توقيت القاهرة المحلي 03:39:18 آخر تحديث
  مصر اليوم -

البحلقة في الآخرين

  مصر اليوم -

البحلقة في الآخرين

بقلم - أمينة خيري

ما الذى يجعل أحدهم يعتقد أن التحديق في الآخرين أمر طبيعى أو حرية شخصية؟ وحين تسأل المحدق عن سبب «البحلقة»، يتعجب ويقول: «هو أنا جيت ناحيته؟» أو «وهو البص (النظر) بفلوس؟!» أو «وهو أنا عملت حاجة حرام؟!».

بطبيعة الحال، المحدق فيه فى شوارعنا ومتاحفنا وأماكننا العامة عادة يكون أنثى. وبالطبع، لا يحق لأنثى أن تعترض على البحلقة، أو تسأل عن سبب التحديق، أو تطالب المحدق بالتوقف عن تصرفه. فالفعل معتاد وعادى، و«البص» مش بفلوس، والمرجعية الأخلاقية والسلوكية الوحيدة لدينا لا تخبر القاعدة العريضة أن «التحديق فى الآخرين» أمر مقيت، بمعنى آخر، «البحلقة مش حرام»!.

نقاش مثير وكاشف جرى قبل أيام مع زملاء على هامش «المتحف المصرى الكبير» العظيم الجميل الجليل الذى طال انتظاره. زار المتناقشون المتحف، كل مع أسرته أو أصدقائه، وعاد الجميع منبهرا مبتهجا بهذا الصرح الجبار الذى أعاد لمصر جزءا مما تستحق من مكانة سياحية وعودة للوعى المصرى بالهوية التى هلهلتها ثقافات لا تمت لنا بصلة، وخربتها أفكار قالت عن نفسها إنها تحمل الخير لمصر. وبعد الإجماع على السعادة والفخر، اتفقت الغالبية على وجود بعض السلوكيات والتصرفات التى ينبغى العمل على تطهيرها وإصلاحها حتى لا تفسد الطبخة بسبب «شوية ملح».

ضمن الانتقادات كان مسألة «البحلقة» فى السائحات. والحلول المطروحة تراوحت بين: عقاب المبحلق، والتدقيق فى الموظفين والعمال، لا سيما فى الأماكن السياحية، بحيث تكون «عدم البحلقة» من المواصفات المطلوبة للتعيين، وتضمين المناهج الدراسية محتوى يتعلق بالسلوكيات والتصرفات.

أخشى من التوسع فى طرح مسائل تتعلق بسلوكيات سخيفة أو تصرفات مرفوضة، تبدو تافهة، لكنها تلحق الضرر بإحدى أهم نقاط قوتنا، ألا وهى كوننا بلدا سياحيا من الطراز الفاخر، فيتفتق ذهن البعض عن دمجها فى الكتاتيب، وهو ما من شأنه المزيد من إقصاء منظومة التربية والتنشئة بعيدا عن «الصح» و«الخطأ» والإصرار على المزيد من إغراقها فى «الحلال» و«الحرام»، والمزيد من تجاهل السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية لصالح سلطة رجال الدين.

وللعلم والإحاطة، لا أتحدث هنا عن متلازمة النقاب والبكينى المقيتة، بل عن ألف باء الحرية الشخصية واحترام الآخرين.

من جهة أخرى، فإن حلولا مقترحة أخرى مثل معاقبة «المبحلق» هى أمر أقرب ما يكون إلى الخيال غير العلمى. هل نعين «عسكرى» يصاحب كل ذكر فى تحركاته، ويوقع العقوبة عليه حين «يبحلق» فى الإناث؟ وماذا عن «بحلقة» العسكرى نفسه؟.

أرى المسألة متعلقة بثقافة منتشرة لا تعتبر اختراق خصوصية الآخرين وحقوقهم عبر التحديق فيهم سخافة، بل أمرا عاديا. ولو كان المحدق فيه أنثى ترتدى ملابس غير مطابقة للزى الموحد، فالبحلقة ترتقى لتصبح مبررة تماما. الوعى بعافية، والعلاج يتطلب رفع الحجر الثقافى، وإنهاء الاحتلال الفكرى.

«البحلقة» فى الإناث جزء متناهى الصغر من حالة أكبر تتمثل فى تسليم عقول القاعدة العريضة لسطوة أخرى غير العلم والتعليم والتربية والقانون. معركة عودة الوعى لم تبدأ بعد.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

البحلقة في الآخرين البحلقة في الآخرين



GMT 20:59 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

فعلًا “مين الحمار..”؟!

GMT 11:07 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

الشيخان

GMT 11:05 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

مستقبل الردع الأميركي تقرره روسيا في أوكرانيا

GMT 11:03 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

لماذا الهُويّة الخليجية؟

GMT 10:58 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

هل تعود مجوهرات اللوفر المسروقة؟

GMT 10:51 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

البابا ليو: تعلموا من لبنان!

GMT 10:48 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

الطبع الأميركي يغلب التطبع!

GMT 10:27 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

من «ضد السينما» إلى «البحر الأحمر»!!

أجمل إطلالات نانسي عجرم المعدنية اللامعة في 2025

بيروت ـ مصر اليوم
  مصر اليوم - مكالمة سرية تكشف تحذيرات ماكرون من خيانة أمريكا لأوكرانيا

GMT 20:14 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر
  مصر اليوم - ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر

GMT 05:43 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الإثنين 01 ديسمبر/ كانون الأول 2025

GMT 01:38 2025 السبت ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

رونالدو يتسلم المفتاح الذهبي للبيت الأبيض من ترامب

GMT 15:45 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 07:30 2025 الخميس ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية مدهشة لعام 2026 ستعيد تعريف متعتك بالسفر

GMT 10:52 2020 الإثنين ,14 كانون الأول / ديسمبر

كل ما تريد معرفته عن قرعة دور الـ 16 من دوري أبطال أوروبا

GMT 11:36 2018 الأربعاء ,03 كانون الثاني / يناير

عبد الحفيظ يكشف انتهاء العلاقة بين متعب والأهلي

GMT 22:15 2017 الأحد ,15 تشرين الأول / أكتوبر

وزير الرياضة يكرم بطل كمال الأجسام بيج رامي الإثنين
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche,Achrafieh Beirut- Lebanon
egypt, egypt, egypt