توقيت القاهرة المحلي 02:35:06 آخر تحديث
  مصر اليوم -

حلقة المظلومية

  مصر اليوم -

حلقة المظلومية

بقلم : أمينة خيري

مواطنون اعتادوا الضغط على مكابح القطار لإجباره على التوقف فى المحطات غير المدرجة فى جدوله. مواطنون اعتادوا ركوب المواصلات العامة دون شراء تذاكر وحين يضيق الكمسري أو المفتش الخناق عليهم، منهم من يقفز من العربة أثناء سيرها والباقى معروف. مواطنون اعتادوا بناء عقارات مخالفة فى شوارع ضيقة وبعد أن ينتهى البناء المخالف القائم غالبا على الرشوة يستخرجون الأوراق اللازمة لإدخال المرافق بعد سداد مبالغ مالية يسمونها غرامات على سبيل التصالح القانونى. وحين ينهار العقار المخالف على رؤوس المواطنين أو تندلع فى إحدى وحداته نيران أو ما شابه، تعجز سيارات الإطفاء أو كراكات البحث والتنقيب عن جثامين الضحايا أو المصابين عن دخول الشارع نظرا لأن قرينات العمارة المنكوبة جميعها مخالف وتم تشييده فى شارع لا وجود له فى المخطط العمراني من الأصل. مواطنون اعتادوا السير العكسى لأن ذلك يوفر لهم دقيقة وربعا من وقتهم الثمين أو لأنهم لا يدرون أن الطريق اتجاه واحد أو لأن مزاجهم كده. يدهسون أحدهم أو يصطدمون بسيارة أخرى أو تقتلهم سيارة مقابلة، ويتم وصف الفاجعة بالقضاء والقدر. منظومات بكائية مظلومية تدور فى دائرة واحدة لا ثانى لها حيث الحكومة الطاغية الباغية الظالمة تركت الناس تموت على الطرق والمواطنين يئنون تحت الركام، والأبرياء يتجرعون مرارة الظلم والحرمان.

هذا ما وجدنا عليه آباءنا وأجدادنا. لكن حلقة المظلومية عميقة وخبيثة. ففيها ما يستعصى فهمه وفيه ما جرى تنميطه ثم تعميمه حتى أصبح أمراً واقعاً مفروضاً فى كل كبيرة وصغيرة. فالغالبية لا تدقق فيما سبق من نماذج لفواجع وكوارث إلا فى زاوية واحدة لا ثانى لها، ألا وهى الفقر والغلب والعوز الذى يدفع الغلابة لإيقاف القطار فى غير محطته، أو التزويغ من شراء تذكرة، أو البناء المخالف، أو السير العكسى. ووصل التعميم القاتل إلى درجة تحول الغلب إلى ذريعة للبلطجة وحجة لكسر القوانين ومبرر للاستيلاء على حقوق الغير. ليس هذا فقط، بل أصبح المطالبون بتطبيق القانون فى مثل هذه الحالات أشبه بهولاكو الذى لا قلب له أو مشاعر. وتستمر الدائرة الخبيثة فى الدوران وإحكام الإغلاق. فالحكومة أو أذرع تنفيذ القانون باتت توصم بالقسوة والغلظة فى حال شدت حيلها وطبقت نصوص القوانين على المخالفين. وهنا تبدأ المعايرة. فكيف لحكومة - أى حكومة- اكتسبت على مدار عقود وربما قرون صفة الفساد أن تطالب المواطنين بعدم الفساد. ومن منا لم يسمع مقولة أن النظام الفلانى كان فاسداً ولكن على الأقل كان يسمع للفاسدين الصغار بقدر ملائم من الفساد؟! سنظل نعيش فى كوارث تتبعها اتهامات ثم مطالبات باستقالات أو إقالات ثم عودة إلى الإيقاع العادى ثم تقع كوارث وهلم جرا، وذلك لأن القانون يبقى كياناً غير مفهوم ولا يشكل جزءاً من وعى المواطن سواء كان فى الحكومة أو مواطناً عادياً.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حلقة المظلومية حلقة المظلومية



GMT 05:26 2022 الأربعاء ,17 آب / أغسطس

حول التعديل الوزارى

GMT 19:15 2022 الأربعاء ,20 تموز / يوليو

هل بقيت جمهوريّة لبنانيّة... كي يُنتخب رئيس لها!

GMT 02:24 2022 الخميس ,09 حزيران / يونيو

لستُ وحيدةً.. لدىّ مكتبة!

GMT 19:37 2022 الأحد ,05 حزيران / يونيو

البنات أجمل الكائنات.. ولكن..

GMT 01:41 2022 السبت ,04 حزيران / يونيو

سببان لغياب التغيير في لبنان

الملكة رانيا تُعيد ارتداء إطلالة بعد تسع سنوات تعكس ثقتها وأناقتها

القاهرة - مصر اليوم

GMT 09:41 2019 الأربعاء ,24 إبريل / نيسان

"قطة تركيّة" تخوض مواجهة استثنائية مع 6 كلاب

GMT 09:12 2020 الثلاثاء ,07 إبريل / نيسان

هاشتاج مصر تقود العالم يتصدر تويتر

GMT 12:10 2020 السبت ,18 كانون الثاني / يناير

رفيق علي أحمد ينضم إلى فريق عمل مسلسل "عروس بيروت"

GMT 03:39 2020 السبت ,11 كانون الثاني / يناير

مادلين طبر تؤكد أن عدم الإنجاب هي أكبر غلطة في حياتها

GMT 18:39 2020 الأحد ,05 كانون الثاني / يناير

التفاصيل الكاملة لحريق شقة الفنانة نادية سلامة.

GMT 05:47 2019 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

تعرف على سعر الجنيه المصري مقابل الدينار الاردني الأحد

GMT 13:22 2019 الأربعاء ,27 آذار/ مارس

قائمة "نيويورك تايمز" لأعلى مبيعات الكتب

GMT 20:50 2018 الأحد ,23 كانون الأول / ديسمبر

مقلوبة لحم الغنم المخبوزة في الفرن
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon