توقيت القاهرة المحلي 08:41:59 آخر تحديث
  مصر اليوم -

صفحة «المنسق».. واستراتيجية التزييف

  مصر اليوم -

صفحة «المنسق» واستراتيجية التزييف

بقلم - جيهان فوزى

تجيد إسرائيل تلميع نفسها من خلال الآلة الإعلامية، صفحة الناطق باسم الجيش الإسرائيلى «أفيخاى أدرعى»، التى تجاوزت آلاف المتابعين، وزادت شهرتها فى السنوات الماضية مثال على ذلك، قرر «أدرعى» مشاركة العرب مناسباتهم الوطنية والدينية والاجتماعية وحتى أزماتهم الاقتصادية والنفسية، ورغم ذلك لم يحظ «أدرعى» بالتأييد المنشود، فهناك كثيرون يقفون له بالمرصاد ويتصدون لأكاذيبه وتزويره، خاصة إذا ما تعلق الموضوع بالفلسطينيين، ورغم ذلك فإن صفحات إسرائيلية عدة أنشئت فى الواقع الافتراضى لتخاطب العرب وتتقرب منهم، وتمدهم بالمعلومات المغلوطة التى تتسق من رواية الاحتلال الإسرائيلى، أملاً فى تبييض صورته وتبرير أفعاله التى ترقى إلى جرائم الحرب، ومن هذا المنطلق فإن لدى وزارة الخارجية الإسرائيلية موقعاً بالعربية وصفحة فيس بوك وتويتر بالعربية أيضاً، وهى ليست الوحيدة، ففى السنوات الأخيرة نلاحظ قفزة كبيرة فى عدد الصفحات الرسمية الناطقة بالعربية وليست موجهة فقط لمليون ونصف المليون عربى فى إسرائيل، إنما للعالم العربى ككل، ولعل أشهر تلك الحسابات هى «أفيخاى أدرعى» الناطق بلسان الجيش الإسرائيلى بالعربية، والمنسق «وأوفير جندلمان» المتحدث بلسان رئيس الوزراء بالعربية، بالإضافة إلى صفحة شرطة إسرائيل بالعربية، وصفحة وزارة التربية، وصفحات متنوعة لمكاتب رسمية بالعربية. وتنشط هذه الصفحات فى أوقات الأزمات والمواجهات، لأنها تعبر عن وجهة النظر الرسمية الإسرائيلية، ومن جهة أخرى تقدم تعليمات وخدمات للمتلقى مثل صفحة «المنسق» فى الأراضى الفلسطينية.

صفحة «المنسق» أصبحت لافتة للنظر بشكل كبير فى الآونة الأخيرة، وتجاوزت ردود فعل الفلسطينيين بالتفاعل معها كل الخطوط الحمراء، نظراً للتسهيلات التى تقدمها، خاصة فيما يتعلق بالعمل داخل إسرائيل، فى ظل الحصار والعزلة والبطالة والفقر المدقع الذى وصلت نسبته إلى 70% فى غزة. تهتم هذه الصفحة بالرد على استفسارات المواطنين بشأن العمال وتصاريح العمل والسفر والخدمات وغيرها، وكان من المدهش أن تلاقى الصفحة رواجاً كبيرا بين رواد التواصل الاجتماعى فى قطاع غزة، واختيارها نموذجاً يثنى عليه! حيث يدخلون على صفحة «المنسق» ربما أكثر من صفحاتهم، لمتابعة كافة القضايا المتعلقة بحياتهم. ردود الفعل والتعليقات التى يرددها الفلسطينيون فى صفحة «المنسق» عبر «فيس بوك»، تدعو إلى وقفة جادة من المسئولين الفلسطينيين، والإحساس بالخطر مما يحدث، ولماذا يحدث؟ ليصل الأمر إلى الإعجاب والتقدير والثناء على المنسق الإسرائيلى! فلا بد من حل لكبح جماح هذه العقول التى اقتنعت لدرجة المديح بمنسق حكومة الاحتلال الإسرائيلى؟! على تسهيلات هى فى الأصل حق للشعب الفلسطينى للعمل بكرامة فى أرضه ووطنه؟! لكن المسئولية لا تقع على عاتق المواطنين فقط، وربما نلتمس لهم العذر بعد التضييق عليهم فى معيشتهم وحياتهم، فلم يجدوا مفراً من اللجوء إلى «المتنفس الخبيث» الذى يبحثون من خلاله عن راحتهم، واستقرار حياتهم، وهى الخديعة الكبرى التى يمارسها الاحتلال الإسرائيلى لتجميل صورته، ويلامس من خلالها مشكلات وأزمات المواطنين وإيجاد الحلول والتسهيلات لهم، وفى الوقت الذى يحاول فيه «أفيخاى أدرعى» ترويج رواية الجيش الإسرائيلى، ويتقرب من المجتمعات العربية ويحشر أنفه فى كل كبيرة وصغيرة تخص العرب والمشاهير والفنانين والأعياد الوطنية، والمناسبات الدينية التى يختتم التهنئة بها بآيات قرآنية، غير آبه بتزويره للحقائق، يكذب ويتجمل، وينشر الأكاذيب بثقة ووقاحة، خاصة فى وقت الحروب والأزمات، والعدوان الممنهج الذى تشنه قوات الاحتلال الإسرائيلى على الفلسطينيين، أصبحت صفحة «المنسق» متنفساً أيضاً لكل طالب إعانة أو حل لمشكلة تتعلق بلقمة العيش.

فمنذ سنوات والاحتلال الإسرائيلى يوجه بوصلته لمتابعة مواقع التواصل الاجتماعى، عبر صفحات افتراضية، أو جهات ناطقة باسم جيش الاحتلال، وتحديداً صفحة أفيخاى والمنسق، وفى الآونة الأخيرة تفاعل عدد كبير من الشباب الفلسطينى والعمال بهذه الصفحات، ظناً منهم أنها تعود عليهم بالنفع أو تزيد من التسهيلات، وتزيل العقبات، هدف الاحتلال الإسرائيلى من هذه الصفحات ابتعاد الشباب عن التمسك بالمقاومة، لأنهم الأكثر انتماء وحماساً لها وإيماناً بها، كى يلتفت للقمة العيش، ويبتعد عن النضال، لذا يجتهد الاحتلال بالعمل على حملة تزييف الواقع وتضليل الوعى، مستغلاً الثقافة الفلسطينية والمناسبات الوطنية والدينية، ليبدأ بكسر حاجز انعدام الثقة بينه وبين الشعب الفلسطينى، ومن خلال تضييق الخناق على قطاع غزة، يصبح الاحتلال ذاته بعد ذلك، هو منفذ التسهيلات والتفاهمات وغيرها، ومن خلالها يتم الترويج لهذه الصفحات، والإشادة بإنجازات الاحتلال -الذى يدس السم فى العسل- بالعمل على مساعدة الفلسطينيين وإيجاد الحلول لأزماتهم المعيشية القاسية. قد لا يكون المشيدون بصفحات المنسق كثيرين، لكن مع ضغوط الحياة وقسوتها قد تتحول إلى ظاهرة لا نتمناها. مطلوب من المسئولين الانتباه ومحاولة الوقوف على هموم وأزمات الناس ومعالجتها بشكل حقيقى، وشىء من الرقابة على مواقع التواصل الاجتماعى حتى لا يخرج الوضع عن السيطرة. الاحتلال الإسرائيلى لا يقدم خدمات مجانية للفلسطينيين، بل يشن حرباً نفسية عبر صفحاته المشبوهة مثل صفحة المنسق، التى يحاول من خلالها اختراق المجتمع الفلسطينى وتغيير توجهاته وأولوياته، وبث سمومه ومحاولة صنع التفرقة بينهم.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

صفحة «المنسق» واستراتيجية التزييف صفحة «المنسق» واستراتيجية التزييف



GMT 20:35 2025 السبت ,08 شباط / فبراير

48 ساعة كرة قدم فى القاهرة

GMT 20:18 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

مؤتمر الصحفيين السادس.. خطوة للأمام

GMT 14:59 2024 الثلاثاء ,03 أيلول / سبتمبر

مشاهد مُستَفِزَّة.. “راكبينكم راكبينكم..”!

GMT 06:36 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

… لأي قائمة يسارية ديمقراطية نصوت ؟!

GMT 06:23 2024 الأحد ,25 آب / أغسطس

ماذا قال يمامة؟

أجمل إطلالات نانسي عجرم المعدنية اللامعة في 2025

بيروت ـ مصر اليوم
  مصر اليوم - مكالمة سرية تكشف تحذيرات ماكرون من خيانة أمريكا لأوكرانيا

GMT 20:14 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر
  مصر اليوم - ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر

GMT 05:43 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الإثنين 01 ديسمبر/ كانون الأول 2025

GMT 01:38 2025 السبت ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

رونالدو يتسلم المفتاح الذهبي للبيت الأبيض من ترامب

GMT 15:45 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 07:30 2025 الخميس ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية مدهشة لعام 2026 ستعيد تعريف متعتك بالسفر

GMT 10:52 2020 الإثنين ,14 كانون الأول / ديسمبر

كل ما تريد معرفته عن قرعة دور الـ 16 من دوري أبطال أوروبا

GMT 11:36 2018 الأربعاء ,03 كانون الثاني / يناير

عبد الحفيظ يكشف انتهاء العلاقة بين متعب والأهلي

GMT 22:15 2017 الأحد ,15 تشرين الأول / أكتوبر

وزير الرياضة يكرم بطل كمال الأجسام بيج رامي الإثنين

GMT 18:12 2020 الخميس ,15 تشرين الأول / أكتوبر

الشرطة المصرية تستعرض قوتها أمام الرئيس السيسي

GMT 22:53 2020 السبت ,25 إبريل / نيسان

إطلالات جيجي حديد في التنورة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche,Achrafieh Beirut- Lebanon
egypt, egypt, egypt