توقيت القاهرة المحلي 16:07:05 آخر تحديث
  مصر اليوم -

أين ذهب التضامن مع القدس؟!

  مصر اليوم -

أين ذهب التضامن مع القدس

بقلم - عماد الدين حسين

قبل أيام نشر الزميل والصديق عمرو سليم رسام الكاريكاتير الأبرز فى مصر، رسما ملفتا فى الصفحة الأخيرة للزميلة «المصرى اليوم»، ومضمونه أن مسئولا إسرائيليا يسأل الرئيس الامريكى ترامب ساخرا عن الشىء الذى وضعه فى الشراب للمسئولين والحكام العرب، بحيث جعلهم يتقبلون قراره بنقل السفارة الامريكية إلى القدس بمثل هذه السهولة؟!!.

عمرو عبّر فى «رسمة واحدة» بأفضل مما يمكن أن يحويه مقال من مليون كلمة وربما أكثر . ومع ذلك نسأل ونكرر السؤال المنطقى والبديهى وهو: أين ذهب التضامن العربى والإسلامى والعالمى مع قضية القدس المحتلة؟!.

حينما قرر ترامب نقل السفارة الأمريكية إلى القدس العربية، شهدنا انتفاضة عربية إسلامية حقيقية، بل إن بلدانا أوروبية حليفة لواشنطن، عارضت القرار علنا، وانتقدته بشدة. ولأول مرة شهدنا توافقا عربيا إسلاميا على قضية واحدة.

المواطنون العرب عبّروا عن غضبهم بوسائل شتى من أول التظاهر والاحتجاج كما حدث فى فلسطين ولبنان، أو فى خطب المساجد، أو على صفحات التواصل الاجتماعى.
بعدها بأيام كتبت فى هذا المكان تحت عنوان: «التضامن مع القدس بتغيير صورة البروفايل»!!، محذرا من أن يكون ما حدث هو مجرد «انتفاضة فيسبوكية»، سرعان ما ستنتهى. ولم أكن وحدى بل إن بعضا من الكتاب والمعلقين فعلوا الأمر نفسه.

وباستثناء الشعب الفلسطينى البطل والصامد داخل أرضه، فلم نجد تحركا عمليا يواجه وعد ترامب أو ممارسات الاحتلال القمعية المتواصلة، والتى أسقطت عشرات الشهداء والمصابين وآلاف المعتقلين.

لكن للأسف الشعب الفلسطينى لن يحرر القدس وفلسطين وحده، لأن العدو متفوق نوعيا وكميا فى مجالات كثيرة، والمشكلة الحقيقية هى أن غالبية العرب والمسلمين، صاروا لا يتعاملون مع القضية الفلسطينية، باعتبارها قضيتهم المركزية. صار لكل دولة قضيتها المركزية، خصوصا البلدان التى ابتليت بداء الإرهاب مثل سوريا والعراق، أو داء التفكك والانقسام مثل ليبيا واليمن أو الطائفية مثل لبنان، أو الخوف من النفوذ الإيرانى مثل غالبية بلدان الخليج، أو الأزمة الاقتصادية والتهديدات الارهابية مثل مصر. هناك حكومات عربية صارت تنسق مع إسرائيل علنا ضد إيران.

غالبية الحكومات قمعت مواطنيها بصورة ممنهجة بحيث أن هذه الشعوب ضعفت واستكانت، أو صارت منهكة ومشتتة ما بين شعورها القومى الطبيعى بالتضامن مع فلسطين والقدس، وما بين حياتها اليومية المعيشية البائسة.

وطهران نفسها تقول كلاما كبيرا وعظيما عن التضامن مع القدس. لكن ما تفعله عمليا على أرض الواقع أنها تحاول السيطرة على البلدان العربية المجاورة.

وبالمثل فهناك بلدان مثل قطر وتركيا، ترفع راية التضامن مع فلسطين وتندد بقرار ترامب، لكن على أرض الواقع فإن قطر تستضيف أكبر قاعدة عسكرية أمريكية خارج بلادها وهى «العديد»، وتركيا تستضيف أكبر قاعدة لحلف الأطلنطى وهى«انجرليك»، ولو كانوا صادقين فى كلامهم لأغلقوا هذا القواعد فورا، ولقطعت تركيا علاقتها مع إسرائيل!.
فى الماضى كنا نهدد إسرائيل بورقة التطبيع حتى تنصاع للقانون الدولى أو حتى تطبق اتفاقيات أوسلو الجزئية، لكننا وصلنا إلى حال، يترجى فيها البعض التطبيع مع إسرائيل من دون أى مقابل إلا الحماية من إيران!

الواقع مر ومرير ومأساوى، لكن ذلك ليس قدرا سرمديا مستمرا، وهناك نقاط ضوء ينبغى التمسك بها.

فقبل أيام كان هناك مؤتمر الأزهر العالمى لنصرة القدس واستمعنا إلى كلام طيب من غالبية المتحدثين، خصوصا كلمة شيخ الأزهر الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب. لكن الرجل نفسه قال إن الكلام وحده لا يفيد، وتحدث عن نقاط وخطوات وإجراءات عملية، ينبغى اتخاذها على أرض الواقع، إذا كنا جادين فعلا فى التضامن مع القدس ومنها مثلا تغيير المناهج الدراسية حتى يدرك التلاميذ والطلاب أن هناك قضية اسمها القدس يدنسها الاحتلال الصهيونى الفاجر.

ويبقى السؤال الجوهرى: إذا كنا نعرف لماذا تتخذ الحكومات هذا الموقف المخزى، فما هو تفسير هذا الموات الشعبى؟!.

الإجابة ببساطة أننا وصلنا إلى هذه الحالة بفعل سياسات ممنهجة منذ عقود طويلة. كان منطقيا أن تقود إلى هذه الحالة سياسات تتحملها الحكومات والنخب والمثقفون والمعارضة خصوصا الإسلامية التى تاجرت بالدين، ومهدت لإسرائيل وأمريكا التربة لنصل إلى هذا الموقف المأساوى.

نقلا عن الشروق المصريه

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أين ذهب التضامن مع القدس أين ذهب التضامن مع القدس



GMT 03:48 2024 الخميس ,16 أيار / مايو

قلنا: تفكير.. قالوا: تحصين وتكفير

GMT 03:47 2024 الخميس ,16 أيار / مايو

فتح ملف الصناعة (١) «القانون هو الحل»

GMT 03:45 2024 الخميس ,16 أيار / مايو

حسام حسن غلط فى دوري!!

GMT 03:36 2024 الخميس ,16 أيار / مايو

د. أسامة السعيد.. هل يصبح خليفة سعيد سنبل؟!

GMT 03:25 2024 الخميس ,16 أيار / مايو

«الجن» برىء من الحرائق

أجمل إطلالات الإعلامية الأنيقة ريا أبي راشد سفيرة دار "Bulgari" العريقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 15:09 2024 الخميس ,16 أيار / مايو

«عادل إمام» الحاضر الأقوى في سينما 2024
  مصر اليوم - «عادل إمام» الحاضر الأقوى في سينما 2024

GMT 11:37 2024 السبت ,02 آذار/ مارس

أطفالنا بين القيم والوحش الرقمي

GMT 17:27 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

تيري هنري يُتابع المنتخب المكسيكي قبل ودية بلجيكا

GMT 17:47 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

زيدان يطالب إدارة ريال مدريد بالتعاقد مع سون نجم توتنهام

GMT 15:35 2020 الأربعاء ,01 إبريل / نيسان

معلومات عن جاك اندرو بعد وفاته بسبب كورونا

GMT 06:10 2020 الإثنين ,30 آذار/ مارس

تعرف على حالة الطقس المتوقعة في مصر الاثنين

GMT 01:48 2020 الخميس ,30 كانون الثاني / يناير

شريف عامر يحاور أسرة مصرية صينية بـ"كمامة" على الهواء

GMT 17:48 2019 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

الرئيس السيسي يهنئ سلطنة عمان بالعيد الوطني

GMT 11:02 2019 الأربعاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

"المرأة المصرية تحت المظلة الأفريقية" في بيت ثقافة القصير
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon