توقيت القاهرة المحلي 08:41:59 آخر تحديث
  مصر اليوم -

جيمي كارتر

  مصر اليوم -

جيمي كارتر

بقلم:منار الشوربجي

كارتر، الرئيس الأمريكى الأسبق الذى رحل عن عالمنا الأسبوع الماضى، صار يلقب بعبارة ذات دلالة. فهو يوصف فى بلاده بـ«أفضل رئيس سابق» لا أفضل رئيس!.. فسجل كارتر بالرئاسة لم يختلف عن غيره من الرؤساء الأمريكيين، فهو حافظ على الطابع الإمبراطورى للسياسة الخارجية ورفع الميزانية العسكرية ودعّم نظم حكم قمعية ما دامت تحقق مصالح بلاده.

ولعل القرار الأسوأ الذى اتخذه الرجل كان تعيين زبيجنيو بريزينسكى مستشارا للأمن القومى. فالأخير، الذى أتى من أصول بولندية، كانت له أجندة شخصية جوهرها الانتقام من الاتحاد السوفيتى والقضاء عليه وعلى أى نظام حليف له، فنصح كارتر باتخاذ قرارات كارثية، فأنفق كارتر مثلا أكثر من ٣ مليارات دولار لدعم «المجاهدين» فى أفغانستان لذلك الهدف.

وافتخر بريزينسكى لاحقا بالقرار قائلا إن أفغانستان كانت الفخ الأمريكى الذى عجّل بالقضاء على الاتحاد السوفيتى. وكارتر، الذى كان يؤمن شخصيا بحقوق الإنسان، دعّم نظم حكم قمعية مثلما فعل فى الفلبين وإندونيسيا وإيران والسلفادور. واضطر اضطرارا لإقالة أندرو يانج، ممثل أمريكا لدى الأمم المتحدة حين تبين أنه التقى بمسؤول منظمة التحرير. ورغم أن كارتر كان وراء اتفاقية كامب ديفيد بين مصر وإسرائيل، إلا أن لوبى إسرائيل بواشنطن بل وإسرائيل نفسها لم يغفرا له ذلك أبدا، واعتبروه مناهضا لمصالح إسرائيل. وقد سمعت كارتر بنفسى يقول بعدها بعقود إن لوبى إسرائيل كان أهم القوى المسؤولة عن هزيمته أمام ريجان فى انتخابات ١٩٨٠!.

لكن ما إن تحرر كارتر من قيود العمل السياسى حتى عاد لقناعاته الشخصية وصار يعبر عنها بوضوح. وقد لا يعرف الكثيرون أن كارتر كان من أكثر الرؤساء الأمريكيين الذين عبّروا صراحة منذ ترشحهم للرئاسة عن تدينهم الشديد، حتى إنه كان أول رئيس يعود معه التيار الأصولى المسيحى للسياسة، بعد أن توارى عن الأنظار لنصف قرن، فقد منح التيار أصواته لكارتر بشكل كاسح فى انتخابات ١٩٧٦. لكن ما إن كشفت سياسات كارتر الاجتماعية عن طابعها الليبرالى حتى تخلوا عنه، وصاروا من وقتها من أهم قطاعات الحزب الجمهورى.

وتدين كارتر كان الأساس الذى نبع منه اختياره لأن يصبح جزءا من الحركة العالمية المناهضة للظلم والعدوان، واستخدم ثقله المعنوى والسياسى فى ذلك الاتجاه. فدعّم حقوق الإنسان وراقب الانتخابات دوليا وصرح بما لا يحبه سياسيو بلاده بما فى ذلك تقييمه الإيجابى لانتخابات هوجو شافيز ٢٠٠٦. لكن لعل الأكثر أهمية هو أن كارتر، الذى تجاهل الفلسطينيين حين كان بالرئاسة، هو الذى استخدم منذ عقدين على الأقل مفردات كانت صادمة وقتها للداخل الأمريكى. فهو لم يتورع عن استخدام «الفصل العنصرى» لوصف ما يجرى بالأرض المحتلة، واستخدم كلمة «أبارتيد» فى عنوان كتابه الصادر عام ٢٠٠٦. وهو العنوان الذى استخدم فيه أيضا اسم «فلسطين»، لا «الفلسطينيين» كما يفضل السياسيون الأمريكيون. وكل ذلك أثار انتقادات حادة ضده داخل أمريكا وصلت لحد اتهامه بالعداء للسامية!.

وعند تأمل تاريخ كارتر، تقتضى الأمانة الإشارة لأمرين؛ أولهما أن تجاهله للفلسطينيين حين كان رئيسا مصدره أن أى رئيس أمريكى يحتاج لغطاء سياسى عند اتخاذ قرارات جدلية. وفى فترة حكمه، لم يكن هناك لوبى قوى فى الجهة المقابلة يوازن لوبى إسرائيل ولو قليلا ولا حتى حركة اجتماعية كما الحال الآن. وثانيهما أن مواقف كارتر بعد الرئاسة، رغم نزاهة أغلبها، ينبغى رؤيتها كمواقف «أمريكى» أتى من داخل المطبخ السياسى وتأثر به لا محالة، لا مواقف ناشط سياسى تقدمى!.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

جيمي كارتر جيمي كارتر



GMT 08:41 2025 الجمعة ,05 كانون الأول / ديسمبر

الطبع فيه غالب

GMT 08:38 2025 الجمعة ,05 كانون الأول / ديسمبر

مصر في مواجهة سيناريو «العبور بلا عودة»

GMT 08:30 2025 الجمعة ,05 كانون الأول / ديسمبر

مَن يلقى سلاحه يُقتل

GMT 08:24 2025 الجمعة ,05 كانون الأول / ديسمبر

تركيا والقبعات المتعددة

GMT 08:21 2025 الجمعة ,05 كانون الأول / ديسمبر

كارثة وفاة سباح الزهور

GMT 08:19 2025 الجمعة ,05 كانون الأول / ديسمبر

عبد الوهاب المسيرى.. بين عداء إسرائيل والإخلاص للوطن

GMT 20:59 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

فعلًا “مين الحمار..”؟!

GMT 11:07 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

الشيخان

أجمل إطلالات نانسي عجرم المعدنية اللامعة في 2025

بيروت ـ مصر اليوم
  مصر اليوم - مكالمة سرية تكشف تحذيرات ماكرون من خيانة أمريكا لأوكرانيا

GMT 20:14 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر
  مصر اليوم - ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر

GMT 05:43 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الإثنين 01 ديسمبر/ كانون الأول 2025

GMT 01:38 2025 السبت ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

رونالدو يتسلم المفتاح الذهبي للبيت الأبيض من ترامب

GMT 15:45 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 07:30 2025 الخميس ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية مدهشة لعام 2026 ستعيد تعريف متعتك بالسفر

GMT 10:52 2020 الإثنين ,14 كانون الأول / ديسمبر

كل ما تريد معرفته عن قرعة دور الـ 16 من دوري أبطال أوروبا

GMT 11:36 2018 الأربعاء ,03 كانون الثاني / يناير

عبد الحفيظ يكشف انتهاء العلاقة بين متعب والأهلي

GMT 22:15 2017 الأحد ,15 تشرين الأول / أكتوبر

وزير الرياضة يكرم بطل كمال الأجسام بيج رامي الإثنين

GMT 18:12 2020 الخميس ,15 تشرين الأول / أكتوبر

الشرطة المصرية تستعرض قوتها أمام الرئيس السيسي

GMT 22:53 2020 السبت ,25 إبريل / نيسان

إطلالات جيجي حديد في التنورة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche,Achrafieh Beirut- Lebanon
egypt, egypt, egypt