توقيت القاهرة المحلي 05:22:54 آخر تحديث
  مصر اليوم -

إيران... النظام في متاهة

  مصر اليوم -

إيران النظام في متاهة

بقلم: مصطفى فحص

تواجه طهران معضلة الرد على اغتيال مهندس مشروعها النووي محسن فخري زاده، فهي أسيرة معادلة كبلتها بعد اغتيال مهندس النظام وحارسه قاسم سليماني، فمنذ اغتياله ومروراً بالضربات الموجعة لأهداف حيوية في إيران وسوريا والعراق وصولاً إلى فخري زاده، أدركت طهران أن موازين القوة ليست في صالحها، وسلمت بأن الرد أقرب إلى الانتحار وليس الانتقام، فقررت تجنبه حتى لو كان عدم الرد بمثابة الهزيمة، فهي مستعدة لتقبلها كما تقبلت سابقاً تجرع كأس السم، لأن أولوياتها في هذه المرحلة الأميركية الانتقالية تخفيف فاتورة الخسائر وتجنب أي فعل انتحاري، هذا القرار يستدعي براغماتية سياسية مستندة إلى غطاء عقائدي يؤمّن مخرجاً شرعياً للنظام في محنته عبر تبنيه لمعادلة وصفتها طهران بالصبر الاستراتيجي.
بعيداً عن تصريحات القادة الإيرانيين وتوعدهم تل أبيب وواشنطن برد مؤلم على عملية اغتيال فخري زاده، فإن واقعية النظام الإيراني في التعامل مع هذا المأزق واستيعابه واضحة، حيث من المستبعد أن يذهب إلى أي نوع من أنواع المواجهة المباشرة أو غير المباشرة عبر الوكلاء لا مع واشنطن ولا مع تل أبيب، ولا في سوريا ولا في لبنان ولا حتى في العراق، الذي قد تتعرض فيه حكومة مصطفى الكاظمي إلى ضغوط سياسية وعرقلة في عملها لن تصل إلى حد إسقاطها، وحتى خيار القصف المباشر للسفارة الأميركية في بغداد أو لقواعد أميركية سيكون مستبعداً في هذه المرحلة، لأنه سيعيد إلى أذهان العراقيين والإيرانيين ردة الفعل الأميركية التي أدت إلى اغتيال سليماني والمهندس، وهذا ما دفع قائد فيلق القدس الجنرال إسماعيل قاآني إلى الضغط على كل الفصائل بتجنب الاحتكاك الخشن مع الأميركيين حتى لا تحصل إدارة ترمب على ذرائع تستخدمها لرد قاسٍ قد يكون هذه المرة داخل الأراضي الإيرانية.
ومع استبعاد العمل العسكري الإيراني الانتقامي خلال نهاية ولاية الرئيس ترمب، فإن الأرجح أن تلجأ طهران إلى تحدي واشنطن والمجتمع الدولي خصوصاً مجموعة 5+1 عبر الاتفاق النووي، حيث ستقوم حكومة حسن روحاني بتنفيذ القرارات التي صدرت عن مجلس الشورى في أول جلسة له بعد اغتيال محسن فخري زاده، وتقوم بتخليها الكامل عن التزاماتها النووية، من دون أن تعلن عن انسحابها من الاتفاق رسمياً، وترفع تخصيب اليورانيوم إلى مستوى 20 في المائة، وتعيد تشغيل منشأة أراك النووية للماء الثقيل، إضافة إلى وقف عمل مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية. وهذا ما يؤيده «الحرس الثوري» وقادة النظام، وأكده وزير الدفاع الإيراني أمير حاتمي في حديث لوكالة «يونيوز» بأن بلاده ستسرع وتيرة البرنامج النووي بعد اغتيال فخري زاده.
معضلة طهران في صبرها الاستراتيجي أنها باتت مكشوفة في اكتفائها بإطلاق التهديدات وتجنبها الرد المباشر وربطه في المكان والزمان المناسبين، ما قد يدفع واشنطن ومن خلفها تل أبيب في الأسابيع الأخيرة من ولاية الرئيس الأميركي ترمب إلى القيام بمزيد من الضربات، بهدف استفزازها، لكي تُستدرج إلى مواجهة استراتيجية تنتهي بتجريدها من كل أوراقها التفاوضية مع الإدارة الجديدة، خصوصاً أن خيار الرد سيسحب نهائياً ولا يمكن التلويح به مع تسلم جو بادين السلطة في واشنطن، ولكن في المقابل لا توجد ضمانات بأن تتوقف تل أبيب عن استهداف منشآت حيوية إيرانية، فتل أبيب أيضاً معنية في اختبار نوايا إدارة جو بايدن وكيفية تعاملها مع ملف إيران النووي.
حتى 20 يناير (كانون الثاني)، سيزداد قلق طهران من أن تخسر كل أوراقها التفاوضية التي يمكن أن تقايضها مع الإدارة الأميركية الجديدة، خصوصاً أن الرئيس حسن روحاني الذي يراهن على مفاوضات بناءة مع إدارة بايدن قد ينجح في إقناع واشنطن بالعودة إلى الاتفاق النووي، مقابل تعديل بعض البنود في الاتفاق، يحتاج إلى خطوة أميركية إيجابية على مستوى العقوبات تساعده في إقناع نظامه بالانفتاح مجدداً على واشنطن.
المقايضة بين الطرفين صعبة، فطهران مقابل عودتها إلى الالتزامات النووية تطالب بعودة واشنطن إلى الاتفاق النووي وإلى رفع العقوبات، وهذا ما يبدو مستحيلاً في ظل توازنات القوة والتغيرات التي قد تتركها إدارة ترمب في المنطقة قبل رحيلها، والتي ستُعقد عمل الإدارة الجديدة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إيران النظام في متاهة إيران النظام في متاهة



GMT 23:29 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحو قانون متوازن للأسرة.. بيت الطاعة

GMT 23:27 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحن عشاق «الكراكيب»

GMT 23:25 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

التوت و«البنكنوت»

GMT 20:38 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

الصفقة مع ايران تأجلت... أو صارت مستحيلة

GMT 07:51 2021 السبت ,11 أيلول / سبتمبر

الملالي في أفغانستان: المخاطر والتحديات

بلقيس بإطلالة جديدة جذّابة تجمع بين البساطة والفخامة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 18:31 2020 الأربعاء ,30 كانون الأول / ديسمبر

آندي روبرتسون يخوض لقائه الـ150 مع ليفربول أمام نيوكاسل

GMT 06:47 2020 السبت ,19 كانون الأول / ديسمبر

ترتيب الدوري الإنجليزي الممتاز بعد نهاية الجولة الـ 13

GMT 02:10 2020 الخميس ,10 كانون الأول / ديسمبر

7 أسباب تؤدي لجفاف البشرة أبرزهم الطقس والتقدم في العمر

GMT 22:29 2020 الثلاثاء ,01 كانون الأول / ديسمبر

أحمد موسى يعلق على خروج الزمالك من كأس مصر

GMT 11:02 2020 الجمعة ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

تعرّف على أعراض التهاب الحلق وأسباب الخلط بينه وبين كورونا

GMT 03:10 2020 الأربعاء ,21 تشرين الأول / أكتوبر

زيادة في الطلب على العقارات بالمناطق الساحلية المصرية

GMT 22:14 2020 الجمعة ,18 أيلول / سبتمبر

بورصة بيروت تغلق التعاملات على انخفاض

GMT 12:08 2020 الثلاثاء ,21 إبريل / نيسان

خسائر خام برنت تتفاقم إلى 24% في هذه اللحظات
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon