توقيت القاهرة المحلي 14:39:24 آخر تحديث
  مصر اليوم -

النيل نجاشي!

  مصر اليوم -

النيل نجاشي

بقلم : علي السلمي

فى عام 1933 تعجب المصريون حين غنى عبدالوهاب «النيل نجاشى.. حليوة أسمر» فهم كانوا يعرفون «النجاشى ملك الحبشة» الذى أحسن استقبال المهاجرين المسلمين ثم أسلم، لكنهم لم يعرفوا سبب وصف النيل بـ«النجاشى»! وفى تفسير لمؤلف الأغنية أحمد شوقى أن النجاشى فى اللغة الأمهرية يعنى «الحاكم»، وقد وصف النيل بأنه نجاشى لعظيم أثره فى حياة مصر.

كان دكتور رشدى سعيد من أكثر المهتمين بنهر النيل وعرض تاريخه فى كتابه «نهر النيل- نشأته واستخدام مياهه فى الماضى والمستقبل» الذى أصدره عام 1992 بالإنجليزية فى الولايات المتحدة، ثم صدرت ترجمته العربية عام 2001. ويتناول الجزء الأول من الكتاب نشأة النهر وتطوره حتى اتخاذه شكله الحالى. وتعلق الجزء الثانى بهيدرولوجية النهر وكمية المياه التى يحملها وتقلباتها وأسباب هذه التقلبات. وتناول الجزء الثالث استخدامات مياه النيل، وعالج الجزء الرابع مستقبل استخدامات مياه النيل وموقف الاتفاقيات القائمة بين دول الحوض. وقد حدد أن سوء الاستخدام هو مصدر تعاظم مشكلة «العجز المائى» التى تعيشها مصر الآن والذى بلغ نحو 90% ويتم تعويضه بإعادة تدوير المياه بنسبة 25% واستيراد مياه «افتراضية» فى صورة سلع غذائية لسد باقى العجز، مع تناقص نصيب المواطن من المياه لليوم 570 متراً مكعباً الآن وكان 1000 متر مكعب فى فترة سابقة.

وكالعادة تُنسب مشكلة عجز المياه إلى الزيادة السكانية[!!!] واستخدام المواطنين غير المسؤول للمياه، دون ذكر أثر تقادم أساليب وتقنيات إدارة الدولة للموارد المائية!.

كان خبراء كُثر بينوا أن مجموع حجم الموارد المائية فى مصر حوالى 71.5 مليار متر مكعب تشمل مياه النيل والأمطار والمياه الجوفية الصحراوية والمياه المحلاة، ومياه الصرف الزراعى والصرف الصحى المعالج..

... واتفقت آراؤهم مع دكتور رشدى سعيد بأن الرى بالغمر هو سبب رئيس فى مشكلة العجز المائى، وكان قد أشار فى كتابه إلى اختلال نمط استخدام مياه النيل، حيث تبلغ النسبة 85% للزراعة، 9.5% للصناعة، 5.5% للاستخدام المنزلى، بينما النسبة المتعارف عليها دوليا هى 32% مياه الرى من إجمالى الموارد المائية، والصناعة 50%، والاستخدام المنزلى 18%.

وقدرت وزارة الرى إمكان توفير حوالى 20 مليار متر مكعب من المياه سنوياً إذا تم التحول إلى طرق الرى الحديثة التى تمتاز بالكفاءة العالية فى الرى وتحقيق الاستخدام الرشيد للمياه ومنها الرى بالرش والرى بالتنقيط ونظام الرى بالرشح، وزراعة الصحراء باستعمال الماء الجاف (الجيلاتينى)، فضلاً عن ضرورة تنمية الموارد المائية الجوفية والتى تعانى من سوء الاستغلال من عمليات الضخ الجائر وضعف التحكم فى الآبار المتدفقة ذاتياً، وهى أمور تستوجب ضرورة رفع كفاءة إدارة هذه الموارد بالأسلوب الذى يحافظ عليها من التدهور والاستنزاف لضمان استدامته.

وكان دكتور رشدى سعيد قد أشار إلى أهمية استغلال مياه الأمطار والسيول الاستغلال الأمثل وتقليل الفاقد منها وتحلية المياه المالحة سواء كانت مياه البحار أو مياه الآبار وإعادة استخدام مياه الصرف الزراعى والصرف الصحى بعد المعالجة اللازمة. كذلك أثنى على فكرة إنشاء السد العالى باعتباره «سدا منيعا بداخل مصر دون الاعتماد على دول أعالى النيل» وأشار إلى عدم تحقق الآثار السلبية التى تم الترويج لها قبل إنشاء السد والتى كانت تحذر من فقد مياه السد بسبب البخر والتسرب، مما سيجعل ملء خزان السد صعباً أو مستحيلا.

وقد أعلن وزير الموارد المائية الخطة القومية لإدارة الموارد المائية للبلاد من «سطحية وجوفية وأمطار» تصل تكلفتها إلى حوالى 900 مليار جنيه حتى عام 2037، وتشمل التعامل مع أسباب العجز المائى، ولكن يبقى أمران غير واضحين؛ كيفية ضمان حقوق مصر فى مياه النيل فى حال استكمال بناء وتشغيل «سد النهضة» وخطة التطوير الإدارى والتقنى للوزارة وأساليبها فى إدارة ثروة مصر المائية وخطة الوزارة للعودة لإنتاج الأرز وغيره من المنتجات الزراعية والاستغناء عن استيراد «المياه الافتراضية»!!!!

وكان د. رشدى سعيد حذر «ولا أريد أن أترك القارئ فى نهاية هذا الكتاب بالأمل الكاذب فى أن تنمية حوض النيل أو تقنين توزيع مياهه المتوفرة بما يعود بالفائدة على جميع سكان الحوض- أمر قريب. فلا تزال دول الحوض بعيدة كل البعد عن معرفة إمكانياتها الحقيقية أو تبنى رؤية لمستقبلها أو دورها فى العالم».

ولعل هذا التحذير «المبكر» يكون محل اعتبار فى إدارة أزمة «سد النهضة»، والتأثير السلبى على موارد مصر المائية حال ملء خزان السد كما تريده إثيوبيا.. وحقاً فإن «النيل نجاشى»!.

نقلًا عن المصري اليوم

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

النيل نجاشي النيل نجاشي



GMT 09:52 2018 الخميس ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

صدق الحضري

GMT 11:09 2018 الثلاثاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

جيل لن يخذلنا

GMT 11:21 2018 الخميس ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

الرياضة للمتعة والترويح .. فلا للتعصب

GMT 10:52 2018 الخميس ,15 تشرين الثاني / نوفمبر

هل يعود المعلم ؟ نتمنى أن يكون صالحاً وصادقاً

GMT 11:20 2018 الثلاثاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

صور روسيا 2018

بلقيس بإطلالة جديدة جذّابة تجمع بين البساطة والفخامة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 13:13 2024 السبت ,20 إبريل / نيسان

مقتل مراسل عسكري لصحيفة روسية في أوكرانيا
  مصر اليوم - مقتل مراسل عسكري لصحيفة روسية في أوكرانيا

GMT 18:31 2020 الأربعاء ,30 كانون الأول / ديسمبر

آندي روبرتسون يخوض لقائه الـ150 مع ليفربول أمام نيوكاسل

GMT 06:47 2020 السبت ,19 كانون الأول / ديسمبر

ترتيب الدوري الإنجليزي الممتاز بعد نهاية الجولة الـ 13

GMT 02:10 2020 الخميس ,10 كانون الأول / ديسمبر

7 أسباب تؤدي لجفاف البشرة أبرزهم الطقس والتقدم في العمر

GMT 22:29 2020 الثلاثاء ,01 كانون الأول / ديسمبر

أحمد موسى يعلق على خروج الزمالك من كأس مصر

GMT 11:02 2020 الجمعة ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

تعرّف على أعراض التهاب الحلق وأسباب الخلط بينه وبين كورونا

GMT 03:10 2020 الأربعاء ,21 تشرين الأول / أكتوبر

زيادة في الطلب على العقارات بالمناطق الساحلية المصرية

GMT 22:14 2020 الجمعة ,18 أيلول / سبتمبر

بورصة بيروت تغلق التعاملات على انخفاض

GMT 12:08 2020 الثلاثاء ,21 إبريل / نيسان

خسائر خام برنت تتفاقم إلى 24% في هذه اللحظات

GMT 17:36 2020 الأحد ,12 إبريل / نيسان

الصين تعلن تسجيل 99 إصابة جديدة بفيروس كورونا

GMT 12:34 2020 الأربعاء ,08 إبريل / نيسان

شنط ماركات رجالية لم تعد حكرا على النساء
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon