توقيت القاهرة المحلي 21:28:26 آخر تحديث
  مصر اليوم -

أخطاء مقصودة فى المسودة المبغوضة

  مصر اليوم -

أخطاء مقصودة فى المسودة المبغوضة

المعتز بالله عبد الفتاح
أولاً: «هات يا ابنى مفتاح السيارة» يقول أحدهم، فيكون التفسير: إذن هو غالباً سيأخذ السيارة ويسافر ولن يعود إلى البيت مرة أخرى. ثانياً: «نريد أن نضع موعداً محدداً لنوم الأطفال من أجل تعويدهم على النظام» يقول أحدهم، فيكون التساؤل: كيف يمكن لأحد عاقل أن يفرض على الأطفال أن يناموا قبل صلاة المغرب كل يوم، هل هذا معقول؟ أرجو أن يكون واضحاً لحضراتكم ما فى العبارتين من مغالطة منطقية. والمغالطة المنطقية هى انحراف فى الاستدلال والتفكير إما بسبب سوء فهم أو بسبب وجود رغبة فى تشويه الكلام المكتوب أو المسموع. فى العبارة الأولى هناك انحراف واضح فى التفكير بسبب المبالغة فى استنتاج ما لا يحتمله المعنى أصلاً، فليس من المنطقى إن طلب أحدنا مفتاح سيارته أن نستنتج أنه قرر أن يغادر المنزل بلا عودة. ولكن هذه المغالطة عادة ما تشيع بسبب الأجواء المحيطة من مناخ التخوف والتشكك. ولهذا يطلقون عليها باللغة الإنجليزية «slippery slope» وهو معنى أقرب إلى «الانزلاق فى حفرة عميقة»، حيث يهوى الإنسان فى هذه الطريقة فى التفكير ويبدأ فى استنتاج ما لا يبدو منطقياً استنتاجه فى الظروف العادية. وأجد شيئاً من هذا عند مناقشة المواد الخاصة بمبادئ الشريعة الإسلامية وعدم مخالفة أحكام الشريعة الإسلامية عند إلزام الدولة بالعمل على المساواة بين الرجل والمرأة فى كل المجالات. نجد أن بعض الأصدقاء من السلفيين ينظر لعبارة مبادئ الشريعة وكأنها مؤامرة من نوع ما تستهدف فى النهاية تخلى مصر عن احترامها والتزامها بالشريعة، وكأنها مقدمة لخروج المصريين على شريعة الإسلام. وينظر إليها بعض الليبراليين وكأنها السلاح النفاذ الذى سيستخدمه الإسلاميون لإقامة دولة كهنوت تقتل الحقوق والحريات وتدمر الديمقراطية. والحقيقة أنها ليست هذه ولا تلك. هى مادة تعبر عن هوية الدولة من ناحية وتخاطب المشرع، أى البرلمان، بألا يخالف أثناء التشريع ما هو قطعى الدلالة وقطعى الثبوت من أحكام الشريعة الإسلامية، وأما ما هو ظنى الدلالة (أى يحتمل أكثر من تفسير) فلينتقى منه ما يحقق الصالح العام. ولكن الأمر ليس بهذه السهولة، ذلك أن التحليل السابق يفترض رؤية معتدلة للأمور ليس فيها حسابات شخصية أو حزبية. وهنا تأتى المغالطة الثانية والتى مضمونها هو «صناعة الرجل القش» أو «Strawman» والفكرة ببساطة أن أحدنا يجد من مصلحته أن يضعف حجة الطرف الآخر بأن يعيد صياغة الجمل والكلمات على نحو يجعلها أكثر تطرفاً من الصيغة الأصلية حتى يمكن مهاجمتها. والمثال المشار إليه واضح، فمن المنطقى أن يطالب الأب بأن يكون هناك موعد متفق عليه لنوم الأطفال، ولكن من يرد أن يهاجم هذه الفكرة، لن يستطيع أن يهاجمها بذاتها، فيطور صيغة أخرى أكثر تطرفاً ويهاجم الصيغة المتطرفة على أنها الفكرة الأصلية. وهنا يكون الهجوم على أن ينام الأطفال قبل المغرب، فى حين أن هذا لم يكن أصلاً مطروحاً للنقاش. ألمس هذا عند مناقشة بعض مواد الدستور الخاصة بصلاحيات رئيس الجمهورية وتحوير الأمر وكأن الرئيس يحظى بصلاحيات أكثر من التى كان يتمتع بها الرئيس فى ظل دستور 1971، وهذا غير صحيح بالمرة. وكل ما للرئيس من صلاحيات فى الشئون الداخلية هو إما يشترك فيها مع البرلمان أو مع رئيس الوزراء، وفقاً لما تقتضى به النظم المختلطة (مثل النظامين الفرنسى والبرتغالى). ولكن هناك من لا يرى فى مصلحته أن نرى الأمور بحجمها الحقيقى: فيرتدى العدسة المحدبة أحياناً، والعدسة المقعرة أحياناً، فيرى الجمل نملة، ويرى النملة جملاً أحياناً. أو ربما هى أجواء الترصد والتربص والتخوف والإقصاء والتى تقتضى الكثير من الحكمة والتجرد وإعلاء مصلحة الوطن.. أممكن؟ نقلاً عن جريدة "الوطن"

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أخطاء مقصودة فى المسودة المبغوضة أخطاء مقصودة فى المسودة المبغوضة



GMT 08:52 2025 الثلاثاء ,30 كانون الأول / ديسمبر

مفكرة السنة الفارطة

GMT 08:49 2025 الثلاثاء ,30 كانون الأول / ديسمبر

هل هناك صندوق أسود للتاريخ؟

GMT 08:47 2025 الثلاثاء ,30 كانون الأول / ديسمبر

نتنياهو أمامَ محكمة الرُّبع الأول

GMT 08:45 2025 الثلاثاء ,30 كانون الأول / ديسمبر

قراءة في لحظة جنوب اليمن

GMT 08:42 2025 الثلاثاء ,30 كانون الأول / ديسمبر

لبنان... إصرار الحزب والتربص الصهيوني

GMT 08:40 2025 الثلاثاء ,30 كانون الأول / ديسمبر

صناعة النفط السورية... فرص كبيرة

GMT 08:39 2025 الثلاثاء ,30 كانون الأول / ديسمبر

«بيت من الديناميت» ووهم الأمن الأميركي

GMT 08:34 2025 الثلاثاء ,30 كانون الأول / ديسمبر

عام آخر جديد 2026

نادين نسيب نجيم تتألق بإطلالات لافتة في عام 2025

بيروت ـ مصر اليوم

GMT 17:18 2025 الثلاثاء ,30 كانون الأول / ديسمبر

ترامب يوضح موقفه من المناورات الصينية حول تايوان
  مصر اليوم - ترامب يوضح موقفه من المناورات الصينية حول تايوان

GMT 09:41 2025 الجمعة ,05 كانون الأول / ديسمبر

حظك اليوم برج العقرب الجمعة 05 ديسمبر/ كانون الأول 2025

GMT 08:55 2025 الجمعة ,05 كانون الأول / ديسمبر

حظك اليوم برج الأسد الجمعة 05 ديسمبر/ كانون الأول 2025

GMT 08:41 2025 الجمعة ,05 كانون الأول / ديسمبر

حظك اليوم برج الحمل الجمعة 05 ديسمبر/ كانون الأول 2025

GMT 09:56 2025 الجمعة ,05 كانون الأول / ديسمبر

حظك اليوم برج الحوت الجمعة 05 ديسمبر/ كانون الأول 2025

GMT 03:47 2018 الجمعة ,05 كانون الثاني / يناير

المقاولون العرب يفوز على المقاصة بهدفين نظيفين

GMT 02:11 2016 الثلاثاء ,09 آب / أغسطس

باسم مرسي يتسبب في اصابة سعد سمير
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche,Achrafieh Beirut- Lebanon
egypt, egypt, egypt