمالَ تبعثرت عند ناصية حادثٍ مروّع أسقط الجسدَ فى غيبوبة ونزيف دماغى، فأوصى الأطباءُ برفع أجهزة التنفس لغياب الأمل فى النجاة. لكن الوالدين رفضا الخضوع لليأس، وتمسّكا بحبال رحمة الله. فمادام القلبُ ينبضُ، فليس من حقِّ إنسانٍ أن يوقف الخفقَ ويستلبَ الحياة. وإن كان لا يشعر بنا، فنحن نشعرُ به، وإن كان لا يرانا، فنحن لا نكفُّ عن تأمله والدعاء له. ومَن قال إنه لا يشعرُ بنا، فلعلَّ رجفةَ الجفن هذه شكرٌ، وحركةَ السبابة هذه صلاة وتشهّد، ونبضة الوريد تلك علّها نجوى امتنان لأمٍّ وأبٍ لا يبرحان سريره فى المستشفى السعودى أيامًا وأسابيعَ وسنواتٍ وعقودًا؛ يغسلان وجهَه بالعطور، ويشذبان لحيتَه، ويمشطان شعره، كأنما يستعدُّ لحفل التخرّج، ثم العُرس. كان الوالدان النبيلان يجهزّان ابنهما الأمير النائم كلَّ يومٍ للحياة لا للموت، فكيف لا يشعر بهما ويمتنُّ لهما، رغم أنف الغيبوبة والصمت وإغماضة العينين؟!.

كان يمكن أن يُنسَى، لكنّه لم يُنسَ. وكيف يُنسى وجواره والدان لم يصدّقا مواتَ الغيبوبة، بل آمنا بالحياة المختبئة خلف السكون!، كانا يكلمانه، كما لو كان يُنصِتُ، ويرسمان له أحلام الغد، كيما يتأهب لتحقيقَها. والده، الأميرُ «خالد بن طلال بن عبد العزيز آل سعود»، لم يطلب معجزةً، لكنه آمن بها. رفض بحسم نزع الأجهزة الطبية عن وليده، لأن قلبه كان معلّقًا برحمة الله، لا بتقارير الأطباء. فالحياةُ الطافرةُ من وجه ابنه رغم إطباق العينين، لم تخبُ، بل تنتظر.

عشرون عامًا، لم تُطفأ أنوارُ غرفته، ولم يغبِ اسمُه عن الألسن ولا الدعاء. أبسط حركة من إصبعه كانت عُرسًا، أوهن خفقة جفن كانت قصيدة، وكل ومضة تحسُّن كانت عيدًا مؤجلاً.

هذه الأمُّ لم ترفع عينيها عن عينى وليدها، ولا رفعت يدَها عن قلبه لتطمئن إلى استمرار خفقه الذى تتوكأ عليه لتحيا. رهنت حياتَها صلاةً عند سرير وليدها، تروى زهرة الأمل بدموعها تنتظرُ صابرةً أن يناديها: «أمى!».

وهذا الأبُ، الذى صار وجهه مرآة لأعلى درجات الإيمان برحمة الله. لم يرَ فى ابنه جسدًا ساكنًا، بل مشروع معجزةٍ مؤجلة تنتظرُ المشيئة العليّة. لم ينقطع عن زيارة ابنه يومًا: يلاطفه ويسامره ويدعو له ويلتقط معه الصور على رجاء الصحو.

الحادث الأليمُ، الذى وقع فى لندن والأميرُ فى وهج الصبا، لم يكن نهاية، بل بداية الرحلة الأكثر نبلا بين السُّرر البيضاء وأنابيب المحاليل والتقارير الطبية والسهر على نائم لا يصحو، وأسرة مُحبّة تسهرُ واصلةً الليلَ بالنهار عشرين عامًا دون كلل ولا قنوط، وملايين القلوب التى أحبّته دون لقاء، وعرفته من صورته فى زىّ الكلية العسكرية يحلم بمستقبل زاهٍ فى الدفاع عن وطنه.

واليوم، وقد ترجّل الأميرُ، ليغادر كما الملوك: بهدوء المطمئن الذى نامَ على وسادةٍ من صلوات ودعاء، ومشى إلى الله على طريقٍ مروىٍ بدموع أمٍّ وأبٍ أديا واجبهما على خير ما يؤدَى. هو الآن فى ضيافة الرؤوف الرحيم الذى وسعت رحمتُه كلَّ شىء. نام الأميرُ بعد عشرين عامًا من التهيؤ لليقظة. نام لأن الحياة استكملت قصيدتَها فيه. أما والداه، فقد نالا وسامًا من نور، لا يُمنح إلا للقلوب التى أحسنت صون الأمانة. أحسن اللهُ عزاءهما وأحسن مقامه فى عليّين.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الأميرُ النائم والساهرون على حُلمه الأميرُ النائم والساهرون على حُلمه



GMT 15:59 2025 الأحد ,07 كانون الأول / ديسمبر

الحنفية وأفق التغيير

GMT 15:57 2025 الأحد ,07 كانون الأول / ديسمبر

السعادة في أوقات تعيسة!!

GMT 15:54 2025 الأحد ,07 كانون الأول / ديسمبر

ضباب التفكير!

GMT 15:52 2025 الأحد ,07 كانون الأول / ديسمبر

هل تمرض الملائكة؟

GMT 15:50 2025 الأحد ,07 كانون الأول / ديسمبر

تقديم غير مألوف

GMT 15:48 2025 الأحد ,07 كانون الأول / ديسمبر

من يطلق الرصاص؟

GMT 14:44 2025 السبت ,06 كانون الأول / ديسمبر

تاج من قمامة

GMT 12:11 2025 السبت ,06 كانون الأول / ديسمبر

العراق والخطأ الذي كان صواباً!

أجمل فساتين السهرة التي تألقت بها سيرين عبد النور في 2025

بيروت ـ مصر اليوم

GMT 14:44 2025 الأحد ,07 كانون الأول / ديسمبر

بريجيت ماكرون تلتقي الباندا "يوان منغ" من جديد في الصين
  مصر اليوم - بريجيت ماكرون تلتقي الباندا يوان منغ من جديد في الصين

GMT 11:06 2025 السبت ,04 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الجدي السبت 04 أكتوبر / تشرين الأول 2025

GMT 16:54 2025 الخميس ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

تلامذة غزة يستأنفون الدراسة تحت الخيام وسط الدمار

GMT 08:59 2024 الثلاثاء ,23 كانون الثاني / يناير

القمر في منزلك الثاني ومن المهم أن تضاعف تركيزك

GMT 10:48 2025 السبت ,04 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الجوزاء السبت 04 أكتوبر / تشرين الأول 2025

GMT 16:45 2019 الخميس ,04 إبريل / نيسان

أبرز الأحداث اليوميّة عن شهر أيار/مايو 2018:

GMT 12:39 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الحوت الاثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 03:34 2018 الثلاثاء ,17 إبريل / نيسان

استقرار سعر الذهب في الأسواق المصرية الثلاثاء

GMT 05:48 2013 الأحد ,27 تشرين الأول / أكتوبر

كيلي بروك ترتدي ملابس ماري أنطوانيت

GMT 04:24 2021 الثلاثاء ,05 تشرين الأول / أكتوبر

أخبار البورصة المصرية اليوم الإثنين 4 أكتوبر 2021

GMT 15:13 2019 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

زلزال يضرب سواحل إندونيسيا وتحذيرات من وقوع تسونامي

GMT 19:42 2018 الأربعاء ,25 إبريل / نيسان

أربع محطات فنية في حياة مخرج الروائع علي بدرخان

GMT 13:07 2018 الأربعاء ,14 آذار/ مارس

فضل الله والماشطة يوضحان موقف عبدالله السعيد

GMT 06:20 2018 الأربعاء ,14 آذار/ مارس

مؤسس "غوغل" يكشف عن سيارة طائرة بنظام "أوبر"
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche,Achrafieh Beirut- Lebanon
egypt, egypt, egypt