توقيت القاهرة المحلي 02:19:58 آخر تحديث
  مصر اليوم -

دفاعا عن الشعب اللبنانى وصورته

  مصر اليوم -

دفاعا عن الشعب اللبنانى وصورته

بقلم: عماد الدين حسين

فى إحدى المجموعات «الجروبات» العربية على الواتساب، وضع أحد الأعضاء فيديو لفتاة لبنانية جميلة جدا، ترتدى ملابس جريئة، وهى تحض المتظاهرين على النزول والمشاركة، وأتبع ذلك بتعليق ساخر، العضو وضع الفيديو ليس لعرض آخر أخبار الاحتجاجات، أو للمناقشة الموضوعية بشأن ما يحدث هناك، لكنه، اختزل هذه المظاهرات المهمة جدا فى صورة هذه الفتاة المتحررة طبقا لمفهومه هو عن التحرر، والنتيجة هى انقسام بين أعضاء المجموعة حول مدى أخلاقية وضع هذا الفيديو بما يوحى بتسفيه نضال الشعب اللبنانى الباحث عن مواجهة الفقر والفساد.
ما حدث فى هذا الجروب الذى يضم نخبة متميزة من كتاب وصحفيين وباحثين ورجال أعمال، ليس ظاهرة فردية، بل أمر يتكرر تقريبا فى الوطن العربى، فى كل مظاهرات يشهدها لبنان منذ الانقسام الشهير فى مظاهرات ٨ و١٤ مارس عام ٢٠٠٥ عقب اغتيال رفيق الحريرى.
تكرار هذا الأمر يكشف عن مرض عربى مزمن، يتلخص فى أن فئات وقطاعات عربية كثيرة تختزل لبنان كله فى صورة بضع فتيات جميلات متحررات فقط.
خطورة هذه النظرة النمطية، أنها تلغى كل ثقافة وحضارة لبنان، لصالح هذه الصورة النمطية!!.
شخصيا كدت أصدق هذه الصورة عن لبنان واللبنانيين، حتى بدأ الأمر ينجلى رويدا رويدا.
أول زيارة لى خارج مصر كانت فى 25 يوليو ١٩٩٠ إلى لبنان عبر الدخول والخروج برا من نقطة حدود المصنع مع سوريا، وذلك للمشاركة فى معسكر الشباب القومى العربى الذى كان يضم شبابا من العديد من الدول العربية، وأقيم وقتها فى مجمع عمر المختار فى بعلبك.
قضيت قرابة أسبوعين، وزرت معظم المدن اللبنانية، واطلعت على التركيبة الطائفية، ليس عبر القراءات فقط، ولكن من الواقع، واكتشفت وقتها مبكرا أن الوجود السورى فى لبنان كان أقرب فعلا إلى الاحتلال منه إلى مساعدة القوى الوطنية، وهو ما لم يجعلنى استغرب ما حدث هناك عقب اغتيال رفيق الحريرى.
فى هذه الزيارة زرت بيوت زملاء لبنانيين، واكتشفت أنهم يعيشون حياة عادية مثل كل شعوب العالم، لا يعيشون جميعا فى قصور أو يملكون طائرات هليكوبتر، أو لديهم حسابات بنكية فى أوروبا وأمريكا اللاتينية.
تعزز هذا الانطباع أكثر حينما سافرت إلى الإمارات العربية للعمل فى صحيفة البيان لمدة عشر سنوات «١٩٩٨ ــ ٢٠٠٨». هذه التجربة كانت ثرية جدا فى مجالات كثيرة منها اكتشاف تميز وعبقرية الشعب اللبنانى.
فى هذه الفترة عملت مع زملاء لبنانيين كثيرين، مما جعلنى أتأكد أن أحفاد الفينيقيين مظلومون كثيرا بهذه النظرة الضيقة التى تعامل بالمرأة اللبنانية، وكأنهن جميعا مطربات أو عارضات أزياء أو إعلاميات، لا هم لديهن سوى ارتداء الملابس المميزة، وتنظر إلى الرجال باعتبارهم منفتحين ومتحررين أكثر مما ينبغى!.
فى هذه الفترة اكتسبت صداقات عديدة مع إعلاميين لبنانيين منهم أمين قمورية وعلى بردى وعلى حجيح ومحمد الشرايدة وجنا نصر الله، وكان جيرانى فى المسكن فى دبى والشارقة من اللبنانيين. وفى الإمارات أيضا أدركت أن اللبنانى يتميز عن سائر الشعوب العربية بحب المغامرة والإقدام والتجارب المستمرة، وإجادة أكثر من لغة أجنبية مع تميز فى إجادة العربية، مقارنة بغالبية العرب والمصريين مثلا الذين يفضلون الاستقرار والرضا بالقليل.
الشخصية اللبنانية تحب الشياكة والتأنق، ولا أعرف لماذا يتم السخرية من ذلك باعتباره عيبا، أو لماذا يتم التهكم على جمال اللبنانيات، وكأنه نقيصة أو «حاجة عيب»!.
لبنان بالنسبة لى هو فيروز والرحبانية ومارسيل خليفة وماجدة الرومى وجبران خليل جبران وإيليا أبوماضى، وأمين معلوف وآل تكلا مؤسسى الأهرام وآل زيدان مؤسسى دار الهلال
وقسطنطين زريق وصحف النهار والسفير، وجيش طويل عريض من المبدعين فى كل مجالات الحياة من الفن للأدب إلى الثقافة والسياحة نهاية بالمقاومة التى دحرت العدو الإسرائيلى قبل أن يتحول جزء منها ليصبح طائفيا.
نعم هناك طائفية مقيتة وطبقة سياسية فاسدة، ويمكن تفهم حب المصريين والعرب للفكاهة والنكات، لكن اختزال صورة نضال الشعب اللبنانى ورغبته فى التحرر من القهر والفساد، يصعب اختزالها فى صورة متظاهرة متأنقة أو متحررة، أو لافتة أو هتاف غريب لمتظاهر.
تحية رعزاز وتقدير للشعب اللبنانى المحب للحياة، والمغامرة، والذى أثبت فى الأيام الأخيرة أنه شعب واحد رغم كل فساد النظام الطائفى.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

دفاعا عن الشعب اللبنانى وصورته دفاعا عن الشعب اللبنانى وصورته



GMT 23:29 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحو قانون متوازن للأسرة.. بيت الطاعة

GMT 23:27 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحن عشاق «الكراكيب»

GMT 23:25 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

التوت و«البنكنوت»

GMT 20:38 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

الصفقة مع ايران تأجلت... أو صارت مستحيلة

GMT 07:51 2021 السبت ,11 أيلول / سبتمبر

الملالي في أفغانستان: المخاطر والتحديات

أجمل فساتين السهرة التي تألقت بها سيرين عبد النور في 2025

بيروت ـ مصر اليوم

GMT 09:56 2025 الجمعة ,05 كانون الأول / ديسمبر

حظك اليوم برج الحوت الجمعة 05 ديسمبر/ كانون الأول 2025

GMT 09:41 2025 الجمعة ,05 كانون الأول / ديسمبر

حظك اليوم برج العقرب الجمعة 05 ديسمبر/ كانون الأول 2025

GMT 08:55 2025 الجمعة ,05 كانون الأول / ديسمبر

حظك اليوم برج الأسد الجمعة 05 ديسمبر/ كانون الأول 2025

GMT 17:50 2017 الأحد ,29 تشرين الأول / أكتوبر

بتروجيت يحفز لاعبيه بالمكافآت قبل مواجهة الزمالك

GMT 10:06 2020 الأربعاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

النفط يصعد بأكثر من 2% مع اقبال المتعاملين على المغامرة

GMT 02:00 2019 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

تفاصيل انفجار كاد يودي بحياة أسرة كاملة في البدرشين

GMT 11:34 2019 الأربعاء ,09 تشرين الأول / أكتوبر

حمدوك يُؤكِّد مساعدات الأشقاء تُساعد على حل الأزمة المالية
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche,Achrafieh Beirut- Lebanon
egypt, egypt, egypt