توقيت القاهرة المحلي 11:33:50 آخر تحديث
  مصر اليوم -

هل يتكرر في غزة ما حدث في كوسوفو؟

  مصر اليوم -

هل يتكرر في غزة ما حدث في كوسوفو

بقلم - هدى الحسيني

سألت «الواشنطن بوست» ليل الأحد الماضي: من سيدير غزة بعد الحرب؟ الولايات المتحدة تبحث عن أفضل الخيارات السيئة!

تقول إدارة الرئيس بايدن: إن السلطة الفلسطينية «المنشطة» يجب أن تحكم القطاع، ولكن الفكرة لا تحظى بشعبية كبيرة لدى إسرائيل - والكثير من الفلسطينيين. من ناحية أخرى، هناك الكثير من الحديث عما سيحدث بعد تحجيم «حماس» كقوة عسكرية وسياسية في غزة. ويتحدث البعض عن الحاجة الملحة إلى حل الدولتين. ويسخر آخرون من الفكرة ذاتها، ويجادلون بأن الكراهية التي أطلقها القتال ستجعل من المستحيل التوصل إلى مثل هذه التسوية.

في دردشة مع سياسي عربي، سألته رأيه في ما يتردد، فقال: «أنا غير مقتنع بأن إسرائيل ستقبل في المستقبل المنظور بدولة فلسطينية، كائناً من كان على رأس الدولة الإسرائيلية. لا، بل أصبحت مؤمناً بأن ما تسعى إليه إسرائيل هو عملية ترانسفير ممنهجة تبدأ بغزة ومن بعدها تنتقل لتنال من فلسطينيي الضفة والقدس قتلاً وترهيباً وتنكيلاً بواسطة الجيش والمستوطنين المسلحين؛ لإجبارهم على الرحيل. يعني ستكون هناك عملية تنقية عرقية بكل ما في الكلمة من معنى، تتم على مراحل وفي كل مرحلة تحصل أحداث أو تُبتدع؛ لتبرير المجازر التي يرتكبها الجيش الإسرائيلي والعالم يتفرج. ولعل هذا ما يفسر حجم الدمار الهائل في غزة التي أصبحت غير صالحة للحياة، وبالتالي لا مكان فيها لقيام دولة أو حتى بلدية».

كما يتذكر محدثي الواقعة التالية: «أن في التاسع من نوفمبر (تشرين الثاني) 1977 قام الرئيس المصري أنور السادات بزيارته الشهيرة إلى القدس لغرض إنهاء حالة العداء بين مصر وإسرائيل، وبعد إلقائه خطاباً في الكنيست اجتمع مع غولدا مائير رئيسة الوزراء الإسرائيلية وكانت وقتها قد تقاعدت، وكان الاجتماع علنياً وبحضور حشد كبير من الصحافيين ونُقل على شاشات التلفزيون حول العالم، وقد خاطب السادات مائير وكرر ما قاله في خطاب الكنيست عن ضرورة حل عادل لقضية الشعب الفلسطيني، وكانت مائير تنصت بإمعان وتنظر نحو الأرض متفادية النظر في وجه الرئيس المصري. وبعد انتهاء كلمة السادات وبصوت خافت توجهت مائير نحوه وقالت له: إن «العجوز الشمطاء (وهذا ما كان يصفها به السادات في خطاباته)، ترحب بك في القدس وقد قضيت العمر بانتظار هذه اللحظة، فنحن أبناء الأرض ونحن من حوّل الصحراء إلى واحات». ولعل أهم ما قالته كان «إن الحل العادل للفلسطينيين ليس قضية إسرائيل بقدر ما هو بيد جيراننا العرب».

وهكذا هو الأمر بنظر محدثي، إنه بعد ما يقارب السبعة والأربعين عاماً على زيارة القدس لم يتغير التوجه الإسرائيلي الذي عبّرت عنه مائير في ما يتعلق بقضية الشعب الفلسطيني. وقد وقّع الرئيس ياسر عرفات على اتفاقية أوسلو التي اعترف فيها بدولة إسرائيل وأخذ بالمقابل دولة فلسطينية في الضفة وقطاع غزة، ولكن ما بقي من «أوسلو» كان الاعتراف فقط وتبخرت وعود الدولة التي بقيت مقطّعة الأوصال ومرتبطة عضوياً بإسرائيل، فمُنع عرفات من إنشاء مطار بعد أن تم تشييده ولم يسمح له بتوليد الطاقة ليبقى معتمداً على معامل الكهرباء الإسرائيلية. أما الآن، فإن ما يقف في وجه المخطط الإسرائيلي بالترحيل هو أمران، الوقت وضغوط الرأي العام العالمي. فالإدارة الأميركية تريد إنهاء الحرب الدائرة في غزة في الربع الأول من العام المقبل وهو عام انتخابات رئاسية في الولايات المتحدة، كما أنه عام انتخابات عامة في بريطانيا والأحزاب المتنافسة ستراعي الرأي العام، إذا تصاعدت أعداد المتظاهرين في الشوارع فيما لو ازدادت حدة القتال في غزة.

ومع ذلك، يقول الفريق الآخر: إنه بمجرد تحييد «حماس»، يمكن أن تلعب غزة دوراً رئيسياً في حل الصراع الإسرائيلي الفلسطيني أخيراً.

ويستطرد محدثي، إنه لم يكن الجانبان الفلسطيني والإسرائيلي على خلاف أكثر من أي وقت مضى. ومع ذلك؛ هذا لا يعني أنه لا يمكن البدء في تطوير معالم دولة فلسطينية مستقبلية في غزة والضفة الغربية. ويجب أن تبدأ العملية في غزة؛ لأن الضفة الغربية لا تزال متنازعاً عليها ومتقلبة بشكل كبير، حيث يسيء المتطرفون اليهود معاملة الفلسطينيين وخلايا «حماس» و«الجهاد الإسلامي». ويرى هذا الفريق بمجرد أن تغيب «حماس» في غزة، هناك فرصة حقيقية لبناء ما يمكن أن يكون نموذجاً للدولة الفلسطينية. في البداية، سيُحكم القطاع وتديره مجموعة دولية أو عربية.

ويضيف السياسي العربي، أنه الآن من المرجح أن تصرّ إسرائيل على تجريد غزة من السلاح والحفاظ على وجود أمني كثيف على حدودها، في البداية على الأقل. ولكن في الواقع لا يتم التنازع على هذه الحدود، مما يزيل صداعاً كبيراً عند مناقشة تقرير المصير الفلسطيني. ويرى هؤلاء الأمر تماماً كما عندما تولى المجتمع الدولي مسؤولية الشؤون المدنية والأمن في كوسوفو بعد آخر حروب البلقان، يمكن إنشاء نوع مماثل من الوصاية التي تقرّها الأمم المتحدة في غزة. ويمكن إدارة الأراضي وضبطها من قِبل ائتلاف من الدول الغربية أو، يمكن القول: إنه الأفضل، مجموعة من الدول العربية من الضروري أن تضم مصر. تحت الحماية، سيكون من الممكن تحويل غزة كياناً قابلاً للحياة اقتصادياً؛ إذ غالباً ما يزعم الإسرائيليون أنه بعد مغادرتهم في عام 2005، أتيحت الفرصة لسكان غزة لتحويل قطاعهم «سنغافورة الشرق الأوسط». ولم يرَ سكان غزة نهاية للكوارث في السنوات الأخيرة؛ لذلك ستمنحهم الحماية فرصة للتنفس والعودة إلى بعض مظاهر الحياة الطبيعية. سيفهمون أن الجدد الذين يحكمونهم يفعلون ذلك مؤقتاً. ومن المحتمل أن يطمئنوا إلى أن المتطرفين في صفوفهم لن يكونوا قادرين على تعريض حياتهم للخطر.

وبرأي هذا الفريق، أنه مع نجاح الحماية، ستكون إسرائيل أكثر ميلاً للسماح لمزيد من سكان غزة بالعمل في إسرائيل - كان ما يقرب من 20000 غزاوي يعملون في إسرائيل عشية الحرب - وتخفيف قيودها على السلع المسموح لها بدخول الأراضي. ومن المحتمل أن تفعل مصر الشيء نفسه. وقد تسمح كل من مصر وإسرائيل أيضاً في الوقت المناسب بتطوير ميناء، وحتى مطار، في غزة.

ويختم محدثي، إنها كلها مسألة بناء الثقة. إذا كان جيران غزة الكبار يثقون في أن سلطات الحماية تفعل الشيء الصحيح وأن غزة لا تشكل تهديداً، فمن المصلحة الوطنية للإسرائيليين والمصريين ضمان نجاح الكيان. وفي مرحلة ما، ربما بعد 15 عاماً، سيحدث نقل تدريجي للسلطة، مع تنازل الحماية عن السلطة لتنظيم «فتح». ومع مرور الوقت، قد تصبح إسرائيل أكثر ميلاً إلى التسوية بشأن الضفة الغربية، مع فرض التنازلات الإقليمية الرئيسية. بخاصة، إذا رأت أن غزة قد استقرت وازدهرت.

وخلص بكلامه، أنه إذا تمتع سكان غزة على مدى السنوات المقبلة بثمار الاستقلال الاقتصادي والتعددية السياسية، وقرر الفلسطينيون في الضفة الغربية أنهم يريدون حصة منه، فإن نموذج غزة يمكن أن ينجح.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

هل يتكرر في غزة ما حدث في كوسوفو هل يتكرر في غزة ما حدث في كوسوفو



GMT 09:13 2024 الثلاثاء ,21 أيار / مايو

مبروك للأبيض.. عقبال الأحمر

GMT 09:11 2024 الثلاثاء ,21 أيار / مايو

ماذا بعد رئيسى؟

GMT 02:27 2024 الثلاثاء ,21 أيار / مايو

تحشيش سياسي ..!

GMT 02:21 2024 الثلاثاء ,21 أيار / مايو

السلطة والدولة في إيران

GMT 12:49 2024 الإثنين ,20 أيار / مايو

افكار تساعدك لتحفيز تجديد مظهرك
  مصر اليوم - افكار تساعدك لتحفيز تجديد مظهرك

GMT 12:36 2024 الإثنين ,20 أيار / مايو

أنواع وقطع من الأثاث ينصح الخبراء بتجنبها
  مصر اليوم - أنواع وقطع من الأثاث ينصح الخبراء بتجنبها

GMT 07:07 2024 الثلاثاء ,21 أيار / مايو

مندوب مصر يؤكد رفض بلاده العدوان على رفح
  مصر اليوم - مندوب مصر يؤكد رفض بلاده العدوان على رفح

GMT 09:58 2024 الثلاثاء ,21 أيار / مايو

تكريم نيللي كريم على جهودها لنشر الوعي الصحي
  مصر اليوم - تكريم نيللي كريم على جهودها لنشر الوعي الصحي

GMT 02:55 2019 الإثنين ,03 حزيران / يونيو

نيللي كريم تتحدث عن ظهورها في فيلم "كازابلانكا"

GMT 20:58 2019 الإثنين ,01 إبريل / نيسان

دي ليخت بين مطرقة عمالقة أوروبا وسندان برشلونة

GMT 18:43 2019 الثلاثاء ,12 شباط / فبراير

خبير أرصاد يُحذّر من استخدام الكمامات في العاصفة

GMT 12:42 2019 الأربعاء ,16 كانون الثاني / يناير

خطرٌ يُهدد حياتك بسبب النوم أكثر أو أقل من 8 ساعات يوميًا

GMT 02:16 2019 السبت ,05 كانون الثاني / يناير

بدران يؤكد أن الموز يُخفّف حموضة المعدة

GMT 12:55 2019 الثلاثاء ,29 كانون الثاني / يناير

مباراة توتنهام ضد تشيلسي تخطف الأضواء في الدوري الإنكليزي

GMT 03:34 2018 الأربعاء ,10 تشرين الأول / أكتوبر

مميزات استخدام ديكور الجدران الخرسانية في غرف النوم

GMT 21:44 2018 الأحد ,09 أيلول / سبتمبر

تفاصيل جديدة مثيرة في واقعة "مذبحة الشروق"

GMT 23:32 2018 الثلاثاء ,08 أيار / مايو

صخرة برشلونة مهددة بالغياب عن مواجهة فياريال

GMT 15:00 2018 الأربعاء ,25 إبريل / نيسان

محمد الحنفى يؤكد انتظاره إدارة القمة منذ 3 سنوات

GMT 05:38 2018 الجمعة ,20 إبريل / نيسان

انطلاق أول رحلة لطائرة في الصيف "Stratolaunch"

GMT 10:06 2018 الجمعة ,13 إبريل / نيسان

هادجنز تتألق في تقديم مجموعة "سينفول كلورز"
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon