توقيت القاهرة المحلي 09:17:47 آخر تحديث
  مصر اليوم -

رحلة الوجع الأدهمى

  مصر اليوم -

رحلة الوجع الأدهمى

بقلم: د. محمود خليل

كثرة العدد تؤدى إلى إهمال القليل. يبدو أن الجالس على عرش الأدهمية لا يلقى بالاً لعدد من يختطفهم الموت بسبب الإهمال، بسبب كثرة الأداهم وارتفاع معدلات التناسل فى ما بينهم. عدد من ذهبوا حرقاً فى قطار العياط 2002 كان بالمئات، وبعد هذه الواقعة بأربع سنوات، وتحديداً عام 2006، حدث ما هو أدهى عندما غرقت العبارة «السلام 98» فى مياه البحر الأحمر، ومات أكثر من ألف من بسطاء الأداهم غرقاً. بعد الحادث المروع بساعات، كان الرئيس حسنى مبارك يحضر مباراة نهائى كأس أفريقيا بين مصر وساحل العاج، وأثار رد الفعل العجيب من جانب «مبارك» دهشة الأداهم، لكنهم تأكدوا من حقيقة أن العدد الكبير لسكان الأدهمية يدفع من يجلس على عرشها إلى عدم الاكتراث بالدرجة المطلوبة بقلة تذهب حرقاً أو غرقاً، نتيجة الإهمال والتقصير فى أداء أولى الأمر.

أوجع حادث العبارة قلوب الأداهم، بعد أن أوجعهم حادث قطار العياط، لكن رحلة الوجع شاءت أن تتواصل، لتقدم مشاهد موت جديد لا يذهب فيها الضحايا حرقاً أو غرقاً، بل ردماً. كان ذلك فى عام 2008 حين انهارت بعض صخور المقطم صباح أحد أيام شهر رمضان فوق رؤوس الأداهم الذين ناموا لتوهم بعد تناول السحور بحى «الدويقة». أدى الحادث إلى مقتل أكثر من 63 شخصاً وإصابة 58 آخرين. المشهد يومها كان يثير الرثاء. والعجيب أن الحكومة وقتها مارست بالشكل المعتاد، وأخذ تلمح بأن مسئولية ما حدث تقع فوق رأس السكان الذين دقت الصخور عظامهم، بسبب العيش فى العشوائيات، وهى نتيجة طبيعية للزيادة السكانية وكثرة الهجرة من قرى ونجوع الأدهمية إلى قاهرة المعز. وعطفاً منها منحت أسر الضحايا والمصابين ما اعتادت على منحه فى مثل هذه الأحوال من تعويضات هزيلة وبطاطين ووجبات وخلافه.

كان قطار الوجع يسير فوق قضبان الأدهمية طوال العقد الأول من الألفية الجديدة، ليجثم بثقله فوق نفوس الأداهم وهم يتنقلون من عام إلى عام خلال هذه الحقبة. أخذ بعضهم يكرر الكلام نفسه الذى تردّده الحكومة حول العدد الكبير وفيضان النسل المتدفّق من أصلابهم، وأنه سبب كل المشكلات التى يعانون منها، ارتاح هذا البعض للتفسير المتداول الذى ارتاحت إليه الحكومة، دون تأمل لهؤلاء المستفيدين من الكتلة البشرية الضخمة والمتمدّدة عددياً مع الانتقال من الدقيقة المعيشة إلى الدقيقة التالية. كان أكثر المستفيدين هم رجال الأعمال المتحالفين مع السلطة ممن ينتجون ويستوردون السلع ويسيلون لعاب الأداهم عليها من خلال الإعلانات الأخاذة.

لم تستثنِ ماكينة البيع غنياً ولا متوسطاً ولا حتى فقيراً. فبعد إشباع الطبقة الأعلى بالسلعة وانتفاخ الجيوب بالمكاسب، كان يتم الاستدارة إلى الطبقة الأقل قدرة من الأداهم من خلال تقديم السلعة بأحجام ومواصفات أقل لتُباع بثمن أرخص. ولعبت لعبة التدرّج دورها فى سحب المئات، ثم الخمسينات، ثم العشرينات، ثم العشرات، ثم الجنيهات، وحتى أنصاف وأرباع الجنيهات من جيوب الأداهم لتتحول إلى مليارات فى جيوب الكبار.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

رحلة الوجع الأدهمى رحلة الوجع الأدهمى



GMT 23:29 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحو قانون متوازن للأسرة.. بيت الطاعة

GMT 23:27 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

نحن عشاق «الكراكيب»

GMT 23:25 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

التوت و«البنكنوت»

GMT 20:38 2022 الإثنين ,12 أيلول / سبتمبر

الصفقة مع ايران تأجلت... أو صارت مستحيلة

GMT 07:51 2021 السبت ,11 أيلول / سبتمبر

الملالي في أفغانستان: المخاطر والتحديات

GMT 03:09 2021 الجمعة ,26 آذار/ مارس

طريقة عمل السلمون بالزبدة

GMT 23:17 2020 الأحد ,20 أيلول / سبتمبر

البورصة العراقية تغلق التعاملات على انخفاض

GMT 01:33 2020 الخميس ,24 كانون الأول / ديسمبر

"غوغل" تعلن عن 100 ألف منحة دراسية تعادل الشهادات الجامعية

GMT 10:57 2020 الثلاثاء ,16 حزيران / يونيو

3 طرق سريعة لتسليك مواسير مطبخك

GMT 10:22 2020 الأربعاء ,11 آذار/ مارس

قرار عاجل من محافظة القاهرة بسبب كورونا

GMT 02:06 2019 الثلاثاء ,31 كانون الأول / ديسمبر

أب يغتصب طفلته لمدة 4 أعوام في البرازيل

GMT 00:28 2019 الثلاثاء ,10 كانون الأول / ديسمبر

تخلص من اسمرار البشرة بمكونات طبيعية
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon