توقيت القاهرة المحلي 14:14:30 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الحرب الإسرائيلية داخل أمريكا!

  مصر اليوم -

الحرب الإسرائيلية داخل أمريكا

بقلم:منار الشوربجي

ما الذى يفسر الفجوة المتزايدة بين التحول الراديكالى فى الرأى العام الأمريكى تجاه إسرائيل وموقف السياسة الأمريكية من إبادة غزة؟

فعلى مستوى الرأى العام، فإن الاحتجاجات التى تعم الشوارع فى مختلف المدن الأمريكية وحملات المقاطعة المتزايدة لإسرائيل ليست المؤشر الوحيد، إذ ترصد استطلاعات الرأى تحولًا راديكاليًا فى موقف الأمريكيين. ففى آخر استطلاع للرأى أجرته مؤسسة بيو، تبين أن ٥٣٪ من الأمريكيين ينظرون لإسرائيل نظرة سلبية، وبعده بفترة وجيزة، رصد استطلاع آخر لمؤسسة جالوب أن ٤٦٪ من الأمريكيين فقط قالوا إنهم «يدعمون» إسرائيل. والاستطلاعان أجريا، بالمناسبة، قبل التحول الراهن ضد إسرائيل لدى قطاعات واسعة من قاعدة ترامب الانتخابية. أما السياسة الأمريكية، ففى واد آخر. فهى لم تتحرك قيد أنملة عن الدعم المطلق لإسرائيل، والذى لا يقتصر على السلاح والمال. وآخر ملامح دعم المؤسسة التنفيذية ليس فقط الحملة القمعية التى تطال كل من يدعم غزة بالجامعات وخارجها، وإنما أيضا تقرير الخارجية الأمريكية لحقوق الإنسان الذى أثار قسمه الخاص بإسرائيل سخرية الأمريكيين أنفسهم!، أما الكونجرس، ففضلا عن اعتمادات السلاح والتمويل، ووسط إبادة جماعية تثير غضبا شعبيا أمريكيا، لم يخجل أعضاء جمهوريون وديمقراطيون من السفر فى وفدين متتاليين إلى إسرائيل الشهر الجارى!، وكأن الإبادة الجماعية وجهة نظر يمكن أثناؤها الاستماع «للرأى الآخر»!.

والسؤال عن تلك الفجوة بين الرأى العام من ناحية والسياسة من ناحية أخرى، سؤال مبنى على فرضية خاطئة. والفرضية باختصار تقول إنه بما أن الولايات المتحدة دولة ديمقراطية، فلابد أن يستجيب صناع السياسة للرأى العام. وهى خاطئة لأن الفجوة بين السياسة ومواقف الرأى العام الأمريكى ليست مقتصرة على فلسطين، وإنما أثبتت دراسة علمية بعد الأخرى أنها فجوة تتزايد منذ عقدين على الأقل فى أغلب القضايا الداخلية والخارجية. والسبب أن الرأى العام الذى كان تقليديا أحد الاعتبارات التى تبنى عليها السياسة الداخلية والخارجية صار يتراجع بانتظام أمام الاعتبارات الأخرى. فاليوم، أكثر من أى وقت مضى، صار المال يلعب الدور الأكثر فاعلية فى صنع السياسة.

طوال العقدين، طرأت سلسلة من التحولات المهمة على القوانين وقرارات المحكمة العليا انهارت بمقتضاها الضوابط وانفتح الباب على مصراعيه أمام تسونامى من الأموال التى تنفق على الحملات الانتخابية للمناصب السياسية كلها. وأهم الضوابط التى تم القضاء عليها لم يكن فقط حجم الأموال المسموح بإنفاقها وإنما- وهو الأهم- الإفصاح عن مصادر التمويل. فاليوم بإمكان عدد قليل من أصحاب المال إنفاق المليارات فى حملات عدد لا نهائى من المرشحين دون أن يفصح أى من الطرفين عن مصدر تلك الأموال. وهى التى صارت تعرف «بالأموال المظلمة» لأنها تتم وسط ظلام مطبق ليس بإمكان المواطن الأمريكى أن يعرف من يدفع لمن لتحقيق ماذا!. وقد نتج عن تلك التطورات البائسة أن صارت السياسة الأمريكية كلها رهينة لدى حفنة قليلة من كبار الأثرياء. والدليل هو الدور الذى لعبه إيلون ماسك. لكن ماسك ليس حالة استثنائية، إذ هو مجرد واحد من تلك الحفنة القليلة التى تؤثر على الديمقراطيين والجمهوريين. وفى موضوع إبادة غزة- مثله مثل غيره- فإن تلك الأموال الهائلة هى التى تصيب السياسيين الأمريكيين بالخرس تجاه الإبادة، وتدفعهم دفعا ليكونوا أكثر صهيونية من إسرائيل!، لذلك كله، ولأن الحركات الاجتماعية المنظمة ظلت وحدها القادرة على فرض التغيير فرضا فى أمريكا طوال تاريخها، فإن المال الداعم لإسرائيل يشن اليوم حربا شرسة للحيلولة دون تشكل حركة اجتماعية واسعة ومنظمة لدعم فلسطين.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الحرب الإسرائيلية داخل أمريكا الحرب الإسرائيلية داخل أمريكا



GMT 14:14 2025 الإثنين ,08 كانون الأول / ديسمبر

صرخة من مارينا

GMT 13:32 2025 الإثنين ,08 كانون الأول / ديسمبر

على هامش «الدهشة»!

GMT 13:26 2025 الإثنين ,08 كانون الأول / ديسمبر

محمد صلاح.. عندما تصبح الأزمة امتحانًا للوفاء

GMT 13:23 2025 الإثنين ,08 كانون الأول / ديسمبر

أصول المسألة الفكرية

GMT 13:20 2025 الإثنين ,08 كانون الأول / ديسمبر

نعم..التعليم.. التعليم !

GMT 13:18 2025 الإثنين ,08 كانون الأول / ديسمبر

كينز .. وفريدمان

GMT 13:14 2025 الإثنين ,08 كانون الأول / ديسمبر

النحاس باشا فى قسم الشرطة

GMT 01:59 2025 الأحد ,07 كانون الأول / ديسمبر

بريشته وتوقيعه

أجمل فساتين السهرة التي تألقت بها سيرين عبد النور في 2025

بيروت ـ مصر اليوم

GMT 14:44 2025 الأحد ,07 كانون الأول / ديسمبر

بريجيت ماكرون تلتقي الباندا "يوان منغ" من جديد في الصين
  مصر اليوم - بريجيت ماكرون تلتقي الباندا يوان منغ من جديد في الصين

GMT 11:06 2025 السبت ,04 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الجدي السبت 04 أكتوبر / تشرين الأول 2025

GMT 16:54 2025 الخميس ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

تلامذة غزة يستأنفون الدراسة تحت الخيام وسط الدمار

GMT 08:59 2024 الثلاثاء ,23 كانون الثاني / يناير

القمر في منزلك الثاني ومن المهم أن تضاعف تركيزك

GMT 10:48 2025 السبت ,04 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الجوزاء السبت 04 أكتوبر / تشرين الأول 2025

GMT 16:45 2019 الخميس ,04 إبريل / نيسان

أبرز الأحداث اليوميّة عن شهر أيار/مايو 2018:

GMT 12:39 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الحوت الاثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 03:34 2018 الثلاثاء ,17 إبريل / نيسان

استقرار سعر الذهب في الأسواق المصرية الثلاثاء

GMT 05:48 2013 الأحد ,27 تشرين الأول / أكتوبر

كيلي بروك ترتدي ملابس ماري أنطوانيت

GMT 04:24 2021 الثلاثاء ,05 تشرين الأول / أكتوبر

أخبار البورصة المصرية اليوم الإثنين 4 أكتوبر 2021

GMT 15:13 2019 الجمعة ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

زلزال يضرب سواحل إندونيسيا وتحذيرات من وقوع تسونامي

GMT 19:42 2018 الأربعاء ,25 إبريل / نيسان

أربع محطات فنية في حياة مخرج الروائع علي بدرخان

GMT 13:07 2018 الأربعاء ,14 آذار/ مارس

فضل الله والماشطة يوضحان موقف عبدالله السعيد

GMT 06:20 2018 الأربعاء ,14 آذار/ مارس

مؤسس "غوغل" يكشف عن سيارة طائرة بنظام "أوبر"
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche,Achrafieh Beirut- Lebanon
egypt, egypt, egypt