توقيت القاهرة المحلي 16:49:40 آخر تحديث
  مصر اليوم -

باليرمو والمهمة المستحيلة

  مصر اليوم -

باليرمو والمهمة المستحيلة

بقلم : عطيــة عيســوى

وسط تشكيك فى إمكانية نجاحه وفى أهداف مَن دعا إليه ومَن سيشارك فيه ينعقد فى باليرمو بإيطاليا غدا مؤتمر لمحاولة كسر الجمود فى مساعى حل الأزمة الليبية فى وقت تستفحل فيه الميليشيات المسلحة ويزداد انتشار تنظيمى داعش والقاعدة وتعيث الجماعات المسلحة القادمة من تشاد ودارفور والنيجر فى الجنوب فسادا بينما يدور جدل بيزنطى بين أطراف الأزمة طوال خمس سنوات ويتمترس كل طرف وراء مطالبه التى تلبى مصالحه ومصالح قبيلته بصرف النظر عن حقوق الآخرين.ولأن شيئا لم يتغير باستثناء الإتفاق المبدئى بين البرلمان الشرعى فى طبرق والمجلس الأعلى للدولة فى طرابلس على تعديل نظام السلطة التنفيذية الذى لم يُنفذ بعد، فمن غير المتوقع أن يسفر المؤتمر عن انفراجة حقيقية بل وعود شفوية على غرار ما حدث فى باريس مرتين وعودة الكرة الليبية إلى الملعب الإيطالى من الملعب الفرنسى الذى أثار قلق وانتقادات روما مستعمِرة ليبيا السابقة.

  فهدف المؤتمر كما قال مسئول إيطالى هو الاستماع إلى آراء الليبيين حول كيفية مواجهة التحديات التى يمر بها بلدهم ودعم خريطة الطريق التى اقترحها غسان سلامة مبعوث الأمم المتحدة وإيجاد أرضية توافقية لإنجاح المسار الديمقراطى وتحقيق الاستقرار.ومعنى هذا أنه ليست لدى إيطاليا اقتراحات أو خطة سلام محددة للتفاوض حولها، الأمر الذى يرجح عدم إحراز المؤتمر تقدمًا ذا مغزي، بل قد يحدث العكس وتدفع الخلافات التى تُثار داخله الأطراف الليبية إلى التراجع عما سبق أن اتفقت عليه بتعديل نظام السلطة التنفيذية وعدم السعى للاتفاق حول قضايا أخرى ملحة.أما لماذا شاركت الأطراف الليبية فى المؤتمر طالما أن مواقفها متباعدة إلى هذا الحد فهو عدم رغبة أى منهم فى أن يظهر أمام الشعب الليبى أو المجتمع الدولى بمظهر الذى يعرقل إحلال السلام وإنهاء معاناة االليبيين ولتفادى العقوبات التى هددت الأمم المتحدة بفرضها على مَن يعوق عودة السلام والاستقرار ولكسب وُد دول مثل إيطاليا للحصول على مساعدتها ماديا وأمنيا أو فى قضايا مثل مطالبة مجلس الأمن بإلغاء قرار حظر توريد السلاح.

  أطراف الصراع الرئيسية (خليفه حفتر قائد الجيش وفايز السرَّاج رئيس المجلس الرئاسى وعقيله صالح رئيس البرلمان وخالد المشرى رئيس المجلس الأعلى للدولة) كانوا قد اتفقوا فى باريس فى مايو على وضع الأسس الدستورية للانتخابات وإقرار القانون المنظِّم لها بحلول 16 سبتمبر الماضى تمهيدا لإجرائها يوم 10 ديسمبر المقبل لكن ذلك لم يحدث مما جعل إجراءها فى الموعد المحدد شبه مستحيل. فمجلس النواب فشل مرارا فى توفير النصاب القانونى لانعقاده لإقرار قانون الاستفتاء على الدستور قبل أن ينتقل إلى قانون الانتخابات، ولما أعلن أنه تمكن من إقراره مع عدم إحالته إلى المفوضية العليا للانتخابات إلاَّ بعد تعديل الإعلان الدستورى القائم وهو ما يحتاج إلى موافقة المجلس الأعلى للدولة أيضا، سارع نواب إقليم برقه إلى إعلان عدم اعترافهم بشرعية تلك الخطوة بدعوى أنها تمت فى غير أيام العمل الرسمية واشترطوا أن يتم تعديل الإعلان الدستورى أولًا لأن مادته السادسة تقسم ليبيا إلى ثلاث دوائر لإجراء الاستفتاء وهو ما يحتاج لأغلبية الثلثين.

