توقيت القاهرة المحلي 17:47:30 آخر تحديث
  مصر اليوم -

"مصرومبيق"

  مصر اليوم -

مصرومبيق

معتز بالله عبد الفتاح

موزمبيق واحدة من أفقر عشر دول فى العالم، لكنها منذ 15 سنة تحديدا تخطو خطوات جيدة لأن تكون فى وضع أفضل سنة بعد سنة. دولة تحقق معدل نمو اقتصادى فوق 7 بالمائة فى المتوسط لأكثر من 18 سنة يفترض أن تكون الآن معجزة اقتصادية، لكن هذا غير حقيقى لسبب بسيط أن نخبتها السياسية قادت شعبها لحفر حفرة عميقة جدا جعلتها بدلا من أن تبدأ من النقطة صفر تبدأ من النقطة سالب 20، لذا هى لم تزل فى الحفرة ولكنها قاربت على الخروج منها. وتذكر التقارير الدولية أن موزمبيق أصبحت «قصة نجاح اقتصادى رغما عن التحديات المهولة التى تواجهها». هذه الدولة مرت بحرب استقلال لعدة سنوات فى الستينات والسبعينات، وفى أعقاب الاستقلال كانت هناك حرب أهلية عنيفة لمدة 15 سنة (1977-1992) ارتبطت بحنق وضغينة وروح انتقامية شديدة بين السود بعضهم البعض والسود ضد الأقلية البرتغالية البيضاء التى كانت تشكل قمة الهرم السياسى والاقتصادى والإدارى والمالى فى البلاد لعقود. فرت الأقلية البيضاء من البلاد ومعها الكثير من المستثمرين الأجانب، فغرقت البلاد فى مأزق اقتصادى هائل (قارن روح الانتقام التى سيطرت على النخبة السوداء فى موزمبيق بروح الحقيقة والمصارحة والمصالحة التى كانت سائدة فى جنوب أفريقيا لتعرف لماذا يعادل دخل جنوب أفريقيا الآن 20 ضعف ما كانت عليه حين نالت استقلالها، ولماذا موزمبيق لم تزل واحدة من أفقر عشر دول فى العالم). عملية التحرر من الحكم العنصرى فى موزمبيق أخذت أكثر من 15 سنة من الدماء والدموع والانتقام والثأر وأفضت إلى عنف اجتماعى ترتب عليه انهيار مقومات الدولة الاقتصادية تماما مع هجرة حوالى مليون ونصف مليون لاجئ خارج موزمبيق وإعادة تسكين حوالى 3 ملايين موزمبيقى داخل البلاد مع معدل نمو اقتصادى فى حدود سالب واحد ونصف، أى أن الاقتصاد يتراجع وينكمش وينتج أقل كل سنة مقارنة بالسنة السابقة عليها بمقدار واحد ونصف فى المائة. إدارة الانتقال من الحكم العنصرى، مع فارق التجربتين، أخذت أقل من سنة فى جنوب أفريقيا مع دستور جديد قام على أساس التعلم من الماضى لبناء المستقبل، لقد رفضت نخبة جنوب أفريقيا من كل القبائل والتيارات بما فى ذلك البيض المستبدون الذين قتلوا وعذبوا وقهروا السود لعقود، رفضوا جميعا أن يكون البديل عن الحكم العنصرى حرب أهلية مثلما حدث فى موزمبيق فيخسر الجميع كل شىء بدرجات متفاوتة. رفضوا أن يحفروا أكثر فى حفرة الانتقام دون النظر لكيفية الخروج منها. دولة موزمبيق الشقيقة فيها من الموارد أضعاف ما هو موجود فى ماليزيا، لكن لا يوجد فيها مهاتير محمد، ولم يوجد فيها الشعب الماليزى الذى أصبح من منتصف الثمانينات يتكلم قليلا ويعمل كثيرا، يتعلم كثيرا ويفتى قليلا، أهم برامجه التليفزيونية ليست التوك شوز الهمازة المشّاءة بنميم، ولكن برامج تعليم الحرف واكتساب المهارات الحياتية (مهارات تنظيم وضبط الوقت، العمل الجماعى، التعامل مع الإحباط، تغيير المهنة وهكذا). إنهم يستيقظون فى الظلام، ونحن ننام فى النور. إن المخلص لمبادئه حتى لو كانت خاطئة سيتفوق على المتخاذل فى الالتزام بمبادئه حتى لو كانت صحيحة. الاختيار لمصر والمصريين: طريق الانتقام أم طريق الانتقال، طريق تصفية حسابات الماضى والغرق الجماعى، أم طريق المصالحة والنجاة الجماعية، طريق نخسر كلنا فيه بدرجات متفاوتة أم نكسب جميعنا بدرجات متفاوتة، الطريق الطويل الذى يتلوه الندم المشترك، أم الطريق القصير الذى يتلوه العمل المشترك؟ القرار لنا. نقلاً عن جريدة "الوطن"

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مصرومبيق مصرومبيق



GMT 01:22 2024 الجمعة ,26 إبريل / نيسان

طهران ــ بيونغيانغ والنموذج المُحتمل

GMT 01:11 2024 الجمعة ,26 إبريل / نيسان

ماذا نريد؟

GMT 01:07 2024 الجمعة ,26 إبريل / نيسان

أكذوبة النموذج الإسرائيلي!

GMT 23:18 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

تنظيم العمل الصحفي للجنائز.. كيف؟

GMT 23:16 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

الأهلي في أحلام الفيفا الكبيرة..!

GMT 22:59 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

نجيب محفوظ كاتب أطفال

GMT 22:57 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

أرجوحة الخديو

GMT 22:54 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

رفح وعلم التخصص وأسئلة النساء

أيقونة الجمال كارمن بصيبص تنضم لعائلة "Bulgari" العريقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 16:30 2024 السبت ,27 إبريل / نيسان

نادين نجيم تكشف عن علامتها التجارية الخاصة
  مصر اليوم - نادين نجيم تكشف عن علامتها التجارية الخاصة

GMT 06:56 2019 الأحد ,31 آذار/ مارس

شهر مناسب لتحديد الأهداف والأولويات

GMT 14:29 2018 الثلاثاء ,09 كانون الثاني / يناير

مؤمن زكريا يتخلّف عن السفر مع بعثة الأهلي

GMT 05:35 2018 الأربعاء ,03 كانون الثاني / يناير

شوبير يفجر مفاجأة حول انتقال رمضان صبحي إلى ليفربول

GMT 13:45 2018 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

ماكينات الـ ATM التى تعمل بنظام ويندوز XP يمكن اختراقها بسهولة

GMT 02:15 2017 الجمعة ,15 كانون الأول / ديسمبر

تعرف على سعر الدواجن في الأسواق المصرية الجمعة

GMT 17:17 2017 الإثنين ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

المنتخب الوطني يصل السعودية لأداء مناسك العمرة

GMT 16:08 2017 الثلاثاء ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

اكتشاف تابوت يحوي مومياء تنتمي للعصر اليوناني الروماني
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon