توقيت القاهرة المحلي 03:39:18 آخر تحديث
  مصر اليوم -

أين «مشكلة» الهجرة بأمريكا؟!

  مصر اليوم -

أين «مشكلة» الهجرة بأمريكا

بقلم:منار الشوربجي

«مشكلة» الهجرة فى الولايات المتحدة ليست مشكلة أصلًا. على العكس، فأمريكا تشهد تناقصًا فى معدلات الهجرة وله تأثيراته السلبية على الاقتصاد. فمنذ أن رشح نفسه للرئاسة عام ٢٠١٥، وضع ترامب ما يسميه «بمشكلة» الهجرة على سلم أولوياته باعتبارها تدمر المجتمع. وكثيرة هى تصريحاته التى يتهم فيها دول أمريكا اللاتينية بأنها «تفرغ سجونها عمدًا» لتطلق «مجرميها» نحو الولايات المتحدة. ولا يكف ترامب عن وصف المهاجرين بأنهم يأتون «بالملايين» لبلاده فيعيثون فيها فسادًا ويرفعون معدلات الجريمة، وبأنهم «وحوش» واتهمهم بأنهم «يأكلون القطط والكلاب» بل «ويسرقون وظائف» الأمريكيين.

غير أن كل تلك اللغة التى تنضح بالعنصرية لا تصمد أمام الإحصاءات الرسمية الأمريكية ذاتها. فلا يوجد دليل واحد تملكه الولايات المتحدة يقول إن دول أمريكا اللاتينية «تفرغ سجونها» نحو أمريكا. ويقول مركز «كيتو»، الذى هو أحد مراكز الفكر اليمينية أصلًا، إن احتمال قتل أمريكى على يد مهاجر شرعى أو غير شرعى نسبته صفر! أما مركز الدراسات الاقتصادية التابع للحكومة فيقول إن ارتكاب المهاجرين الشرعيين وغير الشرعيين لأية جرائم، من أى نوع، أقل بكثير من نسبة الجريمة بين المواطنين أنفسهم. ووفق آخر الإحصاءات السكانية، الصادرة عام ٢٠٢٠، يمثل المهاجرون ١٤٪ فقط من عدد السكان، أى ٤٥ مليون من بين ٣٣٢ مليون هو المجموع الكلى لسكان الولايات المتحدة. ويمثل المهاجرون غير الشرعيين ١١.٤ مليون، ثلثاهم على الأقل يعيشون ويعملون فى الولايات المتحدة منذ عقد كامل على الأقل. والحقيقة أن عمل المهاجرين غير الشرعيين هو الذى يدفع عجلة الاقتصاد الأمريكى. فلأن أجورهم هى الأقل على الإطلاق، بسبب ابتزازهم واستغلال وضعهم القانونى من جانب أصحاب العمل، تحقق الشركات والمؤسسات الأمريكية التى توظفهم أرباحًا خيالية. فهناك قطاعات اقتصادية، كالفنادق والخدمات والبناء والزراعة، لن تحقق أرباحًا لولا الأجور الزهيدة التى يدفعونها للمهاجرين غير الشرعيين.

والولايات المتحدة فى أمس الحاجة للمهاجرين، لا العكس! فوفق مكتب الميزانية التابع للكونغرس، فإن الفترة من الآن وحتى ٢٠٥٣، لن يزداد النمو السكانى فى الولايات المتحدة سوى بنسبة ٠.٣٪. فمعدلات المواليد انخفضت بنسبة ٢٠٪ منذ عام ٢٠٠٧. وبدون الهجرة، يغدو المجتمع الأمريكى مجتمعًا من الشيوخ! وهناك بالفعل نقص حاد فى العمالة تعانى منه الكثير من مواقع العمل. فهناك، مثلًا، نقص فى القوة العاملة فى التمريض والزراعة وقيادة سيارات النقل. ويقول مركز بيو إن نسبة المهاجرين التى تمثل ١٧٪ من قوة العمل ليست كافية. وبدون المهاجرين، ستنخفض قوة العمل فى الولايات المتحدة بنسبة ١٠٪ عام ٢٠٣٥. ولتعويض النقص فى القوة العاملة، عادت الولايات المتحدة لعمالة الأطفال. فحاكم ولاية فلوريدا، مثلًا، تقدم لمجلسها التشريعى بمشروع قانون لو تمت الموافقة عليه، ستصبح عمالة المراهقين قانونية وتزداد ساعات عملهم المسموح بها. والطلاب الأجانب، الذين يشن عليهم ترامب حملة شرسة، تعتمد عليهم الجامعات الأمريكية لتحافظ على معدلات الالتحاق بها، وهم يمثلون مصدرًا رئيسيًا لملء الوظائف التى تحتاجها أمريكا لتدور عجلة الاقتصاد. ووفق مؤسسة «بيو»، لا تلبى معدلات الهجرة الحالية سوى ربع ما تحتاجه سوق العمل الأمريكية سنويًا. باختصار، المهاجرون ليسوا مجرمين «ولا يسرقون الوظائف»، بل إن الاقتصاد الأمريكى فى أمس الحاجة إليهم.

أين المشكلة إذن؟ الإجابة عندى هى لون بشرة المهاجرين! فالمهاجرون الجدد لأمريكا ليسوا من البيض، فهم فى أغلبيتهم الساحقة يأتون من دول جنوب العالم. لذلك، كان يتحتم اختراع لغة شفرية جوهرها الحقيقى المسألة العرقية بل واختراع اسم آخر «للمشكلة» فصار الاسم هو «الهجرة»!.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أين «مشكلة» الهجرة بأمريكا أين «مشكلة» الهجرة بأمريكا



GMT 20:59 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

فعلًا “مين الحمار..”؟!

GMT 11:07 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

الشيخان

GMT 11:05 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

مستقبل الردع الأميركي تقرره روسيا في أوكرانيا

GMT 11:03 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

لماذا الهُويّة الخليجية؟

GMT 10:58 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

هل تعود مجوهرات اللوفر المسروقة؟

GMT 10:51 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

البابا ليو: تعلموا من لبنان!

GMT 10:48 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

الطبع الأميركي يغلب التطبع!

GMT 10:27 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

من «ضد السينما» إلى «البحر الأحمر»!!

أجمل إطلالات نانسي عجرم المعدنية اللامعة في 2025

بيروت ـ مصر اليوم
  مصر اليوم - مكالمة سرية تكشف تحذيرات ماكرون من خيانة أمريكا لأوكرانيا

GMT 20:14 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر
  مصر اليوم - ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر

GMT 05:43 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الإثنين 01 ديسمبر/ كانون الأول 2025

GMT 01:38 2025 السبت ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

رونالدو يتسلم المفتاح الذهبي للبيت الأبيض من ترامب

GMT 15:45 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 07:30 2025 الخميس ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية مدهشة لعام 2026 ستعيد تعريف متعتك بالسفر

GMT 10:52 2020 الإثنين ,14 كانون الأول / ديسمبر

كل ما تريد معرفته عن قرعة دور الـ 16 من دوري أبطال أوروبا

GMT 11:36 2018 الأربعاء ,03 كانون الثاني / يناير

عبد الحفيظ يكشف انتهاء العلاقة بين متعب والأهلي

GMT 22:15 2017 الأحد ,15 تشرين الأول / أكتوبر

وزير الرياضة يكرم بطل كمال الأجسام بيج رامي الإثنين

GMT 18:12 2020 الخميس ,15 تشرين الأول / أكتوبر

الشرطة المصرية تستعرض قوتها أمام الرئيس السيسي

GMT 22:53 2020 السبت ,25 إبريل / نيسان

إطلالات جيجي حديد في التنورة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche,Achrafieh Beirut- Lebanon
egypt, egypt, egypt