  ورغم اتفاق مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة (الغرفة الأخرى للبرلمان) على تقليص عدد أعضاء المجلس الرئاسى إلى ثلاثة (رئيس ونائبين) بدلًا من تسعة وتشكيل حكومة منفصلة برئاسة رئيس وزراء مستقل لإدارة الدولة كلها خلال المرحلة الانتقالية فيما يُعتبر أول توافق بينهما إلاَّ أنها مجرد تلبية لواحد من شروط أربعة وضعها النواب للتعاون مع المجلس من بينها إلغاء المادة الثامنة من اتفاق الصخيرات التى تعطى المجلس الرئاسى حق تولى القيادة العليا للجيش وتغيير قياداته، وهو ما اعترض عليه حفتر وصالح، وتضمين الاتفاق السياسى فى الإعلان الدستورى وتشكيل لجنة مشتركة لبحث تشكيل السلطة التنفيذية خلال 30 يوما وإمهال السراج أسبوعا لتشكيل مجلس الرئاسة المصغر، وهو ما لم يتم حتى الآن.كما يمكن ألاَّ يحدث اتفاق بينهما حول اختيار أعضاء أو رئيس المجلس الرئاسى المصغر  أو رئيس الحكومة أو بعض أعضائها.

  الخلاف كان أوضح فيما يتعلق بالمؤسسة العسكرية التى استضافت القاهرة جلسات عديدة بهدف الاتفاق على توحيدها، فعندما أعلن متحدث باسم الجيش قبل أيام أن الضباط المجتمعين بالقاهرة اتفقوا على توحيدها تحت قيادة حفتر وعلى تأسيس ثلاثة مجالس عسكرية هى مجلس الأمن القومى والمجلس الأعلى للدفاع والقيادة العامة وعلى مناقشة مقترحات وسبل معالجة مسألة الميليشيات المسلحة فى المنطقة الغربية سارع المجلس الرئاسى لنفى التوصل إلى اتفاق نهائى ووصف تلك التصريحات بأنها غير مسئولة، مؤكدا ضرورة تبعية المؤسسة العسكرية لسلطة تنفيذية مدنية. وعاد المتحدث العسكرى ليوضح أن الاتفاق بين الضباط تم على أن يكون مجلس القيادة العامة برئاسة حفتر هو واجهة المؤسسة العسكرية. كما أكد السراج من جديد ضرورة توحيد الجيش طبقا لنص اتفاق الصخيرات لعام 2015 الذى يقضى بتولى المجلس الرئاسى منصب القائد الأعلى للقوات المسلحة.   فى ظل هذه التعقيدات السياسية والعسكرية تراجعت بعثة الأمم المتحدة عن خطتها لإجراء الانتخابات يوم 10 ديسمبر وقال غسان سلامة: نعمل بكل إمكانياتنا لإجراء انتخابات عامة فى أمد قريب لأن الليبيين يريدون ذلك لكن شروط إجرائها لم تتوافر بعد أمنيًا ولا تشريعيًا لكى تكون ذات مصداقية مضيفًا أن هناك 15 مليون قطعة سلاح فى أيدى الليبيين و200 ألف مقاتل فى تشكيلات عسكرية يتقاضون رواتب من الدولة ويتلقون الأوامر من قادة الميليشيات!.  وإذا استمرت الأوضاع هكذا فلا أمل فى خروج ليبيا من محنتها قريبا، ولتهنأ مُقامًا الميليشيات وداعش والقاعدة والمسلحون الأجانب.

نقلًا عن الآهرام القاهرية

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

باليرمو والمهمة المستحيلة باليرمو والمهمة المستحيلة



GMT 20:22 2023 الخميس ,19 تشرين الأول / أكتوبر

مليونية ضد التهجير

GMT 03:11 2023 الأربعاء ,21 حزيران / يونيو

الخالدون أم العظماء

GMT 04:43 2023 الإثنين ,19 حزيران / يونيو

كل سنة وأنت طيب يا بابا

GMT 04:15 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

الزعامة والعقاب... في وستمنستر

GMT 03:32 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

حدوتة مصرية فى «جدة»

أيقونة الجمال كارمن بصيبص تنضم لعائلة "Bulgari" العريقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 16:30 2024 السبت ,27 إبريل / نيسان

نادين نجيم تكشف عن علامتها التجارية الخاصة
  مصر اليوم - نادين نجيم تكشف عن علامتها التجارية الخاصة

GMT 16:02 2024 السبت ,27 إبريل / نيسان

طرق سهلة لتحسين صحة الأمعاء والحفاظ عليها
  مصر اليوم - طرق سهلة لتحسين صحة الأمعاء والحفاظ عليها

GMT 06:56 2019 الأحد ,31 آذار/ مارس

شهر مناسب لتحديد الأهداف والأولويات

GMT 14:29 2018 الثلاثاء ,09 كانون الثاني / يناير

مؤمن زكريا يتخلّف عن السفر مع بعثة الأهلي

GMT 05:35 2018 الأربعاء ,03 كانون الثاني / يناير

شوبير يفجر مفاجأة حول انتقال رمضان صبحي إلى ليفربول

GMT 13:45 2018 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

ماكينات الـ ATM التى تعمل بنظام ويندوز XP يمكن اختراقها بسهولة

GMT 02:15 2017 الجمعة ,15 كانون الأول / ديسمبر

تعرف على سعر الدواجن في الأسواق المصرية الجمعة

GMT 17:17 2017 الإثنين ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

المنتخب الوطني يصل السعودية لأداء مناسك العمرة

GMT 16:08 2017 الثلاثاء ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

اكتشاف تابوت يحوي مومياء تنتمي للعصر اليوناني الروماني
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon