توقيت القاهرة المحلي 03:39:18 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الأزمة عميقة وممتدة.. فدعونا نتكاتف لمواجهتها

  مصر اليوم -

الأزمة عميقة وممتدة فدعونا نتكاتف لمواجهتها

بقلم - زياد بهاء الدين

التقارير الدولية الصادرة طوال الأسبوع الماضى لم تأتِ بما يزيح السحابة السوداء الجاثمة على الاقتصاد العالمى، بل أضافت لكثافتها. أربعة عوامل لاتزال تسيطر على الساحة الدولية: استمرار الحرب فى أوكرانيا، استمرار اضطراب سلاسل الإنتاج العالمية، إغلاق بعض المدن الصناعية الصينية بسبب كورونا، والارتفاع المطرد لأسعار الطاقة ومواد الغذاء.
والنتيجة؟ توقعات النمو العالمى من جانب المؤسسات المالية الدولية انخفضت من 5.7٪ العام الماضى إلى 2.9٪ لهذا العام (أقل حتى من تقديرات إبريل الماضى بعد بدء الغزو الروسى)، والصين ستشهد انخفاضًا فى النمو من ٨٪ العام الماضى إلى ٤٪، ومتوسط معدل النمو فى أمريكا وأوروبا لن يتجاوز 2.5٪.

أما فى باقى العالم فالوضع أكثر سوءًا، حيث من المتوقع أن يزيد عدد من يواجهون الفقر المدقع (ليس المجاعة) بحوالى ٧٥ مليون شخص مقارنة بما قبل وباء كورونا، وأن يبلغ عدد اللاجئين من أوكرانيا ٧ ملايين، أما مهاجرو إفريقيا فيصعب تقدير عددهم، وإن كانوا فى ازدياد مطرد.

والوضع الاقتصادى العالمى لن يتحسن قريبًا- حتى لو انتهت الحرب فى أوكرانيا- لأن الاقتصادات الكبرى تواجه خطر ارتفاع الأسعار بشكل سريع فى ذات وقت انكماش النشاط الاقتصادى، وبالتالى انخفاض الإنتاج والدخول والحصيلة الضريبية ومعها الموارد المطلوبة للإنفاق العام.

الخلاصة أنه- مع استثناء الدول المصدرة للنفط- فإن الوضع العالمى خطير ولايزال فى بداياته، والمستقبل غير واضح المعالم، والبدائل المتاحة أمام الحكومات- كل الحكومات- محدودة وصعبة.

ونحن جزء من هذا العالم، ولكن هناك مع ذلك ما يمكن عمله للخروج من هذه المحنة، بل واقتناص الفرص والخروج بأفضل مما كنا. وأقول هذا دون التقليل من صعوبة المهمة التى تواجه حكومتنا ومسؤولينا فى هذا الظرف الحرج، وإليكم ما أقترحه:

علينا أولًا إدراك أن الحالة الراهنة خطيرة وممتدة، وأن الخروج منها بأقل الخسائر الممكنة يحتاج لتجاوز المناقشات والخلافات بشأن الماضى، وتوجيه الطاقات كلها نحو الحاضر والمستقبل لأن الوضع لا يحتمل ضياعًا للوقت ولا الجهد. والمستقبل هو الاستثمار والإنتاج ولا أى شىء آخر.

يلزم أيضًا التعامل مع الأزمة الراهنة من منظورها الإنسانى وليس فقط الاقتصادى، فهذا وقت الوقوف بجانب المواطنين ومساندة الكادحين والمهددين بالسقوط فى دائرة الفقر بكل الوسائل، حتى مع إرجاء تحقيق مستهدفات طموحة فى إدارة الموازنة العامة أو فى استكمال مشروعات كبرى، لأن الحفاظ على إنسانية وكرامة المواطنين فى هذه الظروف القاتمة هو الأهم.

أتمنى أيضًا أن يستوعب المسؤولون- والرأى العام معهم- أن هذا الإعصار لن تنجح فى مواجهته ولا حمايتنا منه ذات الأدوات المعتادة والتى كان نجاحها محدودًا حتى فى الظروف العادية. لن يصلح الحديث عن تعديل القوانين، ولا إرسال بعثات تجوب العالم، ولا تشكيل لجان دراسة مشاكل المستثمرين، ولا النظر فى إعفاءات ضريبية جديدة تأكل المزيد من مواردنا القومية.

الموضوع يحتاج لتعبئة حقيقية من كل أجهزة الدولة لتحقيق هدف واحد وهو الوقوف إلى جانب كل من يسعى للعمل والإنتاج والتصنيع والتصدير والتشغيل، لأن من يحافظ على قوة العمل اليوم- بل ويزيدها- يستحق أن يُعامل معاملة الأبطال.

نحتاج أيضًا لإغلاق الملفات المعلقة والمعطَّلة، فعليًا ونفسيًا، لتحقيقات لم تنتهِ، ومطالبات بلا قيمة، وملاحقات غير ذات جدوى، ولفتح أبواب التراخيص والموافقات خاصة لصغار المستثمرين، طالما ليس فيها ضرر معلوم للناس والبيئة والأمن العام، ولتخفيف قبضة البيروقراطية، ولحماية صغار المنتجين وكبارهم من الخوف والقلق الذى يُعطل المبادرات والاستثمارات.

وأخيرًا وليس آخرًا، نحتاج لشحذ كل الجهود وكل الأفكار والمبادرات المتاحة ليس فقط لتجاوز العقبات بل لاقتناص الفرص، نحتاج لفتح أبواب الاجتهاد فى الرأى وعدم الخشية من الحوار ومن الانتقاد، ونحتاج لاستعادة كل الخبرات والكفاءات المصرية لكى تشارك وتدلى برأيها، بما فيها المهاجر والمعزول والموقوف دونما سبب مقنع، ونحتاج لتواصل مع صغار المنتجين والمستثمرين من خلال جمعياتهم ونقاباتهم واتحاداتهم كى يشعروا بأن أجهزة الدولة تحميهم بدلًا من أن تلاحقهم.

نحن أمام تجربة كبيرة وصعبة، وثقتى كبيرة أننا سنخرج منها سالمين لو تضافرت الجهود ونجحنا فى إطلاق الطاقات الاستثمارية والإبداعية، وتعاملنا مع الأزمة الراهنة بتفكير جديد وأدوات جديدة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الأزمة عميقة وممتدة فدعونا نتكاتف لمواجهتها الأزمة عميقة وممتدة فدعونا نتكاتف لمواجهتها



GMT 19:01 2018 الأحد ,28 كانون الثاني / يناير

همسات :من سيفوز بـ"كيكة" العراق؟

GMT 18:57 2018 الأحد ,28 كانون الثاني / يناير

ضـرب «الأونروا» ليس قضية هامشية

GMT 15:56 2018 السبت ,13 كانون الثاني / يناير

هموم الاقتصاد ... عالمياً وعربياً

GMT 09:01 2018 الخميس ,11 كانون الثاني / يناير

(أردوغان: نصف ديموقراطي، نصف دكتاتور)

GMT 08:57 2018 الخميس ,11 كانون الثاني / يناير

عن الحلول السياسية

أجمل إطلالات نانسي عجرم المعدنية اللامعة في 2025

بيروت ـ مصر اليوم
  مصر اليوم - مكالمة سرية تكشف تحذيرات ماكرون من خيانة أمريكا لأوكرانيا

GMT 20:14 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر
  مصر اليوم - ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر

GMT 05:43 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الإثنين 01 ديسمبر/ كانون الأول 2025

GMT 01:38 2025 السبت ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

رونالدو يتسلم المفتاح الذهبي للبيت الأبيض من ترامب

GMT 15:45 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 07:30 2025 الخميس ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية مدهشة لعام 2026 ستعيد تعريف متعتك بالسفر

GMT 10:52 2020 الإثنين ,14 كانون الأول / ديسمبر

كل ما تريد معرفته عن قرعة دور الـ 16 من دوري أبطال أوروبا

GMT 11:36 2018 الأربعاء ,03 كانون الثاني / يناير

عبد الحفيظ يكشف انتهاء العلاقة بين متعب والأهلي

GMT 22:15 2017 الأحد ,15 تشرين الأول / أكتوبر

وزير الرياضة يكرم بطل كمال الأجسام بيج رامي الإثنين

GMT 18:12 2020 الخميس ,15 تشرين الأول / أكتوبر

الشرطة المصرية تستعرض قوتها أمام الرئيس السيسي

GMT 22:53 2020 السبت ,25 إبريل / نيسان

إطلالات جيجي حديد في التنورة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche,Achrafieh Beirut- Lebanon
egypt, egypt, egypt