توقيت القاهرة المحلي 21:56:12 آخر تحديث
  مصر اليوم -

بورتريه د. ثروت عكاشة بريشة د. أحمد عكاشة

  مصر اليوم -

بورتريه د ثروت عكاشة بريشة د أحمد عكاشة

بقلم : خالد منتصر

فى مئوية د. ثروت عكاشة لن نجد أفضل من شقيقه رائد الطب النفسى د. أحمد عكاشة، ليرسم لنا بورتريه شخصية هذا الرائد الثقافى الكبير من خلال قلمه وريشته المبدعة، هذه الكلمات من ذكريات المحاضرة التى ألقاها د. ثروت فى صالون د. أحمد عن الفن والتطهر النفسى، كتب د. أحمد عكاشة: هناك سمات فى شخصية ثروت لا يعرفها الكثيرون عنه، فعادة ما يتّجه إدراك الناس إلى أن الفنان يعيش حياة عشوائية لا يفكر فى الغد، وأنه غير منظم ويأتى إنتاجه خلال لحظة إلهام، وأنه كى يخلق فناً ينبغى عليه الانتظار حتى يهبط عليه الوحى أو تنزل عليه «العصفورة» وأنه يتميز برومانسية غير واقعية ولكن إذا نظرنا إلى سمات ثروت «المثابرة - الإصرار - العمل الجاد - امتصاص الثقافة وهضمها بكل أنواعها»، لوجدنا أنه يعمل حتى انتقاله، ما لا يقل عن ثمانى إلى عشر ساعات يومياً.

إن التناقض الشديد فى سماته بين الرومانسية والواقعية والخيال والدوجماتية والإبداع الفنى مع الالتزام الشديد بالدقة والتفاصيل والموضوعية يشير إلى أننا أمام فنان فى ثوب عالم، نقول فى مجال العلوم العصبية والنفسية إن الفص السائد فى مخ هؤلاء الذين يكتبون بأيديهم اليمنى هو الفص الأيسر، وهو الفص المسئول عن المنطق والسببية والتنفيذ والواقعية، أما الفص الأيمن فهو المسئول عن «الزمن - المسافات - التذوق الجمالى - إدراك المشاعر»، وكأنما الفص الأيسر هو فص العالم، والفص الأيمن هو فص الفنان، وعادة ما يتميز الإنسان بتغلب أحد الفصين على الآخر، ولكننا نكتشف عند «ثروت» سيادة الفصين وإلا فكيف نفسر نشأته كضابط فى سلاح الفرسان، وخوضه حرب 1948 مع الولع الشديد بالاستماع إلى الموسيقى الكلاسيكية؟ وكيف يكتب كتاباً عن الحرب الميكانيكية وفى الوقت نفسه يترجم رومانسيات «جبران خليل جبران» إلى العربية؟ كيف يكتب عن «جنكيز خان»، ثم يصدر كتاب «مولع بفاجنر»؟ كيف يترجم فن الهوى لـ«أوفيد» ويعقبه كتاب عن منمنمات الفنان الواسطى من خلال مقامات الحريرى؟

وكيف أن موسوعاته «العين تسمع والأذن ترى» -وهذا العنوان يحمل فى رأيى المعنى العميق للتذوق الفنى- فالبعض يقول إن الحواس الخمس تعمل فى وقت واحد عندما يهز إدراك الفن وتذوقه النفس البشرية. التذوق الفنى يجعل براعم التذوق فى الفن تحس بالشعر، وتجعل العين تبصر الموسيقى، وتجعل الأذن ترى الصورة، وتجعل حاسة الشم تشبع بالصورة واللحن، وأخيراً حتى حساسية الجلد تصبح هدفاً للتذوق الفنى، أى أن الإنسان الذى يستطيع أن يسمع ويبصر ويشم ويتذوق ويحس بالموسيقى هو الذى يحقّق الإشباع الفنى ويبلغ مرحلة تحقيق الذات.

أثناء قيامه بعمله فى باريس كان يتقدّم لرسالة الدكتوراه فى الأدب العربى من جامعة السوربون عن «ابن قتيبة». هذا هو المقصود من سردى المطول كى أصل إلى تحليل شخصية «ثروت»: «التناقض والتفانى مع قطبى الواقعية والوطنية والرومانسية والإنسانية، وقد ترك ثروت منصبه كوزير للثقافة مرتين، كان بينهما رئيساً لمجلس إدارة البنك الأهلى، حيث جعل البنك يقتنى أجمل اللوحات المصوّرة والمنحوتات المصرية، وتبنى عدة مواقف ثقافية كمعظم البنوك العالمية.

إن هذه الأمثلة تعزّز سيادة فصى مخ ثروت: الفص الأيسر، العالم الدقيق الموضوعى المنظم المثابر الجاد، مع الفص الأيمن، الفنان الرومانسى الشاعرى المتذوق للفن بفروعه كافة، من موسيقى إلى أدب إلى شعر إلى تصوير إلى نحت، إلى الفروسية والشهامة والحفاظ على الكرامة، وهو التباين أو التناقض الذى لم أجده خلال احترافى للسلوك الإنسانى لمدة ستين عاماً، لم أجد هذا التزاوج بين الواقعية والرومانسية أو هذا التناغم بين الرقة والشهامة، لقد ضحى «ثروت» بالصورة الاجتماعية والإعلامية فى سبيل التحقيق من الجدية والكيف، حيث كانت علاقته بالإعلام خلال فترة توليه مسئولية وزارة الثقافة، لا تتمتع بما يقال عنه اليوم من التلميع الإعلامى!!

 

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

بورتريه د ثروت عكاشة بريشة د أحمد عكاشة بورتريه د ثروت عكاشة بريشة د أحمد عكاشة



GMT 20:04 2024 الأحد ,21 إبريل / نيسان

إيران وإسرائيل والمسرحية.. والمتفرجون

GMT 03:13 2024 السبت ,20 إبريل / نيسان

تواصل جاهلي

GMT 03:10 2024 السبت ,20 إبريل / نيسان

«عاشوراء» إيرانية في سماء إسرائيل

GMT 03:04 2024 السبت ,20 إبريل / نيسان

الحلّاق الإيراني ورقبة السلطان

GMT 02:57 2024 السبت ,20 إبريل / نيسان

هل تمنع أميركا حرباً إقليمية؟

GMT 21:32 2022 السبت ,22 تشرين الأول / أكتوبر

التحقيق في سرقة قطع أثرية من متحف كلية آثار جامعة سوهاج

GMT 12:25 2022 الأحد ,16 تشرين الأول / أكتوبر

بيرسي تاو ينتظم في تدريبات الأهلي الجماعية بشكل كامل

GMT 13:41 2021 الثلاثاء ,23 شباط / فبراير

تعرّفي على أهمية الـ"فنغ شوي" في غرفة المعيشة

GMT 11:16 2019 الخميس ,10 تشرين الأول / أكتوبر

الثقافة تنظم فعاليات وأنشطة فنية بأبو سمبل وكوم أمبو

GMT 15:31 2017 الأربعاء ,06 كانون الأول / ديسمبر

سيميوني يشيد بلاعبي أتلتيكو رغم الخروج من دوري الأبطال

GMT 00:14 2017 الثلاثاء ,05 كانون الأول / ديسمبر

طارق العشري مديرا فنيا لنادي وادي دجلة

GMT 15:59 2017 السبت ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

اغتيال البراءة 27 طفلاً ضمن ضحايا مسجد الروضة في بئر العبد

GMT 05:53 2015 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

جيجي حديد تسرق الأنظار في عرض أزياء المصمم جيامباتيستا فالي

GMT 09:10 2017 الجمعة ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

WHITEHALL تقدّم مجموعة من الأقراط الماسية بمناسبة الأعياد

GMT 00:02 2023 الأربعاء ,25 كانون الثاني / يناير

جاريث بيل يعلن رسميا مشاركته فى بطولة كاليفورنيا للجولف

GMT 18:17 2022 الأحد ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

شرم الشيخ التي لم نعرفها من قبل

GMT 09:29 2021 السبت ,09 تشرين الأول / أكتوبر

دراسة تكشف عن علاقة الاضطرابات النفسية بتغيرات المناخ
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon