توقيت القاهرة المحلي 21:28:26 آخر تحديث
  مصر اليوم -

نخطئ.. ولكن علينا التعلم

  مصر اليوم -

نخطئ ولكن علينا التعلم

معتز بالله عبد الفتاح
تكلفة التحول الديمقراطى يمكن أن تكون منخفضة نسبياً ويمكن أن تكون مرتفعة نسبياً ويمكن أن تكون مرتفعة لدرجة الرِّدة وبالتالى العودة إلى الماضى. إن دولاً كثيرة حاولت ونجحت ولكن بتكلفة عالية للغاية. دولة مثل بنجلاديش ظلت تحاول منذ 1974 وبدأت بوادر نجاح التحول الديمقراطى فى مطلع هذه الألفية، وبعدها بثلاث سنوات بدأت بنجلاديش فى طريق التنمية الشاملة مع خطة لإنشاء أكبر ميناء فى جنوب آسيا وواحد من أكبر مطارات آسيا، معدلات الأداء الاقتصادى فى تحسّن ولكنه نجاح أعقب فشلاً تاريخياً استمر ثلاثة عقود مع تكلفة باهظة للغاية. كينيا وبوليفيا وصلتا فى النهاية إلى خط النهاية فى عملية التحول الديمقراطى ولكنهما دفعتا ثمناً عالياً ومبالغاً فيه. والحقيقة أن مصر سارت على نهجهما فيما يتعلق بأهم خطأين وقعتا فيهما. أولاً، غياب خارطة طريق واضحة بإجراءات محددة يدعمها تأييد شعبى عبر استفتاء أو انتخابات أولية ويتراضى الجميع على مشروعيتها من البداية. ثانياً، غياب قيادة قادرة على أن تطمئن الخائف وتقنع المتردد وتبنى التحالفات. دولة مثل كينيا بدأت تجربتها الديمقراطية فى 2001 وكانت نقطة البداية «خريطة طريق» بدأت بقانون «مراجعة دستور كينيا» وكان القانون يمثل إطاراً إجرائياً محكماً لتحقيق مشاركة شعبية واسعة تتضمن مؤتمراً دستورياً وطنياً كمنبر لتبادل الآراء، فضلاً عن لجان استطلاعية انتشرت فى البلاد لمعرفة تطلعات الناس وترجمتها إلى مواد فى الدستور الجديد. وكان من المفترض، وفقاً للخطة الأصلية، أن ينتهى هذا الجهد فى عام، ولكنه استمر ثلاث سنوات، لأن البعض هناك فزع وأفزع الناس خوفاً من دستور جديد سريع تسيطر عليه قبيلة معينة. المهم أنه فى ربيع 2004 انتهت جهود تجميع هذه الاقتراحات وصولاً إلى «لا شىء ضخم» لأن أغلبية البرلمان كانت انشغلت بقضايا أخرى وتراجعت أهمية فكرة تغيير الدستور إلى أن بدأت المعارضة تدخل فى اعتصامات وإضرابات وغلق طرق. وهنا بدأ المشروع يتحرك مرة أخرى فى البرلمان، حيث بدأت الأغلبية، مضطرة، تطرح أفكار الدستور على البرلمان مع تعديلات كبيرة عما طالب به المواطنون أصلاً من ضمنها أنها أعطت رئيس الجمهورية صلاحيات كبيرة بما فى ذلك حقه فى تعيين رئيس الوزراء دون العودة للبرلمان، عكس رغبة أغلبية القوى السياسية. الطريف أن الشعب الكينى الشقيق فى استفتاء 2005 رفض مسودة الدستور بأغلبية 57 فى المائة من الأصوات. أرجو قراءة الجملة الأخيرة مرة أخرى: «الكينيون رفضوا مسودة الدستور لأنه لم يكن ملبياً لطموحاتهم». واستمر العمل بالدستور القديم خروجاً على خريطة الطريق الأصلية مرة أخرى وصولاً إلى انتخابات معيبة فى 2008 انتهت إلى المزيد من الشغب والعنف، وأخيراً تعلم الكينيون أن الحل اسمه: «التزام خريطة الطريق المتفق عليها». وتم تصحيح الأخطاء بتشكيل لجنة من الخبراء السياسيين والقانونيين تم تكوينها من ستة كينيين وثلاثة غير كينيين: واحد من زامبيا وآخر من جنوب أفريقيا وآخر من أوغندا. وقامت اللجنة بعمل خطة عمل تضمنت النقاش المتخصص (حيث لم تقُم اللجنة باستطلاع آراء الناس مرة أخرى) حول مواد الدستور المثيرة للجدل (ومعظمها بالمناسبة فى الجزء الخاص بصلاحيات رئيس الدولة وعلاقته بالبرلمان ورئيس الوزراء، أى ما يعادل آخر ثلاثة أبواب فى دستور 1971). كما تضمن عمل اللجنة كذلك إعداد برامج للتربية المدنية والديمقراطية وتدريب الناس على قبول الآخر. وأخيراً أُقر الدستور فى 2010 بأغلبية 67 فى المائة بعد 10 سنوات من الصراعات، ودخلت كينيا دائرة «الديمقراطيات الناشئة». النخبة السياسية المصرية قررت أن تظل تعبث فى «الزراير» حتى لا تقرأ كتالوج التحول الديمقراطى، بل فعلت كل ما يحذر الكتالوج منه. وهو أمر خطير مع دولة بهذا الحجم ومع نخبة شبابية بهذا الفائض من الحيوية. إن السياسة هى فن التوفيق، وليس المفاضلة، بين الأهداف المتعارضة. وهذا فن لا يجيده إلا رجال الدولة ممن تمرسوا على ذلك وجُبِلوا عليه، ولا أرى أمامى فى النخبة السياسية هذه النوعية من الرجال. وبناء عليه: لمن يقفون فى مقام النخبة وقيادة الرأى العام، تواضعوا لله وللوطن، اجتهدوا فى التواصل والبحث عن حلول مبتكرة بدلاً من المتاجرة بالمواقف. نقلاً عن "الوطن"

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

نخطئ ولكن علينا التعلم نخطئ ولكن علينا التعلم



GMT 08:52 2025 الثلاثاء ,30 كانون الأول / ديسمبر

مفكرة السنة الفارطة

GMT 08:49 2025 الثلاثاء ,30 كانون الأول / ديسمبر

هل هناك صندوق أسود للتاريخ؟

GMT 08:47 2025 الثلاثاء ,30 كانون الأول / ديسمبر

نتنياهو أمامَ محكمة الرُّبع الأول

GMT 08:45 2025 الثلاثاء ,30 كانون الأول / ديسمبر

قراءة في لحظة جنوب اليمن

GMT 08:42 2025 الثلاثاء ,30 كانون الأول / ديسمبر

لبنان... إصرار الحزب والتربص الصهيوني

GMT 08:40 2025 الثلاثاء ,30 كانون الأول / ديسمبر

صناعة النفط السورية... فرص كبيرة

GMT 08:39 2025 الثلاثاء ,30 كانون الأول / ديسمبر

«بيت من الديناميت» ووهم الأمن الأميركي

GMT 08:34 2025 الثلاثاء ,30 كانون الأول / ديسمبر

عام آخر جديد 2026

نادين نسيب نجيم تتألق بإطلالات لافتة في عام 2025

بيروت ـ مصر اليوم

GMT 17:18 2025 الثلاثاء ,30 كانون الأول / ديسمبر

ترامب يوضح موقفه من المناورات الصينية حول تايوان
  مصر اليوم - ترامب يوضح موقفه من المناورات الصينية حول تايوان

GMT 09:41 2025 الجمعة ,05 كانون الأول / ديسمبر

حظك اليوم برج العقرب الجمعة 05 ديسمبر/ كانون الأول 2025

GMT 08:55 2025 الجمعة ,05 كانون الأول / ديسمبر

حظك اليوم برج الأسد الجمعة 05 ديسمبر/ كانون الأول 2025

GMT 08:41 2025 الجمعة ,05 كانون الأول / ديسمبر

حظك اليوم برج الحمل الجمعة 05 ديسمبر/ كانون الأول 2025

GMT 09:56 2025 الجمعة ,05 كانون الأول / ديسمبر

حظك اليوم برج الحوت الجمعة 05 ديسمبر/ كانون الأول 2025

GMT 03:47 2018 الجمعة ,05 كانون الثاني / يناير

المقاولون العرب يفوز على المقاصة بهدفين نظيفين

GMT 02:11 2016 الثلاثاء ,09 آب / أغسطس

باسم مرسي يتسبب في اصابة سعد سمير
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche,Achrafieh Beirut- Lebanon
egypt, egypt, egypt