توقيت القاهرة المحلي 10:27:17 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الحديث عن لعنة الفراعنة

  مصر اليوم -

الحديث عن لعنة الفراعنة

بقلم : زاهي حواس

من الطبيعى، بل ومن المقبول لأى شخص يعمل فى مجال مثل الآثار ويقوم بالعمل فى الحفائر وفى مواقع الآثار، سواء الواقعة فى الصحراء أو فى الأراضى الزراعية، أن تقع له الحوادث، خاصة لو امتدت سنوات عمله لعشرات السنين. إلا أن الغريب فى الأمر أن العمل فى الآثار وحوادثه دائمًا ما يفسره البعض بأنه نتيجة لعنة الفراعنة. وهذا عكس أى مهنة أخرى، والتى يتقبل فيها الناس وقوع الحوادث دون أن يرجعوها إلى أى لعنة من أى نوع؟!، ليس هذا فقط، بل إن بعض الحوادث التى وقعت لأناس بعيدًا عن المواقع الأثرية أعادها البعض، ممن عندهم هوس بالآثار الفرعونية، إلى لعنة الفراعنة، ليس لسبب سوى ارتباط هؤلاء بشكل أو بآخر بالآثار. مثال لذلك اغتيال السير لى ستاك فى مصر فى نوفمبر ١٩٢٤؛ والذى تم اغتياله فى قلب القاهرة بعد خروجه من مبنى وزارة الحربية، متوجهًا إلى منزله فى الزمالك. وقد أعاد البعض حادثة الاغتيال إلى لعنة الفرعون الذهبى توت عنخ آمون، وذلك لأن السيرلى ستاك، الحاكم البريطانى فى السودان، وسردار الجيش المصرى، توقف فى طريق عودته من السودان إلى القاهرة فى الأقصر لكى يزور مقبرة توت عنخ آمون، والتى كان المكتشف البريطانى هيوارد كارتر قد كشف عنها حديثًا فى ٤ نوفمبر ١٩٢٢. وغير ذلك الكثير من الأمثلة: فعندما توفى لورد كارنارفون فى أحد فنادق القاهرة فى شهر إبريل من عام ١٩٢٣، لم يكن السبب هو حدوث تسمم فى الدم ناتج عن جرح فى الوجه بموسى الحلاقة تعرض إلى التلوث؟ أو أى شىء سوى أنها لعنة الفراعنة. والسبب معروف طبعًا، وهو أن لورد كارنارفون هو ممول حفائر كارتر للكشف عن المقبرة.

وهكذا يفضل البعض إسناد كل حوادث الآثار إلى ما يسمى لعنة الفراعنة. وأنا شخصيًا لست من هؤلاء الذين يؤمنون بوجود ما يسمى لعنة الفراعنة، وسنشرح ذلك بالتفصيل فيما بعد. لقد كان من إحدى وسائل المصريين القدماء لحماية مقابرهم وكنوزهم هى استخدام الطلاسم السحرية ووضع نصوص لعنة إما بالمداد الأحمر على أوراق البردى أو الفخار أو غيرها من المواد، ويتم دفنها فى أركان المكان المراد حمايته بطريقة سحرية، أو كتابة نص لعنة على واجهة الأثر؛ يحذر فيه المصرى القديم، سواء كان رجلًا أو سيدة، كل من يحاول الاعتداء على المقبرة بأن اللعنة ستصيبه وبأشكال عديدة، منها أن الأسود أو السباع ستلتهم لحمه، والثعابين ستبث سمها فى دمه، وسيحطم فرس النهر عظامه، وغيرها من أساليب التهديد والوعيد.

وفى نفس الوقت كان المصريون القدماء يطلبون من كل من يمر بمقابرهم قراءة صيغة تقديم القربان الشهيرة، والتى تعرف باسم «حتب دى نسو»، ترحمًا على المتوفى وذكر اسمه وطلب الآلهة أن ترعاه وتمنحهم الأبدية وهى مثلما نفعل حاليًا بطلب قراءة الفاتحة على روح الموتى.

لقد اعترف القرآن الكريم للكهنة فى مصر القديمة بمهارتهم فى السحر. بل ووصف هذا السحر بأنه عظيم ونحن لا نعلم هل كانت تلك النصوص السحرية والطلاسم ونصوص اللعنة تعمل بشكل دقيق أم لا؟!، لكن ما نعلمه هو أن مقابر وكنوز الفراعنة كانت دائمًا مطمعًا لـ«لصوص المقابر». وكانت تمثل بالنسبة لهم قديمًا وحديثًا طريقًا سريعًا لتحقيق الثراء.

لقد تعرضت طوال سنوات عملى فى الآثار، والتى قاربت على النصف قرن من العمل فى المواقع الأثرية وفى الحفائر، للعديد من الحوادث الغريبة. وفى كل مرة كان من حولى يلصقها بلعنة الفراعنة، فأذكر أننى فى يوم من الأيام كنت أحاول النزول إلى بئر عميقة فى تابوزيرس ماجنا غرب الإسكندرية عن طريق استعمال ونش يقوم بإنزالى إلى داخل البئر، ثم إخراجى منها مرة أخرى. بدأت فى النزول إلى داخل البئر وفجأة وأنا فى منتصف الطريق تعطل الونش دون معرفة السبب!، وظللت معلقًا بين السماء والأرض لعدة ساعات كادت أن تودى بحياتى اختناقًا داخل هذه البئر. وفى نفس المكان أى فى معبد تابوزيريس ماجنا وأنا أبحث عن سر مقبرة الملكة البطلمية الشهيرة كليوباترا السابعة وبدون سابق إنذار وقع على رأسى حجر ضخم أدى إلى حدوث ثقب فى العين تطلب علاجه إجراء عمليتين جراحيتين فى الولايات المتحدة الأمريكية، وبالطبع كان السبب بالنسبة للناس هو لعنة الفراعنة التى تكررت حوادثها فى كل مكان أذهب إليه، سواء للعمل أو للدراسة، فأذكر ونحن فى وادى الملوك بالبر الغربى للأقصر وبدون أى مقدمات، وكنت وقتها أجرى حديثًا تليفزيونيًا مع التليفزيون اليابانى هطلت سيول لم تشهدها الأقصر من قبل!، ووجدت طاقم التليفزيون اليابانى يفر بأدواته ومعداته وهم يصرخون لعنة الفراعنة.. لعنة الفراعنة. ومرة أخرى وأنا بوادى الملوك وبجوار مقبرة الفرعون الذهبى توت عنخ آمون أقوم بإخراج موميائه من المقبرة عن طريق فريق علمى طبى لكى يتم إجراء أول كشف بالأشعة المقطعية على مومياء توت عنخ آمون، وفى قلب وادى الملوك دون الحاجة إلى نقل المومياء بعيدًا عن المقبرة، وبمجرد أن استعد الفريق العلمى لإجراء الكشف المقطعى على المومياء، فإذا بالجهاز الحديث يتعطل وبدون سبب معروف، وكلما تمت إعادته للعمل ومجرد الاستعداد لإدخال المومياء إلى الجهاز يتوقف!، استمر الوضع هكذا قرابة الساعة حتى بدأ الجميع يشعر بالتوتر، وبأن هناك شيئًا ما ليس له تفسير علمى؟.

ومن أحدث حوادث لعنة الفراعنة كان من المفروض أن أسافر إلى طوكيو، وذلك خلال شهر فبراير الماضى لكى أحضر المؤتمر الصحفى العالمى للإعلان عن قدوم معرض الملك رمسيس الثانى العظيم، ملك ملوك الفراعنة، إلى طوكيو، وافتتاح معرضه الذى تم فى ٨ مارس الماضى. وقد قررت السفر بالجواز الدبلوماسى الذى أحمله، والسبب هو أنه كان من المخطط السفر من طوكيو إلى شنغهاى لإلقاء محاضرة هناك. ومعروف أن دخول الصين بالجواز الدبلوماسى لا يتطلب وجود فيزة دخول على الجواز، وقد أرسلت جواز السفر العادى إلى سفارة اليابان، وحصلت بالفعل على فيزة لدخول اليابان، وذلك على جواز السفر العادى والجوازان متشابهان للغاية، ولا يمكن التفريق بينهما. وكان المفروض أن أقوم بالسفر بهما معًا. كان السفر إلى طوكيو على خطوط الطيران القطرية وحملت حقائبى إلى المطار، وكان مسافرًا معى الدكتور محمد إسماعيل والصديق العزيز مصطفى الدوينى. وبمجرد وصولى إلى مطار القاهرة سلمت جواز السفر الذى أحمله إلى المسؤول عن إنهاء إجراءات السفر، والذى فوجئ قبل إقلاع الرحلة بساعة بأننى سلمته جواز السفر الدبلوماسى الذى لا يوجد به أى تأشيرة دخول إلى اليابان، حيث اكتشفت بأننى نسيت جواز السفر الآخر فى المنزل، وهو الذى يحمل تأشيرة الدخول إلى اليابان. كانت الساعة المتبقية على إقلاع الرحلة غير كافية لإحضار جواز السفر من المنزل بالشيخ زايد، وكان لابد من إلغاء الرحلة والسفر فى اليوم التالى على خطوط مصر للطيران، وكانت الرحلة مباشرة من القاهرة إلى طوكيو، ورغم طول الرحلة إلا أن الطائرة الحديثة والمريحة وكذلك طاقم الضيافة جعلت جميع المسافرين يشيدون بها ونأمل زيادة عدد الرحلات إلى اليابان.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الحديث عن لعنة الفراعنة الحديث عن لعنة الفراعنة



GMT 10:24 2025 الجمعة ,05 كانون الأول / ديسمبر

مستقبل سوريا بين إسرائيل… وأميركا وتركيا

GMT 10:22 2025 الجمعة ,05 كانون الأول / ديسمبر

تركيز إسرائيل على طبطبائي… لم يكن صدفة

GMT 10:20 2025 الجمعة ,05 كانون الأول / ديسمبر

خطورة ترامب على أوروبا

GMT 10:15 2025 الجمعة ,05 كانون الأول / ديسمبر

المفاوض الصلب

GMT 10:12 2025 الجمعة ,05 كانون الأول / ديسمبر

مشكلتنا مع «الإخوان» أكبر من مشكلات الغربيين!

GMT 10:07 2025 الجمعة ,05 كانون الأول / ديسمبر

إعلان الصُّخير... مِن «دار سَمْحين الوِجِيه الكِرامِ»

GMT 10:04 2025 الجمعة ,05 كانون الأول / ديسمبر

اصنعوا المال لا الحرب

GMT 09:57 2025 الجمعة ,05 كانون الأول / ديسمبر

توسعة الميكانيزم... هل تجنّب لبنان التصعيد؟

أجمل إطلالات نانسي عجرم المعدنية اللامعة في 2025

بيروت ـ مصر اليوم
  مصر اليوم - مكالمة سرية تكشف تحذيرات ماكرون من خيانة أمريكا لأوكرانيا

GMT 20:14 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر
  مصر اليوم - ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر

GMT 05:43 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الإثنين 01 ديسمبر/ كانون الأول 2025

GMT 01:38 2025 السبت ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

رونالدو يتسلم المفتاح الذهبي للبيت الأبيض من ترامب

GMT 15:45 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 07:30 2025 الخميس ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية مدهشة لعام 2026 ستعيد تعريف متعتك بالسفر

GMT 10:52 2020 الإثنين ,14 كانون الأول / ديسمبر

كل ما تريد معرفته عن قرعة دور الـ 16 من دوري أبطال أوروبا

GMT 11:36 2018 الأربعاء ,03 كانون الثاني / يناير

عبد الحفيظ يكشف انتهاء العلاقة بين متعب والأهلي

GMT 22:15 2017 الأحد ,15 تشرين الأول / أكتوبر

وزير الرياضة يكرم بطل كمال الأجسام بيج رامي الإثنين

GMT 18:12 2020 الخميس ,15 تشرين الأول / أكتوبر

الشرطة المصرية تستعرض قوتها أمام الرئيس السيسي

GMT 22:53 2020 السبت ,25 إبريل / نيسان

إطلالات جيجي حديد في التنورة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche,Achrafieh Beirut- Lebanon
egypt, egypt, egypt