توقيت القاهرة المحلي 01:14:44 آخر تحديث
  مصر اليوم -

من «باندا» إلى «السيسى»

  مصر اليوم -

من «باندا» إلى «السيسى»

معتز بالله عبدالفتاح
استمعت إلى حديث المشير السيسى عن أهمية أن يضحى جيل من المصريين من أجل الآخرين، وأن يتبرع بعضنا من أجل مستقبل أفضل لمصر، وأن يتقشف بعضنا من أجل الآخرين الأكثر احتياجاً. تذكرت كلاماً منسوباً لجويس باندا (JOYCE BANDA)، رئيسة مالاوى يحمل نفس المضمون. بل هى حقيقة نفذته حين وصلت إلى السلطة فى 2014 وضربت مثلاً بنفسها، حين خفضت راتبها، وراتب نائب رئيس الجمهورية بنسبة 30 بالمائة، بل حين باعت أسطول السيارات التابع للرئاسة، كما باعت الطائرة الرئاسية، وقالت: «إن الركوب مع آخرين والتعرف عليهم فى الطائرة مسألة مفيدة، وفى كل الأحوال، كل الطائرات تصل إلى كل البلاد، بغض النظر عن كونها طائرة رئاسية أو تجارية». ولكنها كانت واضحة من البداية، وهو أن كل هذه الإجراءات التقشفية، لن تكون كافية لإنقاذ مالاوى مما تعانيه من فقر مدقع. لذا فعلت كل ما استطاعت من أجل الحصول على أكبر قدر ممكن من المنح والمساعدات من الاتحاد الأوروبى ومن هيئات التمويل الدولية والأفريقية. فعلت كل ما استطاعت بشهادة الكثيرين، لدرجة أنها حين وجدت نفسها فى مرمى نيران بعض أباطرة الفساد فى بلادها، أعلنت أنها مستعدة لأن تضحى بالانتخابات القادمة، مقابل أن تقضى على الفساد فى بلادها. وحين شاع عن عدد من وزرائها تهم الفساد، وبدت التحقيقات الأولوية تشير إلى صحة هذه الشائعات، قامت بإقالة الحكومة ودخلت فى معركة سياسية مع بعض قيادات حزبها، بما جعلها تبدو وحيدة أمام من يهاجمونها من الأحزاب المنافسة. أروى كل ما سبق للتأكيد على عدة نقاط: أولاً، إجراءات التقشف لها دلالة «شعبوية» جيدة، لأنها ترسل رسالة لقطاعات من الجماهير بأن القائم على شئون الدولة لا يريد استغلال منصبه، وأنه يشعر بمعاناة الجماهير، لكنها مسألة قصيرة المدى؛ فبعد أيام أو أسابيع قليلة سيعود الناس للمطالبة بما يعتبرونه حقوقهم المشروعة بغض النظر عن التفاصيل الأخرى. ثانياً، إجراءات التقشف، من ناحية أخرى، يمكن أن تكون كارثية، أو على الأقل ذات جدوى سياسية، وليست ذات جدوى اقتصادية، والمثال هناك من أورجواى، حين كاد يبيع خوسيه موخيكا، رئيس أوروجواى، أسطول السيارات المملوك للدولة وعدداً من الاستراحات المملوكة للرئاسة، ولكن تبين أن عائد الدولة من كل هذه المبيعات أقل من تكلفة تأجيرها لاستضافة اجتماعات وزراء ورؤساء الدول الأعضاء فى منظمة دول أمريكا الجنوبية من الحين للآخر، وبالتالى، هذا القرار سيكون سياسياً جيدا، لكنه، اقتصادياً، غير مجدٍ. ثالثاً، لنجاح فكرة التقشف والتضحية من أجل المستقبل، فلا بد من أن يكون «البيان على المعلم»، كما يقولون فى الجيش. لا بد أن تكون نقطة البداية من رئيس الجمهورية نفسه ومن المحيطين به، لأن هؤلاء هم القدوة فى هذا المقام. ورغماً عن أن جويس باندا، أعطت المثل بنفسها ونائبها لكن معظم الوزراء وأعضاء حزبها لم يفعلوا بالمثل، بل العكس هو الصحيح؛ فقد حامت حولهم شبهات استغلال النفوذ، فبدا الأمر، وكأنها تنفخ فى قربة مقطوعة. رابعاً، مهما كان من تقشف وتضحية فى مصر، فالأهم هو وجود تمويل ضخم يأتى من الخارج، ويكون بعيداً عن البيروقراطية المصرية التقليدية القادرة على «تطفيش» أى مستثمر أجنبى. ولهذا كتبت فى هذا العمود من قبل أن مصر بحاجة لأربعين مليار دولار كل سنة لمدة أربع سنوات بإجمالى 160 مليار دولار حتى تقف على قدميها مرة أخرى وتستطيع أن تعيد الاستقرار للمنطقة ضد من يريدون بها شراً من الداخل والخارج، ومن يحكم مصر وهو غير قادر على تأمين هذا التمويل الخارجى سواء فى شكل منح أو قروض ميسرة أو مشروعات بنظام التشييد والتشغيل ونقل الملكية (B.O.T)، فسيجد صعوبات كبيرة تحول دونه ودون ازدهار وحتى استقرار الأحوال. خامساً، أول مسئولية تقع على الإنسان المصرى هو أن يتحسب لقضية الإنجاب بلا حساب التى نعيشها والتى تجعلنا نتزايد عدداً ونقل قيمة، وقدرة فى أعيننا وعند الآخرين. نقلاً عن "الوطن"

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

من «باندا» إلى «السيسى» من «باندا» إلى «السيسى»



GMT 08:11 2025 الإثنين ,29 كانون الأول / ديسمبر

المبالغة في التحذيرات “مثل قلتها”

GMT 08:09 2025 الإثنين ,29 كانون الأول / ديسمبر

حقّاً أهرام

GMT 08:08 2025 الإثنين ,29 كانون الأول / ديسمبر

أمامَ محكمة الرُّبعِ الأول

GMT 08:07 2025 الإثنين ,29 كانون الأول / ديسمبر

مِثال علاء عبد الفتاح

GMT 08:06 2025 الإثنين ,29 كانون الأول / ديسمبر

لبنان ومخاطر الإدارة المجتزأة

GMT 08:05 2025 الإثنين ,29 كانون الأول / ديسمبر

لقاء فلوريدا غير مسموحٍ له بالفشل

GMT 08:04 2025 الإثنين ,29 كانون الأول / ديسمبر

الحكاية ليست «الملحد»

GMT 08:02 2025 الإثنين ,29 كانون الأول / ديسمبر

فى متحف الشمع!

نادين نسيب نجيم تتألق بإطلالات لافتة في عام 2025

بيروت ـ مصر اليوم

GMT 00:46 2025 الثلاثاء ,30 كانون الأول / ديسمبر

ترامب يهدد بضربة عسكرية ضد طهران ويطالب حماس بنزع السلاح
  مصر اليوم - ترامب يهدد بضربة عسكرية ضد طهران ويطالب حماس بنزع السلاح

GMT 01:56 2018 الأحد ,07 تشرين الأول / أكتوبر

التعليم.. والسيارة ربع النقل!

GMT 09:35 2025 الأحد ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

الرقة والأناقة ترافق العروس آروى جودة في يومها الكبير

GMT 15:47 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 12:22 2019 الإثنين ,01 إبريل / نيسان

تعاني من ظروف مخيّبة للآمال

GMT 12:36 2017 الخميس ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

زهير مراد يستوحي تصاميم الخريف من عالم الأساطير

GMT 05:47 2022 الإثنين ,31 تشرين الأول / أكتوبر

فيرستابين بطلا لجائزة المكسيك الكبرى للفورمولا 1
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche,Achrafieh Beirut- Lebanon
egypt, egypt, egypt