توقيت القاهرة المحلي 10:39:45 آخر تحديث
  مصر اليوم -

نجاة دار الوثائق القومية في السودان وحماية أرشيف تاريخي ثمين

  مصر اليوم -

  مصر اليوم - نجاة دار الوثائق القومية في السودان وحماية أرشيف تاريخي ثمين

من أثار الاشتباكات في الخرطوم
الخرطوم - مصر اليوم

في لحظة محفوفة بالتوتر والقلق، نجت "دار الوثائق القومية" من مصير مأساوي بعد أن كانت على شفا التدمير الكامل، في وقت تواجه فيه المتاحف السودانية ومعالم البلاد التاريخية أفظع أشكال التخريب، وجاء نبأ إنقاذ الأرشيف الثمين ليكون بمثابة شعاع أمل يضيء ظلام الذاكرة الوطنية بالسودان.

ورغم النيران التي اجتاحت المكاتب الإدارية، ظل الأرشيف الذي يحتوي على أكثر من ثلاثين مليون وثيقة بمنأى عن ألسنة اللهب، ليُعيد الأمل في الحفاظ على تاريخ السودان الذي لا يُقهر.

وفي تفاصيل الحادثة، لاقى نبأ نجاة "دار الوثائق القومية" في الخرطوم ترحيبا واسعا وسط السودانيين الذين عاشوا أوقاتا طويلة من القلق والخوف بسبب الدمار والتخريب والنهب والسرقة الذي لحق بمعالمهم الثقافية والتاريخية. ورغم الأضرار الكبيرة التي طالت بعض المكاتب الإدارية جراء الحريق، إلا أن الوثائق الثمينة التي تحتفظ بها الدار، والتي يقدر عددها بأكثر من ثلاثين مليون وثيقة، نجت تقريبا من التدمير، ما منح الحدث بُعدا رمزيا عميقا في تأكيد أهمية هذه المؤسسة التي تحافظ على الذاكرة الحية للأمة.

وعلى وقع ذلك التطور المثير تفاعل السودانيون على منصات التواصل الاجتماعي بطريقة لافتة، حيث تداول السودانيون الأنباء والصور التي توثق حماية دار الوثائق، معبرين عن فخرهم وارتياحهم. تفاعل الكثيرون مع الحدث بتعليقات تؤكد أهمية هذه المؤسسة في حفظ هوية الأمة وتاريخها، في وقت تعصف فيه البلاد بتحديات كبيرة. بينما أثنى آخرون على الجهود الأمنية التي بذلت لحماية هذا الكنز الوطني، معبرين عن أملهم في أن تظل دار الوثائق صامدة أمام أي تهديدات قد تواجهها في المستقبل، كونها تمثل تاريخا حيا لا يمكن تعويضه.

وكان الصحفي والمخرج السوداني الطيب صديق أول من نقل هذا النبأ، مؤكدًا أن الحريق طال المكاتب الإدارية فقط، بينما نجا أرشيف الوثائق من الأضرار رغم تفرقها وبعثرتها على الأرض. وطالب الجهات المعنية بالتحرك الفوري لحماية هذا الإرث الثمين من الإهمال والضياع بعد نجاته من ألسنة النيران والتدمير والخراب والنهب.

وبسرعة، تحركت قوات الأمن السودانية لتأمين دار الوثائق، حيث أُرسلت قوة متخصصة لضمان سلامة المبنى ومحتوياته. وفي هذا السياق، أكد مدير الإدارة العامة للشرطة الأمنية، اللواء سفيان عبدالوهاب حمد رملي، أن قوات الأمن تعمل بلا كلل لتأمين الموقع وحمايته حتى تسليمه للجهات المختصة، مشددا على الدور المحوري الذي تضطلع به دار الوثائق في الحفاظ على تاريخ السودان وحمايته من محاولات التدمير.

وتأسست "دار الوثائق القومية" في عام 1916، وتعد واحدة من أعرق دور الأرشيف في العالم العربي وأفريقيا. على مدار السنوات، لعبت الدار دورا محوريا في حفظ وتوثيق أهم مراحل تاريخ السودان من خلال جمع الوثائق الحكومية والمطبوعات المحلية وأرشيف الصحافة، ما مكنها من تأمين نحو ثلاثين مليون وثيقة موزعة على مئات المجموعات التي تعكس التنوع الثقافي والاجتماعي للسودان عبر العصور.

وقد أشار المؤرخ والأستاذ الجامعي البروفسير أحمد إبراهيم أبوشوك في مقال سابق إلى أن دار الوثائق السودانية تعتبر من أقدم دور الوثائق في الوطن العربي وأفريقيا، حيث تحتل المرتبة الثالثة من حيث الأقدمية بعد الأرشيف الوطني التونسي ودار الوثائق المصرية.

وقد تأسست الدار في البداية كمكتب صغير لجمع الأوراق المالية والقضائية في عهد الحكم الثنائي عام 1916، ثم تم تطويرها تدريجيا إلى "مكتب محفوظات السودان" في عام 1948، ليتم تحويلها بعد الاستقلال إلى "دار الوثائق القومية" بموجب قانون تم إصداره في عام 1965. ومع مرور الزمن، وتحديدا في عام 1982، تم تعديل القانون ليتم تحويلها إلى "دار الوثائق القومية" تحت إشراف مجلس قومي برئاسة الوزير المعين من قبل رئيس الجمهورية.

وحسب المختصين فقد نجحت الدار في جمع أرشيف ضخم من الوثائق التاريخية التي تضم سلطنتي الفونج والفور، بالإضافة إلى وثائق المهدية التي تحتوي على نحو 80 ألف وثيقة. هذا الأرشيف الهائل لعب دورا رئيسيا في دعم الدراسات الأكاديمية والسياسية في السودان من خلال تقديم مواد أرشيفية غنية تساهم في تقديم الحقائق بعيدًا عن الانطباعات الشخصية والتأثيرات الخارجية. كما أسهمت الدار بشكل كبير في حل القضايا القومية الكبرى من خلال توفير الوثائق اللازمة لدعم لجان ومؤتمرات متعددة مثل "مؤتمر المائدة المستديرة" ومفاوضات السلام التي تمت في فترات مختلفة من تاريخ السودان.

من خلال هذا النجاح، تتجاوز قيمة "دار الوثائق القومية" كونها مجرد مستودع للذكريات التاريخية، فهي تمثل رمزًا للذاكرة الوطنية الحية التي تواصل الإضاءة على ماضي السودان، مشيرة إلى الطريق نحو مستقبل أكثر استقرارًا وازدهارًا.

قد يهمك أيضـــــــا

محلب وحاكم الشارقة يفتتحان دار الوثائق القومية الجديد في مدينة الفسطاط

دار الوثائق القومية تعقد مؤتمر "مشكلات العربيّة وقضايا المستقبل"

egypttoday
egypttoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

نجاة دار الوثائق القومية في السودان وحماية أرشيف تاريخي ثمين نجاة دار الوثائق القومية في السودان وحماية أرشيف تاريخي ثمين



أجمل فساتين السهرة التي تألقت بها سيرين عبد النور في 2025

بيروت ـ مصر اليوم

GMT 08:59 2025 السبت ,20 كانون الأول / ديسمبر

تركي آل الشيخ ينفي علاقة "موسم الرياض" بإنتاج فيلم "الست"
  مصر اليوم - تركي آل الشيخ ينفي علاقة موسم الرياض بإنتاج فيلم الست

GMT 00:24 2025 السبت ,20 كانون الأول / ديسمبر

دراسة علمية تكشف أن الزمن على المريخ أسرع من الأرض
  مصر اليوم - دراسة علمية تكشف أن الزمن على المريخ أسرع من الأرض

GMT 14:28 2018 الأربعاء ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

جماهير المصري تدعم إستمرار ميمي عبد الرازق كمدير فني

GMT 09:31 2025 الجمعة ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

تسلا تخطط للكشف عن نسخة أرخص من "موديل واي"

GMT 00:42 2020 الإثنين ,22 حزيران / يونيو

مقلب كوميدي لوفاء عامر من نجلها

GMT 02:04 2019 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

رانيا يوسف تقرر ارتداء الحجاب وتتمنى الزواج لهذا السبب

GMT 09:45 2018 الأربعاء ,12 كانون الأول / ديسمبر

أصالة نصري تكشف حقيقة تهكمها على فستان رانيا يوسف

GMT 11:00 2021 الخميس ,25 شباط / فبراير

يورجن كلوب يقترب من قيادة منتخب ألمانيا
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday egypttoday egypttoday
egypttoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche,Achrafieh Beirut- Lebanon
egypt, egypt, egypt