توقيت القاهرة المحلي 15:54:27 آخر تحديث
  مصر اليوم -

تحية للأمهات المسحوقات والميسورات

  مصر اليوم -

تحية للأمهات المسحوقات والميسورات

بقلم : أمينة خيري

كان وسيظل عيد الأم من أجمل الأعياد. الاحتفاء بالأم شعور مستمر ومتغلغل. لكن ستظل فكرة رائعة أن يتم الاحتفاء بالأمهات اللاتى ولدن أبناءً وبنات، وأولئك اللاتى ربين وأثّرن فى بنات وأبناء، دون شرط الولادة فى يوم ربيعى من أيام العام. ورغم فقدانى والدتى الحبيبة قبل أيام قليلة، وهو فقدان أعمق من أى كلمات رثاء أو دموع بكاء، إلا أننى لا أحبذ أبدًا مطالبات البعض بعدم الاحتفاء به مراعاة لمشاعر من فقدوا أمهاتهم. بل أرى فى مثل هذه المطالبات تقليلًا من سمو مكانة الأمهات ومشاعرنا تجاههن. فوجود الأم جسديًا لم ولن يكون أبدًا شرطًا للاحتفاء بها.

مرة أخرى نحتفى بالأم وما تمثله الأم، وليس بأم بعينها أو بفئة من فئات الأمهات دون غيرهن. ولهذا أقول إنه لا يصح أبدًا أن نصر على المضى قدمًا فى حفر وتثبيت صورة نمطية واحدة لا ثانى لها لـ «الأم المثالية». مفهوم تمامًا أن الأم المطحونة المسحوقة المضروبة الغارقة فى فقر مدقع، هى أم مكافحة وتستحق أن نحملها على الأعناق، وندين لها جميعًا بالعرفان والاحترام. وبالطبع كلما زادت توليفة المصاعب والضغوط، حيث وفاة الزوج المبكر أو مرضه أو محاربة أهله لها، أو تخلى أهلها عنها، أو اختيارها الطريق الصعب، حيث تعليم الأبناء رغم ضيق ذات اليد، أو غير ذلك من الضغوط الرهيبة- اعتبرناها جميعًا أمًا رائعة ونموذجًا يحتذى.

لكنى أعترض قلبًا وقالبًا على تنميط «الأم المثالية» دائمًا وأبدًا فى تلك المرأة المسحوقة تمامًا، أو التى تعيش فى العدم أو الغارقة وأسرتها فى الضنك والعوز والبؤس والشقاء. أعلم تمامًا أن هذا يحدث منذ تم ابتكار عيد الأم فى مصر قبل 66 عامًا. لكن «الأفورة» سمتنا، والتنميط من عيوبنا، وصناعة آلهة بأفكار جامدة قاسية عنصرية احترفها البعض حتى صارت غير قابلة للمساس، وإن مسسناها تم نعتنا بالفوقية والطبقية وعدم الإحساس بالآخرين.

ومثل هذه الوصمات من شأنها أن ترهب كل من تسول له نفسه أن يقترح الخروج من حصر صورة الأم «المثالية» فى تلك السيدة الرائعة مدقعة الفقر أو شديدة البؤس التى تصعب على الكافر. ألا تستحق الأم المنتمية للطبقة المتوسطة، والتى لا تسف ترابًا بالضرورة، وربما لديها قصة نجاح ثرية، أن تكون نموذجًا يحتذى؟.. ألا تستحق الأم الأنيقة التى غرست فى أبنائها قواعد الذوق والأدب فى التعامل، مظهرًا وجوهرًا، أن تكون نموذجًا يحتذى؟.. ألا تستحق الأم المبتسمة خفيفة الظل، أو صاحبة النظرة الفلسفية فى الحياة، أو المعتنقة الأسلوب العلمى العملى فى التربية أن تكون نموذجًا هى الأخرى؟. هذه ليست دعوة لإقصاء الفقراء والمساكين، لكنها دعوة ليتسع صدر الفقراء والمساكين لغيرهم، ممن قد يكونون أوفر حظًا اقتصاديًا لكن لديهم نماذج لأمهات تحتذى، وقصص نجاح ليست غارقة بالضرورة فى تراجيديا القحط والضنك.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تحية للأمهات المسحوقات والميسورات تحية للأمهات المسحوقات والميسورات



GMT 05:26 2022 الأربعاء ,17 آب / أغسطس

حول التعديل الوزارى

GMT 19:15 2022 الأربعاء ,20 تموز / يوليو

هل بقيت جمهوريّة لبنانيّة... كي يُنتخب رئيس لها!

GMT 02:24 2022 الخميس ,09 حزيران / يونيو

لستُ وحيدةً.. لدىّ مكتبة!

GMT 19:37 2022 الأحد ,05 حزيران / يونيو

البنات أجمل الكائنات.. ولكن..

GMT 01:41 2022 السبت ,04 حزيران / يونيو

سببان لغياب التغيير في لبنان

GMT 16:30 2024 السبت ,27 إبريل / نيسان

نادين نجيم تكشف عن علامتها التجارية الخاصة
  مصر اليوم - نادين نجيم تكشف عن علامتها التجارية الخاصة

GMT 16:02 2024 السبت ,27 إبريل / نيسان

طرق سهلة لتحسين صحة الأمعاء والحفاظ عليها
  مصر اليوم - طرق سهلة لتحسين صحة الأمعاء والحفاظ عليها

GMT 18:29 2018 السبت ,01 أيلول / سبتمبر

طلعت زكريا يفاجئ جمهوره بخبر انفصاله عن زوجته

GMT 12:07 2018 الثلاثاء ,28 آب / أغسطس

كيفية تحضير كب كيك جوز الهند بالكريمة

GMT 09:10 2018 الأربعاء ,15 آب / أغسطس

"الهضبة" يشارك العالمي مارشميلو في عمل مجنون

GMT 10:56 2018 الأربعاء ,01 آب / أغسطس

النسخة العربية للعبة كابتن تسوباسا

GMT 14:08 2018 الأربعاء ,27 حزيران / يونيو

أوستراليا تسجل أدنى درجة حرارة خلال 10 سنوات

GMT 01:41 2018 الإثنين ,28 أيار / مايو

تريزيجيه يدعم محمد صلاح بعد الإصابة

GMT 22:03 2018 السبت ,31 آذار/ مارس

السبب العلمي وراء صوت "قرقعة الأصابع"

GMT 08:14 2018 الأحد ,21 كانون الثاني / يناير

محلات flamme تعرض مجموعتها الجديدة لشتاء 2018

GMT 18:05 2017 السبت ,16 كانون الأول / ديسمبر

"مازدا" تطرح الطراز الجديد من " CX-3 -2017"
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon