توقيت القاهرة المحلي 11:34:42 آخر تحديث
  مصر اليوم -

سلام أفغانستان يفجّر الوضع في كشمير!

  مصر اليوم -

سلام أفغانستان يفجّر الوضع في كشمير

بقلم: هدى الحسيني

أشاد رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي، بـ«الحقبة الجديدة» في منطقة كشمير المتنازع عليها، في حين حذّر نظيره الباكستاني عمران خان من «الإبادة الجماعية» بمجرد رفع فرض حظر التجول المطبق لسحق الاحتجاجات بعدما ألغت الهند الحكم الذاتي المطبق منذ 7 عقود. وتأتي التوترات المتصاعدة في وقت حرج لنزاع آخر طويل الأمد، إذ تقترب الولايات المتحدة من التوصل إلى اتفاق مع «طالبان»، ودعم كل من الهند وباكستان أمر حاسم لتحقيق السلام الدائم في أفغانستان.
يعد نزاع كشمير أحد أقدم الصراعات على جدول أعمال الأمم المتحدة، إذ يعود الصراع بين الهند وباكستان إلى زمن تقسيم القارة الهندية عندما تم إعطاء الولايات الأميرية خيار الانضمام بحرية سواء للهند أو لباكستان.
بعد الانسحاب البريطاني في نهاية عام 1947 شنت الهند وباكستان حرباً على كشمير، وفي وقت لاحق نقلت الهند القضية إلى الأمم المتحدة عام 1948، بعد أيام من المناقشات أصدر مجلس الأمن قراراً مفصلاً في 21 أبريل (نيسان) 1948 واقترحت خلاله الأمم المتحدة إجراء استفتاء عام نزيه وغير متحيز، وتقرر كذلك تعيين لجنة وإرسالها إلى شبه القارة الهندية لتقديم التوصيات اللازمة لحل النزاع. وكررت القرارات اللاحقة حق الكشميريين في تقرير مصيرهم عبر استفتاء محايد، معززةً بذلك قرار مجلس الأمن. نتيجة لذلك تم تحقيق وقف إطلاق النار بين الدولتين الذي رعته الأمم المتحدة في الأول من يناير (كانون الثاني) 1949 وتم إعلان خط وقف إطلاق النار «كخط السيطرة». ومن أجل تجريد كشمير من السلاح التزمت باكستان بالجزء المتعلق بها كسحب قواتها من المنطقة، لكن الهند لم تسحب قواتها ولم تُجرِ استفتاءً. ولو تم في ذلك الوقت انسحاب قوات البلدين من كشمير لكان الوضع مختلفاً الآن.
اللافت للانتباه أنه لا باكستان ولا كشمير إنما الهند هي التي نقلت نزاع كشمير إلى الأمم المتحدة، لذلك فإن المزاعم الهندية اليوم بأن كشمير «مسألة داخلية» لا أساس لها على الإطلاق.
إن السبب وراء إنهاء الهند الآن للوضع الخاص لجامو وكشمير هو بسبب التغييرات الإقليمية التي ستنتج بعد اتفاق الولايات المتحدة مع «طالبان»، الذي يعطي باكستان اليد العليا. يشير تحرك الهند لإنهاء الوضع الخاص لكشمير إلى أن الحكومة تستعد للتحولات الجغرافية الخطيرة التي ستبرز خلال الأشهر القليلة المقبلة.
بعد فترة وجيزة من عرض آميت شاه وزير الداخلية في الاتحاد، قضيته لتحويل كشمير إلى إقليم في اتحاد الأراضي الهندية، ذكرت رسالة من الممثل الخاص للولايات المتحدة زلماي خليل زاد، أن محادثاته مع «طالبان» في الدوحة (قطر) حققت «تقدماً كبيراً» وأنه يتجه إلى دلهي لتحقيق توافق أكبر في الآراء لصالح السلام في أفغانستان.
من جهتها نبّهت حركة «طالبان» نشطاء السلام في أفغانستان إلى أنه، حتى الآن، تم الانتهاء من اتفاق مع الولايات المتحدة ومن المتوقع أن يوقّع الجانبان عليه. في وقت سابق أرادت «طالبان» أن تنسحب الولايات المتحدة خلال تسعة أشهر، لكن الولايات المتحدة وبعد نوبات متعددة، استقرت على مدة 15 شهراً. هذا يعني أن الانسحاب الأميركي من أفغانستان سيكون بطاقة الحملة الرئيسية للرئيس دونالد ترمب في انتخابات نوفمبر (تشرين الثاني) 2020.
سوف يكون تأثير اتفاق السلام هذا بين «طالبان» والولايات المتحدة محسوساً في جنوب آسيا وفي منطقة غرب آسيا، وسيكون بمثابة اعتراف جاهز بأن سياسة الرئيسين جورج بوش الابن وباراك أوباما في أفغانستان خلال العقدين الماضيين قد فشلت وأن «طالبان» ستكون هي الفائزة في حرب أفغانستان.
سيكون هذا أيضاً علامة بارزة لباكستان، وهو ما يفسر جزئياً الهدوء الذي حافظ عليه عمران خان رئيس الوزراء الباكستاني، بشأن كشمير، إذ اكتفى بطرد السفير الهندي من إسلام آباد ووقف التجارة مع الهند، وهذه لا تتجاوز الملياري دولار.
يوضح موقف خان أن باكستان تنتظر بفارغ الصبر حتى تبرز صفقة أكبر «استثماراتها الاستراتيجية (طالبان) مع واشنطن».
لدى «طالبان» سابقة تاريخية تعود إلى الثمانينات من القرن الماضي. في عام 1988 وفي أعقاب اتفاقيات جنيف في 14 أبريل دخلت جنوب آسيا في مأزق مع محاولة باكستان تحويل بعض الموارد الموجهة لمقاتلي المجاهدين الأفغان إلى كشمير، حيث بلغ التمرد ذروته وأدى إلى سنوات من العنف.
وبفضل الدبلوماسية الهادئة كان بعض المجاهدين الأفغان على اتصال مع الهند ومع حكومات راجيف غاندي، وفي. بي. سينغ، وبي. في. ناريشما راو، فاستعملت الأطراف هذه الاتصالات لصالح الهند. في المقابل لم تقدم الهند على أي مبادرة تجاه «طالبان» التي تحرسها باكستان بحماسة شديدة.
ستكون النتيجة الفورية لصفقة الولايات المتحدة - «طالبان» هي الإثبات الواضح لعدم الاهتمام الأميركي في جنوب آسيا. خلال العقدين الماضيين كانت الولايات المتحدة عامل توازن دقيقاً في جنوب آسيا، ومع توق هذه القوة العظمى إلى الخروج من أكبر مراكزها الإقليمية، من الواضح أن المتنافسين الإقليميين سيشتبكون.
هذا هو السياق الذي ثبتت فيه الهند قبضتها على كشمير. لكن القضية تكمن فيما إذا كانت باكستان ترغب في السير في طريق الترويج للتشدد عبر الحدود، كما فعلت في التسعينات عندما أصبحت «عسكرة طيبة» قوة إرهابية كبرى تدعمها إسلام آباد. إذا حدث هذا فإن الأشهر المقبلة ستكون صعبة بالنسبة إلى الهند. لكن خلال التسعينات نجحت باكستان بمساعدة سياسيين من كشمير الهندية في زرع العنف والإرهاب ضد القوات الهندية، ومن غير المرجح أن يجد هؤلاء أو مجموعات جديدة نفس المساحة السياسية في الإقليم الذي تم تحويله إلى الاتحاد الهندي، ومع مساحة السياسة الديمقراطية المقيدة في كشمير فإن الكثير يعتمد على الدور الذي ستلعبه السلالات الكشميرية القديمة في المنطقة.
ومع ذلك، يمكن للهند أن تلعب دورها في كشمير دون إزعاج، فقط إذا قررت باكستان البقاء على الحياد وهي المهددة أميركياً بوضعها على لائحة الدول التي تدعم الإرهاب، لكن قد يكون هذا مستبعداً بعد أن حققت نصراً استراتيجياً كبيراً على جبهة «طالبان».
يبقى أن نرى ما سيكون تأثير اتفاق «طالبان» - الولايات المتحدة على حكومة أشرف غني في كابل التي تسعى إلى تحديد الشرعية من خلال الانتخابات المقبلة التي عارضتها حركة «طالبان».
باختصار، أقدمت الهند على خطوتها لكنها أبعد ما تكون عن تحقيق أهدافها الاستراتيجية التي تتحكم فيها قوى خارجة عن إرادة الهند. يبقى أن نقول إن سكان كشمير المحليين يريدون التخلص من كلتا الدولتين، باكستان والهند، ويريدون السلام لأجيالهم، لا أن تصبح كشمير بمثابة أفغانستان الجديدة لصراع الدولتين، حتى لو لم تجد أفغانستان الأصلية السلام بعد 40 عاماً من الحرب! إن كشمير تكبرها سناً في الحروب والصراعات وحان الوقت لأبنائها للاستقرار والتمتع بجمال بلادهم.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

سلام أفغانستان يفجّر الوضع في كشمير سلام أفغانستان يفجّر الوضع في كشمير



GMT 23:29 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحو قانون متوازن للأسرة.. بيت الطاعة

GMT 23:27 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحن عشاق «الكراكيب»

GMT 23:25 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

التوت و«البنكنوت»

GMT 20:38 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

الصفقة مع ايران تأجلت... أو صارت مستحيلة

GMT 07:51 2021 السبت ,11 أيلول / سبتمبر

الملالي في أفغانستان: المخاطر والتحديات

الأميرة رجوة بإطلالة ساحرة في احتفالات اليوبيل الفضي لتولي الملك عبدالله الحكم

عمان ـ مصر اليوم

GMT 10:40 2024 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

منصة "إكس" تمنح المشتركين ميزة التحليلات المتقدمة
  مصر اليوم - منصة إكس تمنح المشتركين ميزة التحليلات المتقدمة

GMT 21:14 2020 الجمعة ,25 أيلول / سبتمبر

الفنانة مي فخري تعلن ارتدائها الحجاب بشكل رسمي

GMT 09:50 2020 الإثنين ,14 أيلول / سبتمبر

معلومات مهمة عن عداد الكهرباء مسبوق الدفع

GMT 09:34 2020 الخميس ,10 أيلول / سبتمبر

"دويتشه بنك" يتوقع حلول "عصر الفوضى"

GMT 14:16 2020 الجمعة ,10 إبريل / نيسان

انتبه لمصالحك المهنية جيداً

GMT 13:50 2020 السبت ,04 إبريل / نيسان

إصابة نجل جوليا بطرس بفيروس كورونا في لندن

GMT 08:12 2020 الثلاثاء ,14 كانون الثاني / يناير

محمد رمضان يعود من دبي من أجل "البرنس"

GMT 21:16 2019 الجمعة ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

أول تعليق لـ"منى فاروق" على شائعة انتحارها
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon