توقيت القاهرة المحلي 03:39:18 آخر تحديث
  مصر اليوم -

عبدالله الثاني وبوش الابن… وترامب

  مصر اليوم -

عبدالله الثاني وبوش الابن… وترامب

بقلم : خيرالله خيرالله

كم من الوقت يحتاج ترامب لاستيعاب ما يقوله عبدالله الثاني "أن القوة ليست أساسا لتحقيق الأمن بل مقدمة لعنف أكبر فالحروب تعلّم أجيالا من الفلسطينيين والإسرائيليين أن السلاح هو ملاذهم الوحيد".

تميّز الملك عبدالله الثاني منذ اعتلائه عرش المملكة الأردنية في العام 1999 بالوضوح وبعد النظر. لا يأتي هذا الكلام من فراغ مقدار ما أنّه كلام أثبتت الأحداث المتلاحقة صحته. كان العاهل الأردني دائما في غاية الوضوح والصراحة والجرأة في تسمية الأشياء بأسمائها. لهذا السبب نراه متشائما هذه الأيام بكلّ يتعلّق بالحكومة الإسرائيلية الحالية وسياساتها المتهورة. يجد الأردن نفسه أمام حكومة معادية للسلام يصعب إيجاد أي نوع من التفاهمات معها، خصوصا أن بنيامين نتانياهو يعتبر نفسه مرجعية دول المنطقة من جهة وأنّه الرئيس الفعلي للولايات المتحدة من جهة أخرى.

عكس هذا التشاؤم الأردني الخطاب الذي ألقاه عبدالله الثاني في دورة الجمعية العمومية للأمم المتحدة، وهو خطاب قطع فيه الأمل من أي سلام يتحقق بوجود الحكومة الإسرائيلية الحالية ووجود كلّ هذا الدعم الأميركي لها.

قال العاهل الأردني في هذا الصدد: “إن الدعوات الاستفزازية للحكومة الإسرائيلية الحالية التي تنادي بما يسمى “إسرائيل الكبرى” لا يمكن أن تتحقق إلا بالانتهاك الصارخ لسيادة وسلامة أراضي البلدان المجاورة لها، وهذا أمر لا يمكن القبول به. ولا يسعني إلا أن أتساءل: هل كان العالم سيستجيب بمثل هذه اللامبالاة لو أن زعيما عربيا أطلق دعوة مشابهة؟

سيكون صعبا على الإدارة الأميركية تغيير موقفها من خيار الدولة الفلسطينية الذي تدفع المملكة العربيّة السعودية بالتنسيق مع فرنسا إلى جعل العالم كلّه يقبل به من أجل تحقيق السلام في المنطقة

على المجتمع الدولي أن يتوقف عن التمسك بالاعتقاد الواهم بأن هذه الحكومة الإسرائيلية شريك راغب في السلام. بل على العكس تماما، فإن أفعالها على أرض الواقع تهدم الأسس التي يمكن أن يرتكز السلام عليها، وتدفن بشكل متعمد فكرة قيام الدولة الفلسطينية. وقد بينت بشكل واضح أنها لا تعير إهتماما لسيادة الدول الأخرى، كما شهدنا في لبنان وإيران وسوريا وتونس، والآن أيضا في قطر”.

في صيف العام 2002، في شهر آب – أغسطس تحديدا، حذر العاهل الأردني الرئيس الأميركي جورج بوش الابن، في لقاء انعقد بينهما في البيت الأبيض قبل نحو سبعة أشهر من بدء الحملة العسكرية الأميركية في العراق، من النتائج الخطيرة التي ستترتب على الاجتياح الأميركي لهذا البلد.

حذره عمليا من غياب تصور لمرحلة ما بعد سقوط نظام صدّام حسين. لم يكن عبدالله الثاني معجبا بصدّام بأي شكل. لم تكن لديه أوهام في ما يخص الديكتاتور العراقي الراحل وطبيعة النظام الذي أقامه ومدى غبائه السياسي الذي أوصله صيف العام 1990 إلى غزو الكويت. لكنّ عبدالله الثاني كان يدرك ما معنى سقوط النظام العراقي، ومعه العراق، من دون تخطيط دقيق لمرحلة ما بعد هذا السقوط، خصوصا لجهة التسبب في نشوء توازنات إقليميّة جديدة تصبّ في مصلحة “الجمهوريّة الإسلاميّة” في إيران. تلك “الجمهوريّة” التي لم تتخل يوما عن مشروعها التوسّعي في المنطقة وشعار “تصدير الثورة”.

كشفت الأحداث التي تلت الحرب على العراق كم عبدالله الثاني على حق، خصوصا عندما كان أوّل من تجرّأ على التحدث عن “الهلال الشيعي”، بمعنى الهلال الفارسي الممتد من طهران، إلى بغداد، إلى دمشق، إلى بيروت، في حديث إلى صحيفة “واشنطن بوست” في تشرين الأول – أكتوبر 2004. كان ذلك  في غياب من يفكّر في المنطقة، باستثناء قليلين، بالنتائج البالغة الخطورة لوضع إيران يدها على العراق في ظلّ وجود نظام سوري، على رأسه بشّار الأسد، موال كلّيا لـ”الجمهوريّة الإسلاميّة”. كانت لهذا النظام هيمنة كاملة على لبنان، وقد سمح له ذلك بتوفير الغطاء الذي كان يحتاجه “حزب الله” من أجل اغتيال رفيق الحريري، الرجل الذي أعاد الحياة إلى بيروت وأعاد وضع لبنان على خريطة المنطقة.

خطاب عبدالله الثاني قطع فيه الأمل من أي سلام يتحقق بوجود الحكومة الإسرائيلية الحالية ووجود كلّ هذا الدعم الأميركي لها.

لو كان لدى إدارة دونالد ترامب الحدّ الأدنى من المنطق السياسي لكان استفاد من خبرة عبدالله الثاني وتجربته مع جورج الابن الذي فشل فشلا ذريعا في العراق. يرفض دونالد ترامب، كما ظهر من خلال خطابه في الأمم المتحدة الانضمام إلى مبادرة خيار الدولتين بحجة أنّ تأييد قيام دولة فلسطينية “هديّة لحماس”. يجهل ترامب وكبار المسؤولين في إدارته، الذين ليس لديهم همّ آخر غير استرضائه، أن رفض الدولة الفلسطينية نقطة التقاء بين اليمين الإسرائيلي و”حماس”. يجهل هؤلاء ألف باء السياسة في الشرق الأوسط وكلّ ما له علاقة بالبديهيات. أي رهان اليمين الإسرائيلي على “حماس” منذ سنوات طويلة من أجل إفشال المشروع الوطني الفلسطيني القائم على خيار الدولتين.

الأكيد أنّ مثل هذا الخيار يحتاج إلى سلطة وطنية فلسطينية مختلفة كلّيا، سلطة لم يكن على رئيسها الانتظار سنتين تقريبا كي يدين هجوم “طوفان الأقصى” الذي شنته “حماس” على مستوطنات غلاف غزّة في السابع من تشرين الأول – أكتوبر 2023.

سيكون صعبا على الإدارة الأميركية تغيير موقفها من خيار الدولة الفلسطينية الذي تدفع المملكة العربيّة السعودية بالتنسيق مع فرنسا إلى جعل العالم كلّه يقبل به والذي يعتبر أن لا خيار آخر من أجل تحقيق السلام في المنطقة.

على الرغم من ذلك كلّه، لم ييأس عبدالله الثاني، فضل الكلام على الصمت في الأمم المتحدة. اكتفى بالقول: “يجب على الأمم المتحدة أن تردد هذا النداء: الوقت قد حان.

ويجب على الأمم المتحدة أن تلبي هذا النداء (نداء الدولة الفلسطينية) حتى يصبح السلام واقعا”.

كم من الوقت يحتاج دونالد ترامب إلى استيعاب ما يقوله عبدالله الثاني عن “أن القوة ليست أساسا لتحقيق الأمن، بل مقدمة لعنف أكبر. فالحروب المتكررة تعلّم أجيالا من الفلسطينيين والإسرائيليين أن السلاح هو ملاذهم الوحيد”. في الواقع، كم من الوقت يحتاج الرئيس الأميركي للاقتناع بأن الهرب من خيار الدولة الفلسطينية ليس سوى وصفة لقيام مزيد من الحروب لا يمكن أن يستفيد منها غير المتربصين بالسلام، من اليمين الإسرائيلي… إلى “حماس” وإخوتها، مثل الحوثي و”حزب الله” وما بات يسميه المسؤولون الأميركيون “رأس الأفعى” أي النظام القائم في إيران…

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عبدالله الثاني وبوش الابن… وترامب عبدالله الثاني وبوش الابن… وترامب



GMT 20:59 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

فعلًا “مين الحمار..”؟!

GMT 11:07 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

الشيخان

GMT 11:05 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

مستقبل الردع الأميركي تقرره روسيا في أوكرانيا

GMT 11:03 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

لماذا الهُويّة الخليجية؟

GMT 10:58 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

هل تعود مجوهرات اللوفر المسروقة؟

GMT 10:51 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

البابا ليو: تعلموا من لبنان!

GMT 10:48 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

الطبع الأميركي يغلب التطبع!

GMT 10:27 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

من «ضد السينما» إلى «البحر الأحمر»!!

أجمل إطلالات نانسي عجرم المعدنية اللامعة في 2025

بيروت ـ مصر اليوم
  مصر اليوم - مكالمة سرية تكشف تحذيرات ماكرون من خيانة أمريكا لأوكرانيا

GMT 20:14 2025 الخميس ,04 كانون الأول / ديسمبر

ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر
  مصر اليوم - ماكرون يعرب عن قلق بالغ بعد إدانة صحافي فرنسي في الجزائر

GMT 05:43 2025 الإثنين ,01 كانون الأول / ديسمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الإثنين 01 ديسمبر/ كانون الأول 2025

GMT 01:38 2025 السبت ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

رونالدو يتسلم المفتاح الذهبي للبيت الأبيض من ترامب

GMT 15:45 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 07:30 2025 الخميس ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية مدهشة لعام 2026 ستعيد تعريف متعتك بالسفر

GMT 10:52 2020 الإثنين ,14 كانون الأول / ديسمبر

كل ما تريد معرفته عن قرعة دور الـ 16 من دوري أبطال أوروبا

GMT 11:36 2018 الأربعاء ,03 كانون الثاني / يناير

عبد الحفيظ يكشف انتهاء العلاقة بين متعب والأهلي

GMT 22:15 2017 الأحد ,15 تشرين الأول / أكتوبر

وزير الرياضة يكرم بطل كمال الأجسام بيج رامي الإثنين
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche,Achrafieh Beirut- Lebanon
egypt, egypt, egypt