توقيت القاهرة المحلي 09:44:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

النساء من الحجاب إلى القفة والعفة المفقودة

  مصر اليوم -

النساء من الحجاب إلى القفة والعفة المفقودة

بقلم - عادل نعمان

كنت قد آثرت على نفسى عدم الخوض فى حديث الشيخ مبروك عطية حول رداء القفة الذى نصح به الأخوات المسلمات، تجنبًا لهوس وسعار الشباب فاقدى التمييز والأهلية والسيطرة على مشاعرهم، كالدواب أو أشد، وذلك حتى لا نرفع مستوى الحديث حوله إلى درجة الظن، ثم المستحب من الأفعال إلى التصديق، ونرفع مقام القفة إلى مقام الحجاب أو النقاب، فلله الأمر من قبل ومن بعد فى هؤلاء الذين أقاموا أضرحة من الخرافات نرمى عقولنا على أعتابها، فبئس ما يصنعون، وما دفعنى إلى الكتابة هو إصرار بعض من القراء الأفاضل فنستجيب.

احترنا واحتار معانا الدليل، فما بدأت موجة الحجاب فى السبعينيات وتوارت غالبية النساء خلفه، وما برحنا ندافع عن عدم شرعيته، ونؤكد أنه ليس بفرض وليس بنص وليس بحديث، لكنه رأى الفقهاء وليس حكمًا، حتى تلاه غزوة النقاب، فاتشحت النساء بالسواد والظلمة الحالكة، وما بدأنا نؤكد أنه عادة وليس عبادة، وليس من الدين فى شىء، ونطالب بمنعه فى الأماكن العامة لسوء استخدامه من المتسولين، والمعاونة على عمليات السرقة والسطو على المحلات والبيوت، وسرقة الأطفال والأعمال الإرهابية والمخالفة للقانون، وصعوبة الاستدلال على الفاعل إذا كان تحت نقاب، حتى خرج علينا زى شرعى جديد نادى به أحد مشايخنا وهو «القفة»، وربما تتواصل جهود المشايخ الحثيثة لإثبات الإجماع عليها كما أجمعت على شقيقاتها من قبل، وهى لمن لا يعرفها من الجيل الحالى هى الأخ الأكبر لـ«المقطف»، وجمعها قفف، وهى عبارة عن وعاء من الخوص لحمل البضائع والأغراض المنزلية، وسوف تبدأ المعركة بين شرعية «القفة» والأسانيد التاريخية والتراثية من طرف، ورد هذا الأمر ونقضه ونقده من طرف آخر، ومن ثم ننشغل عن الحجاب والنقاب ليصيرا أمرًا مقضيًا، إلا أننا لن نكف عن المناداة بعدم شرعية زى محدد للمرأة أو الرجل فى الإسلام، حجابًا كان أو نقابًا أو قفة أو جلبابًا أو سروالًا قصيرًا كان أو طويلًا.

ولما كان غض البصر وكف النظر حكمًا يسرى على الرجال كما يسرى على النساء، فليس من العدل والحكمة أن نلزم به النساء دون الرجال، ويقول بعضهم، «اطرق بصرك»، أى انظر إلى الأرض إذا مرت عليك امرأة أو خطت قدماها جوارك، بل والتغافل عما لا يصح أن تراه حتى لو كان متاحًا، وتتناساه وتتجاهله وتتغافل عنه حتى لو طل عليك وصرخ أمامك وبدا لك مهللًا وراقصًا، هذا هو غض البصر ليس غير، فلا غض للبصر إلا على المكشوف والبادى والمعلن وهو محل الأمر والتكليف، وكما جاء فى الآية: (قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَٰلِكَ أَزْكَىٰ لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ. وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَىٰ جُيُوبِهِنَّ)، إلا أن المفسرين والشراح زادوا وعادوا على تكليف المرأة بغض البصر، ومروا مرور الكرام على غض الرجال أبصارهم، فإذا كان نقاب المرأة واجبًا وتكليفًا لغض بصر الرجل عنها، يصبح وفقًا لنفس الآية نقاب الرجل واجبًا وتكليفًا لغض بصر المرأة عنه أيضًا، ولا يجادلنا أحد فى أن النساء تتمنى أيضًا ما يتمناه الرجال، وتاريخ العرب زاخر بالنساء المتحرشات، فهذه أم الحجاج بن يوسف الثقفى كان الناس ينادونه بـ«ابن المتمنية» فقد كانت تنشد شعرًا فجًا تتغزل فيه بالرجال وتتمنى القرب والوصال، وخاصة «عمرو» وكان شابًا جميلًا بهى الطلعة، وأنشدت فيه: «غدا عمرو وخمرو».

ومادامت النساء كُلفن وأُمرن بارتداء «القفة» أو النقاب، فعلامَ يغض الرجال أبصارهم؟ فشرط غض البصر أن يطل علينا الجمال فنغض، ويقترب منا الحسن فنكف ونطرق، وتشرق علينا الشمس فتعرض عيوننا عن حرارتها ولهيبها، فإن طلت علينا القفف من كل حدب وصوب، فلمن نصوب سهام الناظرين؟ فلينظر الرجال ويطيلوا النظر قدر ما تحملوا إلى القفف، فربما يراه المشايخ مكروهًا أو مستهجنًا، أو بابًا من أبواب الفتنة فيأمرون النساء بارتداء دروع من حديد تخشى الرجال الاقتراب منها، مادمنا فى يد هؤلاء المشايخ «كالميت بين يدى مغسله»، هذا هو حكم العوام عند الفقهاء.

يا شيخ.. ما هكذا يجب أن نحرض أولادنا على الخسة والغدر والندالة، بل يجب أن نحثهم على الشرف والنزاهة والأمانة واحترام حق الغير مكشوفًا كان أو مستترًا، وليس من الحكمة والعدل أن نجد للرجل من الحجج البلهاء ما ييسر له الخطأ ويعفيه من الحساب ويجنبه مواطن الحرج، بل ويرفع عن كاهله تأنيب الضمير، فيطمع فى حقوق الغير ويستحل لنفسه أعراض الناس وممتلكاتهم، وإلا قل بالله عليك كيف يمكن أن تكون السافرة والسائحة فى سلام فى دولة تحترم القفف فقط وتحافظ على أصحابها وتهدر كرامة الغير؟ هذه فوضى يا عزيزى لا تقف الدول المتحضرة حائرة أمامها دون ضبط وإصلاح، ولا هكذا يخاطب المشايخ الرعاع والدهماء إلا إذا كانوا هم الأكثر مشاهدة على شبكة التواصل الاجتماعى ولجلب الأموال والدولارات لك ولأمثالك من المشايخ، فتخاطبون هؤلاء بلغتهم وتستميلون شهواتهم وتباركون اختراق القانون وإهدار قيم المجتمع وإذكاء العنف والتحرش وسيلة لكسب ودهم وأموالهم فبئس ما تصنعون (الدولة المدنية هى الحل).

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

النساء من الحجاب إلى القفة والعفة المفقودة النساء من الحجاب إلى القفة والعفة المفقودة



GMT 05:34 2024 الأحد ,12 أيار / مايو

اتفاق غزة... الأسئلة أكثر من الإجابات!

GMT 00:17 2024 الخميس ,09 أيار / مايو

في معنى «التنوير»

GMT 19:46 2024 الأربعاء ,08 أيار / مايو

قراءة في مذكّرات يوسف حمد الإبراهيم

GMT 19:45 2024 الأربعاء ,08 أيار / مايو

محاولة بعث الصدام الحضاري

GMT 01:01 2024 الجمعة ,10 أيار / مايو

‎ لماذا دخل نتنياهو رفح؟

النجمة درة بإطلالة جذّابة وأنيقة تبهر جمهورها في مدينة العلا السعودية

الرياض ـ مصر اليوم

GMT 12:05 2024 الأحد ,12 أيار / مايو

عدسات لاصقة "ذكية" لكشف أمراض العيون
  مصر اليوم - عدسات لاصقة  ذكية  لكشف أمراض العيون

GMT 07:03 2020 الخميس ,31 كانون الأول / ديسمبر

أنت فعلاً محظوظ هذا الشهر

GMT 06:54 2020 الخميس ,31 كانون الأول / ديسمبر

تكون الظروف استثنائية في الأسابيع الأولى

GMT 16:10 2020 الثلاثاء ,29 كانون الأول / ديسمبر

ديربي مانشستر في كأس الرابطة مُهدد بالتأجيل بسبب "كورونا"

GMT 11:09 2020 الثلاثاء ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

5 تغييرات بسيطة في نمط الحياة تساعدك على علاج الحموضة

GMT 12:05 2020 الأربعاء ,07 تشرين الأول / أكتوبر

النفط يتراجع بعد بيانات مخزونات الخام الأميركية

GMT 11:43 2020 الخميس ,01 تشرين الأول / أكتوبر

علاء مبارك يعتذر عن تقديم العزاء للراحل صباح الأحمد
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon