توقيت القاهرة المحلي 04:48:18 آخر تحديث
  مصر اليوم -

إخوان مسلمون أم خوان المسلمين؟

  مصر اليوم -

إخوان مسلمون أم خوان المسلمين

معتز بالله عبد الفتاح

استحلفنى الدكتور عادل العريان، مصرى مقيم فى أوروبا من سنوات كثيرة، أن أساعده فى الإجابة عن سؤال قال: «هل الإخوان جماعة وطنية أم جماعة خائنة؟» وقد ربط سؤاله بعبارة استخدمها الأستاذ عباس محمود العقاد واصفاً فيها الإخوان المسلمين بأنهم «خوان المسلمين». فى ردى على سؤال الدكتور عادل أعود إلى قصة من التراث يمكن أن تكون مدخلاً جيداً. سأل رجل الحسن البصرى فقال: يا أبا سعيد: أمؤمن أنت؟ فقال له: الإيمان إيمانان. فإن كنت تسألنى عن الإيمان بمعنى الاستجابة لقول الحق: «قُلْ آمَنَّا بِاللّهِ وَمَا أُنزِلَ عَلَيْنَا وَمَا أُنزِلَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِىَ مُوسَى وَعِيسَى وَالنَّبِيُّونَ مِن رَّبِّهِمْ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ»، فأنا مؤمن به وبكل ما أنزل على أنبيائه من كتب ورسالات. أما إن كنت تسألنى عن الإيمان بمعنى قول الله تعالى: «إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَاناً وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقّاً»، فوالله ما أدرى أنا منهم أم لا. هذا مما ذكره «القرطبى» فى تفسيره. إذن المعنى أن هناك إيمان الدخول فى الملة وهناك إيمان العمل وفقاً لما تمليه عليه مقتضيات هذه الملة. والوطنية كذلك وطنيتان. هناك الوطنية الشكلية القانونية الإجرائية وما يرتبط بها من تعبيرات لفظية مثل حب الوطن والاستعداد للتضحية من أجله، لكن الاختبار الحقيقى هو: هل تحترم حرمة دماء أبنائه؟ هل تعمل على تقسيم أهله؟ هل تضحى بالمجتمع من أجل الجماعة؟ لقد اضطر حزب الوفد قبل ثورة 1952 لأن يقبل بنتائج انتخابات كثيرة لم تكن سليمة، ولكنه قبل بها دون أن يشعلها ناراً فى طول البلاد وعرضها لأن صراعات السياسة لا تأتى على وحدة الوطن. ولقد قبل الملك فاروق أن يترك مصر دون أن يسعى لإحداث فتنة يترتب عليها موت المزيد من المصريين، ولا أعتقد أن «مبارك»، بكل ما كان لنا عليه من تحفظات، كان ليتجرأ فى إشعال مصر حريقاً من أجل مصالح ضيقة سواء له أو لأسرته. ولكن هذا ما لم يفعله الإخوان على الإطلاق، فهم يضحون بمصر من أجل الجماعة. كان الأمل أن ينجح عقلاؤهم فى توجيه وقيادة متطرفيهم، ولكن مع الأسف، وككل التنظيمات المغلقة، الأولوية للولاء وسبق التضحية وسنوات الاعتقال، على الكفاءة والعقلانية وحسن الاستعداد لأن يأخذها بحقها. أزعم أن هناك عواراً حقيقياً عند كثيرين من المنتمين إلى الإخوان فى فهم علاقة الجماعة بالوطن. ويشهد الله أن كاتب هذه السطور قالها من أول يوم، إن خسائر الإخوان بعد 30 يونيو ستكون الرئاسة ومجلس الشورى فقط إن نجحوا فى إدارة خسائرهم التى أوقعوا فيها أنفسهم بأنفسهم، ولكنهم تبنوا عقلية «علىّ وعلى أعدائى» متحدين الإرادة الشعبية للمصريين الذين خرجوا ضد حكمهم. أما وصف الأستاذ العقاد لهم بأنهم «خوان المسلمين» فهى عبارة يتداولها البعض منسوبة إلى الأستاذ العقاد فى مناسبة اغتيال أحد المنتسبين إليهم لمحمود فهمى النقراشى فى عام 1947، ثم نسب إليه تكرارها فى مقال بعنوان: «صوت حكيم من شباب كريم» فى عام 1949، حيث قال: «أولئك الخوان يعملون ما يتمنى أن يعمله الصهيونيون». والحقيقة أن هذا الكلام صحيح فى سياقه الحالى، فأسعد أهل الأرض بما يحدث فى مصر هو أعداء هذا الوطن. أمر محزن أن نصل إلى هذا الحد ولأن نحتاج إلى أن نطرح مثل هذا السؤال. لكن، وكما قلت من قبل إن الفريق السيسى لم يخن الدكتور مرسى ولكنه يئس منه، وأعتقد أن المجتمع بأكمله يئس من هذه الجماعة. جماعة تنظر إلى من مات وتريد له القصاص، ولا تنظر إلى من سيموت بسبب استمرار حماقاتها. قال تعالى: «وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَٰكِن كَانُوا أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ». نقلاً عن "الوطن"

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إخوان مسلمون أم خوان المسلمين إخوان مسلمون أم خوان المسلمين



GMT 02:01 2024 الثلاثاء ,30 إبريل / نيسان

سنة ثالثة شعر

GMT 01:57 2024 الثلاثاء ,30 إبريل / نيسان

اللاجئون في مصر... تراث تاريخي وتذمر شعبي

GMT 01:54 2024 الثلاثاء ,30 إبريل / نيسان

أزرار التحكم... والسيطرة!

GMT 01:52 2024 الثلاثاء ,30 إبريل / نيسان

أميركا النازعين وأميركا النازحين

GMT 01:48 2024 الثلاثاء ,30 إبريل / نيسان

عن سجننا بين إدوارد سعيد ونتنياهو

GMT 01:44 2024 الثلاثاء ,30 إبريل / نيسان

فيلبي وحفيدته سارة... وإثارة الشجون

GMT 01:36 2024 الثلاثاء ,30 إبريل / نيسان

«رؤية 2030»: قارب النجاة في عالم مضطرب

GMT 00:10 2024 الثلاثاء ,30 إبريل / نيسان

قواعد اللعبة تتغير من حولنا!

GMT 00:49 2024 الثلاثاء ,30 إبريل / نيسان

محمد ثروت ينضم لـ«عصابة المكس» بطولة أحمد فهمي
  مصر اليوم - محمد ثروت ينضم لـ«عصابة المكس» بطولة أحمد فهمي

GMT 09:48 2020 الإثنين ,28 أيلول / سبتمبر

أستون فيلا ضيفًا على فولهام في الدوري الإنجليزي

GMT 23:11 2020 الثلاثاء ,08 أيلول / سبتمبر

البورصة العراقية تغلق التعاملات على تراجع

GMT 10:11 2020 الإثنين ,24 آب / أغسطس

عبد السلام بنجلون يتعافى من كورونا

GMT 20:36 2020 الأربعاء ,22 تموز / يوليو

حصيلة وفيات كورونا في المكسيك تتخطّى 40 ألفاً
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon