توقيت القاهرة المحلي 03:39:18 آخر تحديث
  مصر اليوم -

ماذا جرى لقانون الإيجارات؟

  مصر اليوم -

ماذا جرى لقانون الإيجارات

بقلم: زياد بهاء الدين

القوانين ليست نصوصا عامة ومجردة تنظم المجتمع وسلوك الناس فقط. هذا تعريف «قانونى» محض. ولكن من المنظور الاجتماعى، فإن القانون هو وسيلة المجتمع فى التعبير عن السياسات الاجتماعية والاقتصادية والثقافية وغيرها. ولهذا فهو ليس غاية بل وسيلة لتحقيق أهداف وسياسات معينة. ومن هنا فإن التشريع الأفضل ليس الذى تكون صياغته بليغة أو نصوصه محكمة فقط. ولكن الأهم أن يكون معبرا عن سياسة سليمة وأن يعبر عنها بشكل منضبط.

‏هذه مقدمة، ربما طويلة، لوصف المشكلة التى وقعنا فيها مع التعديل الأخير لقانون الإيجارات، والذى تسبب فى الكثير من الحيرة والاضطراب والقلق لدى الناس سواء ملاك أو مستأجرون.

‏سبب هذا الاضطراب التشريعى ليس صعوبة الموضوع ولا تعارض مصالح أطرافه. فهذه طبيعة القوانين التى تضبط العلاقات فى المجتمع وتنظم الحقوق والواجبات المتبادلة. السبب، فى تقديرى، هو غياب سياسة اجتماعية واقتصادية واضحة المعالم يعبر عنها القانون، ما جعله يعبر عن مواءمات وتوازنات بعضها غير دقيق بدلا من التعبير عن فكرة متسقة مع ذاتها.. ولنعد إلى المحطات الرئيسية التى مر بها القانون خلال العام الماضى لتوضيح ذلك:

‏المحطة الأولى كانت صدور حكم المحكمة الدستورية العليا فى نهاية العام الماضى بعدم دستورية نظام تثبيت أجرة العقارات المؤجرة والمعمول به على الأقل من ستينيات القرن الماضى. ولكن حرصا من المحكمة على تجنب الفوضى، فقد منحت البرلمان حتى نهاية الفصل التشريع الحالى كى يملأ هذا الفراغ. ولكن للأسف إن الحكومة تأخرت فى التقدم بمشروع قانون حتى أبريل من هذا العام، ما جعل مناقشته تأتى متعجلة و«مضغوطة» بلا داع.

المحطة الثانية كانت مشروع القانون المقدم من الحكومة والذى وضع قاعدة (أو مسطرة) واحدة للتعامل مع ظاهرة معقدة، وقدم لها حلًا واحدًا غير مدروس ولا يستند لفلسفة أو منطق اجتماعى محدد، فضلا عن أنه لم يستند لدراسات أو إحصاءات سليمة تحدد المشكلة والحالات المتأثرة بها وتنوعها.

‏أما المحطة الثالثة فكانت المناقشات البرلمانية التى أشعلت الأجواء حماسا، خاصة حينما وقف البرلمان ضد مشروع القانون ورفض إقراره وطلب من الحكومة تقديم دراساتها وبياناتها. ثم بعد أربع وعشرين ساعة عدل نواب البرلمان (ما عدا عشرين نائبا ونائبة فقط) عن موقفهم بالكامل وأقروا القانون بشبه الإجماع.

ثم نأتى للمحطة الرابعة والتى حاولت فيها الحكومة طمأنة الناس بالوعد بحماية من يستحقون الرعاية وتوفير مساكن بديلة ومقترحات أخرى غير واضحة. وشخصيا، أجدها غير مقنعة، كما أنها ستكون محلا لمنازعات وخلافات جديدة. وأظن أن هذه «التطمينات» قد زادت من الغموض والاضطراب لدى الجميع.

ثم وصلنا مؤخرا للمحطة الخامسة على أرض الواقع، حيث بدأ بعض الملاك ومحاموهم بتوجيه إنذارات للمستأجرين بزيادة الأجرة أو تسليم العقار. وهم يستندون فى ذلك إلى أن الحكم الدستورى ألغى بالفعل مبدأ تثبيت الأجرة بينما القانون الجديد لم يصدر بعد، وبالتالى فهناك فرصة متاحة لإخلاء العقار المؤجر.

‏وهذا يأخذنا للمحطة السادسة وهى أن القانون الذى أقره البرلمان لن يكون نافذا وفقا للدستور إلا بعد تصديق السيد رئيس الجمهورية عليه خلال شهر ونشره فى الجريدة الرسمية. وقد اقتربنا من نهاية الشهر ولم ينشر القانون بعد، ما أثار المزيد من الحيرة والاضطراب.

‏الخلاصة أن هذا القانون المهم والخلافى لا يزال مصدرا للقلق والإضراب فى البلد، وأنه حتى لو صدر نهائيا خلال الأيام القادمة، فأظن أنه سيثير من المشاكل أكثر مما سوف يحل، وبالتالى سوف يحتاج للمزيد من المراجعة والتعديل.

التشريع ليس نصوصا أنيقة ولا تعبيرات فاخرة، بل أفكارًا ورؤى وسياسات منضبطة.. يجب أن تتوافر أولا، ثم يجرى التعبير عنها بعد ذلك فى قوالب تشريعية.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ماذا جرى لقانون الإيجارات ماذا جرى لقانون الإيجارات



GMT 20:59 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

فعلًا “مين الحمار..”؟!

GMT 11:07 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

الشيخان

GMT 11:05 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

مستقبل الردع الأميركي تقرره روسيا في أوكرانيا

GMT 11:03 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

لماذا الهُويّة الخليجية؟

GMT 10:58 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

هل تعود مجوهرات اللوفر المسروقة؟

GMT 10:51 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

البابا ليو: تعلموا من لبنان!

GMT 10:48 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

الطبع الأميركي يغلب التطبع!

GMT 10:27 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

من «ضد السينما» إلى «البحر الأحمر»!!

أجمل إطلالات نانسي عجرم المعدنية اللامعة في 2025

بيروت ـ مصر اليوم
  مصر اليوم - مكالمة سرية تكشف تحذيرات ماكرون من خيانة أمريكا لأوكرانيا

GMT 20:14 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر
  مصر اليوم - ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر

GMT 05:43 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الإثنين 01 ديسمبر/ كانون الأول 2025

GMT 01:38 2025 السبت ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

رونالدو يتسلم المفتاح الذهبي للبيت الأبيض من ترامب

GMT 15:45 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 07:30 2025 الخميس ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية مدهشة لعام 2026 ستعيد تعريف متعتك بالسفر

GMT 10:52 2020 الإثنين ,14 كانون الأول / ديسمبر

كل ما تريد معرفته عن قرعة دور الـ 16 من دوري أبطال أوروبا

GMT 11:36 2018 الأربعاء ,03 كانون الثاني / يناير

عبد الحفيظ يكشف انتهاء العلاقة بين متعب والأهلي

GMT 22:15 2017 الأحد ,15 تشرين الأول / أكتوبر

وزير الرياضة يكرم بطل كمال الأجسام بيج رامي الإثنين

GMT 18:12 2020 الخميس ,15 تشرين الأول / أكتوبر

الشرطة المصرية تستعرض قوتها أمام الرئيس السيسي

GMT 22:53 2020 السبت ,25 إبريل / نيسان

إطلالات جيجي حديد في التنورة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche,Achrafieh Beirut- Lebanon
egypt, egypt, egypt