توقيت القاهرة المحلي 07:37:49 آخر تحديث
  مصر اليوم -

إفلاس «النهضة» ومراوغاتها

  مصر اليوم -

إفلاس «النهضة» ومراوغاتها

بقلم: د. جبريل العبيدي

«(النهضة) أشد من القتل» شعار رفعه بعض المتظاهرين من الشعب التونسي بمختلف أطيافه السياسية في الشارع ضد حركة «النهضة»، باعتبارها تمثل خطراً على كيان الدولة واستقرارها، من وجهة نظر بعض المتظاهرين، في مقابل صراع أجيال داخل حركة «النهضة» التي تواجه أزمة ثقة داخلياً وخارجياً، بسبب أزمات كثيرة ليس آخرها الاتهام بوجود جهاز سري مسؤول عن الاغتيالات، رغم نفي الحركة المتكرر لوجود هذا الجهاز.
«النهضة» بين شيخين، بين ما يقوله مفكرها عبد الفتاح مورو عن الفصل بين الدعوي والسياسي، ثم الخلط بينهما بتفسيرات مستحدثة مبتدعة لمعنى الدعوي، وبين ما يقوله الغنوشي عن «التخصص في العمل السياسي» وما يفعله راشد الغنوشي من تصرفات صادمة في المجتمع التونسي الحداثي، صاحب التجربة السياسية الحزبية الطويلة، بممارساته الموازية لرئاسة الجمهورية في سابقة خطيرة تخالف الدستور التونسي.
«تونسة النهضة» أم «أخونة تونس»، هو الخيار الصعب الذي تحاول «النهضة» الهروب منه إلى الأمام من دون الإجابة الفاصلة عنه، فالغنوشي يبدو أنه يشعر أن منصب رئيس مجلس النواب أصغر من طموحاته، وبالتالي حاول أن يكون رئيساً موازياً لتونس، الأمر الذي لم تقبله الأحزاب التونسية والنخب الوطنية باستثناء «النهضة» وشركائها التي بررَّت للغنوشي أفعاله.
رئيسة الحزب الدستوري الحر عبير موسي قالت إنَّ «راشد الغنوشي حوَّل البرلمان إلى وسيلة لتنفيذ أجندة إخوانية في المغرب العربي»، وأوضحت «أنَّ مجلس النواب أصبح مزرعة خاصة وشخصية لـشيخ الإخوان».
الغنوشي لم يستطع التخلص من كونه رئيس جماعة أو حركة ليندمج في منصبه الجديد رئيساً لمجلس هو برلمان لكل التونسيين. وهو بكل المقاييس لا يستطيع أن يتنكر لقسمه الذي تعتبره جماعة الإخوان مقدساً والذي يقول فيه العضو: «أضع نفسي تحت تصرف القيادة سامعاً مطيعاً لأوامرها في العسر واليسر والمنشط والمكره، معاهداً على الكتمان وعلى بذل الدم والمال، فإن خنت العهد أو أفشيت السر، فسوف يؤدي ذلك إلى إخلاء سبيل الجماعة منك، ويكون مأواك جهنم وبئس المصير».
«النهضة» مرتبطة فكرياً بجماعة الإخوان العالمية، وهي جماعة مبتدعة دينياً، ومفلسة سياسياً، تخلط ما هو لله مع ما هو لقيصر، مما يشكك في أي انفكاك مقنع ستتخذه «النهضة»، أو أي فريق مرتبط بجماعة الإخوان. وتمسك شيوخ «النهضة» بجماعة الإخوان والتنظيم العالمي والارتباط بها، وعدم القدرة على الانفكاك عنها، رغم الإفلاس والتذبذب السياسي عند الجماعة، مرده ألا خيار لهم، فهم انفضحوا أمام الشعب الذي أصبح لا يثق بهم، مهما حاولوا تلميع صورتهم، ما جعلهم يتشبثون بما هم فيه من أجل البقاء، رغم خسارتهم ليس فقط الصندوق الانتخابي، فالجماعة المبنية على التنظم، استخدمت التقة في التزلّف والتضليل والتزور.
التلاعب بالمصطلحات والتحول من طور إلى طور هو دأب هذه الجماعة، وقد سمعنا ما قاله شيخ «النهضة» الثاني عبد الفتاح مورو الذي بيَّن: «قرّرت الانسحاب من العمل السياسي والانصراف إلى مشاغل أخرى لها علاقة بالشأن العام»، وإن كنا لا نعرف مفهوم «الشأن العام» عند مورو بمعزل عن السياسة، إلا إذا كان الشأن العام عند مورو هو بمثابة ترك الباب موارباً للدخول للسياسة منه مرة أخرى، في حال اقتضت «المصلحة» ذلك، خصوصاً أنه سبق لمورو أن «استقال» من «النهضة» في عام 1991، عام التصادم مع الرئيس بن علي ليعود إليها مع «الربيع» العربي.
«النهضة» اليوم ما بين شيخ تراجع هو عبد الفتاح مورو وشيخ آخر هو الغنوشي لا يزال ممسكاً بالكرسي، رغم رفضه حتى من عدد لا يستهان به من جماعته، في ظل انقسامات واستقالات وجمع توقيعات داخل «النهضة» رافضة للغنوشي، فهل ستخلع «النهضة» عباءة جماعة «الإخوان»؟ أم ستستخدم التقية للبقاء تحت عباءة الجماعة المرتبطة بها كأفراد ببيعة؟.
لا أظن أنه من السهولة بمكان التخلص منها، ما دامت «النهضة» لا تزال رهينة لشيوخها الحاليين، وإن كانت هناك بوادر انشقاقات رافضة لزعامة الغنوشي الثالثة للحركة، التي ليس من مصلحتها «السياسية» التجديف ضد التيار التونسي الوطني لصالح جماعة خارج الوطن.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إفلاس «النهضة» ومراوغاتها إفلاس «النهضة» ومراوغاتها



GMT 23:29 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحو قانون متوازن للأسرة.. بيت الطاعة

GMT 23:27 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحن عشاق «الكراكيب»

GMT 23:25 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

التوت و«البنكنوت»

GMT 20:38 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

الصفقة مع ايران تأجلت... أو صارت مستحيلة

GMT 07:51 2021 السبت ,11 أيلول / سبتمبر

الملالي في أفغانستان: المخاطر والتحديات

GMT 00:49 2024 الثلاثاء ,30 إبريل / نيسان

محمد ثروت ينضم لـ«عصابة المكس» بطولة أحمد فهمي
  مصر اليوم - محمد ثروت ينضم لـ«عصابة المكس» بطولة أحمد فهمي

GMT 09:48 2020 الإثنين ,28 أيلول / سبتمبر

أستون فيلا ضيفًا على فولهام في الدوري الإنجليزي

GMT 23:11 2020 الثلاثاء ,08 أيلول / سبتمبر

البورصة العراقية تغلق التعاملات على تراجع

GMT 10:11 2020 الإثنين ,24 آب / أغسطس

عبد السلام بنجلون يتعافى من كورونا

GMT 20:36 2020 الأربعاء ,22 تموز / يوليو

حصيلة وفيات كورونا في المكسيك تتخطّى 40 ألفاً

GMT 21:47 2019 الخميس ,26 كانون الأول / ديسمبر

باسم مرسى يشعل السوشيال ميديا بصورة مع زوجته وابنته
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon