توقيت القاهرة المحلي 16:35:54 آخر تحديث
  مصر اليوم -

«حزب الله» والفاخوري وأُذن الجرَّة

  مصر اليوم -

«حزب الله» والفاخوري وأُذن الجرَّة

بقلم: مصطفى فحص

الفرق بين العميل عامر فاخوري، وسلطة «العهد»، أن الأول مارس عمالته في وَضَح النهار، لم يكن مُلثماً، أو يعمل سراً في جُنح الليل، والليل في هذه القضية كان من نصيب «العهد»، الذي فَرض على المحكمة العسكرية أن تُعقد ليل الأحد (يوم إجازة)، ويعمل قُضاتها تحت جُنح الظلام لاتخاذ قرار ظالم لا ينصف المظلومين.
ففي بلد يخضع الحَجر فيه، قبل البشر، للمحاصصة الطائفية، لا يمكن الثقة باستقلال قضائه، حتى لو كان القاضي نفسه مستقيماً، فهو لن يحظى بغطاء طائفي وسياسي لأحكامه، إذا جاءت مخالِفة لرغبات أصحاب السلطة، والعادة عندما يصدر الحكم... تتبرأ السلطة ويُلام القاضي، واللوم هنا لا يسقط في التقادم، آلام سجناء معتقل الخيام محفورة على جدران الزنازين، ووجوه جلاديهم مقيمة في ذاكرتهم، كما كتب السجين السابق الراحل كميل ضاهر: «كم كان سهلاً على بلاط الزنزانة أن يحفظ قصيدة، وصعب عليك أن تنسى وجه الجلاد».
لا يستطيع «حزب الله» تبرئة ساحته بمجرد بيان إدانة للمحكمة العسكرية، بعد قرارها الإفراج عن العميل الإسرائيلي عامر فاخوري، واتهامها بالرضوخ للضغوط الأميركية، وإذا هذا حصل فعلاً، فمن هي الجهة السياسية النافذة التي فرضت على القضاء العسكري إصدار قرار الإفراج عن عميل، وهل كان «حزب الله» على علم بالضغوط التي تعرض لها القضاء، ولماذا مارس الصمت، وهو يمتلك إمكانية هائلة تُحرك الرأي العام، وتُحرضه لدعم مواقفه، وله تجربة يشهد لها القاصي والداني في التحريض على من يعارضه، وتشويه سمعة خصومه، والأخطر هل أن الجهة السياسية التي ضغطت للإفراج عن فاخوري كانت على تنسيق مع الحزب، فهو لا يستطيع الاختباء خلف إصبعه، لأن الجميع يعلم من هي الجهة التي أدخلت فاخوري إلى لبنان، ودافعت عنه عندما فُضح أمره، وأصرت على تبرئته.
تحاول السلطة الحاكمة إيهام اللبناني بأن الإفراج عن فاخوري الذي يحمل الجنسية الأميركية هدفه تخفيف الضغوط الأميركية على لبنان، وتجنيبه عقوبات جديدة، ولكن وفقاً لما لوسائل إعلامية، فإن حليف «حزب الله» القوي وزير الخارجية السابق جبران باسيل، التمس مساعدة الحزب، لأن توقيف فاخوري ستنتج عنه عقوبات عليه. فقد كانت مصلحة باسيل فوق كل الاعتبارات الوطنية والإنسانية والأخلاقية، لأن مصلحته في الإفراج عن فاخوري تجنبه قصاص واشنطن، وتعيد الاعتبار لموقعه على الساحة الدولية، وهذا ما يقايض جبران باسيل «حزب الله» عليه، باعتباره شخصية سياسية مسيحية تتمتع بصلات خارجية وخصوصيات يمكن استخدامها في الدفاع عن الحزب وسلاحه في المحافل الدولية.
هي ليست المرة الأولى التي تساوم فيها الطبقة السياسية اللبنانية، «حزب الله»، على مصالحها، فهي في علاقتها مع الحزب أرست معادلة السكوت عن سلاحه، وتغطية تدخلاته الخارجية مقابل سكوته عن الفساد، وعندما خرج اللبنانيون في 17 أكتوبر (تشرين الأول) احتمت هذه الطبقة بسلاح الحزب، الذي لم يتردد في تخوين الانتفاضة والتشكيك في انتماء شبابها، وحماية عهد وطبقة سياسية كان من الممكن أن تسقط خلال أسابيع لولا قراره حمايتها.
مما لا شك فيه أن قضية العميل فاخوري، وطريقة معالجتها، ستزيد التعقيدات على الجدل السياسي والاجتماعي حول قضية اللبنانيين الفارين إلى «إسرائيل» بعد عام 2000، وإعادة النظر في وضع بعض العائلات، والسماح لهم بالعودة إلى لبنان، تجنباً لاندماجهم في المجتمع الإسرائيلي، شريطة ألا تشمل العودة من تعاملوا مع قوات الاحتلال، وقاموا بارتكابات ضد اللبنانيين، وعدم معاقبتهم على ما ارتكبه آباؤهم، واعتبار أن العقاب فردي وليس جماعياً. ولكن مهما كانت هذه القضية حساسة لا بد من الأخذ في عين الاعتبار موقف أهالي ضحايا الاحتلال، ورفض تركها لصالح جماعات انتهازية تستخدمها في معركة مكاسبها بوجه منافسيها.
يقول المثل الشعبي إن الفاخوري (نسبة إلى صانع الفخار) يدير أُذن الجرّة كما يريد، والحزب له من كنية العميل نصيب، فهو يُدير التهم كيفما يشاء؛ لم يتردد في تخوين مقاومين تاريخيين لأنهم عارضوا سياساته، ويدافع عن الجهة التي ساعدت العميل فاخوري، وسكت عن وقاحتها في النيل من اغتيال قائد المقاومة الوطنية اللبنانية جورج حاوي، وتشاركت أبواق هذا المحور في التشكيك في وطنية الراحل سمير فرنجية، ودوره في دعم المقاومة الفلسطينية، ومن ثم وصلت سهامها إلى المناضل نواف سلام بعد تداول اسمه مرشحاً محتملاً لرئاسة الحكومة.
في الأمس، اعتبر «حزب الله» أن مطالب صندوق النقد الدولي تمس عزة لبنان، وكرامته، فرفضها، لكنه غض الطرف عن الضغوط الأميركية التي تمس مصالح حلفائه، ولكنه سيدرك لاحقاً أن قضية فاخوري تمس تاريخ مناضلين لن يساوموا بين مصلحة الوطن ومصالح الطوائف.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«حزب الله» والفاخوري وأُذن الجرَّة «حزب الله» والفاخوري وأُذن الجرَّة



GMT 23:29 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحو قانون متوازن للأسرة.. بيت الطاعة

GMT 23:27 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحن عشاق «الكراكيب»

GMT 23:25 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

التوت و«البنكنوت»

GMT 20:38 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

الصفقة مع ايران تأجلت... أو صارت مستحيلة

GMT 07:51 2021 السبت ,11 أيلول / سبتمبر

الملالي في أفغانستان: المخاطر والتحديات

أجمل إطلالات الإعلامية الأنيقة ريا أبي راشد سفيرة دار "Bulgari" العريقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 01:58 2018 الأحد ,07 تشرين الأول / أكتوبر

وزير الكهرباء

GMT 07:32 2021 الخميس ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

أسعار البنزين في محطات الوقود المصرية اليوم 11 نوفمبر

GMT 09:48 2024 السبت ,11 أيار / مايو

أفضل أماكن التسوق في جزيرة "سنتوسا"

GMT 05:29 2021 السبت ,25 كانون الأول / ديسمبر

مفاجآت بشأن تجديد عقد بن شرقي مع الزمالك

GMT 05:05 2018 الخميس ,18 كانون الثاني / يناير

تعرفي على طرق للتخلص من الطاقة السلبية في جسمك

GMT 22:35 2021 الأحد ,20 حزيران / يونيو

إيطاليا تسقط ويلز وسويسرا بقائمة الانتظار

GMT 06:55 2020 الخميس ,31 كانون الأول / ديسمبر

تعود لترتفع المعنويات هذا الشهر بعد معاناة صعبة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon