توقيت القاهرة المحلي 04:55:55 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الوجود والعزاء

  مصر اليوم -

الوجود والعزاء

بقلم: خالد منتصر

الفيلسوف المغربى سعيد ناشيد هو أديب اختطفته الفلسفة، وفنان سرقته الأكاديمية، كلما قرأت له كتاباً أتخيله روائياً فى صومعته، فناناً تشكيلياً أو نحاتاً فى مرسمه، أو موسيقياً فى قاعة أوبرا، رشاقة لغته، ومنطق صياغته، وصفاء تأمله، تجعلنى دائماً أبحث عن كتبه فور أن تصدر، لذلك كانت سعادتى غامرة بكتابه الأخير الصادر عن دار التنوير «الوجود والعزاء، الفلسفة فى مواجهة خيبات الأمل»، وأعتبره من أهم الكتب التى صدرت فى سنة ٢٠٢٠ على مستوى العالم العربى كله، الكتاب ببساطة عزاء للنفس البشرية التى تؤجل وتعطل وتشل حياتها، وتتنازل عن متع وبهجة فى سبيل مجهول لا ضمان له، وخوف لا حياة معه، وأفضل عرض للكتاب هو فتح شهيتكم لقراءة لا غنى عنها له، باقتباسات سريعة متفرقة تستفز علامات استفهام وتضىء ظلمات مسكوتاً عنها، فلنبدأ الرحلة مع المبدع المغربى الحكيم سعيد ناشيد، يقول «ناشيد» فى كتابه:

ليس دور الفيلسوف أن يقاتل الأحلام، ولكن أن يعيد صياغة الحلم بحيث يساعدك على التفكير والعيش.

دور الفلسفة ليس أمل الخلاص ولكنه العزاء.

أن نعيش جيداً معناه أن نأمل قليلاً ونعشق كثيراً.

الخوف يصيب الروح بالذبول والحضارة بالأفول.

الشر موجود بشكل جذرى، لا يمكننا إنكاره، ولا تبريره، المتاح هو أن نفهمه بالمعرفة، ونقاومه بالحلم، ونتحمله بالحكمة.

من الممكن التحرر من الخوف من الموت، لكن لا يمكن أن نتحرر من الحزن.

الفلسفة تعلمنا العزاء باستبعاد الرهان على وجود خلاص نهائى، كل ما على الإنسان فعله هو أن يتحمل شرطه التراجيدى بمروءة وشهامة، بعيداً عن نهايات قصص الأطفال السعيدة التى تضعف قدرة الإنسان على الحياة.

إننا لا نملك غير هذا العالم بشقائه وآلامه وشروره، وفى لحظات السقوط لن تنفعنا غير أيادينا، وانطلاقاً من هذه الخيبة الجذرية نعاود البناء.

علينا أن نتعلم مثل بعض الروائيين كتابة المشهد الأخير من الرواية، أثناء التعاطى مع المشهد الأخير لا ننتظر أى شىء، بل نواصل السباحة فى نهر الحياة الجارى، نسبح بالعرض والعمق والارتفاع.

ليس دور الفلسفة أن تنقذنا من الموت، بل تعلمنا كيف نستسلم للفناء بطمأنينة.

علينا أن نتمرن على اعتبار الحياة مجرد لعبة لا نفتش فيها عن الجدوى.

الخوف من الموت هو المصدر الأول للأوهام التى تشل القدرة على التفكير، وهو المصدر الأول للشقاء الذى يضعف القدرة على الحياة، والمصدر الأول للعنف الذى يعيق القدرة على العيش المشترك.

رمم كينونتك مثلما ترمم أسنانك المسوسة، رمم عكاز الذات، استثمر معطيات الشيخوخة بشكل إيجابى، هناك أزهار لا تزهر إلا فى فصل الخريف.

الشفقة تشعرنا بالشقاء والحزن، الرحمة تثير مشاعر التضامن.

نحن نعيش الحلقة الأخيرة من أفول الأوثان.

حولنا الحياة لمحطات انتظار، الحياة صارت قاعة انتظار كبرى ينسى فيها الإنسان حاضره وكينونته.

المنسيون هم الموتى الحقيقيون.

«قد ينتهى مقاتل الوحش بأن يصبح هو الوحش».. نيتشه.

الفرصة مواتية لتحقيق سكينة بلا مسكنات، ومتعة بلا أوهام، وسعادة بلا أكاذيب.

لكى يسترجع الدين مشروعيته الأخلاقية يحتاج إلى ثلاثة إجراءات إصلاحية:

1- يجب أن يكف الخطاب الدينى عن إثارة مشاعر الخوف، وأن ينقل علاقتنا مع الله من حالة الهلع والفزع والجزع، إلى حالة المحبة والعشق والشوق.

2- يجب أن يكف الخطاب الدينى عن إثارة مشاعر الحزن، وملء نفوس الناس بأحاسيس الإثم والذنب والندم، الانتقال من نمط تدين سوداوى ومتجهم إلى نمط تدين احتفالى ومبهج.

3- يجب أن يكف الخطاب الدينى عن إثارة مشاعر الكراهية، تقويض الجهاز المفاهيمى الحاضن لثقافة الحقد والحسد والغيرة والضغينة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الوجود والعزاء الوجود والعزاء



GMT 23:29 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحو قانون متوازن للأسرة.. بيت الطاعة

GMT 23:27 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحن عشاق «الكراكيب»

GMT 23:25 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

التوت و«البنكنوت»

GMT 20:38 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

الصفقة مع ايران تأجلت... أو صارت مستحيلة

GMT 07:51 2021 السبت ,11 أيلول / سبتمبر

الملالي في أفغانستان: المخاطر والتحديات

هيفاء وهبي بإطلالات باريسية جذّابة خلال رحلتها لفرنسا

القاهرة - مصر اليوم
  مصر اليوم - موناكو وجهة سياحية مُميّزة لعشاق الطبيعة والتاريخ

GMT 16:28 2024 الأربعاء ,17 إبريل / نيسان

أنواع من الفواكه تحتوي على نسبة عالية من البروتين
  مصر اليوم - أنواع من الفواكه تحتوي على نسبة عالية من البروتين

GMT 00:01 2024 الخميس ,18 إبريل / نيسان

نيقولا معوض بطل النسخة العربية لمسلسل امرأة
  مصر اليوم - نيقولا معوض بطل النسخة العربية لمسلسل امرأة

GMT 16:13 2024 الأربعاء ,17 إبريل / نيسان

"فولكس واغن" أبوظبي تُمدّد عروضها الرمضانية
  مصر اليوم - فولكس واغن أبوظبي تُمدّد عروضها الرمضانية

GMT 00:48 2020 الخميس ,28 أيار / مايو

محمد رمضان يتصدر مؤشرات محرك البحث "غوغل"

GMT 23:26 2020 الجمعة ,17 إبريل / نيسان

السنغال تُسجل 21 إصابة جديدة بفيروس كورونا

GMT 11:27 2020 الإثنين ,02 آذار/ مارس

مجلة دبلوماسية تهدى درع تكريم لسارة السهيل

GMT 12:58 2019 الثلاثاء ,10 كانون الأول / ديسمبر

خطوات تضمن لكٍ الحصول على بشرة صافية خالية من الشعر

GMT 16:39 2019 الأربعاء ,19 حزيران / يونيو

الحكومة المصرية تحصل على منح بـ 635 مليون جنيه
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon