توقيت القاهرة المحلي 10:55:16 آخر تحديث
  مصر اليوم -

معضلات إدارة بايدن

  مصر اليوم -

معضلات إدارة بايدن

بقلم : عبد المنعم سعيد

بعد أسابيع من التأخير والدعاوى القضائية التي رفعتها إدارة ترمب، انغمس فريق الرئيس المنتخب جو بايدن، في انتقال رسمي للسلطة، حيث بدأ مساعدوه في الاجتماع مع مسؤولي البيروقراطية الفيدرالية الأميركية الواسعة. وهكذا عقدوا ما لا يقل عن عشرين اجتماعاً مع مسؤولي ترمب، وفي مناقشات نشطة مع كل وكالة اتحادية، وكذلك البيت الأبيض، استعداداً للمهمة الشاقة المتمثلة في تولي الاقتصاد المنهار والإشراف على توزيع لقاح فيروس كورونا. لقد كانوا على اتصال مع أنتوني إس فاوتشي، الذي قال بايدن إنه سيحتفظ به كأفضل خبير في الأمراض المعدية في البلاد. وبدأ الرئيس المنتخب في تلقي الموجز اليومي للرئيس، وهو عبارة عن مجموعة من المعلومات الأكثر حساسية التي تؤثر على الأمة، ويمكن الآن استخدام المرافق الآمنة التي أنشأها فريق بايدن في واشنطن وفي ويلمنغتون بولاية ديلوير، لمراجعة الموضوعات السرية. وطبقاً لإحدى الصحف الأميركية حصل فريق بايدن على عناوين بريد إلكتروني جديدة في الساعات التي أعقبت التحول رسمياً، إلى جانب نطاق موقع إلكتروني جديد تابع للحكومة الفيدرالية. واستعدوا لمراجعة ملفات الإحاطة الضخمة التي توفر تحديثات حول الميزانيات والمشاريع القادمة واللوائح الناشئة، ويمكن لمكتب التحقيقات الفيدرالي الآن البدء في إجراء فحوصات خلفية مرشحي بايدن.
ولم تمض أيام على هذه الخطوات حتى عيّن الرئيس المنتخب جو بايدن، ستة قادة من فرق السياسة الخارجية والأمن القومي، كما أنه من المقرر أن يعيّن رئيسة مجلس الاحتياطي الفيدرالي السابقة جانيت يلين وزيراً لخزانته (74 عاماً)، وهي أول امرأة تتولى رئاسة الاحتياطي الفيدرالي، وستكون أول امرأة تتولى رئاسة الخزانة الأميركية. وبشكل عام، فإن الوجود النسائي قوي في إدارة بايدن، بدءاً من كامالا هاريس، وستكون أول امرأة وأول امرأة سوداء وأول أميركية هندية وأول أميركية آسيوية تشغل منصب نائب الرئيس. وهو تعبير من ناحية أخرى عن موقف إيجابي من الأقليات التي جذبت إلى المجموعة الرئاسية أليخاندرو مايوركاس، الذي كان نائب وزير الأمن الداخلي خلال إدارة أوباما، وهو أول مهاجر لاتيني يتم ترشيحه لمنصب وزير الأمن الداخلي. وتم اختيار أفريل هاينز للعمل مديرةً للاستخبارات الوطنية، وإذا تم تأكيد ذلك، فإنها ستصبح أول امرأة تقود مجتمع الاستخبارات. ومن أصول أفريقية تم تعيين ليندا توماس جرينفيلد لمنصب سفيرة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة. وباختصار، فإنه بالإضافة إلى تمثيل الأقليات، فإن السمة العامة للتعيينات هي لأصحاب التاريخ البيروقراطي الذي خدم مع بايدن شخصياً مثل آنتوني بليكن وزير الخارجية، وجيك سوليفان مستشار الأمن القومي، اللذين يمثلان الصورة النقية لهذه المجموعة في التاريخ الطويل من الخبرة على سلم الارتقاء التنفيذي. وحتى الآن فإنه لا يبدو داخل إدارة بايدن شخصيات من وزن وخيال هنري كيسنجر أو جيمس بيكر. الوحيد الذي تبدو له هوية سياسية كان وزير الخارجية السابق جون كيري، الذي قاد المفاوضات حول اتفاقيات باريس للمناخ، كمبعوث رئاسي خاص للمناخ لعضوية مجلس الأمن القومي.
وبطريقة ما، فإن بايدن في أيامه الأولى هبط مثل جنود المظلات الناجحين في الهبوط على قاعدة السلطة، وهو يجري جاهزاً لمزاولتها. المعضلة الأولى التي يواجهها هي أن الانتخابات، وإن كانت حملته إلى البيت الأبيض، فإنه سوف يجد أميركا مختلفة عن تلك التي تعود عليها طوال العقود الخمسة من العمل السياسي. وربما كان توماس فريدمان قاسياً حينما ذكر في مقال بـ«نيويورك تايمز» 4 نوفمبر (تشرين الثاني) أنه ربما لا يدري من سيكون الفائز في الانتخابات الأميركية، ولكنه يعرف من هو الخاسر: الولايات المتحدة الأميركية. الحجة الذائعة هنا أن الرئيس دونالد ترمب سوف يظل دائماً حالة خاصة بين الرؤساء الأميركيين. الرجل نجح في الوصول إلى سدة الرئاسة والبقاء فيها لأربع سنوات، رغم كل المواجهة مع «المؤسسة الأميركية» المركبة من العديد من المؤسسات التاريخية، بعضها في الدولة العميقة، وبعضها الآخر في الدولة الصريحة، وأكثر من ذلك في الإعلام الجاد، وحتى إعلام ما بعد منتصف الليل، حيث تتراكم البرامج الكوميدية في محاولتها للسخرية من رئيس الدولة حتى من قبل أن يصل إلى البيت الأبيض. في كل الأحوال نجح في البقاء داخل نقطة المركز والاهتمام العام بتغريدات تبدأ قبل طلوع الفجر ولا تنتهي عند قدوم الليل، وفيما بينهما سياسات مدهشة للرأي العام الأميركي والعالم أيضاً. ورغم ما يبدو من هزيمة في الانتخابات الأميركية التي جاءت بجو بايدن؛ فإنه حصل على أكثر من 72 مليون صوت، بزيادة قدرها ثمانية ملايين صوت عما كان عليه الحال في الانتخابات السابقة. هذه المعضلة سوف تجعل من عملية توحيد الأميركيين مرة أخرى، التي وضعها بايدن على رأس أولوياته، مسألة صعبة، وربما لن تحسم قبل انتخابات عام 2024.
المعضلة الثانية أمام بايدن هي رؤيته الخاصة للسياسة الخارجية الممتلئة بالمتناقضات. وقبل شهور نشر الرجل مقالاً مهماً في دورية الشؤون الخارجية تحت عنوان «لماذا ينبغي لأميركا أن تقود مرة أخرى؛ إنقاذ السياسة الخارجية الأميركية بعد ترمب». أولاً هذه الرؤية تضع ترمب، كما لو كان هو المرجعية التي لا بد من معاكستها أو التناقض والاختلاف معها، فباتت سنوات الرئيس السابق الأربع الماضية هي أساس السياسة الجديدة، وليس الأربع سنوات المقبلة، وما سوف يؤثر فيها من متغيرات. وثانياً أن الإطار الديمقراطي الليبرالي بات لدى بايدن «آيدولوجية» تقوم على حلف للديمقراطيين والليبراليين في العالم، رغم العلم والاعتراف في المقال أن تراجعاً قد جرى في المسيرة الديمقراطية الغربية خلال السنوات الأخيرة، بحيث بات الميزان الدولي مختلفاً عما كان عليه خلال العقد الأول من القرن الواحد والعشرين. هنا فإن قيادة العالم لا تكون بخلط أوراق العلاقات الدولية والاضطراب في المفاهيم بين الديكتاتورية والسلطوية والأوتوقراطية، والواقع التاريخي للتطور في دول العالم المختلفة، وما حملته الآيدولوجية الليبرالية الديمقراطية من انقسامات حادة انقلبت أحياناً إلى حروب أهلية، وعانت من بعضها الولايات المتحدة ذاتها خلال الأعوام الأخيرة. وثالثاً أن بايدن يرى أولوية في توحيد الغرب مرة أخرى معرفاً بحلف الأطلنطي ودول المعاهدات الدفاعية مع اليابان وأستراليا وكوريا الجنوبية كطريق لإعادة التوازن العالمي مرة أخرى. ولكن ذلك كان تحديداً هو ما دفع روسيا إلى مزيد من العدوانية، وبالتأكيد فإنه لن يكون مريحاً للصين التي يرغب بايدن في التفوق عليها اقتصادياً، ثم الاستعانة بها في التجارة والتوصل إلى اتفاق عادل مع كوريا الشمالية. ورابعاً أن بايدن لا تبدو عليه دراية بالحالة التي وصلت إليها أوروبا حالياً بعد الخروج البريطاني من الاتحاد الأوروبي، وانقسام أوروبا ذاتها يوماً ما بين «أوروبا الجديدة» والأخرى «القديمة»؛ وما بين أوروبا «الترمبية» المحافظة والمعادية للأجانب وأميركا بدون ترمب، وأوروبا الليبرالية الفرحة حالياً لوصول بايدن إلى السلطة. وخامساً أن أميركا نفسها لم تعد كما كانت من حيث الوزن والتأثير، وتلك ربما تكون معضلة المعضلات.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

معضلات إدارة بايدن معضلات إدارة بايدن



GMT 23:29 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحو قانون متوازن للأسرة.. بيت الطاعة

GMT 23:27 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحن عشاق «الكراكيب»

GMT 23:25 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

التوت و«البنكنوت»

GMT 20:38 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

الصفقة مع ايران تأجلت... أو صارت مستحيلة

GMT 07:51 2021 السبت ,11 أيلول / سبتمبر

الملالي في أفغانستان: المخاطر والتحديات

الملكة رانيا بإطلالات شرقية ساحرة تناسب شهر رمضان

عمان ـ مصر اليوم

GMT 00:36 2024 الخميس ,28 آذار/ مارس

ميسي يتحدث عن "العامل الحاسم" في اعتزاله
  مصر اليوم - ميسي يتحدث عن العامل الحاسم في اعتزاله

GMT 02:02 2021 الخميس ,21 كانون الثاني / يناير

الملكي يتقدم 1-0 قبل نهاية الشوط الأول ضد ألكويانو

GMT 10:15 2021 الإثنين ,18 كانون الثاني / يناير

للمرة الثانية أسبوع الموضة في لندن على الإنترنت كلياً

GMT 14:16 2021 الأحد ,03 كانون الثاني / يناير

الحكم في طعن مرتضى منصور على حل مجلس الزمالك

GMT 09:20 2020 الأحد ,13 كانون الأول / ديسمبر

طريقة لتبييض الأسنان ولإزالة الجير دون الذهاب للطبيب

GMT 08:52 2020 السبت ,24 تشرين الأول / أكتوبر

أسعار العملات الأجنبية مقابل الجنيه المصري اليوم السبت

GMT 02:02 2020 الأربعاء ,14 تشرين الأول / أكتوبر

مصر على أتم الاستعداد لمواجهة أى موجة ثانية لفيروس كورونا

GMT 09:09 2020 الأحد ,11 تشرين الأول / أكتوبر

حسام حسني يؤكد لو تم علاج ترامب في مصر لكان شفائه أسرع

GMT 14:47 2020 الأربعاء ,09 أيلول / سبتمبر

أستون فيلا يعلن عن تعاقده مع أغلى صفقة في تاريخه

GMT 04:36 2020 الخميس ,20 شباط / فبراير

ابن الفنان عمرو سعد يكشف حقيقة انفصال والديه
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon