توقيت القاهرة المحلي 02:11:31 آخر تحديث
  مصر اليوم -

المبادئ والمصالح وآفاق تطور العلاقات المصرية-الصينية

  مصر اليوم -

المبادئ والمصالح وآفاق تطور العلاقات المصريةالصينية

أحمد السيد النجار

تشير الزيارات الرئاسية المتبادلة بين مصر والصين فى العامين الأخيرين إلى تحول كبير فى العلاقات بين الدولتين. وإذا كانت المبادئ قد شكلت منطلق مصر فى تحدى الغرب وإقامة علاقات دبلوماسية مع الصين المُحاصرة عام 1956، فإن العلاقة بين الدولتين تطورت إلى مزيج من المبادئ والمصالح المشتركة، خاصة وأن الميراث الحضارى للدولتين ينهض على التعاون السلمى العادل. لكن الزيارات الرئاسية المتتابعة فى العامين الأخيرين تشير إلى إدراك عميق من الطرفين للتوافق الكبير بين إمكانياتهما الاقتصادية بصورة تعزز فرص نقل العلاقات إلى تعاون استراتيجى شامل فى مجال الاقتصاد بالذات حيث تكمن فرص هائلة للتعاون بين الطرفين بصورة قائمة على التبادل العادل للمنافع.

وقد أفصحت الصين عن تركيزها على العلاقات مع دول الجنوب من خلال مبادرتها الخاصة بإحياء القيمة الرمزية لطريق الحرير القديم والذى شكل إطارا مرجعيا للعلاقات الاقتصادية الدولية القائمة على التعاون السلمى وتبادل المنافع دون نزوع للهيمنة من دولة على الدول الأخرى. ولأن هناك فرصا هائلة للتعاون الاقتصادى المصري-الصينى فإنه من المهم أن يتم طرح المعالم الرئيسية لحجم وأداء الاقتصادين المصرى والصينى وواقع العلاقات الاقتصادية وفرص تطورها فى إطار علاقات استراتيجية بين الدولتين. ورغم أننى تناولت هذه الأمور من قبل على صفحات الأهرام، إلا أن التحولات الاستراتيجية فى العلاقة تتطلب إعادة التذكير بالفرص الهائلة للتعاون بين الدولتين والآمال الكبيرة المعلقة على تطوير هذه العلاقات وعلى نتائج الزيارات الرئاسية المتبادلة بين الدولتين.

الاقتصاد المصري.. الأداء والإمكانات

بلغ الناتج القومى الإجمالى لمصر والمحسوب بالدولار طبقا لسعر الصرف السائد نحو 273.1 مليار دولار عام 2014. بينما بلغ نفس الناتج محسوبا بالدولار طبقا لتعادل القوى الشرائية بين الدولار والجنيه المصرى نحو 919.2 مليار دولار فى العام نفسه.

وقد أسهمت الزراعة بنحو 14% من الناتج المحلى الإجمالى المصرى عام 2014، بينما أسهمت الصناعة التحويلية بنحو 16% من ذلك الناتج، والصناعة الاستخراجية بنحو 24% منه، والخدمات بنحو 46% من الناتج المحلى الإجمالى المصرى عام 2014.

ووفقا لصندوق النقد الدولى فى تقريره عن اتجاهات التجارة العالمية (2014) بلغت قيمة الصادرات السلعية المصرية نحو 28.9 مليار دولار، وبلغت قيمة الواردات المصرية نحو 65.2 مليار دولار فى العام نفسه. وبلغ العجز التجارى نحو 36.3 مليار دولار.

وتشير البيانات الرسمية المصرية إلى أن صادرات مصر من الخدمات بلغت نحو 22 مليار دولار فى العام المالى 2014/2015، وبلغت وارداتها من الخدمات فى العام نفسه نحو 17.3 مليار دولار. وبلغ فائض تجارة الخدمات نحو 4.7 مليار دولار. كما بلغت قيمة تحويلات المصريين العاملين فى الخارج نحو 19.3 مليار دولار فى العام المذكور.

وتضم السوق المصرية نحو 90 مليون مستهلك هم عدد السكان داخل مصر حاليا، ومنهم 28 مليون تعداد قوة العمل المتنوعة المستويات والمهارات والتى تعتبر أجورها أقل جدا حتى من أجور العمالة فى الصين وفى كل الدول الناهضة اقتصاديا. كذلك هناك أكثر من 8 ملايين مصرى يعملون ويعيشون خارج مصر ويزورونها سنويا، ولو أضيفوا إلى عدد السكان فى داخل مصر فإن التعداد الكلى يصل إلى 98 مليون نسمة.

وترتبط مصر باتفاقيات للتجارة الحرة مع الاتحاد الأوروبى والبلدان العربية، وبلدان شرق وجنوب إفريقيا، فضلا عن العديد من اتفاقيات تحرير التجارة مع العديد من الدول الأخرى بصورة فردية. وهذا يعنى أن أى شركة تعمل فى مصر تستطيع الحصول على الخامات والسلع الأولية والوسيطة من تلك الدول بدون جمارك، أو برسوم جمركية محدودة يجرى تخفيضها باتجاه إلغائها كليا تدريجيا. كما أن إنتاج أى شركة موجودة فى مصر يستطيع دخول كل تلك الأسواق بدون رسوم جمركية، إذا استوفى النسبة المطلوبة للمكون المصري.

وتملك مصر موقعا جغرافيا مميزا بصورة استثنائية حيث تتوسط قارات العالم القديم. وهذا الموقع يتمتع بميزة هائلة كموقع لأى استثمارات أجنبية تتوطن فى مصر. فنفقات النقل والتأمين للتجارة مع مختلف أسواق العالم تكون منخفضة كثيرا عن النفقات المناظرة لمنتجات الاستثمارات المتوطنة فى بلدان أخري.

كما تمتلك مصر قاعدة مهمة من الثروات المعدنية والمحجرية التى يمكن تطوير صناعات تحويلية عملاقة على أساسها. كما أن لديها فائضا كبيرا من الخضر والفاكهة يشكل أساسا لتطوير صناعات الحفظ والتعليب لها. كما تتوسط مصر مناطق مصدرة رئيسية للمواد الخام المعدنية والزراعية والنفطية والغازية فى إفريقيا والمنطقة العربية. وكل ذلك يمنح الاقتصاد المصرى والاستثمار فيه ميزات كبري.

الاقتصاد الصينى والإنجاز التاريخى بالصدارة العالمية

تشير بيانات البنك الدولى إلى أن الناتج المحلى الإجمالى الصينى ارتفع من 354.6 مليار دولار تعادل 1.63% من الناتج العالمى عام 1990 إلى 10069 مليار دولار تعادل 12.9% من الناتج العالمى الذى بلغ 78259 مليار دولار فى عام 2014. ولو قيس الناتج القومى الصينى بالدولار طبقا لتعادل القوى الشرائية بين الدولار واليوان فإنه بلغ 17919 مليار دولار عام 2014 بما يعادل 16.5% من الناتج العالمى المحسوب بنفس الطريقة فى العام نفسه.

وسيسجل التاريخ أن عام 2014 هو أول عام يتفوق فيه الناتج القومى الصينى المحسوب بالدولار طبقا لتعادل القوى الشرائية والبالغ 17919 مليار دولار على نظيره الأمريكى المحسوب بنفس الطريقة والذى بلغ 17813 مليار دولار. وطبقا لتلك البيانات المنشورة فى تقرير البنك الدولى عن مؤشرات التنمية فى العالم (2015) فإن الناتج القومى الصينى تجاوز نظيره الأمريكى بنحو 106 مليارات دولار عام 2014. وتشير بيانات صندوق النقد الدولى فى تقاريره عن اتجاهات التجارة العالمية (Direction of Trade Statistics Yearbook) إلى أن قيمة الصادرات الصينية قد ارتفعت من نحو 62.1 مليار دولار تعادل 3% من الصادرات العالمية عام 1990 إلى نحو 2276 مليار دولار تعادل 12.2% من الصادرات العالمية عام 2013 لتواصل تصدرها للعالم متفوقة على الولايات المتحدة التى بلغت قيمة صادراتها 1492 تعادل نحو 8% من قيمة الصادرات العالمية عام 2013. وكانت الصادرات السلعية الصينية قد تجاوزت نظيرتها الأمريكية بداية من عام 2005 عندما بلغت نحو 998 مليار دولار، مقارنة بنحو 959 مليار دولار للولايات المتحدة. ولم تتخل عن المرتبة الأولى بعد ذلك.

وتملك الصين احتياطيات مالية هى الأضخم فى العالم حيث تجاوزت 4 تريليونات دولار. وقد راكمت الصين تلك الاحتياطيات من فوائض موازينها الخارجية المجمعة وبالذات من فوائضها التجارية العملاقة المستمرة حتى الآن. كما أنها أصبحت ثانى أكبر مصدر للاستثمارات المباشرة فى العالم. وتشير بيانات مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (يونكتاد) الواردة فى تقرير الاستثمار العالمى إلى أن الصين ضخت نحو 116 مليار دولار كاستثمارات مباشرة إلى مختلف دول العالم عام 2014.

وهناك درجة عالية من التوافق بين إمكانات الاقتصادين المصرى والصينى فيما يتعلق بقوائم صادرات وواردات الدولتين، وأيضا فيما يتعلق بالاستثمارات المباشرة حيث تعد مصر مستوردا صافيا لخدمات رأس المال، بينما تعد الصين مصدرا عملاقا لرأس المال خاصة فى ظل الاحتياطيات المتراكمة لديها التى تجاوزت 4 تريليونات دولار. كما أن قناة السويس تعد معبرا رئيسيا للتجارة الصينية المتوجهة لأوروبا والمنطقة العربية. كذلك فإن الدولتين تمتلكان إمكانات سياحية هائلة تشكل أساسا لتطور كبير ممكن فى هذا المجال.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

المبادئ والمصالح وآفاق تطور العلاقات المصريةالصينية المبادئ والمصالح وآفاق تطور العلاقات المصريةالصينية



GMT 02:11 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

الاستثمار البيئي في الفقراء

GMT 01:49 2024 الأحد ,28 إبريل / نيسان

غزة بين انتصارين ممنوعين

GMT 01:22 2024 الجمعة ,26 إبريل / نيسان

طهران ــ بيونغيانغ والنموذج المُحتمل

GMT 01:11 2024 الجمعة ,26 إبريل / نيسان

ماذا نريد؟

GMT 01:07 2024 الجمعة ,26 إبريل / نيسان

أكذوبة النموذج الإسرائيلي!

GMT 23:18 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

تنظيم العمل الصحفي للجنائز.. كيف؟

GMT 23:16 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

الأهلي في أحلام الفيفا الكبيرة..!

GMT 22:59 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

نجيب محفوظ كاتب أطفال

أيقونة الجمال كارمن بصيبص تنضم لعائلة "Bulgari" العريقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 16:30 2024 السبت ,27 إبريل / نيسان

نادين نجيم تكشف عن علامتها التجارية الخاصة
  مصر اليوم - نادين نجيم تكشف عن علامتها التجارية الخاصة

GMT 18:29 2018 السبت ,01 أيلول / سبتمبر

طلعت زكريا يفاجئ جمهوره بخبر انفصاله عن زوجته

GMT 12:07 2018 الثلاثاء ,28 آب / أغسطس

كيفية تحضير كب كيك جوز الهند بالكريمة

GMT 09:10 2018 الأربعاء ,15 آب / أغسطس

"الهضبة" يشارك العالمي مارشميلو في عمل مجنون

GMT 10:56 2018 الأربعاء ,01 آب / أغسطس

النسخة العربية للعبة كابتن تسوباسا

GMT 14:08 2018 الأربعاء ,27 حزيران / يونيو

أوستراليا تسجل أدنى درجة حرارة خلال 10 سنوات

GMT 01:41 2018 الإثنين ,28 أيار / مايو

تريزيجيه يدعم محمد صلاح بعد الإصابة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon