توقيت القاهرة المحلي 15:05:23 آخر تحديث
  مصر اليوم -

القتل العشوائي وحمل السلاح بأمريكا

  مصر اليوم -

القتل العشوائي وحمل السلاح بأمريكا

بقلم : منار الشوربجي

واحدة من القضايا العصية على الحل بالولايات المتحدة هى ذلك السيل من الأسلحة الخطيرة بل والقتالية الموجودة فى أيدى المواطنين العاديين. وهى قضية مثيرة للجدل وطرفا الصراع فيها أكثر صلابة فى تعنتهم بالمقارنة بقضايا أخرى كثيرة. فالمواطن الأمريكى له اقتناء عدد لا نهائى من الأسلحة، بما فى ذلك الأسلحة الأوتوماتيكية الأشد فتكا، وأنواع من الأسلحة ذات طبيعة أشبه بتلك المستخدمة فى ميادين القتال. ويرى الباحثون أن تلك الأسلحة مسؤولة عن إصابة أكثر من 300 شخص يوميا وموت مائة منهم على الأقل كل يوم، هذا فضلا عن حوادث القتل الجماعى التى صارت معتادة، وكانت الحادثتان اللتان وقعتا خلال أسبوع واحد الشهر الماضى آخرها. ففى الأولى، أطلق أمريكى النار بثلاثة مواقع بمدينة أتلانتا بولاية جورجيا فقتل ثمان من الأمريكيات ذوات الأصول الآسيوية. وقد تلا تلك الواقعة حادث آخر فتح خلاله شخص النار داخل سوبر ماركت بمدينة بولدور بولاية كولورادو.

وقضية وجود تلك الأسلحة الخطرة فى أيدى المواطنين لها أبعاد مختلفة تجسد عددا من علل النظام السياسى والاجتماعى بأمريكا. فهى وثيقة الصلة بالمسألة العرقية، وبالاستقطاب السياسى وبدور جماعات المصالح. فالعقدة الرئيسية التى تواجه كل محاولات إيجاد حل للمشكلة هى أن الدستور الأمريكى، ينص فى تعديله الثانى، على الحق فى تكوين ميليشيات وفى حق الأمريكيين فى «الاحتفاظ بالسلاح وحمله». وهو نص نشأ، بالمناسبة، من أجل قمع السود ومنح البيض، حتى كأفراد، القدرة على الإبقاء على تفوقهم العنصرى، وهو ما حدث بالفعل، بدءا بالعبودية ومرورا بمرحلة الفصل العنصرى ووصولا للتمييز العرقى. إلا أن التعديل الثانى للدستور، الذى سكت عن عدد الأسلحة المسموح بحملها، فسمح بذلك العدد اللانهائى منها فى أيدى الأفراد، هو نفسه الذى حظر وضع قوانين «تنتهك» الحق فى حمل السلاح. وهو النص الذى يفسره طرف بأن معناه حق مطلق دون قيد أو شرط ويراه الآخر لا يمنع تنظيم الحق لحماية المجتمع.

وليست مصادفة أن الأكثر إصرارا على رفض أى وسيلة لتنظيم ذلك الحق هم الأكثر ميلا للتبرم من حصول الأقليات على مزيد من الحقوق. ورغم أن السود مثلا هم الأكثر عرضة للقتل بالأسلحة إلا أن البيض المحافظين الذين يقطنون ولايات ذات تاريخ فى التمييز العنصرى هم الأكثر إصرارا على رفض أى قيود على اقتناء السلاح وحمله.

والقضية أيضا لا تخلو من دور جماعات المصالح القوية، سواء شركات صناعة تلك الأسلحة أو الاتحاد العام للبندقية، الذى ظل حتى داهمته المشكلات مؤخرا، واحدا من بين اثنين يتبادلان الموقع الأول والثانى على سلم أقوى جماعات المصالح الأمريكية على الإطلاق.

غير أن تواتر أحداث القتل الجماعى قد أدى لتحول فى موقف الرأى العام. فقد صارت هناك أغلبية، تصل إلى 80%، ترى ضرورة خضوع من يرغب فى شراء سلاح لبحث من أجهزة الأمن فى خلفيته حتى يحرم أصحاب السوابق والمختلون من اقتناء السلاح وحمله. لكن تلك الأغلبية الشعبية الواضحة لا تعنى بالضرورة أن القضية قاب قوسين أو أدنى من صدور تشريع يحل المشكلة. فأموال جماعات المصالح القوية التى تمول حملات أعضاء الكونجرس الانتخابية لها دور لا يستهان به فى تحديد مواقف الأعضاء. فالنظام الأمريكى أسير لجماعات المصالح القوية على حساب المواطن العادى. فتلك الجماعات تنتقم من الأعضاء الذين يقفون ضد مصالحها بهزيمتهم فى أول انتخابات تالية.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

القتل العشوائي وحمل السلاح بأمريكا القتل العشوائي وحمل السلاح بأمريكا



GMT 05:26 2022 الأربعاء ,17 آب / أغسطس

حول التعديل الوزارى

GMT 19:15 2022 الأربعاء ,20 تموز / يوليو

هل بقيت جمهوريّة لبنانيّة... كي يُنتخب رئيس لها!

GMT 02:24 2022 الخميس ,09 حزيران / يونيو

لستُ وحيدةً.. لدىّ مكتبة!

GMT 19:37 2022 الأحد ,05 حزيران / يونيو

البنات أجمل الكائنات.. ولكن..

GMT 01:41 2022 السبت ,04 حزيران / يونيو

سببان لغياب التغيير في لبنان

النجمة درة بإطلالة جذّابة وأنيقة تبهر جمهورها في مدينة العلا السعودية

الرياض ـ مصر اليوم

GMT 07:03 2020 الخميس ,31 كانون الأول / ديسمبر

أنت فعلاً محظوظ هذا الشهر

GMT 06:54 2020 الخميس ,31 كانون الأول / ديسمبر

تكون الظروف استثنائية في الأسابيع الأولى

GMT 16:10 2020 الثلاثاء ,29 كانون الأول / ديسمبر

ديربي مانشستر في كأس الرابطة مُهدد بالتأجيل بسبب "كورونا"

GMT 11:09 2020 الثلاثاء ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

5 تغييرات بسيطة في نمط الحياة تساعدك على علاج الحموضة

GMT 12:05 2020 الأربعاء ,07 تشرين الأول / أكتوبر

النفط يتراجع بعد بيانات مخزونات الخام الأميركية

GMT 11:43 2020 الخميس ,01 تشرين الأول / أكتوبر

علاء مبارك يعتذر عن تقديم العزاء للراحل صباح الأحمد
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon