القاهرة – وفاء لطفي
أجمع خبراء الاقتصاد على أن مصر عديمة البنية التحتية السليمة والحديثة التي تستطيع أن تستوعب السيول وتعالجها دون الإضرار بالوضع العام، فضلا عن تباطؤ الحكومة في الاستعداد للشتاء كل عام يفاقم الأزمة. وأكد خبراء التخطيط العمراني أن إمكانيات الدولة ضعيفة في معالجة أمر السيول، فلا تستعد سوى بعض كاسحات الماء التي لا تنفع في مثل هذه الحالات الطارئة التي تعيشها مصر حاليا، وهذا يجعل الأمر صعبا أمام حكومة المهندس شريف اسماعيل خاصة مع تحذيرات متكررة من هيئة الأرصاد الجوية باحتمالية تعرض مصر لسيول خطيرة بداية من الأسبوع المقبل منتصف شهر نوفمبر/تشرين الثاني الجاري.
وطالب خبراء التخطيط بضرورة تعامل الحكومة مع الأزمات المتعاقبة خلال الآونة الأخيرة بجدية، خاصة المتعلقة بكارثة السيول التي ضربت العديد من المحافظات، وتسببت في انهيار المئات من المنزل لضعف البنية التحتية. و رأى الدكتور سيف الدين فرج، خبير التخطيط العمراني، أن أغلب مشاكل البنية التحتية تتعلق بعدم إجراء صيانة دورية لمختلف المرافق، على مدار الـ30عام الماضية وأنها ليست مشكلة وليدة اللحظة.
ونوه سيف الدين، في تصريحات لـ"مصر اليوم"، إلى أن الحكومة الحالية تعاملت مع الأزمة في حدود الإمكانات المتاحة لها، مشيرا إلى أهمية العمل على بناء قاعدة بيانات دقيقة وموثقة على كافة المستويات من خلال الاستعانة بالباحثين المتخصصين، ليتم على أساسها تحديد الأولويات في تنفيذ مشروعات تحسين البنية التحتية.
وقال الدكتور محمود عبدالحي، المدير الأسبق للمعهد القومي للتخطيط، إن حكومة المهندس شريف إسماعيل، عليها أن تضع تخطيطا مسبقا لإدارة الأزمات، وألا تنتظر وقوع الأزمات حتى تبدأ في البحث عن حلول سريعة ومسكنات مؤقته سرعان ما يزول آثرها وتتجدد الأزمة مرة أخرى. وأكد عبدالحي، في تصريحات خاصة لـ"مصر اليوم"، أن أزمة السيول على سبيل المثال وما خلفته من خسائر كشفت عن مدى ضعف البنية التحتية في كثير منها، وإهدار المخصصات المالية بعيدًا عن الأهداف التي تحتاج إليها الدولة.
وشدد عبدالحي، على ضرورة العمل على بناء نظام شبكات لتصريف مياه الأمطار على جانبي الطرق للتخلص من المياه الفائضة على أن تصب في مجرى خاص بالبحيرات الصناعية وخزانات المياه الجوفية، للاستفادة من مياه الأمطار المهدرة خاصة مع دخول مصر حزام الفقر المائي بعد انخفاض نصيب الفرد من المياه إلى أقل من ألف متر مكعب في السنة، وكذلك العمل على إزالة التعديات على مواقع مخرات السيول ومنع البناء عليها.
وعما تردد من اتجاه الحكومة للاستعانة بخبرات أجنبية لحل أزمة السيول، أوضح عبدالحي أن التعامل مع تلك الأزمات لا يتطلب الاستعانة بخبراء أجنبية ولا يحمل الدولة أعباء مالية إضافية، وإنما يتطلب فقط إصلاح منظومة الصيانة في مصر واستغلال الطاقة المهدرة لـ6.5 مليون موظف يعملون بالجهاز الإداري للدولة، والاستعانة بمن لديهم خبرات وقدرات وتوظيفهم في المكان المناسب لهم.
من جانبه، قال الخبير الاقتصادي، الدكتور فخري الفقي، إن الحكومة يمكن أن تحول فكرة السيول لشيء إيجابي بالاستفادة من كميات الماء المتساقطة بطرق أخرى، خاصة مع أزمة مياه النيل القادمة في السنوات المقبلة. واقترح الفقي، في تصريحات لـ"مصر اليوم"، خطة تتضمن القيام أولا بمعاينة كل السدود الصناعية وترميمها وصيانتها لتستوعب آثار السيول، فضلا عن تفقد حالة مخرات السيول والتأكد من جاهزيتها وسلامتها وتطهيرها من العوائق، ومن جاهزية المعدات اللازمة لمواجهة مخاطرها قبل حدوثها.
وكان رئيس الوزراء المصري المهندس شريف إسماعيل، قال في يوم السبت 29 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، إن ما حدث في محافظة البحر الأحمر نتيجة السيول والأمطار التي تعرضت لها يدفع الحكومة لإعادة حساباتها فيما يتعلق بالاستعداد لمثل تلك الأحداث، معلنا عن تخصيص 50 مليون جنيه لإعادة البنية التحتية في محافظة البحر الأحمر.
كما طلب وزير التنمية المحلية، أحمد زكي بدر، من المحافظين إعداد غرف عمليات بكل محافظة لمواجهة مخاطر السيول قبل حدوثها أو أي أحداث طارئة في هذا الشأن وإيجاد حلول وبدائل سريعة، مشيرا إلى أهمية توفير وسائل إغاثة وتوفير كميات إضافية من مياه الشرب والتموين وتوفير مخزون استراتيجي من الأغذية للمحافظات المعرضة لمخاطر السيول.
أرسل تعليقك