توقيت القاهرة المحلي 13:25:14 آخر تحديث
  مصر اليوم -

استقرار الجزائر أولوية فرنسية

  مصر اليوم -

استقرار الجزائر أولوية فرنسية

بقلم - رندة تقي الدين

موقف فرنسا مما يحصل حاليا في الجزائر ملفت من حيث التحفظ والسكوت ازاء الغضب الشعبي لترشيح بوتفليقة، في حين ان الوسط السياسي المسؤول يتابع عن كثب ما يجري، فالطبقة السياسية في فرنسا وفي الطليعة رئيسها ايمانويل ماكرون على علم بتفاصيل الوضع الصحي للرئيس الجزائري الذي تم ترشيحه لفترة رئاسية خامسة وهو موجود في جنيف للعلاج. والكل يعرف ان بوتفليقة لم يعد يستطيع ان يحكم بسبب تدهور حاله الصحية، وهو ليس فقط مقعداً لكنه لا يلتقي أحداً من زوار البلد ولا يمكنه الظهور أمام شعبه.

والكل مدرك ايضا ان من يحكم الجزائر حاليا شلة تسميها الاوساط الجزائرية بانها «المافيا السياسية المالية» مع بضعة عسكريين ليسوا من العسكريين القدامى الذين أحالهم بوتفليقة حين تسلم الرئاسة على التقاعد. وهذه الشلة من العسكريين ورجال الأعمال تلعب دوراً سياسياً مع شقيق بوتفليقة سعيد وهي لم تتمكن من الاتفاق على مرشح آخر، ما ادى الى غضب الشعب المطالب بنهاية نظام فاسد لم يعط للشباب الجزائري فرص عمل او مستقبل واعد في بلد غني هدرت ثروته لمصلحة هذه الشلة.

والرئيس الفرنسي الذي يتابع عن كثب الوضع الجزائري طلب من سفيره في الجزائر ان يأتي الى باريس لوضعه في صورة الوضع. ويعتبر والسفير الفرنسي في الجزائر من الدبلوماسيين القلائل الذين عينوا مرة ثانية في ذلك البلد. وسبب تحفظ فرنسا وحذرها من اي تصريح يشير الى تدخل معين هو التاريخ بين البلدين الذي جعل العلاقة الفرنسية الجزائرية بالغة الحساسية، فكثيراً ما يتهم الجزائريين سلطة وشعباً فرنسا بانها اساس عدد من مشاكلهم، كما ان يسود في الجزائر منطق المؤامرة الآتية من فرنسا تجاه الكثير مما يحصل او حتى في التعيينات. فأي تدخل فرنسي تجاه التظاهرات الحالية سيكون بمثابة «مؤامرة فرنسية».

واقع الحال ان استقرار الجزائر هو اولوية للمسؤولين الفرنسيين لكون الجزائر بلداً جاراً لفرنسا، واذا حدث زعزعة في الاستقرار فهناك الملايين من الجزائريين المستعدين للقدوم الى فرنسا. ولنتذكر الزيارة الاولى التي قام بها الرئيس الفرنسي السابق جاك شيراك الى صديقه الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة بعد الهزة الارضية التي ضربت الجزائر، كانت هتافات الشعب الجزائري الى شيراك عندما جال مع بوتفليقة في حي باب الواد «شيراك فيزا فيزا» أي صرخة لطلب تأشيرات إلى فرنسا.

تربط الجزائر بفرنسا علاقة حب وكراهية، فالشعب الجزائري يشكك بكل نوايا الفرنسيين، لكنه اول ما يطمح اليه هو زيارة فرنسا وقراءة الصحف الفرنسية ومشاهدة محطات التلفزيون الفرنسي وتناول الطعام الفرنسي والاجبان الفرنسية، حتى انهم الآن اصبحوا يتطلعون الى تظاهرات السترات الصفر في فرنسا ويستوحون منها. وشك أن استقرار الجزائر اساسي لفرنسا، لكن باريس مدركة ان العسكر الجزائري شريك اساسي معها في مكافحة الارهاب في مالي والنيجر وليبيا. وفرنسا مهتمة بالحفاظ على العلاقة الثنائية مع جارتها، فالجزائر مزود مهم لفرنسا بالغاز الطبيعي كما أنها تشتري الكثير من فرنسا. واهم من ذلك كله التخوف الفرنسي من الاسلاميين المتطرفين الذين تم «تخديرهم» عندما تسلم بوتفليقة الرئاسة واجرى ما يسمى بالمصالحة الوطنية، فبإمكان هؤلاء أن يلتحقوا بتحرك الشباب والاستفادة منه للتخريب وزعزعة الاستقرار. هناك في فرنسا أكثر من مليوني فرنسي من اصل جزائري من اجيال مختلفة، والجالية التي اندمجت كلياً في المجتمع الفرنسي تتابع وتهتم بما يجري في بلدها الأصلي. الأخطر أن هنالك ارهابيين ارتكبوا عمليات وحشية في فرنسا باسم الاسلام غالبيتهم من شمال أفريقيا (جزائريون ومغاربة وتونسيون). ولا شك أن أوضاعاً غير مستقرة في الجزائر هي في مصلحة الارهاب المتطرف. هذا الهاجس يبقى في أذهان الطبقة الفرنسية الحاكمة التي لا تتمنى الفوضى للجزائر.

لكن العسكريين (والشلة) في السلطة الجزائرية أصروا على ترشيح بوتفليقة حماية لمصالحهم، في حين أنه كان ممكناً تخطي الخلافات للاتفاق على مرشح أكثر اقناعاً لشعب مستاء من شبح بوتفليقة الذي جعل المتظاهرين يثورون على النظام، لأنهم مدركون أنه هو الحاكم وليس بوتفليقة المريض.

الوضع الجزائري اليوم هو أولوية لفرنسا.

نقلا عن الحياة اللندنية

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

استقرار الجزائر أولوية فرنسية استقرار الجزائر أولوية فرنسية



GMT 23:29 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحو قانون متوازن للأسرة.. بيت الطاعة

GMT 23:27 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحن عشاق «الكراكيب»

GMT 23:25 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

التوت و«البنكنوت»

GMT 20:38 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

الصفقة مع ايران تأجلت... أو صارت مستحيلة

GMT 07:51 2021 السبت ,11 أيلول / سبتمبر

الملالي في أفغانستان: المخاطر والتحديات

GMT 20:02 2024 الأربعاء ,24 إبريل / نيسان

أحمد السقا أولي مفاجأت فيلم "عصابة المكس"
  مصر اليوم - أحمد السقا أولي مفاجأت فيلم عصابة المكس

GMT 20:53 2018 الأربعاء ,03 تشرين الأول / أكتوبر

أجاج يؤكد أن السيارات الكهربائية ستتفوق على فورمولا 1

GMT 02:41 2016 الأحد ,15 أيار / مايو

الألوان في الديكور

GMT 15:53 2020 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

إقبال على مشاهدة فيلم "Underwater" فى دور العرض المصرية

GMT 15:43 2019 الإثنين ,22 إبريل / نيسان

مجلس المصري يغري لاعبيه لتحقيق الفوز على الأهلي

GMT 14:25 2019 الخميس ,03 كانون الثاني / يناير

دراسة جديدة تُوصي بالنوم للتخلّص مِن الدهون الزائدة

GMT 17:44 2018 الإثنين ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

ريال مدريد يستغل الخلاف بين نجمي باريس سان جيرمان

GMT 03:56 2018 الجمعة ,19 كانون الثاني / يناير

عبدالله الشمسي يبتكر تطبيقًا طبيًا لمساعدة المرضى

GMT 14:00 2018 السبت ,13 كانون الثاني / يناير

أودي تطرح أفخم سياراتها بمظهر أنيق وعصري

GMT 17:49 2017 السبت ,02 كانون الأول / ديسمبر

مدير المنتخب الوطني إيهاب لهيطة يؤجل عودته من روسيا

GMT 19:33 2020 السبت ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

مقتل مغني الراب الأمريكي كينج فون في إطلاق نار بأتلانتا

GMT 23:01 2019 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

شبح إلغاء السوبر الأفريقي يطارد الزمالك والترجي

GMT 13:42 2019 الأربعاء ,04 أيلول / سبتمبر

تبحث أمراً مالياً وتركز على بعض الاستثمارات
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon