بقلم - حمدي رزق
يستنكف الدكتور «شوقى علام»، مفتى الجمهورية، أسئلة مكرورة تطرح فى المناسبات، يسميها فضيلته «الفتاوى الموسمية»، وهناك ثبت فى دار الإفتاء بهذه الفتاوى التى تلح عليها منصات إلكترونية تقتات على مثل هذه الأسئلة المفخخة.
ومنها: هل يجوز تهنئة المسيحيين بعيد الميلاد المجيد، ويتفرع منها أسئلة مضروبة فى الخلاط السلفى، هل اقتناء شجرة الميلاد حلال، وهكذا دواليك، سؤال ينتهى بسؤال، وسؤال توليد من سؤال، والمفتى فى كل مرة يجيب، لقد ضجر الدكتور علام من الأسئلة المكرورة.
لسان حال المفتى، لَا تُلْحِفُوا فِى الْمَسْأَلَةِ الْمَسِيحِيَّة، والإلحاف بمعنى التَّكرار والإلحاح، وألحف يعنى أَلَحَّ، ومنها اللَّحُوحُ بمعنى الكثيرُ السؤال المديمُه.. لا تكُن لحُوحًا!.
إزاء إلحاح مرضى، لا يمر عيد إلا وسؤال تهنئة المسيحيين حاضرا، مفروض تجاوزنا هذه المرحلة السلفية التى حكم فيها العقل المتسلف المدينة، غادرنا محطة السلفية التمييزية العنصرية إلى محطة المواطنة الكاملة، أو هكذا أعتقد.
الآثار الجانبية للجائحة السلفية لاتزال معدية، والمخلفات السفلية مترسبة فى قاع النهر، والدليل سؤال مكرور، وإجابته متكررة، والعجيب لا السائِل يكف عن السؤال ولا الشيخ يكف عن الإجابة، أَعمى يَقودُ بَصيراً لا أَبا لَكُمُ.
سؤال المسيحيين بات من طقوس العيد، لازم إدخال المسيحى فى جملة مفيدة، واستدعاء الجار المسيحى لإثبات سماحة، لافت فى غالب الأسئلة المنشورة تسييد نظرية «اليد العليا»، باعتبار المسلم يهنئ، ويهدى ويتصدق، والمسيحى متلقى الهبات والنفحات والصدقات.. ومنتظر التهنئة من جاره على بسطة السلم!!.
ما تحمله الأسئلة من استجداء المواطنة، للأسف تعبير عن حالة مرضية تلبست البعض ممن يتبضعون العطف على المسيحيين، وكأن المسيحى ينتظر تحية الصباح من المسلم، والمسلم ينتظر بدوره فتوى من شيخه، وطفل المسلم ينتظر الإذن من والده ليلعب مع صديقه المسيحى، والوالد المسلم ينتظر الإذن من إمامه وهكذا دواليك ندور فى حلقة مفرغة.
وتهنئة المسيحيين مستحبة، وكأن المسيحيين سيؤجلون قداس عيد الميلاد لحين يتحنن عليهم سابع جارٍ مسلم ويعيد عليهم، وطبعا الجار المسلم ينتظر فتوى بجواز تهنئة النصارى!!
متلازمة فتاوى الأعياد والمواسم الدينية باتت مرضية، مع قدوم الأعياد تقام على المنصات السلفية مزادات لجمع الحسنات هل تجوز العيدية للزوجة المسيحية من زوجها المسلم، هل يعيد عليها الزوج المسلم فى عيد الميلاد، هل يصحبها إلى القداس؟.. ويرد مولانا، لا مُشَاحَّةَ فِيمَا تقَدَّمَهُ، وَلاَ مُمَاحَكَةَ فِيهِ، إِنَّهَا وَاضِحَةٌ بَيِّنَةٌ، مُسْتَحَبٌّ والله أعلم.
فى الحالة المجتمعية المصرية ينظرون إلى المسيحى، باعتباره «مفعولا به»، قطب سالب ينتظر العطف والحنية والصدقة والهدية، وكأن المسيحى ربنا سخره للمسلمين ليجمعوا عليه حسنات فى الحياة الدنيا، صدقنى لو عاوز تدخل الجنة صاحب واحد مسيحى، فى كل لفتة حسنة، صبحت عليه، مسيت عليه، عيدت عليه، والحسنة بعشرة أمثالها، تخيل المسيحى للمسلم فى الحياة الدنيا كنز حسنات، بس السلفيين مش فاهمين..أو فاهمين غلط؟!.