توقيت القاهرة المحلي 13:37:27 آخر تحديث
  مصر اليوم -

واتسع الخرق الإيرانى

  مصر اليوم -

واتسع الخرق الإيرانى

بقلم - نيفين مسعد

من يتابع تطور الأحداث على الساحة الإيرانية على مدى ما يقرب من عام يجد أن المثل العربى القائل: اتسع الخرق على الراتق, ينطبق تماما على تلك التطورات. فمن المظاهرات الشعبية الغاضبة التى شارك فيها البازار, ومشاركته نادرة الحدوث, احتجاجا على تدهور قيمة الريال الإيراني، إلى توالى الهجمات التى يقوم بها متمردو الحزب الديمقراطى الكردستانى الإيرانى انطلاقا من الأراضى العراقية، إلى تصاعد تحريض جماعة مجاهدى خلق ضد النظام الإيرانى ودعوتها المواطنين الإيرانيين لإطاحته ، إلى قيام تنظيم داعش بتنفيذ بعض العمليات فى الداخل الإيرانى ، وصولا إلى الهجوم الذى نظمه مسلحو عرب الأحواز الأسبوع الماضي. ولا تتميز أعمال العنف المختلفة هذه بتعدد أسبابها فحسب، لكنها تتميز أيضا بالاختيار النوعى لأهدافها، كأن يستهدف تنظيم داعش مقر مجلس الشورى الإسلامى وضريح الإمام الخميني، أو كأن تستهدف المقاومة الأحوازية المسلحة عرضا عسكريا أقيم فى ذكرى الحرب العراقية -الإيرانية فتقتل وتصيب أعدادا كبيرة من رجال الحرس الثورى درة القوات المسلحة الإيرانية. والرسالة المقصود تبليغها فى كل الأحوال هى أن أذرع المعارضة الإيرانية طويلة وقادرة على إصابة أهداف حيوية ومهمة فى العمق الإيراني، هذا من جهة. ومن جهة أخرى يلفت النظر فى بعض أعمال العنف السابقة أنها مورست من طرف اثنتين من القوميات الإيرانية هما: القومية الكردية والقومية العربية، وفى أعوام سابقة كان للقومية البلوشية نصيبها من العنف، وهذا يعنى أن التنوع العرقى الذى يميز إيران أصبح مصدرا مهما من مصادر تهديد الاستقرار السياسي، وأنه مالم يتدارك النظام الإيرانى الأمر ويحسن إدارة تنوعه الديموجرافى فإن الأمور قد تتطور إلى ما لا تُحمد عقباه. وحتى تكتمل صورة هذه التهديدات الداخلية من المهم وضعها فى سياق أوسع هو السياق الإقليمي، وهنا فإن الاستهداف الاسرائيلى المباشر لمصالح إيرانية (مواقع عسكرية ومستشارين..إلخ) فى سوريا يزيد من خطورة الموقف.

يجب على إيران ألا تستهين بهذه المؤشرات التى تنم عن تزايد الغضب الداخلى على سياساتها، ولا أن تستسلم لإغراء اتهام الخارج بتدبير هذه القلاقل لزلزلة الأرض تحت أقدام النظام، فالخارج يتدخل (هذا صحيح) كما كانت إيران سبًاقة للتدخل فى شئون جيرانها وتحريك أعمال العنف على أراضيهم، ولا ننسى فى هذا المقام أن إيران هى التى ابتدعت مصطلحات تصدير الثورة ونصرة المستضعفين والحكومة الإسلامية العالمية وما شابه، فأن تتهم إيران اليوم الخارج بالتدخل فى شئونها فهذه بضاعتها رُدّت إليها. الخارج إذن يتدخل، لكن الداخل لديه ما يبرر به انزلاقه للعنف. وفيما يخص عرب الأحواز تحديدا الذين يأتى هذا المقال بمناسبة هجومهم الأخير فإنهم لمن لا يعرف كانوا مؤيدين للثورة الإيرانية فى البداية، وعبروا عن هذا التأييد بأشكال مختلفة أبرزها مشاركتهم فى إضرابات عمال النفط بهدف الضغط على نظام الشاه وإنجاح الثورة. إضراب عمال النفط الأحوازيين بالذات له أهمية خاصة، لماذا؟ لأن فى محافظة عربستان أو خوزستان (التى تضم مدينة الأحواز) يوجد أكبر حقول النفط الإيرانية وأضخم مصافى تكريره, وبالتالى فإن إضراب عمال النفط يوجع ويؤثر. لكن هذا التأييد لم يلبث أن تراجع بعد شهور قليلة من نجاح الثورة، وخرجت مظاهرة أحوازية فى مايو 1979 احتجاجا على تعيين حاكم للمحافظة من غير أبناء الأقلية العربية، وفى هذه المظاهرة رفع المحتجون مطلب الحكم الذاتى كما طالبوا بإعادة الاسم القديم للمحافظة وهو عربستان، وتم قمع المظاهرة بالعنف. لاحقا أخذت تتدحرج كرة الثلج ويتصاعد التوتر بين النظام والأحوازيين وصولا إلى تكوين حركة مسلحة هاجمت العديد من الأهداف المدنية والعسكرية على مدار السنوات القليلة الماضية. ومن المصادفات أنه فيما كان يجهز أربعة من الأحوازيين لتفجير العرض العسكرى فى 22سبتمبر الجاري، كان رئيس المنظمة الأحوازية لحقوق الإنسان السيد حكيم الكعبى يتحدث يوم 21 سبتمبر عن انتهاكات حقوق الأحوازيين سياسيا واقتصاديا واجتماعيا ، وجرى ذلك فى جلسة عن حقوق الأقليات العربية تم عقدها على هامش الدورة رقم 39 لمجلس حقوق الإنسان بالأمم المتحدة.

أختم هذا المقال بثلاث ملاحظات سريعة، الأولى أن وجود نظام فيدرالى فى العراق والتطور المتوقع إلى الشكل الفيدرالى فى سوريا هو عامل حافز للأحوازيين والأكراد والبلوش... إلخ على المطالبة بدرجة ما من الاستقلال عن المركز، وتجاهل هذه المطالبة يشجع على رفع سقف المطالبات والعنف أيضا، وعليه فإن ملف القوميات فى إيران يحتاج لحكمة فى التعامل معه. الثانية أنه ليس من مصلحة أحد اللعب بورقة الأقليات فى ايران، فلهذه الأقليات امتداداتها فى دول الجوار، وإشعال النزعات الانفصالية سيؤذى الجميع بدون استثناء. والثالثة أنه لا إيران سترد ردا متهورا على من تتهمهم بالتدخل فى شئونها مهما هددت وتوعدت لأنها تعلم جيدا بالعاقبة وستكتفى (فى رأيي) بتسخين بؤر نفوذها ومنها اليمن، ولا النظام الإيرانى سينهار الآن كما يقول بعض المحللين لأن داعمى هذا النظام أكثر من معارضيه وإن كانت الثقوب فى جسده آخذة فى الانتشار والتوسع.

نقلا عن الأهرام القاهرية

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

واتسع الخرق الإيرانى واتسع الخرق الإيرانى



GMT 20:22 2023 الخميس ,19 تشرين الأول / أكتوبر

مليونية ضد التهجير

GMT 03:11 2023 الأربعاء ,21 حزيران / يونيو

الخالدون أم العظماء

GMT 04:43 2023 الإثنين ,19 حزيران / يونيو

كل سنة وأنت طيب يا بابا

GMT 04:15 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

الزعامة والعقاب... في وستمنستر

GMT 03:32 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

حدوتة مصرية فى «جدة»

أجمل فساتين السهرة التي تألقت بها سيرين عبد النور في 2025

بيروت ـ مصر اليوم

GMT 17:19 2025 الأربعاء ,10 كانون الأول / ديسمبر

لافروف يتهم أوروبا بعرقلة جهود السلام في أوكرانيا
  مصر اليوم - لافروف يتهم أوروبا بعرقلة جهود السلام في أوكرانيا

GMT 11:25 2025 الخميس ,11 كانون الأول / ديسمبر

شمس البارودي تهاجم الشللية في الوسط الفني بسبب نجلها
  مصر اليوم - شمس البارودي تهاجم الشللية في الوسط الفني بسبب نجلها

GMT 06:13 2025 الثلاثاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الثلاثاء 02 ديسمبر/ كانون الأول 2025

GMT 04:43 2025 الإثنين ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

ألمانيا تدعم حظر الهواتف المحمولة في المدارس الابتدائية

GMT 02:17 2020 الأحد ,26 تموز / يوليو

فيسبوك تقضي على Zoom بعد إطلاق App Lock

GMT 19:18 2019 الأربعاء ,09 تشرين الأول / أكتوبر

حريق محدود بـ كابل كهرباء في الطالبية بمحافظة الجيزة

GMT 17:32 2017 الثلاثاء ,12 كانون الأول / ديسمبر

22 لاعبًا في قائمة الزمالك لمواجهة الإسماعيلي في الدوري

GMT 14:01 2025 السبت ,01 شباط / فبراير

مقتل 18 جندياً في باكستان على يد مسلحين

GMT 10:28 2023 الخميس ,19 تشرين الأول / أكتوبر

إنفانتينو يقرب السعودية من تنظيم كأس العالم 2034

GMT 20:45 2022 السبت ,04 حزيران / يونيو

انطلاق كأس العالم للرماية الأحد المقبل

GMT 23:18 2021 الأربعاء ,29 كانون الأول / ديسمبر

أبرز 5 سيارات كورية طرحت في السوق المصري لعام 2021

GMT 09:05 2021 الأربعاء ,10 آذار/ مارس

طريقة عمل الروستو

GMT 10:12 2021 الثلاثاء ,26 كانون الثاني / يناير

والدة طفلة التعرية ترفع قضية إثبات نسب جديدة

GMT 06:22 2020 الجمعة ,02 تشرين الأول / أكتوبر

السيسى يصدق على تعديل بعض أحكام قانون السجل التجارى
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche,Achrafieh Beirut- Lebanon
egypt, egypt, egypt