توقيت القاهرة المحلي 02:50:27 آخر تحديث
  مصر اليوم -

خامنئي وروحاني والواقع الإيراني

  مصر اليوم -

خامنئي وروحاني والواقع الإيراني

بقلم: مصطفى فحص

في ختام اجتماع الحكومة الإيرانية يوم السبت الفائت قال الرئيس الإيراني حسن روحاني: «إنّ نموّنا الاقتصادي سيكون إيجابياً بنهاية العام، واقتصادنا ستكون له ظروف أفضل من الاقتصاد الألماني».
يستطيع الرئيس روحاني أن يدّعي أن بلاده تؤثر في استقرار المنطقة، لكنه لا يستطيع الحديث عن الاقتصاد، فمياه الأرقام تُغرق الغطاس، والغوص في أرقام الاقتصاد الإيراني وتأثيره على الداخل والخارج لا يحتاج إلى جهد كبير للتحقق مما ادّعاه روحاني، فلا يمكن للاقتصاد الإيراني الذي يعاني من عجز في الميزانية وعجز في ميزان المدفوعات وفي تراجع الصادرات، خصوصاً النفطية التي تجاوزت خسائرها 115 مليار دولار، أن ينافس اقتصاد العملاق الأوروبي ألمانيا، على الرغم مما تعانيه برلين من انكماش بسبب جائحة «كورونا»، ومع هذا فإن صادرات ألمانيا في شهر مايو (أيار) الفائت قد بلغت 80 مليار دولار، وفقاً لما ذكر موقع (دويتشه فيله)، وهو رقم يعادل صادرات إيران سنة 2019 ومن ضمنها النفطية، كما أن برلين لم تتراجع عن التزاماتها الأوروبية ودعمها لبعض دول الاتحاد الأوروبي التي يعاني اقتصادها من عجز وركود، فيما قامت طهران بتقليص نفقاتها على ميليشياتها التي تزعزع أمن واستقرار دول المنطقة.
كلام روحاني جاء بالتزامن مع انهيار حاد للعملة الإيرانية مقابل الدولار الأميركي الذي تجاوز سعره منذ أيام 300 ألف ريال، مع بداية تطبيق الولايات المتحدة لآلية الزناد (سناب باك) التي تجيز لها إعادة فرض عقوباتها النووية على إيران، وقد ربط حاكم البنك المركزي الإيراني عبد الناصر هيتي، انهيار الريال بسبب ما وصفه بالتأثير النفسي لعودة العقوبات، في الوقت الذي توقع البنك الدولي أن يكون معدل النمو في إيران لهذا العام صفراً.
تحتاج إيران للخروج من مأزقها إلى تصفير مشكلاتها الداخلية والخارجية، لكنَّ نظامها يستمدُّ شرعية بقائه من هذه الأزمات التي يفتعلها إما للاستقواء على الداخل بالخارج، وإما لتطويع الشارع، لكن الداخل يبدو أكثر عُرضة للانفجار هذه المرة، بعدما تراجعت ورقة الخارج وتراكمات أزمات الداخل، وهذا ما جاء واضحاً على لسان القيادي في التيار الإصلاحي نائب وزير الداخلية السابق مصطفى تاج زاده، في مقابلة تلفزيونية: «إنَّ الوضع متدهور جداً في البلاد، وأنا قلق وأعتقد أن جميعنا يجب أن نترك المجاملة ونخاطب المرشد مباشرةً، ونشرح له الوضع وبصراحة شديدة يجب عليك إجراء إصلاحات لكي لا تواجه إيران مصير دول المنطقة».
موقف تاج زاده المعروف بقربه من تيار الصقور في الحركة الخضراء وقد سُجن بسبب مواقفه المتشددة ضد النظام، يأتي في الوقت الذي يرسم فيه المرشد مراحل الفترة المقبلة لإيران ما بعد حسن روحاني، الذي انتهى دوره عملياً داخل تركيبة السلطة والنظام، بعدما قام صناع القرار بتحييد الإصلاحيين من داخل المؤسسات وخصوصاً التشريعية، حيث بات مجلس الشورى الإيراني تحت سيطرة المحافظين الراديكاليين وشخصيات جاءت من خلفيات عسكرية وفي مقدمتها رئيسه قاليباف، فيما الشكوك بأن الانتخابات الرئاسية المقبلة ستكون محصورة بوجوه متشددة سيفرضها بيت المرشد ومؤسسة الحرس، ولا يستبعد أن يصل عسكري سابق لموقع رئاسة الجمهورية، خصوصاً أن الحرس يريد وضع يده على هذا الموقع لإدارة المرحلة الانتقالية ما بعد المرشد علي خامنئي.
عملياً حدَّد المرشد شكل الرئاسة المقبلة وملامحها سنة 2021، وأعرب عن رغبته في حكومة «فتية وثورية»، فقد أظهر ميله إلى فرض طابع واحد على مؤسسات الدولة كافة، وإنهاء الظواهر السياسية والتيارات الإصلاحية والمعتدلة التي وصلت إلى السلطة في العقدين الأخيرين، وأدَّت إلى الكشف عن حجم التناقضات ما بين المجتمع والنظام، الذي يواجه استحقاقات صعبة ستقلص خياراته وتفرض عليه اللجوء إلى القمع العنيف لأي انتفاضة شعبية محتملة ستهدّد وحدة البلاد، فعلى الأرجح أنَّ النظام بدأ يستعد لمعركة البقاء خصوصاً إذا جاءت نتائج الانتخابات الأميركية بما لا تشتهيه طهران وتراهن عليه.
قلق النظام من ردة فعل الشارع يتصاعد، واحتمال انفجاره المعيشي قد يسبق السياسي، لكن التهديد الأبرز للنظام سيكون مواجهة جيل تجاوز ليس فقط خطابه العقائدي بل حتى الخطاب الإصلاحي، ويُصرُّ على رفضه لكل ما خرج من رحمه.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

خامنئي وروحاني والواقع الإيراني خامنئي وروحاني والواقع الإيراني



GMT 23:29 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحو قانون متوازن للأسرة.. بيت الطاعة

GMT 23:27 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحن عشاق «الكراكيب»

GMT 23:25 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

التوت و«البنكنوت»

GMT 20:38 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

الصفقة مع ايران تأجلت... أو صارت مستحيلة

GMT 07:51 2021 السبت ,11 أيلول / سبتمبر

الملالي في أفغانستان: المخاطر والتحديات

نانسي عجرم بإطلالات خلابة وساحرة تعكس أسلوبها الرقيق 

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 08:54 2021 الأربعاء ,24 شباط / فبراير

ديكور فخم في منزل شذى حسون في برج العرب

GMT 13:39 2021 السبت ,06 شباط / فبراير

زلزال بقوة 4.7 درجة يضرب كيرمان في شرق إيران

GMT 13:44 2021 السبت ,30 كانون الثاني / يناير

«الزراعة» تواصل خطتها لخفض استهلاك المبيدات الكيماوية

GMT 01:58 2021 الخميس ,21 كانون الثاني / يناير

شالكه يسقط أمام كولن بالوقت القاتل في الدوري الألماني

GMT 06:57 2021 الأحد ,17 كانون الثاني / يناير

التمدد أكثر فعالية من المشي لخفض ضغط الدم المرتفع

GMT 20:35 2021 السبت ,16 كانون الثاني / يناير

طريقة عمل معجنات الثوم

GMT 07:25 2021 الخميس ,07 كانون الثاني / يناير

توقعات العام 2021 لبرج الجدي وفق بطاقات التارو

GMT 17:55 2020 الأربعاء ,30 كانون الأول / ديسمبر

ريال مدريد يتوعّد إلتشي بمواصلة سلسلة الانتصارات في "الليغا"

GMT 10:16 2020 الجمعة ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

تعرّف على أعراض التهاب الرئة وأبرز أسباب الإصابة بالمرض

GMT 02:14 2020 الثلاثاء ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

ضياء السيد يؤكد أن هناك رواسب قديمة بين فضل وكهربا
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon