توقيت القاهرة المحلي 16:07:05 آخر تحديث
  مصر اليوم -

كنت فى الرقة

  مصر اليوم -

كنت فى الرقة

بقلم: خالد منتصر

«كيف يتحول شاب رقيق ما زال يخطو أولى خطواته على درب الحياة إلى سلفى جهادى منخرط فى أخطر تنظيم دموى عرفه التاريخ؟!»..

سؤال طالما بحثنا عن إجابته بفضول وشغف، لم تكن تكفينى أو تشبعنى أطنان الدراسات الأكاديمية الصادرة من مراكز دراسات تعتمد على إحصائيات رقمية باردة تنقصها حرارة الواقع ولهيبه، كنت أبحث عن شهادة شاب انضم لداعش يحكى بالتفاصيل وبكل صدق عن تلك التجربة التى فيها مناطق إنسانية أليمة وتغيرات فجائية حادة مباغتة، ليس أفضل من نبض الواقع ومرارته كبصمة شهادة وتوثيق لتلك التجربة الفريدة، وجدت ضالتى فى كتاب «كنت فى الرقة» للباحث التونسى هادى يحمد، الكتاب مهم فى رصد هذا التحول الدراماتيكى، أهميته نابعة من أن بطله شاب تونسى اسمه محمد الفاهم، تركيبة فريدة وسبيكة إنسانية معبرة تقربنا من حل اللغز وفهم الشفرة، الشاب تونسى وهذا الانتماء وتلك الجنسية تحمل علامة استفهام كبيرة طوال رحلتك مع صفحات الكتاب، تونس تلك البقعة العلمانية المستنيرة فى صحراء العرب والتى حصلت فيها المرأة على مكتسبات تحسدها عليها كل النساء الناطقات بالضاد، تلك البلد التى بدأت الربيع العربى والتى كسر مثقفوها تابوهات لا يستطيع مثقفو معظم البلاد العربية مجرد الاقتراب منها.

المدهش أن أكثر المنتمين لداعش هم من شباب تونس!!، سؤال يحاول الكتاب الإجابة عنه، خاصة أن هذا الشاب عاش طفولته فى ألمانيا وهذا يطرح سؤالاً أخطر عن الجيل الثانى الذى يعيش فى أوروبا وهو كاره لثقافتها ويتمنى تفجيرها!، أخطر ما يضيفه الكتاب لمعلوماتنا هو أن التوانسة هم أشرس الدواعش!، وهذه المعلومة التى صعدت إلى مرتبة الحقيقة يعرفها جنود داعش أنفسهم، لدرجة أنهم كانوا يحمون العوام من قسوتهم!

كيف تشكل هذا العقل وذلك الوجدان، رحلة فى منتهى القسوة والغرابة، البداية غربة فى بلد المهجر ألمانيا، ثم العودة إلى مدينة نابل فى تونس حيث تتكرر الغربة فى شكل تناقض ما بين التنافس فى مسابقات حفظ القرآن وبعض أشكال العربدة والمجون، تمزق وصراع، حادثة عارضة يلتقى فيها مع القبضة الحديدية للأمن هناك فى زمن بن على، مرارة السجن والتعامل اللاإنسانى، إلحاح شديد على فكرة الهجرة الثانية، محاولات مستمرة وفاشلة للهروب عن طريق الجزائر، إلى أن ينجح فى المرور عبر ليبيا ثم إلى تركيا ثم إلى حيث تسيطر داعش، حيث يولد من جديد بعد أن تصادر بطاقات الهوية والملابس والهواتف وتتم عملية ولادة جديدة.

تفاصيل الذبح والقتل والحرق والرعب داخل داعش للمارقين أبشع منها ضد أعدائهم، يحكى «الفاهم» عن قصص التكفير الداخلية التى تبدأ بتكفير المذهب المخالف ثم التنظيم المخالف كتنظيم القاعدة ثم تنتهى إلى داخل تنظيم داعش مع انفجار الجدل حول رفض العذر بالجهل الذى فتح أبواب جهنم التكفيرية.

يحكى عن نظام السبايا وكيفية التعامل مع المرأة كأداة جنس فى القطيع، ثم يحكى عن صدمته بعد معارك قتال دامية، ومحاولات الهرب والخروج من داعش، وهى حكايات مرعبة تحتاج كتاباً منفصلاً.

الكتاب فى غاية الأهمية لمن يريد التعرف عن قرب على هذا التنظيم الدراكولى الذى يعيش فى زمن الكهوف عقلاً وفى زمن الإنترنت جسداً.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

كنت فى الرقة كنت فى الرقة



GMT 23:29 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحو قانون متوازن للأسرة.. بيت الطاعة

GMT 23:27 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحن عشاق «الكراكيب»

GMT 23:25 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

التوت و«البنكنوت»

GMT 20:38 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

الصفقة مع ايران تأجلت... أو صارت مستحيلة

GMT 07:51 2021 السبت ,11 أيلول / سبتمبر

الملالي في أفغانستان: المخاطر والتحديات

أجمل إطلالات الإعلامية الأنيقة ريا أبي راشد سفيرة دار "Bulgari" العريقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 15:09 2024 الخميس ,16 أيار / مايو

«عادل إمام» الحاضر الأقوى في سينما 2024
  مصر اليوم - «عادل إمام» الحاضر الأقوى في سينما 2024

GMT 19:30 2018 الأربعاء ,24 كانون الثاني / يناير

طريقة إعداد ورق عنب مع كوسا وريش

GMT 08:40 2014 الأربعاء ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

التونة والدجاج تساعدان في زيادة خصوبة الزوجين

GMT 08:42 2017 الإثنين ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

ريم البارودي تبدو أنيقة في بدلة وردية اللون

GMT 05:38 2017 السبت ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

الدكتور محمود الموجي يُبيّن أسباب رائحة الفم الكريهة

GMT 20:55 2014 الخميس ,14 آب / أغسطس

استقرار اﻷوضاع اﻷمنية في شوارع الأقصر

GMT 05:44 2015 السبت ,03 تشرين الأول / أكتوبر

طريقة عمل مربى التفاح بالقرفة

GMT 16:29 2021 الإثنين ,11 تشرين الأول / أكتوبر

شركة سكودا تطلق الجيل الجديد من موديل سوبيرب

GMT 11:12 2021 الجمعة ,03 أيلول / سبتمبر

حمو بيكا يدعم طفلة مريضة سرطان ويقدم لها هدية
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon