توقيت القاهرة المحلي 20:10:19 آخر تحديث
  مصر اليوم -

سببان للتخوّف من انفلات في جنوب لبنان!

  مصر اليوم -

سببان للتخوّف من انفلات في جنوب لبنان

بقلم - خير الله خير الله

ليس اغتيال إسرائيل لرضى موسوي، أحد كبار رجالات «فيلق القدس» في «الحرس الثوري» الإيراني في محيط دمشق، سوى دليل على مدى استعدادها للذهاب بعيداً في المعركة المصيريّة التي تواجهها.

تخوض إسرائيل حالياً معركة حياة أو موت. لم تعد الدولة العبريّة القوّة العسكريّة القادرة على عمل ما تشاء في المنطقة كلّها من دون قيود فرضها عليها وضعها الداخلي.

بكلام أوضح، فقدت إسرائيل هيبتها ولن تكون قادرة، مهما فعلت، على تجاهل وجود قضيّة فلسطينية يعبّر عنها وجود ملايين الفلسطينيين في الداخل الإسرائيلي وفي قطاع غزّة وفي الضفّة الغربيّة.

هؤلاء الفلسطينيون موجودون على أرض فلسطين. منهم من هو في الضفّة الغربيّة والقدس الشرقيّة ويعيش تحت الاحتلال منذ العام 1967.

ليس في الإمكان استمرار هذا الاحتلال، إلى الأبد، مهما فعل بنيامين نتنياهو وأعضاء حكومته وقادة أحزاب اليمين الإسرائيلي الذين يحاولون القفز فوق الواقعين السياسي والعسكري... أو التحايل عليهما.

يؤكد القصف الإسرائيلي الذي استهدف موسوي المقيم منذ سنوات عدة في سورية، استعداد الدولة العبريّة لخوض حرب على أكثر من جبهة بعدما استطاعت حركة «حماس» وضعها في مأزق لا تحسد عليه.

كشف هجوم «طوفان الأقصى» الذي شنته «حماس» في السابع من أكتوبر الماضي، أن إسرائيل تمتلك نقاط ضعف كثيرة على الصعيدين الأمني والسياسي.

كان صعباً تصوّر نجاح مقاتلي «حماس» في قتل هذا العدد من الإسرائيليين وأسر آخرين بهذه السهولة.

باختصار شديد، إن انكشاف إسرائيل على حقيقتها، من خلال استمرار حرب غزّة كلّ هذا الوقت، يجعلها أكثر خطورة من أي وقت. هذا ما يفترض أن يتنبه إليه لبنان الواقع تحت السيطرة الإيرانيّة... وحيث تدير «الجمهوريّة الإسلاميّة» انطلاقاً من جنوبه ما يشبه حرباً على نار خفيفة.

يبدو أن إسرائيل ما قبل 7 أكتوبر 2023 هي غير إسرائيل ما بعد ذلك اليوم. هذا ما يفترض بلبنان استيعابه، خصوصاً أن حرب غزّة غيرت نظرة إسرائيل إلى نفسها وغيّرت نظرة العالم إليها، بما في ذلك نظرة قسم كبير من الشعب الأميركي والشعوب الأوروبيّة.

صار هذا القسم من الشعب الأميركي متعاطفاً مع الشعب الفلسطيني وبدأ يأخذ موقفاً من الممارسات الإسرائيلية في غزّة.

لكنّ ما لابدّ من أخذه في الاعتبار أنّ مثل هذا التغيير لدى قسم من الشعب الأميركي وفي أوروبا لن يجد ترجمة على أرض الواقع.

أكثر من ذلك، لا يمكن البناء على هذا التغيير نظراً إلى أن لا تحوّل يذكر في موقف الإدارة الأميركية في المدى المنظور.

لاتزال إدارة جو بايدن منحازة لإسرائيل ومازالت تزودها الأسلحة والذخائر التي تطلبها. لا يمكن توقّع أي تحوّل أميركي حقيقي في الأيام والأسابيع المقبلة.

على العكس من ذلك، سيزداد الموقف الأميركي انحيازاً لإسرائيل مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية الأميركية في غضون أقلّ من 11 شهراً. لا يمكن حتّى الرهان على موقف الرئيس جو بايدن من نتنياهو الذي ليس موضع إعجاب لدى المقيم في البيت الأبيض.

يشير تطور الأحداث إلى تغيير في العمق في إسرائيل بقي نتنياهو على رأس الحكومة أم لم يبقَ. ما سيبقى هو كلّ أنواع المخاوف الإسرائيليّة التي تجعل بلداً مثل لبنان في دائرة الخطر ما دام لا يوجد فيه من هو على استعداد للدفاع عن مصالح البلد ومصالح اللبنانيين... وما دام لبنان تحت الاحتلال الإيراني.

أكثر من أي وقت تزداد المخاوف من انفلات في جنوب لبنان. يعود ذلك إلى سببين، في أقلّ تقدير.

أول السببين وجود مفاوضات أميركيّة - إيرانيّة مباشرة وغير مباشرة خصوصاً في مسقط مع احتمال عقد صفقة سرّية بين الجانبين، وهي صفقة تستجيب لبعض المطالب الإيرانية.

يوجد ثمن تريده إيران مكافأة على عدم توسيعها حرب غزّة. ثمّة استعداد أميركي لدفع بعض هذا الثمن في ظلّ اعتراض إسرائيلي على ذلك.

يفسّر هذا الاعتراض استهداف رضى موسوي في مزرعة قرب دمشق بما يشير إلى هامش المناورة الواسع الذي تصرّ إسرائيل على امتلاكه بغض النظر عن مواقف الإدارة الأميركيّة ومدى اعتمادها عليها في كلّ المجالات.

أمّا السبب الثاني الذي يدعو إلى التخوّف من انفلات الوضع في جنوب لبنان والخروج عن قواعد الاشتباك، فهو يعود إلى أنّ حسابات إيران قد لا تكون في محلّها.

صحيح أنّ إسرائيل منشغلة بحرب غزّة، لكن الصحيح أيضاً أن الواقع الذي لا يمكن تجاهله، يتمثّل في أن عشرات آلاف الإسرائيليين باتوا غير قادرين على العودة إلى بيوتهم في معظم المناطق القريبة من الحدود اللبنانيّة.

هؤلاء يعيشون في مناطق أخرى آمنة في الداخل الإسرائيلي بعيداً عن الحدود مع لبنان بسبب مدافع «حزب الله» وصواريخه ومسيراته.

مثل هذا الوضع لا تستطيع إسرائيل تحمّله طويلاً نظراً إلى أنّه يشير إلى بداية النهاية بالنسبة إليها!

يظلّ أخطر ما في الأمر غياب أي مخرج سياسي من الوضع القائم حالياً الذي ولد من «طوفان الأقصى».

دمرت إسرائيل، غزّة وحولتها إلى أرض طاردة لأهلها. تبدو إسرائيل مستعدة لخوض حروب على جبهات أخرى بدليل اغتيالها لرضى موسوي.

ثمة إسرائيل مختلفة ولدت من رحم «طوفان الأقصى»، وهي إسرائيل لا يمكن التكهن بمدى خطورتها في ظلّ الإصرار على حرب غزّة من جهة وغياب إدارة أميركية مستعدة لضبطها من جهة أخرى... أو تقديم خطة سلام تعالج من الآن مرحلة ما بعد غزّة.


 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

سببان للتخوّف من انفلات في جنوب لبنان سببان للتخوّف من انفلات في جنوب لبنان



GMT 16:07 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

في ذكرى النكبة..”إسرائيل تلفظ أنفاسها”!

GMT 05:34 2024 الأحد ,12 أيار / مايو

اتفاق غزة... الأسئلة أكثر من الإجابات!

GMT 00:17 2024 الخميس ,09 أيار / مايو

في معنى «التنوير»

GMT 19:46 2024 الأربعاء ,08 أيار / مايو

قراءة في مذكّرات يوسف حمد الإبراهيم

GMT 19:45 2024 الأربعاء ,08 أيار / مايو

محاولة بعث الصدام الحضاري

أجمل إطلالات الإعلامية الأنيقة ريا أبي راشد سفيرة دار "Bulgari" العريقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 11:44 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

نجمات عربيات تألقن على السجادة الحمراء في "كان"
  مصر اليوم - نجمات عربيات تألقن على السجادة الحمراء في كان

GMT 14:14 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

أمير المصري يكشف عن شخصيته في فيلم Giant
  مصر اليوم - أمير المصري يكشف عن شخصيته في فيلم Giant

GMT 01:56 2018 الأحد ,07 تشرين الأول / أكتوبر

التعليم.. والسيارة ربع النقل!

GMT 11:27 2024 الإثنين ,25 آذار/ مارس

مورينيو يعلن عودتة للتدريب في الصيف المقبل

GMT 17:24 2017 الثلاثاء ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

6 نصائح لتنظيف الفرن بالطريقة الصحيحة

GMT 03:46 2017 الجمعة ,01 كانون الأول / ديسمبر

عفاف شعيب تكشف أسرارًا جديدة عن عائلة عبد البديع العربي

GMT 14:39 2017 الخميس ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

اكتشفي أكثر الأشياء التي تثير عصبية زوجك وغضبه

GMT 01:20 2020 الإثنين ,22 حزيران / يونيو

علاج حب الشباب بالليمون

GMT 13:05 2020 الجمعة ,05 حزيران / يونيو

طريقة تحضير المهلبية

GMT 05:52 2020 الإثنين ,02 آذار/ مارس

"التضامن" تواصل صرف معاشات مارس لليوم الثانى

GMT 02:06 2020 الأربعاء ,26 شباط / فبراير

مصطفى شعبان يغيب عن رمضان ويحضر «ترانيم إبليس»
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon