توقيت القاهرة المحلي 09:48:17 آخر تحديث
  مصر اليوم -

مَنْ استباحوا النقابة

  مصر اليوم -

مَنْ استباحوا النقابة

بقلم عمرو الشوبكي

اقتحمت قوات الأمن مقر نقابة الصحفيين واعتقلت اثنين من الصحفيين، هما عمرو بدر ومحمود السقا، المعتصمين داخل النقابة، وسجلت بذلك تطورا خطيرا وغير مسبوق فى تاريخ العلاقة بين السلطة السياسية والنقابات المهنية.

وإذا عدنا للأربعين عاماً الأخيرة، أى منذ أن أعلن الرئيس السادات التعددية الحزبية مروراً بثلاثين عاماً من حكم مبارك، فإن مشهد اقتحام 30 رجل أمن بالزى المدنى مبنى نقابة الصحفيين لاعتقال زميلين لم يضبطا مرة واحدة يحرضان على العنف، ولهما آراء سياسية معارضة، وأن ما يقوله شاب جرىء ومخلص مثل عمرو بدر على موقع «بوابة يناير»، الذى يرأس تحريره، قابل للنقد والاختلاف، لا الاعتقال والقمع مثلما تفعل النظم الفاشلة.

فى عهد مبارك حافظ نظامه على حد أدنى من القواعد فى التعامل مع الخصوم لم ينزل عنه، قبل أن يتجاوزه أحمد عز فى انتخابات 2010 المزورة، فالنقابات المهنية، خاصة الصحفيين، كان مسموحاً لها بما لم يكن مسموحاً به فى الشارع ولا حتى للأحزاب، وحين تخرج نقابة مهنية عن الحدود المتوافق عليها نتيجة سيطرة الإخوان، يقوم النظام بفرض الحراسة عليها مثلما جرى فى نقابتى الأطباء والمهندسين.

لم يحدث على مدار 40 عاماً أن اقتحمت قوات الأمن نقابة مهنية واحدة فى مصر، ولا اعتقلت مطلوباً ولا فضت مؤتمراً ولا ندوة، ومازلت أذكر المؤتمر الذى نظمته نقابه الصحفيين للتضامن مع إبراهيم عيسى عقب صدور حكم ابتدائى بحبسه (استأنف عليه وحصل على البراءة) بتهمه إهانة رئيس الجمهورية حسنى مبارك (وليس الدفاع على مصرية تيران وصنافير كما فعل عمرو بدر وزملاؤه)، وحضر عيسى المؤتمر ولم يعتبرها الأمن فرصة لاقتحام النقابة واعتقاله، ليسجل نقطة عند الرئاسة (على طريقة تمام يا ريس)، وحافظ نظام مبارك «غير الديمقراطى» على حدود لم يتجاوزها.

وحتى الوقفات الاحتجاجية الشهيرة التى جرت طوال عهده على سلالم نقابة الصحفيين، كانت الشرطة وضباطها يفرضون كردوناً على مداخل شارع عبدالخالق ثروت، ويمنعون الناس من الدخول، ولكنهم لم يجرؤوا على منع الصحفيين من دخول نقابتهم، فكانوا يسمحون، مراعاة للشكل العام، لكل من يحمل بطاقة نقابة الصحفيين بالدخول رغم تأكدهم أنه جاء من أجل التظاهر. الوضع الحالى أصبحت فيه مهنة الصحافة جريمة فـ«كارنيه النقابة» أصبح اتهاماً، وكثير من الشباب تم اعتقالهم لأنهم صحفيون فى مشهد لم تعرفه البلاد من قبل.

اعتقال صحفيين من قلب نقابة الصحفيين جريمة قانونية وخطيئة سياسية مكتملة الأركان، فقانون نقابة الصحفيين الذى صدر عام 1970 فى بلد لم يكن وقتها ديمقراطياً (ولم يصبح بعد) وتنص المادة 70 منه على: «لا يجوز تفتيش مقار نقابة الصحفيين ونقابتها الفرعية أو وضع أختام عليها إلا بحضور أحد أعضاء النيابة العامة وبحضور نقيب الصحفيين أو النقابة الفرعية أو من يمثلها». هذا النص الذى احترم ما يقرب من نصف قرن، أى فى نهاية عمر عبدالناصر، وفى عصرى السادات ومبارك، جاءت وزارة الداخلية فى 2016 لتنتهكه انتهاكاً صارخاً وصادماً.

لست متأكداً إذا كانت الدولة ستتراجع عن هذه الجريمة القانونية أم لا، وإن كنت أتمنى التراجع الفورى والاعتذار السريع، وأختتم بما أرسله لى الأستاذ كريم الشناوى نقلاً عن الشاعر أحمد مطر تعليقاً على اقتحام نقابة الصحفيين جاء فيها:

فى البدء كان الكلمة

ويوم كانت أصبحت متهمة

فطوردت

وحوصرت

واعتقلت

وأعدمتها الأنظمة..

فى البدء كان الخاتمة.

رحمة الله عليه.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مَنْ استباحوا النقابة مَنْ استباحوا النقابة



GMT 06:42 2024 الإثنين ,20 أيار / مايو

قمة البحرين

GMT 03:08 2024 الأحد ,19 أيار / مايو

شعار حماية المدنيين

GMT 02:28 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

الدعم المطلق

GMT 03:05 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

ما بعد الاجتياح

GMT 04:43 2024 الإثنين ,13 أيار / مايو

بين احتجاجين

الفساتين الطويلة اختيار مي عمر منذ بداية فصل الربيع وصولًا إلى الصيف

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 18:57 2018 الثلاثاء ,26 حزيران / يونيو

فنانة لبنانية أنهكها العمر ولم تعد تستطيع الحراك

GMT 05:22 2018 الإثنين ,26 آذار/ مارس

سان جيرمان يُغري أنطونيو كونتي براتب ضخم

GMT 05:34 2018 الأربعاء ,07 آذار/ مارس

كايا جيربر تخطف الأنظار بإطلالة من "شانيل"

GMT 11:10 2018 الخميس ,25 كانون الثاني / يناير

لورا ويتمور تجذب الأنظار إلى إطلالاتها السوداء

GMT 09:40 2018 الجمعة ,19 كانون الثاني / يناير

تعرفي على كيفيّة العناية بالشعر القصير لينمو بكثافة
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon