توقيت القاهرة المحلي 03:39:18 آخر تحديث
  مصر اليوم -

هذا ليس وقته

  مصر اليوم -

هذا ليس وقته

بقلم - سوسن الشاعر

الكتابة في وقت الأزمات العربية تعد عملاً انتحارياً لأي كاتب يريد أن يستخدم أدوات المنطق، بغض النظر عن النتائج التي سيصل إليها، فالجمهور العربي لن يسمح له، إذ هو من يحدد له وقت استخدام عقله، وغالباً «هذا ليس وقته».

لذلك ومن وجهة نظري فإن الجمهور العربي هو أكثر الجماهير سهولة للانقياد، ولا يحتاج إلى عناء كبير في استدراجه، ما عليك إلا أن تجاري مزاجه ودع عنك البحث عن طريق أو مخرج أو حل «فهذا ليس وقته»، لأنه جمهور يعتقد أنه ليس بحاجة لعقل ومنطق وتحليل وقت الأزمات أو وقت المشاركات الجماعية، إنه جمهور يبحث الانسجام عن الراحة الفكرية في مثل تلك الأوقات، فإن كان غاضبا فعلى الجميع أن يسايره، وإن كان فرحا فعلى الجميع أن يسايره أيضا، فإن شذ أي صوت عن مزاجه العام فسيسمع ردا واحدا يتكرر كل مرة «هذا ليس وقته»، والمصيبة أنه جمهور لا يعرف متى هو الوقت المناسب؟

خذ على سبيل المثال الوضع الآن مع أحداث غزة، المزاج العربي العام لا يريد إلا أن يسمع الصوت الوحيد المسموح به الآن وهو لمن يسيء إلى المسؤولين العرب، ويسب إسرائيل، ويضعهما في خانة واحدة، فهما المسؤولان عن آلام أهل غزة، الإسرائيليون لأنهم يقتلون أطفال غزة والمسؤولون العرب لأنهم لا يحاربون الإسرائيليين.

أي صوت لا ينضم لهذه الجوقة وله نوتة مختلفة سيسمع ردا جماعيا بأن «هذا ليس وقته».

حاول أن تحلل الوضع وتستشرف المستقبل في ضوء المعطيات الواقعية، حاول أن تبحث عن دور لإيران مثلا أو عن ثمن ما فعلته «حماس»، ستسمع ردا واحدا «هذا ليس وقته».

اقرأ التعليقات على مقالات الرأي ستجد أغلبها لا يريد أن يسمع رأيا يبتعد عن المزاج العام أنملة واحدة، عليك أن تجاريه وإلا فصوتك مرفوض ومقموع بل وتكال لك التهم ولمن يقف وراءك ولدولتك ولقيادتك، فإما أن تساير المزاج العام وإلا فعليك أن تلتزم الصمت.

أي صوت يفتح الآن للبحث عن مخارج لهذه الكارثة مرفوض، فهذا ليس وقته، أي صوت يسأل أين الحل؟ مرفوض فهذا ليس وقته.

المزاج العام لا يريد إلا أن يسمع ما يريح نفسيته وما ينسجم معها، أذنه لا تستسيغ أن تسمع إلا ما يؤكد حقه في التوغل في ذلك المزاج واستمراره، إن كتبت مقالا، إن تحدثت في لقاء، حتى إن غنيت فعليك أن تطرب المزاج العام، الكل يجب أن يساير المزاج العام.

من يستخدم عقله، من يحاول أن يفهم، من يشغل ماكينة المنطق، سيمنع، سيهاجم، سيقمع، «فهذا ليس وقته»، أي صوت يخالف المزاج العام يجعلك صهيونيا متخاذلا، وربما خائنا!

لذلك فإن الكتابة بالعربي إن كانت مختلفة عن المزاج العام فهي عمل انتحاري عن سبق إصرار وترصد في مواجهة المزاج العام، أما المأساة الحقيقية فهي تلك المفارقة التي تتباكى فيها الجماهير العربية على حقها التعبيري المسلوب!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

هذا ليس وقته هذا ليس وقته



GMT 20:59 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

فعلًا “مين الحمار..”؟!

GMT 11:07 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

الشيخان

GMT 11:05 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

مستقبل الردع الأميركي تقرره روسيا في أوكرانيا

GMT 11:03 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

لماذا الهُويّة الخليجية؟

GMT 10:58 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

هل تعود مجوهرات اللوفر المسروقة؟

GMT 10:51 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

البابا ليو: تعلموا من لبنان!

GMT 10:48 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

الطبع الأميركي يغلب التطبع!

GMT 10:27 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

من «ضد السينما» إلى «البحر الأحمر»!!

أجمل إطلالات نانسي عجرم المعدنية اللامعة في 2025

بيروت ـ مصر اليوم
  مصر اليوم - مكالمة سرية تكشف تحذيرات ماكرون من خيانة أمريكا لأوكرانيا

GMT 20:14 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر
  مصر اليوم - ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر

GMT 05:43 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الإثنين 01 ديسمبر/ كانون الأول 2025

GMT 01:38 2025 السبت ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

رونالدو يتسلم المفتاح الذهبي للبيت الأبيض من ترامب

GMT 15:45 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 07:30 2025 الخميس ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية مدهشة لعام 2026 ستعيد تعريف متعتك بالسفر

GMT 10:52 2020 الإثنين ,14 كانون الأول / ديسمبر

كل ما تريد معرفته عن قرعة دور الـ 16 من دوري أبطال أوروبا

GMT 11:36 2018 الأربعاء ,03 كانون الثاني / يناير

عبد الحفيظ يكشف انتهاء العلاقة بين متعب والأهلي

GMT 22:15 2017 الأحد ,15 تشرين الأول / أكتوبر

وزير الرياضة يكرم بطل كمال الأجسام بيج رامي الإثنين

GMT 18:12 2020 الخميس ,15 تشرين الأول / أكتوبر

الشرطة المصرية تستعرض قوتها أمام الرئيس السيسي

GMT 22:53 2020 السبت ,25 إبريل / نيسان

إطلالات جيجي حديد في التنورة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche,Achrafieh Beirut- Lebanon
egypt, egypt, egypt